الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولادة كُردستان في دولتا انتشار «داعش»

فياض اوسو

2014 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


العراق في طريقة إلى الدولة الفاشلة بعد سوريا، هذا ما قاله د. يورجن تودنهوف عضو سابق في برلمان الالماني في لقاء صحفي كما يصف وجود «داعش» في الموصل وباقي مدن الثائرة بانه عبارة عن صفقة عابرة بين المقاومة العراقية وهذا التنظيم كما تثبتها تجربة تحالف المقاومة العراقية مع القاعدة عام 2007 حينما تعاونت معها عسكريا لفترة مؤقتة ثم طردتها بعد ذلك.
كان أمل المالكي ومعه طهران أن تتولى واشنطن وقف زخم الأحداث، ولجم تقدم «داعش» والعشائر بضربات جوية، لكن واشنطن تبدو مترددة، إذ بدأت تدرك أن المالكي ومن ورائه طهران، هو سبب المشكلة، حيث قال الجنرال جي غارنر، أول من تولى مسؤولية إعادة إعمار العراق. في حديث لافت لـ«سي أن أن» أن «داعش» مشكلة إيران، قبل أن تكون مشكلة أميركا، وإيران كما يقول لديها سلاح جو، ويتساءل لماذا لا تتولى ضرب «داعش»؟
جنرال أميركي آخر هو ديفيد بترايوس الذي تولى قيادة القوات الأميركية في العراق ما بين 2006 و2008، حذر من تحويل سلاح الجو الأميركي في هذه الظروف، إلى سلاح بجانب الشيعة ضد السنّة في العراق، على الرغم من أن هذا السلاح قد نفذ قبل ايام عملية قصف وانزال جوي في مدينة الرقة السورية ضد «داعش» و لأسباب مبهمة حتى الآن كما ورد على لسان النشطاء هناك، ويغلب على الظن بان الهدف كان تحرير بعض الرهائن.
ان انتشار«داعش» بمحاذاة المناطق الاحتكاك المكونات وعدم استهدافه لمعاقل النظام السوري بقدر مواجهته لقوى المعارضة من جيش الحر والنصرة ومناطق تواجد الكُرد في سوريا، وبصورة معاكسة في المشهد العراقي بعد ان صُنف كأغنى تنظيم ويحتل صدر وسائل الاعلام العالمية بسلوكه بات يثير جدلاً واستفسارات عدة، فمنهم من يفسره كظاهرة عفوية وأحد افرع القاعدة تم استغلاله من قبل مخابرات الانظمة وحكام المحور الممانعة، ومنهم من يصفه كقوة سلفية تستحوذها البيئة السنية في كل من العراق وسوريا وتستقطب المقاتلين من انحاء العالم بدعم من صندوق مالي خليجي عن طريق تركيا لسد توسع سيطرة الهلال الشيعي في المنطقة وبناء توازن القوى، والآخرون يصفون «داعش» كمشروع تقسيمي لجغرافية المنطقة للإطاحة باتفاقية سايكس بيكو بإرادة دولية وادارة اقليمية.
إن ما جرى في العراق مؤخرا نتيجة سقوط مدينة موصل من سيطرة قوات الحكومة المركزية واتساع دائرة الصراعات المسلحة قد اضافت للمشهد الميداني وضوحا لبيان بعض من ملامح السيناريوهات المحتملة لفض النزاعات او التقليل من حدتها، مما قد يتأثر به الوضع الميداني في سوريا وعموم المنطقة، وهذا يتوقف بطبيعة الحال على مدى توافق وجهات النظر بين الدول ذات التأثير الفعلي كولايات المتحدة الامريكية ومعها تركيا من جهة، و روسيا ومعها ايران من جهة اخرى، وقبول الاخرى ذات التأثير الغير مباشر باقي الدول وبالأخص دول الخليج العربي.
ولكن وكما اتضح ان الموضوع أكبر من أن يكون مجرد ازمة سياسية عابرة، او خلاف على السلطة في دولة ما بعد ان تجاوز كل الحدود الجغرافيا والسياسة والعرف الدبلوماسي والعلاقات الدولية المعتادة كما اكدها النخب السياسية وقادة الاحلاف بان الوضع لن يعود كما كان، في كل تغيرٍ طرأ على الحالة السورية والعراقية في هذه الازمات.
اما بالنسبة للكُرد فان «داعش» سواء كان ذا خلفية صفوية او سلفية يستقى من ما وراء المشاريع القابلة للطرح تحطيم حدود اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت التواجد الكورد بين اربع دول في هذه المنطقة والتي حافظ عليها البعث العربي خمسين عاماً متواصلة في العراق وسوريا و مضى في عبادة سايكس بيكو إلى النهاية حتى أقام المتاريس والحواجز وزرع الالغام وفرض التأشيرات، ولأكثر من عشرين عاماً ظل النظام السوري يمنح جوازاته للمواطنين محتوماً عليها صالح لكل دول العالم ما عدا العراق.
على الرغم من أن الخطاب الكوردي خلال هذه الفترة تصاعد في وجهة نظر البعض وكما يروج لها في بعض الوسائل الاعلامية القريبة من حلف الممانعة وذلك لميل الاذهان عما يجري حقيقةً وبسبب فشلهم الاداري والسياسي، إلّا أن الوقائع والموضوعية تفرض نفسهما في كل محفل سياسي ومحطات العمل الدبلوماسي يخص مستقبل الشعوب المنطقة كما حصل ابان سقوط نظام البعث في العراق والدور الذي لعبه المكون الكوردي في قيام الدولة العراقية بالعمل على بناء مؤسسات وصياغة دستور من جديد بشراكة حقيقية في وطن يحترم القانون وحقوق المواطنين، وعمِلتْ إدارة الاقليم على هذا الاساس بالفعل وحققتْ في غضون عشر سنوات تطوراً ملحوظاً من النواحي الخدمية والمدنية وبناء المؤسسات وتمتين البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات وتجربة فريدة لممارسة الديمقراطية مقارنةً بالعراق ككل رغم محيطه المتشنج، بل اصبح الاقليم كدولة قائمة بشكل فعلي وقانوني كما وصفها مسرور البرزاني رئيس حماية اقليم كُردستان العراق، فالإقليم يتمتع باستقلال جغرافي عن العراق وله حكومة وبرلمان وعلم وجيش من قوات البيشمركة ناهيك عن العلاقات السياسية والتجارية مع الدول والحكومات والفضاء الدبلوماسي، أما الحلم بقيام الدولة القومية للكورد فلم يتخلَّ عنه لا حكومةً ولا شعباً، إنما لا يريدونها كنتيجة للصراعات والعنف، إن لم يتحقق من خلال توافق دولي واقليمي مع الشركاء في المنطقة والوطن الذي يتواجد فيه الكُرد كمكون اساسي وفاعل.
المعلوم لدى الكافة أن المكون الكُردي في المنطقة شريك حقيقي لباقي المكونات المؤلفة للمجتمع البشري في مناطق توزعها الجغرافي و صاحب قضية انسانية عادلة لما تعرض له من الحرمان والمظالم على يد حكام هذه الدول واجهزتها الامنية على مر التاريخ منذ تأسيسها، وهذا ما لا يعترض عليه شعوب المنطقة على اختلاف انتماءاتها المتعايشة على هذا الارض، ناهيك عن التداخل الاجتماعي والديني والعرفي فيما بينها نتيجة العيش المشترك في بيئة ومناخ واحد، ولكن وبعد ان اصبحت كلتا الدولتين ساحة للصراعات الدولية والاقليمية نتيجة تعنت انظمتها واصرارها على عدم القبول بالتغيير المحتم تزامنا مع الربيع العربي، الذي احدث تغييرات جوهرية في بعض الدول واطاحت بأنظمة وانتجت اخرى بحسب طبيعة كل دولة كنتيجة لاستفاقة الشعوب العربية على واقعها المرير وادراج مكانة هامة لإرادتها في بنية الدولة ومؤسساتها الحكومية والمدنية على حد سواء، لا بل حاولت ان تستثمر الصراعات القائمة كدرع لحماية هيكليتها التي دخلت من ضمن مصالح و مآرب قوى اقليمية ودولية بعيدا كل البعد عن مفهوم الدولة والحكومة على الشعب والارض، بعد أن ارتهنت جزء من سلطتها لمجموعات مسلحة تعمل على زرع الفتن وتأزيم القضايا بأساليب مروعة ومهيبة لبني بشر بغية الاسقاط لكل نواة تطرح كبديل لها.
الكُرد عامة ينظرون إلى ما يجري سواء في سوريا او في العراق بانه حرب طغاة ومستبدين على ارادة الشعوب والمستضعفين ويجب الحظر في خوض معارك لا تلوح في افقها اية معالم ولا مقومات في احداث تغيرات تطيح بهم وبأجهزتهم الامنية والاستخباراتية ضمن الممكن الموجود، ما لم يتم العمل على اجراء تغيرات جزرية تطيح بكل مفاهيم كانت قائمة عليها هاتان الدولتان بإيجاد بنية متينة تعيد للفرد ارادته الحرة وكرامته المهدورة لبناء مستقبل جديد بمفاهيم واسس يقبله العقل والمنطق، ويكون انعكاسا لتطلعات الشعوب المنطقة في العيش الكريم، ولا مكان لقبول تنفيذ اجندات واللعب على وتر المحاور كما يظنه البعض ويروجه احياناً بان المكون الكُردي قد سلك الخط الثالث من الحرب الدائرة لاستغلال الفراغ الامني برضوخ بعض القوى الاقليمية لاستخلاص كيان خاص بهم.
اما فيما يتعلق بالخطابات الاخيرة الصادرة عن حكومة الإقليم ورئيسه السيد مسعود البرزاني بخصوص محافظة كركوك واستقلال كُردستان فكانت ضمن سياق الاحداث الجارية في العراق وعموم المنطقة وضمن الحقوق المشروعة وفق الدستور العراقي والاتفاقات السابقة بين الكتل السياسية على حد تعبيرهم، فمراكز القرار لديهم لا يستندون الى مساعي بعض الجهات التي قد تكون لها مآرب وغايات ابعد من ذلك، بقدر ما يستمدون قوتهم من التجارب والتاريخ النضالي للشعب الكودري و باقي الشعوب المنطقة ما قبل معركة جالديران وبعدها في سنة 1514 ومروراً بمعاهدات و اتفاقيات دولية خذلتهم لمرات عدة بمعزل عن ارادتهم وصولاً الى «سايكس بيكو» سنة 1916 و« لوزان » سنة 1923 م .
الكورد يؤمنون بان التاريخ لا يعيد نفسة على الرغم من تكراره في اتجاه واحد بالنسبة لهم ولحلمهم كباقي الشعوب المنطقة في حكم نفسهم بنفسهم، ولكن و بكل الأحوال ليس بالتحالف مع «داعش» او نتيجة لعبثهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن