الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة وهونغ كونغ

العربي عقون

2014 / 8 / 29
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


كلما تجولت ببصري في خارطة آسيا لفت انتباهي العمالقة الصغار لا الكبار أقصد ما يسمى بالنمور الأسيوية وأكثر ما يشد انتباهي الأصغر من حيث المساحة : هونغ كونغ وسنغافورة على الخصوص وهؤلاء الصغار ليسوا صغارا إلا في شيء واحد وهو المساحة ! وأعود فأقول ما ذا فعلت الدول واسعة المساحة ألا تعاني شعوبها من الفقر إلى حدّ المسغبة ... السودان والصومال أكبر مساحة ألف مرّة من هونغ كونغ وكثير من الدول العربية الواسعة المساحة الغنية بالثروات الطبيعية ليست غنية بعملها وجهدها وإبداعاتها ولولا البترول لأبادت المجاعة شعوبها.
هونغ كونغ التي لا تزيد مساحتها عن بضعة كيلومترات مربعة (1100 كلم2) تقاوم صغر مساحتها بالتوسع عموديا فشيدت الأبراج تلو الأبراج ليس للمباهاة على طريقة برج العرب في الخليج ولكن لتجد لمحترفاتها وأوراشها الفضاء الذي تزدهر فيه صناعاتها ولا تعجب إن وجدت عاملا "يمتطي" الاسانسير للالتحاق بعمله في اتجاه عمودي في الأدوار العليا لبرج شاهق.
هونغ كونغ المدينة التي لا تنام فعندما يكون ربعها نائما (العمل بنظام 3/8) تكون الثلاثة أرباع الأخرى في نشاط دءوب هذه هي الأربع والعشرون ساعة في هونغ كونغ وكما أنّ الزمن لا يتوقف كذلك العمل الجادّ لا يمكن أن يتوقف في هونغ كونغ لأنّ العمل هو قلبها ودورة الإنتاج هي دورتها الدموية.
هذه الأفكار البسيطة تجول في خاطري عندما ألقي بصري على خريطة غزة أو ما تسميه وسائل الإعلام الخائبة قطاع غزة فأطرح السؤال : ما الذي ينقص غزة لتكون هونغ كونغ ؟ لماذا يسيطر على الذهنية الاعرابية وسواس قهري اسمه الاحتراب ؟ لماذا لا تزال ادوات الاستغاثة دائمة العمل ويتمّ تحيينها على رأس كلّ عشرية ؟ بصيغة واحرّ قلباه ... وا عروبتاه ... وا فلسطيناه ... وا ... وا .... على طريقة وا عشيرتاه ... وا قبيلتاه ... !
إن كان هناك من ضرورة للاستغاثة فلنستغث بالحضارة ولنستغث بالعمل المنتج ... بالأنموذج الأسيوي ... غزة يمكن أن تكون هونغ كونغ ... لو رمت سلاح التفخيخ والصواريخ وعوض أن تقذف إسرائيل بـ "صويرخ" محدود الفعالية يمكن أن تقذف أسواق إسرائيل وغير إسرائيل بأطنان السلع عندما تحتهد لتكون قوة اقتصادية ... يمكن حينئذ أن يكون لغزة مطارها وميناؤها ولن تحتاج إلى المعابر والأنفاق ... لو كافحت على امتداد السنين من أجل هذا الهدف لحققته ولكانت أحسن حالا بكثير لأن العالم يقوده الاقتصاد الذي هو وحده يقود السياسة !
القضية الفلسطينية عولجت من الأساس بطريقة حمقاء عرجاء ... القضية الفلسطينية مطابقة لقضية جنوب أفريقيا بالتقريب ... في البدايات التجأ العنصريون هناك إلى حشد الافارقة وعزلهم في مناطق محدودة مثل ليزوطو (LESOTHO) تماما كما حدث في غزة لكن حركة التحرر التي قادها مانديلا تفطنت إلى أنّ الأمر مختلف تماما عن الاستعمار الفرنسي في الجزائر التي زارها مانديلا والتقى بقياداتها الثورية خلال حرب التحرير فلم يخض الكفاح لإجلاء المستوطنين كما هو الحال في الثورة الجزائرية لأنه أدرك أن الحالة الجزائرية تختلف عن الحالة الجنوب أفريقية فخاض الكفاح ضد الابارتياد بأسلوب حضاري وكان النصر حليفه وأكثر من ذلك اكتسب احترام العالم .
عندما أرى بعض الفلسطينيين من زبائن الأنظمة العربية هذه الأيام العصيبة على أمواج تلفزيونات مع بعض العرب والجزائريين منهم على الخصوص والجميع يتنافخ شرفا وشجاعة ويتكلم عن الانتصار المزعوم ودماء مئات الأطفال الفلسطينيين لم تبرد بعد والمدن مهدمة أشعر بدوار في رأسي يكاد أن يستلّ روحي من بين أضلعي وأقول إلى متى تستبدّ الحماقة بالعقول.
أيها الغزاويون إن أردتم الخير والأمن والسلم والتقدم... أمامكم نموذج هونغ كونغ ارموا شعارات الحروب وتخلصوا من قادة الحروب وطلّقوا بالثلاث ايديولوجيات الاحتراب ... المطار والميناء أفضل ملايين المرات من مغامرات مدمّرة ... تبادلوا مع جيرانكم الأمن والأمان وسيتغير كل شيء لصالحكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي بروفيسور
الشهيد كسيلة ( 2014 / 8 / 29 - 22:25 )
عبن العقل ما تفضلتم به من راي سديد هو عيبن الحكمة ... فكرة الحرب والانتصار على اسرائيل وازالتها من الوجود نادى بها الرؤساء الحمقى فتسببوا في احتلال سيناء والضفة وغزة والجولان
حماس هي من تتحمل وزر الدخول في حرب غير متكافئة ولن تكون متكافئة ابدا ... صلوات وادعية العرب بالنصر فكرتني في افلام الواسترن التي تظهر هنود حمر يستعينون بالهتهم ويحاربون بالسهام جيوشا اوربية تقاتلهم بالمدافع
اما اكبر حنقي فهو من فلسطينيي الفنادق في الجزائر الذين يرفعون شعارات الحرب والاطفال في غزة يموتون تحت الانقاض
هل يعمل الغزاويون والعرب بنصيحتك دكتور لا اظن لان الحماقة داء لا دواء له

اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان