الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموصل بلا قدّاس

جلال حسن

2014 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الموصل بلا قدّاس
جلال حسن

لم أحزن على حرق مكتبتي بمخطوطاتها النادرة في شارع المتنبي عام 2007 حينما فجرها انتحاري، مثلما أحزن اليوم على تهجير المسيحيين من الموصل، كأني أطرد من بيتي بلا سبب يقنع حتى طفل، أطرد من بيتي وذكرياتي وأصدقائي والدار الذي أحبها وجيراني وحديقتي وأفراحي وأحزاني ومواعيدي ومدرستي ودائرتي وعنواني. لا أتصور ما يحدث كأني في حلم على واقع يفـر مني ويئن نحو غربة أجرجر عليها اقدامي في مجهول يخبئ كارثة تقص على غرباء قساة القلوب.
لا أحد يقدر معنى التهجير غير الطرقات البعيدة التي تزرع الشكوى في الغياب، ولا أحد يسمع الأنين غير تراتيل صامتة وقدّاس في صومعة قاسية الضرب على شغاف عذوبة الأفئدة،
التهجير نزع الروح من الجسد، وقتل البسمة في زمجرة الدهر، هكذا أرى توديع نفسي وتوديع بابنا الخشبي وسياج الحديقة والدار ومحل الزهور وبيت حبيبتي.
أودع جاري وأذرف دمعي على ما تبقى من حنين صوب منفى لا أعرف شكله في ديار تلفظ اسمي في مسمى "مهجر" هو أنا وسط التلظي بحسرتي وآهاتي. ليس لي ذنب بالذي يجري ولدت من أم مسيحية وأب آرامي وصار أخوتي يحملون اسمي وأخوات يبكينّ فقدي، ليس ليّ علاقة بالذي يجري كل ما في الأمر ولدت من أبوين عراقيين في شهادة الميلاد وسماء فيها رب يحمي الضعفاء.
ليس ليّ علاقة بالأديان غير ما مدون في هويتي وحب الآخرين أسمى ما تعلمته من أبونا الذي يسكن قلبي. لهذا أحن الى ما عرفته في السماء لأنه منقذ الضعفاء والمساكين والمؤمنين به من الشر. سأشد الرحال مثل دمعة تسيل، وتنشف قبل وصولها الى الخذ، أية ملوحة فيك يا وطني أية عذوبة وأنت تطردني. سأودع عتبة الدار والمواويل وكل الأغاني التي غادرتني.
قلت: سوف لا ألتفت الى الوراء في وداعي الأخير للمدينة خشية من دموع أمي، ودموع أختي التي نستْ لعبتها على سطح الجيران.
لهذا لم ألتفت، ولكن هاجس أصابني على دراجتي الهوائية حين كنت أطير بها الى السوق وأشتري ورداً وشموعاً للسيدة العذراء وأيقونات تنير الطريق. كان يمكن أن أموت لكن أمي سحبتني بكل حنانها ولثمتني بدموعها النازفة أكثر من وجعي.
حزين على حرق الكنائس القديمة، وحزين على نسيان "البوم" تصاويري وذكرياتي وما قاله العاشق لحبيته في تخوم السهل.
أيها الرب يا صانع الحب والمعجزات وهذه الأرض والسماء صرت أخجل من النظر اليك والحال على الصليب ينوء من ثقل الأحزان وكل هذه الدموع النازلات والفراق ونحيب الوجع وكل هذه العذابات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران