الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبايكر (ساروا بهدوء للقتل)

جواد الديوان

2014 / 8 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تداولت المواقع الاجتماعية فيديو عرضه مشعان الجبوري في قناته الفضائية عن مجزرة سبايكر، ويسرد تفاصيل غابت عن الجهات الرسمية!. وكرر مشعان دهشته من منظر هدوء الشباب في طريقهم للموت او الاعدام! بعد مشاهدة قتل زملائهم، وساروا لحتفهم دون اي مقاومة، ودون اي نشيد حماسي! كما يظهر من الفيديو.
رد فعل الانسان نحو حدث يهدد حياته يتمثل في الصدمة في الساعات الاولى ثم البطولة في الايام الاولى وبعدها يعيش الحادث وتفاصيله لفترة قد لا تزيد عن ثلاثة اشهر، ثم يتحرر من الوهم، وقد يعود لحالته اسابقة قبل الحادث بعد فترة طويلة تتجاوز السنة. ومراجعة لمذكرات ضباط الجيش العراقي السابق في تناولها احداث شاركوا بها (الحرب العراقية الايرانية، كما فعل وفيق السامرائي والخزرجي او غزو الكويت او حرب 2003 ورواية رعد الحمداني) تختلف كليا بعد سنوات من حصول الاحداث، وخاصة لمن عاش تلك الايام. وذاكرتهم واضحة في ذكر تفاصيل الحدث ولكنهم تحرروا من الوهم! مثل البطولة والعبور والبوابة الشرقية وغيرها. ورواية بطولات مثل اسر جنود ايرانيين بصابونة! او اسقاط الاباشي بالبرنو! هي نتيجة البطولات ما بعد بعد الصدمة. وربما بطولات حرب البسوس وداحس والغبراء (عنترة بن شداد) نتيجة لتخيل البطولة بعد الصدمة.
الصدمة نتيجة لخطر كاسح ليس في الحسبان، ولا يمكن التعامل معه بالطرق الطبيعية للتوتر (الهروب او القتال). انها الشلل في اليات تنفيذ الطرق الاعتيادية لتقليل الخطر، وهذه نتيجة فوضى وظائف الجهاز العصبي في الشعور والعاطفة والادراك والاستجابة السلوكية للحافز (الخطر).
يقع الجنود او المتطوعون في اسر مجموعة صغيرة لا تتجاوز اصابع اليد (يردد مشعان الجبوري الاسماء في الفيديو) وبسيارات حكومية مدنية وعسكرية، فكانت صدمة اصابتهم بالشلل. وجانب الصدمة الموضوع تعرضهم لخطر الموت الفعلي (القتل) ومشاهدة قتل زملائهم، ورافق ذلك الخوف والهلع والرعب وعدم التصديق للواقع والغضب وربما الشعور بالذنب (تركوا القاعدة وملابسهم العسكرية وسلاحهم وغيرها او اهمالهم الحماية في منطقة حرب عصابات!!)، واخير فقدان القدرة على الاحساس والادراك وكذلك فقدان الذاكرة (عرضت الفضائيات ذكريات من نجا من مجزرة سبايكر ولم يستطع تقديم صورة واضحة المعالم عن الحدث).
والتوتر يختلف عن الصدمة حيث يبقى الانسان فيه يرى ويفكر بشكل واضح، وردود افعاله سريعة، ويسيطر على نفسه. اما في الصدمة يعاني الانسان من تشوش الذهن والشعور بفقدان السيطرة على النفس. والصدمة بتعريفها اعلاه وليس ترجمتها من كلمة shock.
والاستجابة اي دور الجهاز العصبي في الصدمة يتلخص في الانذار (مكانه لويزة الحلق في الجزء الامامي من الفص الصدغي للدماغ) والاستعداد (في ساق الدماغ ويتكون من النخاع المستطيل وجسر فارولي والدماغ الاوسط) ومعالجة المعلومات (قرن امون وهو حافة في قاع البطين الجانبي للمخ) والتنفيذ للاليات (الفص المقدم في الدماغ). وربما تبدو الكلمات العربية اغريبة فهي ترجمة المجمع العلمي.
الاستجابة العصبية للصدمة معقدة حيث تشمل اليات عديدة منها اليات بايولوجية ضد التهديد للحياة، واليات المعرفة والتاقلم، واستجابات تحددها اعراف المجتمتع، كما تلعب فوضى المعرفة دورا في ذلك.
وهكذا يظهر الشلل نتيجة الصدمة التي تعرضوا لها في سبايكر، اي شلل اليات التعامل مع الخطر. ان للعمر والتدريب ووضوح الرؤيا دور في استجابة الانسان للصدمة.
وما بعد الصدمة المعاناة من الكرب التالي للرضح Post-traumatic Stress Disorder او الكابة او اساءة استخدام المواد (الادمان) والخوف بانواعه والهيجان واضطرابات التاقلم والهستريا واعراض جسمية لا علاقة لها بمرض عضوي. وما يحدد الاصابة بالمرض لاحقا العوامل الفسيولوجية والنفسية للشخص. والعوامل الاخيرة يؤثر فيها المجتمع بشكل كبير (الاسناد العائلي والاجتماعي والتعليم والتدريب وغيرها)، او تتفق تلك العوامل لتعزز التاقلم ومقاومة المرض (ما تم ذكره قبل سطور).
شلل اليات الدفاع لدى ضحايا مجزرة سبايكر، ومسيرتهم بهدوء للاعدام لم تكن صفة بشرية ملازمة لهولاء المتطوعين بل وليد ظرف قاسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأي حول الحدث 1
سعد السعيدي ( 2014 / 8 / 21 - 20:02 )
استاذ جواد الديوان
ارى انك تعمم كثيراُ. فحتى في حالة الصدمة التي تشرحها هنا لابد انها ستختفي بعد وقت خلال اليوم. فمن المعقول ان يصاب مدنيون غير معتادون على المفاجآت بصدمة مثل هذه. اما ان يصاب بها مجموعة كبيرة من جنود مدربين ؟!!!
لعلك تعرف ان من ضمن التدريبات العسكرية هي تعويد الجنود على الزحف والتقدم وسط الرصاص. فكيف يعقل والحال هذه ان يترك هؤلاء الجنود قيادهم [إن كانوا فعلاً جنود لا مدنيين] لمجموعة من خمس او ست إرهابيين دون ان يحاولوا الهجوم عليهم وقتلهم ؟ كذلك فنحن نتكلم عن مئات من الاشخاص وليس شخصين او ثلاث. فلابد ان يتواجد في مجموعة المئات بضعة عشرات لم يصابوا بالصدمة التي تكلمت عنها وبقوا متماسكين. ولابد ان هؤلاء كانوا سيبادرون الى عمل ما ضد المجموعة الصغيرة. تأويلك غير مقنع للاسف.
ويلاحظ في الفلم ايضاً ان بعض الجنود كانوا يرفعون ايديهم فوق رؤوسهم. وآخرين لا. لماذا ؟ فهل كل الاسرى كانوا جنوداً , ام إن كان من بينهم مدنيين ايضاً ؟


2 - رأي حول الحدث 2
سعد السعيدي ( 2014 / 8 / 21 - 20:05 )
تكملة تعليقي

كذلك فتأويلات الجبوري ايضاً متناقضة. ففي لقطة مأخوذة للجنود من بعيد وهم يمشون يقول من ناحية ان قاعدة تكريت لم تسقط. ومن ناحية ثانية عند ظهور السيارة السوداء يقول انها من القاعدة التي سقطت !!!
واصبح لدينا ايضاً قصتين متناقضتين لكيفية ترك الجنود للقاعدة في البداية. واحدة تقول بحدوث خيانة والاخرى لا تذكرها !!!!
اظن ان هذا ليس آخر المطاف وإن القصة لم تنته بعد. ولعلنا سنشهد قصص اخرى مكملة مستقبلاً.
تحياتنا


3 - سبايكر
جواد الديوان ( 2014 / 8 / 22 - 06:10 )
سيدي السعيدي اشكركم لاهتمامكم بالموضوع والمقال. ما طرحته تفسير لظاهرة غريبة، وما طرحه مشعان الجبوري يشكك في شجاعة الشباب رحمهم الله. ولو تفحصت المقال مرة اخرى ستجد الاشارة بان العمر والتدريب ووضوح الرؤيا عوامل تقلل من الصدمة التي اشرت اليها كثيرا. واعتقد ان هذه العبارة كافية للاجابة على السؤال عن التدريب والطلقات وظروفه!. لم يستوعب الشباب وقتها وجودهم في الشوارع بهذا الحجم في حين تتواترد لهم اخبار عن اشكاليات داعش في المنطقة ومنها ما حصل في الظلوعية وبلد وهي اقرب الى بغداد منهم، اي ان الاخبار قد هزتهم، وانت حكاية النزهة في تلك المناطق. واذا اردت ان تشير الى احداث في زمن الحرب العراقية الايرانية، فقد كانت الاعدامات للهاربين علاجا للثبات في المعركة حيث احتمال الاسر والبقاء على قيد الحياة!. لم يوضح القائد في سبايكر لهم الموقف وما هو المطلوب. ولي راي خاص لا اضعه على صفحات التواصل الاجتماعي

اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية