الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فؤاد قنديل -الكاتب والروائي المصري - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: لماذا لا ترتقى الآداب والفنون بالمجتمعات العربية؟

فؤاد قنديل

2014 / 8 / 24
مقابلات و حوارات


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -137 - سيكون مع الأستاذ فؤاد قنديل -الكاتب والروائي المصري - حول: لماذا لا ترتقى الآداب والفنون بالمجتمعات العربية؟ .


الأدب والفن صياغة لغوية وتشكيلية متنوعة ومتجددة تعتمد على الخيال والفكر والوقائع الإنسانية وتطالعنا في إبداعات لغوية مثل الشعر والرواية والمسرح والقصة القصيرة وفي الفنون نستمتع بالموسيقى والغناء والسينما والفنون التشكيلية كالرسم والتصوير والنحت وغيرها، ويهدف مبدعها التعبير عن ذاته وطرح رؤيته للواقع المحيط به ، مع نقل تجربته الفكرية والجمالية إلى الآخرين ، وعادة ما تكون تلك التجارب مؤثرة في عقول المتلقين ووجدانهم ، وقد عرف الإنسان تلك الفنون منذ أقدم العصور ، بل منذ وعى الحياة بملامحها البدائية التى تصطخب من حوله في حركة الطبيعة الوديعة كالأنهار والكواكب والغابات والنباتات والطيور مرورا بالكائنات البرية وصولا إلى الحركة العارمة لمتغيرات صادمة مثل الرياح العاصفة والبراكين وهياج البحار والزلازل ، على أن المؤكد أن الإنسان لم يهتد إلى الفن والأدب إلا بعد أن انتقلت حياته وأفكاره من حالة الضرورة التى تقتضيها غريزة البقاء بتوفير الغذاء والكساء والمأوى والأمن إلى حالة الحرية حيث يستطيع أن يتأمل الوجود بينما يعيش فترة من الدعة بعيدا عن كل تهديد .


وقد حظى الأدب والفن على مر الحقب الزمنية باهتمام النخبة سواء الملوك والأمراء والساسة والقواد وشيوخ القبائل والفلاسفة وعلية القوم من الأثرياء والنبلاء ، كما أولته فئات مختلفة من الجماهير التفاتا وفرحا وشملته بالإعجاب والتقدير لما له من تأثير وما يتضمنه من خيال ووقائع باهرة وطرح لنماذج الأبطال ووصف للمعارك وأحوال الحروب وقصص الحب والمجاعات والأهوال والأساطير بما يُسَري عن القلوب المحملة بالهموم وينقل إلى العقول الخبرات والعظات والعبر وألوان الحكمة . وقد أفضي هذا إلى سمو مكانة الكتاب والشعراء لدي الشعوب ودفع الحكام والوجهاء إلى تكريم أصحاب الكلمة بالجوائز والمنح لأنهم ثروة من ثروات الأمم حتى لقد كانوا في أزمنة كثيرة ومازالوا موضع الفخر والتباهى لأن منتجى الفن والأدب أصحاب المواهب المميزة نماذج رفيعة من البشر ويستوجب ذلك عدم التقصير في حقوقهم أو تجاهل أفكارهم ورؤاهم التي تضيء الطريق أمام العامة والخاصة ، وقد تناهت إلينا أخبار السلف التي تؤكد حرص الملوك على اللجوء إليهم لمعرفة أسرار النفس البشرية والاستعانة بهم في كشف المجهول من المواقف والغامض من شئون الحياة والناس.
وقد اعتبر كثير من المؤرخين والمفكرين أن الفنون والآداب المؤسسة الأولى للحضارات التي ازدهرت قبل آلاف السنين في مصر والعراق والصين والهند ثم اليونان وفارس و الرومان والحضارة الإسلامية في الجزيرة العربية والشام وشمال أفريقيا والأندلس ثم أوروبا ، ولعل من تحصيل الحاصل الاعتراف بأن الحضارة التي ظهرت واستقرت في أوربا منذ ستة قرون بعد أن تخلصت من هيمنة محاكم التفتيش والتسلط القهري باسم الدين وحتى الآن هي من نتاج الآداب والفنون التشكيلية التى أبدعها شيكسبير ودانتي وسرفانتس وكوكبة كبيرة من الشعراء والكتاب والفنانين الإيطاليين والروس والإنجليز والألمان والفرنسيين ، ولا يخفي على الكثيرين أن روايات ديكنز دفعت الحكومات البريطانية للاهتمام بأحوال السجون كما حفزتها على رعاية الطفولة المشردة وقاومت استغلال الأطفال في ارتكاب الجرائم ، وروايات فيكتور هوجو كشفت أحوال البؤساء فتحركت الإدارة الفرنسية والقوي السياسية لبذل كل الجهود للقضاء على البطالة والجوع والفقر ، وأدت الأعمال الروائية والشعرية الأمريكية إلى حشد الجهود لمقاومة التفرقة العنصرية حتى وصل أحد الملونين إلى رئاسة كل الولايات الأمريكية وسكن البيت الأبيض ليقود العالم أجمع.
ولعل وعى الجماهير العربية الذي نما تدريجيا و الثورات التى اندلعت في عدد من الدول العربية منذ منتصف القرن 19 وإلى الآن ليست إلا نتيجة طبيعية لإبداعات الشعراء و الأدباء والمسرحيين ومن بعد بفضل الفنون التشكيلية و الأغنية والسينما والرسوم الكاريكاتورية وغيرها مع تزايد الإقبال على الصحافة التى نقلت كل ما يمور به الواقع واهتمت بكونها منابر النشر للفنون والآداب .
ولابد ألا نتجاهل أن مسألة الارتقاء بالمجتمعات تبدأ في الأساس من تربية الوعى ونضجه وتعدد آفاقه ، وما كان لوعى الشعوب العربية أن يتصاعد لولا أبيات شعرية عديدة لعبد الله النديم وحافظ إبراهيم و مثل بيت شوقي :


وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
وبيت الشابي الشهير
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
وقول كامل الشناوي :
كنت في صمتك مرغم كنت في صبرك مكره
فتكلم ... وتألم وتعلم كيف تكره
وقول الشاعر :
إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
وقول الشاعر :
بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم لم يُبن مجد على جهل وإقلال


تؤكد الناقدة الفرنسية سوزان سونتاج قيمة الأدب بشكل عام وفن الرواية بشكل خاص إذ تقول : والرواية الجديرة بالقراءة هي في جوهرها تعليم وهي توسع فهم القارئ للقدرات البشرية وتعرفه معنى الإنسانية ، وما يضطرب في الدنيا من الأحداث ويكشف أسرارها وكذلك المسكوت عنه.
وقد آن الآوان كي نطل بنظرة طائر على العالم المعاصر لنكتشف مدى التطور في جميع مناحى الحياة الذي شمل معظم دول المعمورة إلا دولا كثيرة من العالم العربي وهي من ذوات التاريخ والحضارة والدين والأخلاق والإمكانيات المادية ، لنتلقى صدمة تؤرقنا وتسخطنا على أحوالنا في كل مناسبة خاصة إذا رحل عربي وزار بلادا في الشرق والغرب لم تكن على الخريطة أصلا قبل عقود ، عندئذ يتذكر بوضوح كم التخلف الضارب في كثير من البقاع العربية سواء في مجالات الإدارة والعلم والصحة وحقوق الإنسان والنقل والصناعة والتعليم والتكنولوجيا والرياضة واستثمار الموارد والقوي البشرية ، بل إنها لتبدو صادمة حالتنا السياسية والدينية في ظل تهميش العقل وكراهيته وافتقادنا للتسامح ولغة الحوار المتحضر والترابط واحترام الآخر وقبول الاختلاف مع التأكيد على أن أي حديث عن الديموقراطية على أي مستوى وهم حقيقى ولا علاقة لنا بالعمل كفريق .. طبعا لا يتضمن الحديث تعميما ، ولكنه ينبع من تغلب النسبة السلبية التى نود أن تدفعنا للتغيير.
صحيح أن إبداعنا الأدبي والفنى بالمقاييس العالمية والتنافسية الدولية ليس في المقدمة ولا يحظى بتقدير يلفت الأنظار إلا في حالات متباعدة ، ولكنه دون أدنى شك منجز مهم في كل المجالات وإن لم يصل في نظري بشكل أمين وكامل إلى الجماهير وهى المستفيد الأول من هذه الإبداعات ، وهنا نصل إلى صلب الموضوع وهدف الحوار الذين تبلورا في السؤال .. لماذا لا ترتقى الآداب والفنون بالمجتمعات العربية ؟
أحسب أن لديّ بعض الإجابات ، لكن المطلوب بالقطع أن تتولوا أنتم بخبراتكم وفكركم قيادة الحوار وفتح الآفاق خاصة أننى ممن يؤمنون بأن من يتصورون أنهم نخبة ليسوا أصحاب الحقيقة المطلقة ، أولا لأن الحقيقة المطلقة اعتقاد زائف وثانيا لأن أي وعاء محكم لابد له من متن وغطاء ، وأنتم المتن أو أصحاب الدور الحقيقى في الإحساس والتشكيل ونقل أية تجربة إلى الأرض وبدون الجماهير لا شيء اسمه النخبة . أهلا بكم .

فماذا يا تري أسباب ما صرنا إليه ؟..


أظن الجميع يعرف أن هناك أسبابا عديدة ، منها :

1 - تراجع المدارس والجامعات عن القيام بمهمتها التعليمية والتربوية على أي وجه ، فالمناهج منفرة من القراءة ومن اللغة العربية ، ومعظم المدرسين يفتقدون الكفاءة ، وهم في الأغلب مشغولون بجمع الأموال من الدروس الخصوصية التي رفعت عن كاهل التلاميذ عبء المذاكرة وكرست للتلقين بدلا عن الفهم ، بل لم يعد الطالب حتى حريصا على الحفظ لأن المدرس في سنوات النقل سيتولي النتيجة.

2 – تقاعس وزارة الثقافة عن القيام بمهامها الأساسية وهي التثقيف والانشغال بالمهرجانات والأضواء والجري وراء وسائل الإعلام .

3 – تجنب وسائل الإعلام الحديث أو تناول الشخصيات المرموقة المميزة بالوطنية والإخلاص والنابغين في العلم والأدب والفلسفة والتاريخ والاقتصاد وكذلك أصحاب البطولات في المجالات العسكرية والإنسانية وأصحاب المنجزات الدولية بما يمثل قدوة يحتذيها الصغار والشباب وفي المقابل هناك حرص على تقديم حياة الراقصات والحوار مع لاعبي الكرة واستضافة الخارجين عن القانون والنماذج المنحرفة أو ذات الصوت العالي التي تجيد الجعجعة واتهام الآخرين حتى أصبح الكل في دائرة الشبهات .

4 – إهمال مراكز الشباب لكل ما ينتمى للأدب والثقافة أو التعليم والتربية وخلق عقول ناضجة متطلعة للمستقبل وموهوبة ، وصاحبة فكر وابتكار وحس تنافسي في المجالات العالمية المعاصرة .

5 – عجز المساجد عن القيام بمسئولياتها التربوية بسبب نقص الثقافة والجمود الفكري وتقليدية الخطاب الذي ينفر المستمعين ولا يجذبهم إلا في حالات نادرة
وتجنب الأفكار المعاصرة والقضايا الملحة.

6 – انتهاج سياسة الانفتاح الإقتصادي دون دراسة

7 – تخلى الآباء عن دورهم في تربية الأبناء وعجز الالأمهات والجدالت عن حكى القصص والحكايات التي تعلم الصغار الحمة والأمانة والعفو والمحبة والتعاون والتضحية وحب الوطن
لقد أصبح الإنسان المصري بحاجة إلى روح جديدة تتشكل من عبير الأدب وأصدائه التي تعمل على الارتقاء بالذوق والسمو بالغرائز وحب الجمال وقبول الآخر وتأمل الوجود والتمسك بالصبر والرضا والتسامح والحرص على العدل والأمانة والسلام والمحبة . روح الأدب التي تبتعد عن الوعظ والمباشرة وتسمح للقيم النبيلة أن تتسلل إلى القلوب والعقول لترسخ تقديس الوطن والدفاع عن الحقوق والتوجه دوما نحو كل ما هو خير ، والانتماء إلى الإنسانية وتجلياتها بأرحب المعاني.
أصبح الإنسان المصري بحاجة إلى أن يدرك قيمة العقل بوصفه السلاح الأول للعيش وتدبير شئون الحياة ، وآن أن يتعلم النشء أهمية معرفة معنى الحرية والكرامة والتكافل وقبول الاختلاف والرفق بالإنسان والحيوان بل والجماد ذاته بوصف كل ما ذكر من مبادئ الحياة التي تسبق أي علم ، فما قيمة العلم دون كرامة وإخلاص ؟ وما قيمة أي دين دون رحمة ودون عدل أو دون ضمير ؟، وما قيمة الأدب دون حس مرهف وحب للجمال ودون عطف على الناس ومراعاة حقوق الإنسان ؟
لقد كان اتجاه القيادة المصرية في منتصف السبعينيات من القرن الماضي نحو الأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادي دون دراسات كافية ودون تدرج ودون ضوابط خاصة بعد عقدين من الاقتصاد الموجه وامتلاك الدولة لكل أدوات الإنتاج سببا رئيسيا في انطلاق الكوامن الجشعة والأطماع والرغبات المحمومة للثراء بكل السبل بما دفع أعدادا كبيرة من الشعب لاقتحام العمل الحر والحصول على المكاسب الشرعية وغير الشرعية ومن ثم التخلي عن كل القيم الاجتماعية والأخلاقية لصالح الهوس بالمال . وقد تفاقم الوضع وأضيفت إليه ملامح سلبية جديدة بعد ثورة بناير 2011 بما ينذر بتصدع أبنية الدولة ككيان إداري وسياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي ،الأمر الذي يتكشف في المشاهد اليومية الصادمة ، حيث تطالعنا والعالم عمليات القتل والتدمير والهجمات المتلاحقة من البلطجية على الممتلكات العامة والخاصة ، وحوادث الخطف والسطو والحرق والتعدي على الكنائس والمساجد والبنوك وأقسام الشرطة والمستشفيات والمتاحف بما يهدد الحياة بشتى صورها ، فضلا عن سوءات وسائل الإعلام والتدني في طرح القضايا وعدم مراعاة الحرمات والولع بالفضائح وانتشار الألفاظ البذيئة التي لحقت السينما والمسرح وصدّرت للجماهير لغة متدنية سرعان ما التقطتها كل الألسنة كما يلتقط الحطب والبنزين شرارات عابرة فتندلع نيران يصعب إخمادها.

المشهد على كافة الأصعدة يدل على التفسخ والتفكك والانفلات في ظل غياب حكام يتكئون على ثقافة ودين وتربية رفيعة ووطنية راسخة ، وفي ظل غياب مؤسسات تعليمية وثقافية مسئولة ، ومع وجود آباء استسلموا تماما لغواية الأبناء وعجزوا عن التوجيه والحوار ، ومع تحلل كامل لكيان معنوي اسمه الضمير ، كان دائما وبكفاءة مشهودة يتولي حماية المصريين من كل التجاوزات ويقوي مسيرتهم في خدمة الحق والعدل والأمانة ، وحافظ عليهم رغم التحديات وأشكال العدوان على مدي آلاف السنين ، لكن الضمير لاحظ أن هذا المناخ لا يلائمه فأسرع بالاختفاء ولا وسيلة لاستعادته بغير الأدب والدين المستنير.
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الثقافة والظلم
رائد محمد نوري ( 2014 / 8 / 25 - 12:41 )
العلاقة الجدلية بين الظلم والثقافة هي المسؤولة مسؤولية مباشرة عن تدني القيم في مجتمعاتنا وبالتالي انعدام تأثير الآداب والفنون في المجتمع الظلم يروج لثقافة استهلاكية سطحية ويبجل المثقفين التابعين للسلطة المهيمنة على القرار السياسي الاقتصادي الاجتماعي سواء كانت هذه السلطة سياسية أم اقتصادية أم دينية؟!


2 - رد الى: رائد محمد نوري
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 06:59 )
أتفق مع كل كلمة قلتها أ. رائد ، لأن الشرط الأول لإنتاج مناخ ثقافى هو توفر الحرية
، وغياب هذا الشرط يسمح بتعاظم السلطة السياسية وتفشي الإدارات المركزية القابضة
على كل شئون الحياة ومنها الثقافة وهي التى تتمتع وتؤمن فقط بأنها مصدر كل السلطات
والحقائق أيضا ورجالها يتمتعون بعصمة لا يتمتع بها المواطنون ومن ثم
لا تعترف بالحوار ذهابا وإيابا وترفض أية رؤى نقدية ووتحرص على الترويج لكل ما
فيه تملق ومداهنة لأنظمة هشة وقيادات جاهلة ونفعية .


3 - ثقافة السلطة مكارثية جديدة
غالب المسعودي ( 2014 / 8 / 25 - 18:22 )
اشكرك سيدي على طرح هذا الموضوع على طاولة الحوار وان لي تعليق بسيط على هذا الموضوع ادرجه كما يلي


الثقافة في مفهومها العام تعني الفعالية في آليتها الوظيفية وبالتالي نجد أن هناك تغيرا ما سيطرأ إما إلى الأمام, أوالى الوراء اعتمادا على من يقع عليه الفعل وعلى قولة علماء الفيزياء لكل فعل رد فعل.......,والتقدم هو فعالية الثقافة باتجاه التغير نحو الأفضل ,وكلما كان المثقفون واعين لاتجاهات التغيير, محصنون بوعي اخفاقات الماضي ومدركون الآني والمستقبلي, كانت المحصلة أكثر فعالية في الحفاظ على النوع الثقافي الانساني.وإن درسنا سلطة الثقافة وفق هذا المنظار نجد أن هذه الفعالية غائبة ومغيبة الان, باعتبار أن الثقافة سلوك بقدر ما يبتعد به الإنسان عن أصله ألبدئي , وهذا التغييب نجده لصالح ثقافة السلطة كونها أيضا سلوك متجذر ولكنه تسلطي متخندق في احافير اللاوعي الجمعي ويمتد لا شعوريا إلى زمن البدايات, و الأسطورة انجزت نضجه ,وهي في المتخيل حقيقة واقعة في زمن ما, وهي الحاضنة ومفتاح لكل الأحداث التي جرت والتي ستجري على المستوى الواقعي, وبهذا تمارس دورها المهيمن والمرشد وتمتلك العصا السحرية لتنفيذ كل التغييرات بما يتوافق وطبيعة الفهم الخاص للكوزمولوجيا, وهذا لا ينبع من فراغ فالواقع الراهن مليء بالأسئلة والإجابات شحيحة. وكون التيار الارثودوكسي هو الوريث كما يعي هو...........! ,لزمن البدايات نجده يمارس دورة طوباوية تبريرية لموائمة الحدث مع منهجيته الأساسية في البناء, ويستغل غياب الوعي المتجذر في مجتمعاتنا التي لا تزال تعيش بدائيتها الأولى, وهكذا يمارس فعل السلطة المتشدقة بالمطلق ,وتكون هي المنبع الأساسي لكل فعل على المستوى الفردي أو الجمعي ,لأنها مستمدة من المثال, والذي كما يدعون هو أنقى أشكال الخلق وهو المكتمل ذاتيا بلا فعل, والواقع الراهن هو مثال بيولوجي, والوعي هو فعالية البيولوجيا, ومثل هذا المثال لا يرتقي إلى وعي الواقع كونه تحت سلطة الاسطورة,وبذا ينحدر الكائن حتى يصل إلى الحضيض, لكن الواقع المعاش ينبئنا أن النشوء والارتقاء هو ديدن الحياة وهذا يسير بخط معاكس تماما لما تطرحه اسطورة الخلق .كون الكائنات تحاول الوصول إلى مثالها المكتمل الذي يؤهلها للبقاء وكل حسب نوعه, وهذا بالتالي يعني ارتقاء في مستوى وعي الذات والموضوع ,وكذلك هو مفهوم السلطة أو ما اعني هنا ثقافة السلطة, والتي مصدرها المثال فهي غير قابلة إلا للتنفيذ والمساومة والنقاش هي مضيعة للوقت ,وهي الوعي المطلق ومنجز مكتمل النضوج, لكن الواقع الحي ينفي هذه النتيجة ,إذ لم تمارس هذه السلطة بكل فعاليتها المجتمعية ولم تساهم في دفع الوعي الجمعي إلى إنتاج كيانات اجتماعية أو حضارية فاعلة ومكتفية ذاتيا طيلة قرون, ولو أن الاكتفاء الذاتي أمر صعب المنال, لكن هذه المجتمعات لم تقترب من هذا المؤشر.
إن نظرية النشوء والارتقاء يمتد تأثيرها إلى الكيانات الاقتصادية باعتبار أن الاقتصاد المحرك الأساسي للتاريخ, و إن استمرار الأنواع وتطورها هي عملية اقتصادية بامتياز, والعالم اليوم يهتم بالحفاظ على الأنواع لأنه يجد هناك نوع من الانسجام بين الذاتي والموضوعي في الطبيعة ,و في النهاية كل الجهود التي تبذل في هذا الاتجاه لها مردود اقتصادي والعملية سائرة إلى أمام, لكن في مجتمعاتنا نجدها تصب في صالح ثقافة السلطة كون سلطة الثقافة ودورها لازال هلاميا ,أما ثقافة السلطة متجذرة منذ العصور الأولى أي من عصر المشاعية البدائية ,ووسيلتها المكر والخداع, وتبدو قوة بشكلها الفردي أو الجمعي تمارس الابعاد والتهميش بمكارثية جديدة تستهدف الوجود المثقف .
هناك علاقة لوغاريتمية بين انحسار سلطة الثقافة وتنامي ثقافة السلطة وقد يبدو هذا نوع من الاشتباك, إلا انه يصب في مصلحة الرأسمال النقدي وكذاك الرمزي والذي له تحالفات وفعالية في نطاق الفعالية في استغلال الانسان امتدت لآلاف السنين, ولازال يفعل فعلته في المجتمعات المتغيبة والمغيبة حضاريا ,لأنه هو خيارها وهي المغيبة بفعل الافيون الثقافي, التاريخي, وسيكون الإنسان حاضرا ولاعبا بالرغم عنه رغم ازدراءه للمشهد وستكون آلية الصراع وجودية بامتياز .:


4 - رد الى: غالب المسعودي
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 07:23 )
أثار الأستاذ غالب العديد من المحاور التى تتعانق وتشتبك في إطار غياب
سلطة الثقافة وهيمنة ثقافة السلطة ، وحسنا تأكيده على أن النمو التراكمى
لثقافة السلطة تم ترسيخه تاريخيا وشاركت أجيال في بناء عمارته الشاهقة
خاصة في العالم العربي الذي لا يمتلك أبناؤه جسارة إطلاق الأسئلة
وتتعاظم أهميتها كل يوم بل كل دقيقة مع التشويه الذي يجرى على قدم وساق
في حيوات أهالى هذه المنطقة المكلومة .. إن الإجابات - لو وجدت - ليست
فقط شحيحة كما قلت ولكنها ضالة ومضللة ومخادعة ، وتفضي إلى تفريغ
الزمن من آثاره التطورية على شكل الحياة ، فالزمن ليس كيانا هلاميا ولكنه
يمكن أن يكون من أقوي مكونات الحياة وأكثرها لزوما لتأصيل القيم وبناء
صروح النهضة ، وفي ظلال ما أشرت إليه من أن السلطة مهيمنة والآفاق
غائمة وأحيانا معتمة فلست مع المبالغة في التشاؤم ، فما زال قول الشابي
يقف كالنخلة وسط صحراء قاحلة ليراه الكل مهما بعدت المسافة وثقلت الشقة
.. إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر
أنا ممن يرون أن إرادة الشعوب تهدم الجبال وبنى السماوات .. تطيح بالطغاة
وتحيل الفلوات إلى بساتين .. المهم الطريقة والصيغة الجديدة لبعث الشعوب
المستضعفة وتوحيد رؤاها وقواها وأطيافها .. الطرق التقليدية لم تعد تصلح
لهذا الزمان ولا مع هذه النوعية من عباد السلطة ولابد اتساقا مع خيال الزمن
النابض من تشكيل منظومة من الآليات الحداثية للتثوير وتفكيك البناء الاستبدادى
المتكلس والمتشعب ، وبعد التفكيك الكلى والجزئي والتفصيلى يأتى دور الترتيبات
السياسية والثقافية والاقتصادية ، ولابد من البدء أولا من الوعى والثقافة التى
تتجذر في عقول ووجدان البجماهير .. بدون ثقافة وإحساس بالظلم لن تندلع ثورة ولن
تتحرر الإرادة.


5 - الانسان العربي
ماجدة سلمان محمد ( 2014 / 8 / 25 - 20:29 )
تحية للكاتب نعلم ان البيئة المحيطة بالانسان لايمكن ان تكون بمعزل عن ابداعه وتأثره بها وبغيرها من الظروف وتأثيرها عليه .. الانسان العربي لم يمنح فسحة من الزمن للتامل والتفكير والابداع والحرية دائما كانت اول اولوياته تامين احتياجات البقاء ..والامن .. وطالما كان ضحية النظم السياسية والضغط الاقتصادي ناهيك عن تقلبه بين التيارات الفكرية الادبية والفنية انشغل بالتقليد وليس التجديد لذلك كان الفن والادب دخيلا في حياته ..ومع كل الظروف المحيطة به تمكن ان يضع بعض اللمسات في تاريخ الادب والفن العربي ..ولكنها لم تكن كافية للتغير وا التأثير في المجتمعات .. كانت قصرا على النخب .. كما ان تشجيع الابداع هزيل في المنطقة العربية .. تجد
أفقر فئات المجتمع هم من الكتاب والادباء والفنانين .. فنحن شعب يحتفي بالاموات


6 - رد الى: ماجدة سلمان محمد
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 08:24 )

عبرت بإيجاز أ. ماجدة عن توجه سياسي راسخ لدى الحكام العرب يتم تطبيقه
بحرفية وتنوع غريبين ويتمثل في المقولة الشهيرة - جَوّع كلبك يتبعك -
فقد حرص الحكام على أن يظل المواطن العربي في حالة لهاث دائم وراء
الحد الأدنى من ضرورات الحياة ومن ثم لا يفكر في الحرية ولا حقوق الإنسان
ولا الثقافة بتجلياتها المتباينة ولا في النزهة ولم يعتد البحث عن الجمال والحب
فذاك شيء من الرفاهية غير مؤهل له ، مع أن الحياة في الأصل مشكلة جمالية .
ولقد كان الإبداع الأدبى والفنى متميزا ولافتا في عهود كثيرة لكنه ظل بالقصد
حينا وبغيره حينا كزورق فوق نهر أو واحة وسط القفار أو قرط في أذن امرأة
.. ظل المنجز الثقافى على السطح وكأنه مجرد لافتة فوق جدار أو مصباحا في مدينة
الأشباح ولعل من أسباب ذلك عجز أنظمة كثيرة عن خدمة الإنتاج الفنى بتوصيله
إلى مستحقيه وافتقار كثير من المدارس لمفردات الثقافة مثل المناهج الجذابة
والأنشطة الفنية كالموسيقى والرسم وقلة المعروض من الكتب في المكتبات المدرسية
وانصراف وسائل الإعلام عن الإشارة إلى الأعمال الأدبية المميزة والتوقف طويلا عند
الأخبار المثيرة والاهتمام بمباريات كرة القدم والبرامج التافهة والسقيمة والمهرجانات
التى يبحث من تآمروا بها علينا عن الأضواء فقط وغيرها كثير ، ولأن الإبداع الحقيقى
محاصر في منطقة النخبة فالتشجيع قليل والترويج له نادر كما أن بزوغ نجم ثقافى
مشع كاف كى تشعر السلطة بالتهديد.


7 - اداب الحوار
Asmaa Elhefny ( 2014 / 8 / 25 - 20:37 )
اداب الحوار ان يستمع كل طرف للآخر بانتباه وان يحترم رايه حتى لو معارض له .مش زى الاخوه البعده ال يختلف معاهم يقتلوه


8 - رد الى: Asmaa Elhefny
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 08:36 )

من أساسيات أي تقدم توفر آلية للحوار في ظل مبادئ مثل استخدام العقل
وقبول الآخر وحسن الاستماع وإتاحة الفرصة لتأمل الأفكار الوافدة من الفرد أو الجماعة
.. من الداخل أو الخارج ، بل من العدو والصديق ، ومازالت وستظل في الأذهان مقولة فولتير
- إننى على استعداد لتقديم حياتى دفاعى عن رأيك حتى لو اختلفت معه- ، والنهضة إذن
لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تقبل جميع الأطراف خاصة من يجلس على الكرسي وبيده سلطة
شتى الأراء النقدية وعمل على الاستفادة بها ومن ثم يفتح الآفاق أمام الجميع للتفكير والتطوير
والانتقالبالحياة من مستوى ثابت أو متخلف إلى مستوى أفضل ، أما من أشرت إليهم فهم
فصيل يعادى الحياة والبشر بل لا يعترف بوجود غيرهم وهم أصحاب الحقيقة المطلقة ويطبقون
حكم السمع والطاعة ولا يصدرونإلا عن أفكار مقدسة لا يدانيها الباطل بأي حال
ولذلك يتعين التخلص منهم بكل الوسائل لأنهم لا يعرفون معنى الوطن ولا الحوار
وعلى استعداد لانتزاع روح أي حى إذا حال بينهم وبين تحقيق مآربهم الوهمية لإقامة
كيان شيطانى اسمه التنظيم الدولى المنوط به إعادة الخلافة الإسلامية التى تمكنهم من حكم العالم.


9 - إخوانى
بطوط حسيب ( 2014 / 8 / 25 - 20:38 )
بطوط حسيب
فؤاد قنديل دا إخوانى. ....


10 - رد الى: بطوط حسيب
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 29 - 14:35 )
شكرا أستاذ بطوط لقراءتك موضوع الحوار ، وهذا وحده جهد مشكور وثانيا أنك
كونت فكرة عامة عن كاتب الموضوع وانتهيت من تقييمك لطروحاته أنه إخواني
والحقيقة أننى لا أعرف مالذي أفضي بك إلى تلك النتيجة ؟.. لكننى لا أبتغي من
ردي مناقشتك فيما ذهبت إليه وإن كنت كقارئ حصيف تمثل لي مرآه يتعين أن
أفيد بما عرضته على ّ، وأحب أن أوضح لك ولكل من يقرأنى مشكورا بالطبع أنى
كتبت نحو مائة مقالة عن الفكر المشبوه لهذه الفئة الضالة المُضلة وحللت أدائها
السياسي على مدى عام ونصف وبعض هذه المقالات تجده في هذا الموقع الموفر
- الحوار المتمدن -
وأشرت إلى جانب من رأيي في هذا الفصيل الإرهابي الذي ينطلق من غباء راسخ
وكراهية للأوطان وأفق أعمى في ردى على بعض التعليقات في هذا الحوار ، ولا
أجد غضاضة في أن أوضح أن كل الجماعات الإسلامية التى تجتاح العالم اليوم
بغرض تخريبه مهما كانت المسميات هي فروع من شجرة خبيثة اسمها الإخوان.


11 - اقتباس الجواب من السؤال
مرتضى محمد ( 2014 / 8 / 25 - 23:44 )
((لماذا لا ترتقي الآداب والفنون في المجتمعات العربية؟؟ الجواب هو بحذف كلمة ((لماذا )) فتصبح الجملة حالة تغير من استفهام الى تعجب يفرضه واقع التطلع للمجتمعات العربية التي تحاكي هواجس الاسئلة العتيقة بالهواجس المضنية ؛ لذا فان حالة الاهتداء الى الفن في المجتمعات العربية بقيت حبيسة للحالة غير الانتقالية من الغريزة البقائية وطرديات حاجتها (الغذاء والكساء والمأوى والأمن) الى حالة الحريات التي بدورها تجلب بداهات الفن .


12 - رد الى: مرتضى محمد
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 08:55 )

نعم .. أ. مرتضى .. دخلت إلى الحوار من زاوية أخري تصب في نفس النهر وتبث الضوء ذاته
.. فبدلا من التساؤل يتعين الاعتراف بالحقيقة المثيرة للدهشة وإن فاتك النظر إلى السؤال بوصفه
حاملا للتعجب وبالتالي تتوجب حضور الإجابة ولعلها طافت بنا خلال التعليقات السابقة للزملاء
الأفاضل ومحاولتى الاقتراب منها ، وفي حوارنا هذا أري أن المقولة المعروفة والسائدة في العالم
العربي - تمثل التشخيص الصحيح للحالة - جوع كلبك يتبعك -.. إنها حالة في ظنى غير ميئوس
منها ويمكن علاجها حسب أشاراتى في الرد على تعليقات سابقة .
أشرت أ. مرتضي إلى الحاجات الإنسانية وحصارها للمواطن العربي ، ولا تسمح طرقات الحاجات
على أبواب الوجود الإنسانى بالتفكير في طرح أحلام الحرية مثل الفنون والآداب والرحلات
والنزهات واستكشاف النفس والعوالم المحيطة وإطلاق الخيال ، وعلى أية حال .. الكرة في ملاعب
المثقفين من النخبة والجماهير وهم المنوط بهم إحداث التغيير في الحالة والقضاء على حالة
الاستسلام لما هو قائم لمئات السنين.الثقافة أردنا أم لم نرد هي قاطرة التقدم نحو الأحلام
والأيام المشرقة. ولا أجد غضاضة أن اقول للجميع : أرجرجوكم .. ثوروا أو موتوا .. ثوروا
على كل صور التخلف أو موتوا.


13 - ألتلفزيون
د. علي عبد ألوهاب ألدباغ ( 2014 / 8 / 26 - 02:22 )
ألتلفزيون، كل العالم يُدركُ - عدانا - أهمية هذا المستطيل ألذي يدخل كل البيوت دون إستئذان والذي يعمل فيه أفضل خبراء ألإعلام وخبراء علم النفس ألجماهيري والفردي في العالم وأغلاهم أجراً. والإعلام المرئي وقنواته الفضائية منظمة هرمياً حتى يمكنني أن أصفها أنها -جريمة منظمة- وماكنة جبارة تسحق الشعوب وتسطّحُ العالم وكل إنسان فيه ليصبح -ألإنسان ذو البعد الواحد- كما يقول (هربرت ماركوز) وبشكل أكثر عصرنة مما قال حيث يشكل الإعلام ألمرئي آراء الإنسان ألمعاصر وحتى مزاجه الشخصي. والدليل على قدرة ألماكنة ألإعلامية ومتانة تنظيمها، أن ألقمر المسمى (نايل سات) لم يسدد مستحقاته للشبكة الدولية فإختفى من السماء حتى دفعوا فأعادوه. ولا يصدق أحد أن قنوات ألتطرف وخصوصاً ألقنوات ألدينية كلها (ألإسلامية والمسيحية واليهودية والبوذية ... إلخ) تعمل دون رعاية لصيقة ومراقبة دقيقة من الدائرة ألإعلامية ألدولية ألغامضة إن لم نقل وبتوجيهها أيضاً. ويقال أن دائرة ألإعلام هي إحدى ثلاث دوائر تصنع القرار ألأمريكي (مع دائرة إمبراطورية ألساحل ألشرقي ومركزها نيويورك وإمبراطورية وادي السليكون). ولذلك فإن القنوات ألتي نشتكي منها لأنها تنشر ألكراهية والعنف والجنس والجريمة وبطريقة تسيطر على عقول الشباب ألذي يأتي حتى من أمريكا وأوروبا (ناهيك عن أفريقيا والشرق الأوسط والأقصى والأدنى)، ليذبح في سوريا والعراق ويعيث فساداً في ما يسمى -بحرب ألمفاهيم- ليقلب الموازين بشكل يجعلنا نلفي كل تميمة لا تنفعُ! وأن إمكانات العالم ألثالث الذي نحن فيه لا تطال حتى في خيالها أن تقدر على مقاومة زحف ماكنة ألإعلام العولمية الهائلة. وللمقارنة فقط فإن ميزانية دولة أوربية متوسطة مثل إسبانيا هي أكبر من ميزانية ألاوبك مجتمعة! لذلك فالاسلوب الخطابي لوعّاظ ألسلاطين في وزارات ألتعليم والثقافة والفنون لا تعدو أن تكون صرخة في واد أو نفخة في رماد. ولعل أفضل ألحلول يكمن في الوصية الخالدة في عالم ألسياسة والتي تقول: ألجماهير في الشارع ولكي أقودها عليّ أن أعرف إتجاه حركتها! و أن نستلهم أوليات مصارعة (ألجودو) وهي إستغلال وزن الخصم ضده. ومن هنا يمكن أن نضع خطة معقولة لتطوير إتجاهات ألشباب ورعايتهم في سياسة تعليم وليس سياسة تمدرس


14 - رد الى: د. علي عبد ألوهاب ألدباغ
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 11:08 )

وضعت يدك يا أستاذ على من أول كلمة على واحدة من ركائز التربية والتعليم
والثقافة وطبيعة الوعى السائد في أمة ما ، وأشرت إلى دور التليفزيون في العالم
ودوره التخريبى في المنطقة العربية ، والتليفزيون سلاح ذو حدين مثل النار
والسكين والقلم وغيرها.. سلاح يمكن به العلاج ويمكن به القتل .. سلاح يستخدمه
البعض في الإضاءة ويستخدمه آخرون في الإحراق .. ولحق بالتليفزيون الكومبيوتر
وعائلته من النت للفيس للتويتر ، فالكومبيوتر يمكن أن يسهم في مساعدة الباحثين
والمبتكرين ومنتجى البرامج ومصممى الجرافيك ، ويمكن عن طريقه سرقة مئات
الملايين من البنوك ويمكن به تسويق الدعرة وتدمير الشباب فضلا عن تبديد
الأعمار فيما هو تافه وضار ومخل.وقبل التحقيق في أيةجريمة من هذا النوع ابحث
عن الحكومة بديلا للمثل الفرنسي الذي يقول - ابحث عن المرأة- .. ذللك لأن السلطة
تدير الشعب كما تشاء وترتب له الأجهزة التى تعيد صياغته حتى يصبح مطيعا وخانعا
وغير مزعج بدءا من المدارس وأجهزة الإعلام والقضاء وغيرها من المؤسسات ،
ولا تزال شعوب كثيرة في انتظار هبة المثقفين من أجل نشر الوعي وبث الروح النقدية
الجديدة ولابدمن البدء بالشباب عبر أساليب متحضرة ومتفهمة لمشاعرهم وأحلامهم.


15 - ! ضرورة إعادة تثقيف المثقفين
بشير شريف البرغوثي ( 2014 / 8 / 26 - 05:53 )
يرى الأستاذ فؤاد قنديل أن - من المؤكد ان الأنسان لم يهتد الى الفن و الأدب الا بعد ان انتقلت حياته من حالة الضرورة التي تقتضيها غريزة البقاء بتوفير الغذاء و السكن و المأوى و الأمن الى حالة الحرية حيث يستطيع ان يتأمل الوجود بينما يعيش فترة من الدعة بعيدا عن كل تهديد -
لكنه لا يلبث بعد ذلك ان يتحسر على دور الشعر و الادب و الفن في تحريك الجماهير .. يعني ان الفن و الادب لم يعودا ترفا ذهنيا و نتاج ذهن مسترخ في بحر من الهدوء بل دخلا معركة بقاء الناس و اصبحا جزءا من محاولة خلق حياة الاطمئنان و الدعة للجميع
ليسمح لي الاستاذ فؤاد بالقول ان مقدمة الدعة غير صحيحة اطلاقا حتى لو تمت مقابلتها بهرم الحاجات عند ماسلو وبفهمه و من شاكله لضرورة تحقيق الحاجات الدنيا قبل الحاجات العليا للانسان
لا يمكن الحديث عن الادب و الفن خارج اطار الثقافة .. الثقافة بمفهومها المعاصر و البسيط - كطريقة حياة - كما هي عند الامريكيين و كما هي في الواقعية و مذاهبها و كما هي في ثقافتنا العربية حيث الثقافة لغة و اصطلاحا هي البحث و التحصيل و الاكتشاف و التقويم او التجهيز للاستعمال . هذا المفهوم للثقافة تم قتله من قبل المثقفين العرب جميعا لصالح المفاهيم النخبوية للثقافة و الفن و الادب
و بدهي ان تؤدي الرغبة في الحصول على وضع نخبوي الى اغتراب المثقف المنتج عن جماهيره محاولا تحسين وضعه المعاشي اولا و هذا جنوح موضع ترحاب من السلطة و الحكام بطبيعة الحال
و فاقم هوة هذه الغربة ان مصادر الثقافة عند المثقفين العرب غريبة اصلا عن ثقافة الجماهير المتأصله في لاوعيها الجمعي , فالخطاب عند العرب يشمل معهود الكلام كله في مجال ما على حين انه الى عهد قريب كان مقصورا في الثقافة الغربية على المحاججة فقط ! و النقد عند العرب نقر خفيف يؤدي الى سرعة تمييز الزائف من الاصيل على حين انه عند الغرب محاكمة للقول بل و ربما للقائل ايضا , و غني عن القول ان لا ثقافة و لا ادب و لا فن دون وجود قاعدتي الخطاب و النقد
اما البحث فهو مرتبط عند العرب بالحفر و الغوص و التنقيب كما هو عند ميشيل فوكو و لكن مثقفينا العرب جنحوا الى الاخذ بالانتشار الافقي للبحث كما هو في الجامعات الكنسية فلا يأمن الباحث على نفسه الا ان زّج بمرجع بين المرجع و المرجع كي لا يتحمل وزر الاتيان بشيء جديد فاصبحت دراساتنا كلها مجرد اضافات كمية من نفس الشيء و قتل الابداع في الجامعات التي كان يفترض ان تكون حاضنته .
ان من السهل ان نتحدث عن القمع السياسي و الديني و حتى الاجتماعي كمعيقات و محبطات للثقافة بكل اركانها و لكن ذلك لا يعفينا ابدا من ضرورة تزويد انفسنا بما يلزم من ذخيرة معرفية اصيلة لمواجهة كل ذلك و ذلك باعادة تأهيل الكّتاب و اعادة تثقيف المثقفين , فالمثقف الاصيل لا يهزمه الا نفسه !
و عندما اجد استاذ اعلام عربي يقول في كتاب مرجعي -,, و لعل ابن خلدون قد التفت الى نظرية تشومسكي - و ذلك في سياق حديثةعن الكفاية اللغوية ...
و عندما اجد ناقدا عربيا يقول انه لا يجد معنى عربيا لكلمة - السيمياء - !!! و كأنه لم يسمع كلمة سيماهم و لا سمع بعلم السمة و الدلالة ..
و حين ارى مئات النماذج التي تدل على تشوه ارحام الثقافة .. فانني لا املك الا ان ابرّيء السلطات كلها من دم الثقافة و الادب و الفن !


16 - رد الى: بشير شريف البرغوثي
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 27 - 11:30 )
زاوية مهمة نقل الحوار إليها الأستاذ بشير فتحية له ، لكنى مضطر في البداية
إلى توضيح مسألة لا أدري كيف قفز عليها في عجالة خاطفة فتصور معها أننى
أري أن الفن والأدب بحاجة إلى الدعة . لقد قلت إن الإنسان في بداية حياته
على الأرض كان مضطرا ككائن بيولوجى أن يؤمن ولو بشكل جزئي ضروراته
الحياتية مثل الغذاء والكساء والأمن والمأوى ومن ثم امتلك الحرية ليفكر
في السماوات والأنهار والطبيعة والطيور فتحركت خوالجه بالأغانى
وباكتشاف أدوات تصدر إيقاعات تشعره بالونس ثم اهتم بالتلوين في طعامه وتزيين
جدران بيته وملاعبة أطفاله ، إذن كانت مرحلة الوجود الأولى ، أما ما طرحته
من أمراض تعانى منها الحركة الثقافية والعلمية العربية فقد صوبت بدقة وأشرت
إلى نماذج يندى لها الجبين ، وهي تسهم مع ما قمت بتناوله في ورقتى عن السر
في افتقاد المجتمعات العربية لأية تواصل مع إبداعات أبنائها والعجز عن التأثر بها ،
ذلك كما تدل عليه كلماتك لأن النخبة ذاتها بها عطب ، وبالتالي فمن نحسب أنهم
القدوة والمثال ليس مستبعدا أن يكونوا السبب في نفور بعض المواطنين من الثقافة
والمثقفين ، وفي مقال سابق لى نشر قبل اثنى عشر عاما في جريدة الأهرام قلت
-إن المثقفين سبب أزمة الثقافة - وعرضت لمثل ما أشرت إليه بالإضافة إلى
أسباب أخري.ومن ذلك أن المثقفين الذين يملؤون الدنيا صراخا كل يوم طلبا للديمقراطية
هم أبعد الناس عن تطبيقها .


17 - عقولنا محتلة
مهدي المولى المولى ( 2014 / 8 / 28 - 07:05 )

اعتقد ان السبب واضح وهو لان عقولنا محتلة والعقول المحتلة كلمتها مقيدة لهذا نبدع في الشر والفساد
فمتى ما تتحرر عقولنا عند ذلك تنطلق كلمتنا حرة فنبدع في كل مجالات الخير والاصلاح
فكل ما في الحياة من ظلام وفساد وارهاب هو نتيجة للعقول المحتلة لهذا نرى العرب مبدعين في مجال الموت والفساد والخراب
وكل ما في الحياة من نور وصلاح وخير وحب وعلم هو نتيجة للعقول الحرة المستقلة
متى تتحرر عقولنا


18 - رد الى: مهدي المولى المولى
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 29 - 17:16 )
اهتديت أخى الأستاذ مهدى إلى حالة واحدة من اثنتين من أحوال عقولنا ، فبعضها
كما قلت محتل وإن منعك حياة أن تذكر نوع الاحتلال وهو ليس غير ركام التخلف والخرافات
والأفكار المتعفنة ودخان العقد وأورام الضلال والأفكار الفاسدة والأحلام المجهضة والهلاوس
الناتجة عن فداحة الظلم وغيرها من الجثث التى تفتقد الحياة ومن ثم لا تملك القدرة على التنفس
أو التعبير ولو بالتوجع ومن ثم لا رؤية للتفكير والبناء.
والحالة الثانية التى تحتل عقول البعض هي الفراغ الكامل حيث المدى صحراء والأفق هواء
وتعبر عن ذلك العيون الزائغة التى تضيع في الخلاء ولا تعرف الأعماق ولا تتصور شكل الحياة
الحقيقية ولا المستقبل وغير متفهمة لمعنى حقوق الإنسان بل ماهية البشر كيف يكون ، ومما
يولد الأسى أن هذه العقول أو تلك تعجز عن التفكير في الثورة على حالتيها حالة الخرافة
وحالة العدم ، فكيف نبدأ للخروج من النفق أو المستنقع اللانهائي .. لابد من أن يقوم بعض
من حصلوا بعض الثقافة وأفاقوا من الغيبوبة أن يبذروا في العقول بذور الوعي والمعرفة
ويهزوا الغافلين بشتى السبل ليدركوا أن السماء لن تمطر ذهبا ولا فضة ولابد من الوعي
والعمل وركوب الريح ومعانقة الحياة والقفز فوق الحواجز والتخلص من الخرافات ونقل
النهر إلى الصحراء.


19 - إبحث عن ألحكومة
د. علي عبد ألوهاب ألدباغ ( 2014 / 8 / 29 - 19:03 )
لعل قولكم: -إبحث عن ألحكومة- بدلاً من المثل ألفرنسي: -شيرشيه لا فام- معقول لو كانت الحكومة مقتدرة كما هي في البلدان ذات ألديمقراطيات ألراسخة والمرتبطة بنظام ألعولمة. ولكن في بلداننا؛ في العالم ألمتخلف، فالحكومات إما دكتاتورية وتلك صفة واضحة تعطي معنى ومفهوم للمعارضة ألمتشبهة في عنفها بالحكومة ألأعنف منها. ولكن ماذا عن ألديمقراطيات ألمنقوصة؟ كديمقراطية ألعراق ولبنان، والتي أسهمت في تعميق الإنشقاقات وضياع جيل ألشباب بين طائفية دينية أو تعصبٌ عقائدي، وهنا أصبحوا مادة سهلة ألتشكيل مطواعة لما يقدمه ألإعلام ألمرئي (ألتلفزيون والكومبيوتر والتلفونات ألذكية!) وكان شعور المواطنة لدى الشباب هو الضحية، وصارت المروج أكثر خضرة على الجانب الآخر. ولو كان تشخيص المرض نصف العلاج، يبقى النصف الآخر منه وهو ألإجابة على سؤال: مالعمل؟
في كلا النظامين؛ ألدكتاتوري (بشكله الموناركي أو الثيوقراطي) ونصف الديمقراطي، نجد أن التكالب يكون في الحكومة على ما يسمى ألوزارات ألسيادية. مما يسهّل أن يكون النضال ألمطلبي لإخراج ألوزارات ألتي تعنى بالتربية والتعليم والثقافة والفنون والشباب والرياضة من دائرة ألصراع على النفوذ. وتلك نقطة ألبداية، ثم ليتولاها وزراء تكنوقراط يمكن أن يتحكموا في التخطيط ألعلمي لتطوير ألشباب وتوعيتهم، وذلك بإستيعاب موجة ألعولمة والتي تستهوي الشباب بإرسالهم في بعثات دراسية للإحتكاك بالجوانب ألمضيئة في المجتمعات ألمتقدمة، وليس بالجوانب ألتي يختارونها من الإعلام ألمرئي دون رادع لتدغدغ غرائزهم فقط. والغرائز حافز قوي لا يمكن ألسيطرة عليه ولكن يمكن تقوية ألنزعات ألعقلية لتنظيمه ودفعه للمرتبة التي لا تؤثر على قرارات ألشباب ألمصيرية. وبشكل مواز يمكن تطوير ألمناهج ألتعليمية بمساعدة محترفة من اليونسكو واليونيسيف لكي يحل ألتعليم محل ألتمدرس في معاهدنا منذ المراحل ألأولية في رياض ألأطفال إلى ألدراسات ألجامعية ألعليا. وألرياضة للشباب ميدان أساسي لبناء ألأجسام ألسليمة وتعزيز روح ألمنافسة ومهما صرفنا عليها فليس ذلك بكثير، لرعاية أصحاب المؤهلات للفوز في المنافسات ألرياضية، والفوز إنتصار والإنتصار ضرورة للشباب لمعالجة ألإنكسار ألنفسي والهزيمة في دواخلهم. ولعل ألإحباط والشعور باللاجدوى والهزيمة النفسية أخطر ما يواجهنا ويهددنا بفقد السيطرة على المستقبل أي يهددنا بالفناء. ويكفي أن نرى كيف يشجع الشباب فرق كرة القدم ألعالمية حدّ التطرّف، بسبب جوعهم الشديد للشعور بالإنتصار حتى لو كان للشباب في مكان بعيييييييييييييييييييييييييييييييييد


20 - رد الى: د. علي عبد ألوهاب ألدباغ
فؤاد قنديل ( 2014 / 8 / 30 - 02:55 )


المعادلة الصعبة

أتفق مع كل كلمة قلتها د. على ، وأمد الخط على استقامته مؤكدا فأقول :
إن الحكومات الديكتاتورية أيا كان نوعها عامل طارد ومنفر للقوى المتطلعة
لمستقبل أفضل وفي مقدمتها الشباب ومن ثم يسقط الشباب في كمائن إعلامية
مشبوهة تفضي به لاستمراء المادة الغربية الجاذبة لتعيد ملء الفراغ المكدس
في وجدان وعقول الشباب ، والمعادلة الصعبة التى نواجهها في مثل هذه الحالة
هي كيفية الجمع بين حكومة مثقفة وعادلة وشباب مستعد للإلتفاف حول أمانيه
بينما هناك هيمنة بطريركية تحرص على سلطة مقدسة وأبدية تتجذر بدعوى الحق
الإلهى.
إن شفرات تفكيك تلك المعادلة مسألة عسيرة في غالب الأحيان كما لا يخفى،
لكنها ليست مستحيلة لأنها - حسب حالات تاريخية عديدة - تقتضى تضافر الطاقات
النبيلة الواعية والصابرة مهما قل عددها لتشكل بؤر فكرية ووطنية يوحدها الهدف
الأسمى وهوإضاءة نور في نهاية النفق أولا ثم العمل على زيادة مساحاته وتعبيد
الطريق للاقتراب منه وتهيئة المزيد من الكوادر أو استكشاف الطاقات التى يعول عليها
وأظن حضرتك والسادة المشاركون والقاعدة الثقافية تعلم الكثير بشأن الأحجار التى
ألقيت في البحيرة الراكدة في مصر وبعض الدول العربية في الربع الأخير من القرن
التاسع عشر بعد هبة أحمد عرابي في وجه الخديوى توفيق .. هبة لم تزد عن قول - لا
.. لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا ولن نستعبد بعد اليوم- ..أعقبت هذه الجملة بزوغ بؤر
من الجحور بدءا من عبد الله النديم والأفغاني ثم مصطفى كامل وسعد زعلول وطلعت
حرب ومحمد فريد وغيرهم واكتمل ذلك بقيام ثورة 52 .. إذن أخى الفاضل ، لابد من
تفكيك التركيبة المتلاحمة والشبكة الجهنمية للنظم المستبدة بأن يتطوع زمرة من
المخلصين لزرع الأوطان بالوعى وباكتشاف فتيان الغضب النبيل.


21 - ألبطرياركية والديمقراطية ألمنقوصة
د. علي عبد ألوهاب ألدباغ ( 2014 / 9 / 1 - 20:19 )
أستاذي الأكرم ... كلنا - وأنا من ضمن هذا التعميم - نجيد التحليل وندري بالذي صار والمثل يقول: إن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ! ولكن أن يلي كل تحليل محاولة لوضع خطة أو على الأقل فكرة عملية وقابلة للتطبيق، فذلك أضعفُ الإيمان. وعوداً إلى العنوان أعلاه، فإن مشكلة ألديمقراطية ألمنقوصة يمكن أن تلخص بجانبين؛ خارجي وذاتي. والجانب الخارجي هو في أن ألديمقراطيات ألعتيدة للدول ألمستعمرة (بكسر الميم) تطورت في بلدانها الأصلية لتنمو فيها -ألألعاب ألديمقراطية- بكل أشكال التآمر لتمرير المصالح ألكبرى على حساب شعوبها. ولكن ألنظام يسمح وخصوصاً بقوانين الحريات ألصحفية لكي يقف الشعب ضد تلك -ألألعاب- وتتطور الآليات ألتي يستخدمها مع تطور آليات -ألألعاب ألديمقراطية- للوصول إلى تسوية معقولة تتيح للجميع أن يعيشوا ويمرّوا ويعملوا.وأما داخلياً، فلكوننا نفتقر للخبرة ألديمقراطية ألتي لا تتحقق إلّا بالتراكم ، فقد إلتبس علينا ألمفهوم بين الديمقراطية والألعاب ألديمقراطية، ووقعنا ضحية -ألبطرياركية- ذات الخبرة الطويلة ألمتراكمة في الدكتاتورية، والتي سعت وتسعى لإجهاض حكم الشعب (أي ألديمقراطية) في كل بلد وصلته حديثاً أو ستصله قريباً، بشتى الوسائل. والأنظمة ألدكتاتورية في بلداننا العربية مهما كانت مسمياتها (ملكية، إمارتية، سلطنة، جمهورية العسكرتاريا، ...إلخ)تشجع أكبر المثالب ألإجتماعية ألا وهي عبادة ألفرد! حتى يصبح مصوناً غير مسؤول، ويمتلك الرقاب دون حسيب. وللأسف لا يوجد بديل للتراكم ألديمقراطي لنخرج من خانة ألتخلف ألتي حدت بطاغور أن يقول: -إن اُمةً من الخراف، لحريٌّ أن يحكمها ألذئاب-. والضوء الحقيقي ألملموس في نهاية ألنفق ألمظلم هو الحراك الشعبي ألمصري ألذي أجهض بؤرة ألمؤامرة الكبرى لدفع ألتطرف ألديني للسيطرة على مقدرات ألمنطقة تحقيقاً للخطة ألبريطانية سيئة ألصيت: -عش ألدبابير- والذي كان سيجعل للعدو ألبديل للمعسكر ألإشتراكي (وأقصد به ألإسلام ألمتطرف) كياناً جغرافياً يحوله من عدو خيالي لا وجود له إلى عدو ذي جغرافيا محددة يمكن تركيز العداء فيه ك-معسكر إسلامي- يوضح ويبرر الكثير من أفعال ألمصالح الكبرى ألمتوحشة! وذلك كان وراء ألجهد ألجبار لتحطيم قيَم المجتمع ألمصري كعقاب له لإجهاض الخطة ألدولية للمصالح ألعولمية. فهل سنرعوي؟ لست أدري


22 - رد الى: د. علي عبد ألوهاب ألدباغ
فؤاد قنديل ( 2014 / 9 / 2 - 11:22 )

أهلا بك أيها المثقف الجاد والمنتمى لأمتك المهموم بحاضرها ومستقبلها ..
كثر الله من أمثالك فمثل مشاركاتك كفيلة بأن تدفع الغمام من السماء وتقهر
مع أقرانها فلول الأعداء ومؤامراتهم .. لقد أثرت سيدى الفاضل ثلاث قضاياها ،
أولاها ألاعيب الديمقراطية الغربية وحيلها المضللة ، وثانيها : الديمقراطية لا
تتحقق إلا بالتراكم، وثالثها : لا يوجد بديل للتراكم الديمقراطي .
وأبدأ بطلب التفضل بالموافقة على حجب الموضوع الأول بسبب يقينى أن
مشاكلنا نحن غارسوها وتتربي على أيدينا ونملك من العوامل ما ينميها
ويصنع غيرها والغرب دوره خطير لكنه لكن عيوبنا تفتح شهيته ، فمن أدخل
الأمريكان إلى العراق والكويت والعالم العربي في العقدين الأخيرين .. نحن
من فعلنا ، و الأمريكان الذين يحشدون جيوشهم للهجوم مجددا على البلاد
العربية بحجة ضرب داعش هل يؤرقهم الخوف علينا وهل بادروا بالقدوم من أنفسهم
أم نحن بسلوكنا وتمزقنا طالبوها .
أما القضية الثانية فالديمقراطية تزدهر بالتراكم لكنها يمكن أن تبدأ على استحياء
وحتى هذا الحلم المتواضع لم ير النور على أي نحو ، وأرجو ألا يتصور متفائل أن
في المنطقة العربية بيتا واحدا يمارس فيه ساكنوه أي شكل من أشكال الديمقراطية ولا
أية زاوية من زواياها أو مرحلة من مراحلها . ولو توفرت النية وعزمت الإرادة
واستيقظ الضمير وآمن الحكام بالقدوة ومبادئ التسامح وأقروا بقبول الآخر واحترام
الرأي المختلف لأمكن أن نزرع الديمقراطية لكن ذلك حتى الآن لم يحدث بسبب الجهل ..
الجهل ليس وحده لكنه الزعيم المهيمن على كل رؤية وكل سلوك .. ويكفى الإشارة إلى أن
بعض الحكام المستبدين لا يميلون في الأساس للاستبداد ولكنهم من جهلهم يتصورون
أن أي حوار مع الشعب يعنى ضعفه وإمكانية الثورة عليه.
المسألة الثالثة تتصور أن تراكم الديمقراطية إذا لم يتكدس مع الأيام عبر الممارسة فلا أمل
وأحسب كما أشرت أنغياب التراكم لا يمنع من قيام الديمقراطية ، ولكن الأهم من التراكم
وعي الجماهير والنخبة بأن التحديات التى تقرع أبوابنا بقوة لن ينقذنا منها غير الإيمان
بأن الحل يكمن في قبول الاختلاف واعتماد الحوار لبلوغ مفتتح الغايات كما أوضحه الإمام
الشافعى بفوله : رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب - ..
لو طبق أي حاكم هذه المقولة لكان حالنا أفضل عشرات المرات مما هو عليه.
الأهداف إذن واضحة لكننا نفتقد الآليات ، والسلع الوحيدة المعروضة بالأسواق هي الحقيقة
المطلقة والرأي الواحد واستقرار للسلطة والجهل بكل طبقاته ومن أنتم ؟..وأنا أحكم بالحق
الإلهى لا بالصندوق.


23 - عقولنا محتلة
مهدي المولى المولى ( 2014 / 9 / 5 - 06:56 )

اعتقد ان السبب واضح وهو لان عقولنا محتلة والعقول المحتلة كلمتها مقيدة لهذا نبدع في الشر والفساد
فمتى ما تتحرر عقولنا عند ذلك تنطلق كلمتنا حرة فنبدع في كل مجالات الخير والاصلاح
فكل ما في الحياة من ظلام وفساد وارهاب هو نتيجة للعقول المحتلة لهذا نرى العرب مبدعين في مجال الموت والفساد والخراب
وكل ما في الحياة من نور وصلاح وخير وحب وعلم هو نتيجة للعقول الحرة المستقلة
متى تتحرر عقولنا


24 - رد الى: مهدي المولى المولى
فؤاد قنديل ( 2014 / 9 / 6 - 06:38 )
سبق الرد على هذا التعليق مع احترامى


25 - العادات والتقاليد أقوى من كل تغيير
Anwer Maximos ( 2014 / 9 / 5 - 06:56 )
·
1- لآن العادات والتقاليد أقوى من كل تغيير
2- الخوف من المجهول
3 الحفظ والنقل فى كل مراحل التعليم. - ضعف الخيال والتخيل والقدرة على التحليل.
4- الاحساس بعدم الحاجة الى التغيير
5- الاحساس بالكبرياء والتعالى والافضلية على الآخر
6- عدم الوعى والادراك بالواقع
7- الانفصال عن الذات وتجميلها...الاقوال الحسنة شئ والفعل شئ آخر تماما...
8- الحرية المسؤولة, والتعليم التحليلى, ونشر الجمال هى بعض الأساليب نحو التغيير


26 - رد الى: Anwer Maximos
فؤاد قنديل ( 2014 / 9 / 6 - 07:07 )

طرح علينا الأستاذ أنور مكسيموس مجموعة مكثفة من الأسباب لعدم
قدرة الآداب والفنون على التأثير في مجتمعاتنا العربية ، أغلبها أصاب
الحقيقة والقليل يستحق التعليق والمناقشة فشكرا له.
1 - العادات والتقاليد العربيةليست كما تتصور من حيث رسوخها وثباتها
ضد رياح التغيير بدليل ما شاع من سلوكيات جديدة منقولة عن الغرب
ولابد أن القراء الكرام يلاحظون أشكال العمارة والأزياء والأطعمة وطقوس
الأفراح وغيرها مما فقد صلته تقريبا بالعادات والتقاليد إلا في بعض البلدان
ويكفى مقارنة الأفلام المصرية القديمة والحديثة لنلمس تغير الكثير من العادات
الموروثة.
2 - الخوف من المجهول تراجع كثيرا عن ذي قبل وأصبح الشباب على سبيل
المثال وهم أكثر من نعول عليهم في التغيير يتمتعون بجسارة ورغبة عميقة
في الاكتشاف والميل للسفر والمغامرة.


3 - أهم ما أشرت إليه أ. أنور وهى مسألة استمرار التعليم التلقينى في بلاد
كثيرة حيث لا يغيب تماما كل فكر نقدى ولا محاولات جادة للفهم ولا إجابات
على الأسئلة المصيرية ولا تحفيز القدرة على التحليل ولا فتح الآفاق لإطلاق
الخيال .. الأمر الذي يسبب الركود ويجعل أيامنا متشابهة ، والمتشابهتحوله الأيام
إلى ملامح راكدة ، والواقف في مكانه مع الأيام يتراجع ويتخلف.
4 - لا أتفق معك في الاحساس بعدم الرغبة في التغيير ، لأن التغيير يرتبط بالحياة
وخاصة عند المرأة ، صحيح أن التغيير محدود ومعظمه فى اتجاه الأسوأ والشكلى
وغير المثمر ولكن الأحوال الصادمة القاتلة للأمل وقلة المفكرين وغياب إرادة التغيير
واليأس السريع الذي يصيب كثير من المتحمسين للتغيير يوقف أو يعطل عجلة الحياة.
5 - كل إحساس بالأفضلية على الآخر وهم .. وهم .. وهم
6 - الفارق الكبير بين القول والفعل نابع كما أشرت حضرتك إلى الانفصال عن الذات
والواقع والاكتفاء بالشكلية ، ولذلك قال البعض بأن التعليم في العالم العربي كأنه
تعليم ، والصناعة كأنها صناعة والطب كأنه كذلك.

وأتفق معك في النقطة الأخيرة وهى ليست من الأسباب ولكنها من سبل التغيير مثل
. التعليم التحليلى والنقدى القائم على الفهم وكذلك الحرية المسئولة ونشر الوعى
واعتبار الثقافة الوسيلة الأولى لتطوير المجتمعات عامة والأفراد خاصة فأي بناء
لابد له من رؤية وثقافة .


27 - العقل بين مطرقة الدولة المستبدة وسندان الدين
زاغروس آمدي ( 2014 / 9 / 6 - 00:38 )
اولاً:
اري أن نستبدل حرف الجر -الباء- بـ -في- من العنوان ليصبح
لماذا لا ترتقي الآداب والفنون في المجتمعات العربية؟
ليصبح برأي أقرب إلى الواقع.
ثانيا:
إن تقييد حركة العقل المسلم و وضع خطوط حمراء كثيرة حوله، من قبل الدين والدولة يدفعه إلى إرتكاب أفعال إنتقامية ومحاولات إنتحار مستديمة للذات في اللاوعي، كي لايتجاوز الحدود الموضوعة له. وذلك بإغتيال أي نوع من أنواع الإبداع والخلق والإبتكار خارج هذه الحدود.
فكيف لنا بعد هذا يا استاذ فؤاد ان نتوقع أن ترتقي الآداب والفنون في المجتمعات العربية؟
أنا لا أنفي جملةً وجود آداب وفنون في العالم العربي، لكنها غير مؤثرة، كونها لم تبلغ مرحلة النضج، فالبذور لكي تنمو وتثمر بحاجة إلى أرض خصبة وعناية، لكن الذي يحصل ان هذه البذور تداس بالأقدام بمجرد نموها وظهورها على السطح.

اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة