الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة سبايكر

رحمن خضير عباس

2014 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


مجزرة سبايكر
رحمن خضير عباس
ما ترشح عن خفايا مجزرة سبايكر لايلقي الضوء على بشاعة الجريمة ولا على خفاياها . تلك الجريمة التي ارتكبت في ارض عراقية .الناجيان من المجزرة ، احدهما من الديوانية والآخر من كربلاء ، تحدثا بلغة سردية عن تفاصيل ما حدث لهم ، ورغم مأساوية السرد الذي تعجز افلام الرعب عن مجاراته ، لكن الطرح يفتقر الى التحليل العلمي الموضوعي الذي يجعل المحلل والمراقب عاجزا عن الوصول الى خيوط القضية وخفاياها . ولايمكن ان يطالبا بالتحليل وهما اللذان عاشا تجربتين مرّتين تخلصا من الموت باعجوبة ، فتحية لهما من قلوب كل العراقيين المفجوعة . ولكن الأسئلة التي تنهال كالمطرقة ،ما الذي يجعل من مجاميع عسكرية - طلابا ومتطوعين –أنْ ينزعوا ملابسهم العسكرية ،وأن يتخلوا عن مواقعهم العسكرية المحصنة –اعني القاعدة-، يتخلوا عن اسلحتهم ليهيموا في أرض ساخنة اقرب لأن تكون عدوة من أجل الوصول الى اهاليهم في تبريرغير مقنع وهو ان ان العقيد فلان قد منحهم الإجازة المفتوحة ؟ . مالذي يجعل مجاميع تقدر بالمئات حوالي 1700 شخصا ينصاعون لقلة من المجرمين ، استدرجوهم ، ثم اعتقلوهم ثم شدوا وثاقهم . وبعد ذالك قتلوهم واحدا بعد آخر ؟ الا يمكن لهذا العدد الكبير ان يدافع عن نفسه ، أن يعترض ، ان يرفض ، ان يدافع ؟ حتى وان كانوا عزّلا فان كثرتهم العددية يمكن ان تنتصر على قوة السلاح للمجاميع التي إعتقلتهم ثم نفذت بهم حكم الموت ؟ أنا لاأريد أن احاكم الضحايا الذين روعوا المشاعر الكونية بمعاناتهم ، ولكنني أتسائل كفجوع للدم البريء الذي اريق على يد مجرمين لم تشهد لهم الإنسانية مثيلا .لقد كانت رواية الناجيين تلقي الأضواء على بشاعة الفكر الظلامي لمجاميع مجرمة تستبيح كل شيء ، وتعمل على إبادة الإنسان على إعتبارات مذهبية . ولكن للنائب السابق مشعان الجبوري رؤية اخرى فيما حدث . وبالمناسبة فإن مشعان الجبوري قد كفّر عن كل خطاياه في هذا الموقف الرجولي والوطني ، حيث وقف وقفة عراقية وطنية وكشف الوجه الآخر من المأساة ، مؤكدا براءته من المجرمين ، معلنا اسماءهم ، وهم ينتمون الى بقايا رؤوس النظام الساقط من عائلة السبعاوي وعبد حمود والى العشائر في صلاح الدين التي إستنكر شرفاؤها هذه الجريمة ، وعبّروا عمليا عن حسهم الإنساني ، كما ورد في شهادة الجندي الأول الذي نجا من المجزرة .. لقد اكد النائب السلبق مشعان الجبوري تعاطفه مع الضحايا – وكلهم من الشيعة- ورفضه وإدانته للقتلة وهم من طائفته السنية ، وكشفه لأسمائهم ، ومطالبته بمحاكمتهم ، وهذا يعني ان هذا الرجل قد أكّد على عراقيته العابرة للمذهبية ، وتبنى موقفا وطنيا يستحق الإحترام .
لقد عرفنا عدوين مجرمين وهما داعش كما جاء في شهادة الناجيين من المجزرة ، او من بقايا أركان النظام السابق –كما جاء في تقرير مشعان الجبوري- الذي إستند على أدلة علمية لاتقبل الأنكار، ولكن الشعب العراقي يدرك من هي الجهة الثالثة التي ساهمت في هذه المأساة ، وهي الحكومة العراقية بقيادة الفاشل نوري المالكي وحزب الدعوة الذي يمثله . فقد كانت سياسة الحكومة وتسترهها على الفساد ، وادائها الطائفي ‘ وعدم حلّها للمشاكل الحقيقية لما تعانيه الشرائح العراقية ، وعدم إستجابتها للأصوات التي تنادي بالإصلاح هي وراء إنهيارالسواتر الوطنية التي تفتت وتشرذمت لتتحول الى سواتر رملية يمكن تجاوزها لعصابات ارهابية اسلاموية تنتصر على جيش كبير في العدة والعدد ؟! المسؤول الأول عن إجتياح العراق هو حكومته .تلك الحكومة التي أهدرت المال في مشاريع وهمية واهدرت المال في بناء جيش لم يستطع ان يصمد أمام عصابات ( هم صبيان متطرفون مدفوعون من أنظمة صبيانية ) فلو كان جيشنا يعتمد على الكفاءة والمهنية والإنتماء للوطن لما استطاعت داعش ان تحتل ثلث العراق ، وان تجعل شبابنا ومنهم ضحايا سبايكر تحت همجية هؤلاء وبربريتهم ، ناهيك عن تفريطها بالأقليات العرقية الذين اصبحوا حطبا لحقد داعش ومنهم أخوتنا المسيحيين واخوتنا الأيزيديين ناهيك عن شيعتنا وبقية مكوناتنا التي أصبحت قرابين لحقد داعش وبربريتها .
القاتل الحقيقي في مجزرة سبايكر هو الضعف الحكومي ، الترهل ، الكذب ، الفساد ، الغش والتدليس ، الإيمان الكاذب والوطنية غير الحقيقية ، الرشوة المدمرة التي إجتاحت كل دوائر الدولة ، الإنتماء الى الأحزاب وترك الوطن يتيما ، التعيين على اسس المحسوبية ، المحاصصة المقيتة التي شرذمت النسيج الإجتماعي ، الولاءات للمذاهب والأحزاب ، انعدام المراقبة وغياب الشفافية ، النزوع نحو المكاسب الشخصية والترهل الحكومي ، اندثار الروح العراقية واستبدالها بالروح المذهبية .. لقد كانت الأم العراقية المفجوعة التي قذفت بحجابها على أعضاء البرلمان قد أدركت من هو المسؤول الحقيقي امام هذه المجزرة .هذه العوامل ومئات غيرها لايتسع لها المقال هي التي فتكت بأبنائنا من سبايكر وسوف لن تكون هذه المجزرة الأخيرة مادمنا نغفل الأسباب الحقيقية.
لقد كان القاتل يقتل باسم السنة والضحية من الشيعة ، ولكن هذا القاتل لاينتمي الى السنة ولاينتمي الى الإسلام او الإنسانية .هو قاتل مجرم وحسب . لذا يجب على الشيعة الا يدعو للثار من السنة فالسنة براء من هؤلاء القتلة ، والسنة هم اخوتنا في الوالدين والوطن والمصير ، وما علينا سوى مراجعة شهادة الناجيين اللذين أكدا على تعاطف ومساعدة العشائر السنية لهما ..إنّ داعش عدوة للجميع لذا اياكم وفكرة الثأر. لذا فإنّ الثأر الحقيقي لقتلانا وضحايانا يتمثل في تكوين حكومة وطنية حقيقية قائمة على أساس المشاركة الحقيقية في البناء ، وعلى المشاركة الحقيقية في الدفاع عن الوطن ، وفي عدم التهميش ،وعدم الإستئثار بالسلطة ، والإعتماد على قاعدة الدين لله والوطن للجميع . عنذاك سيُهزم التطرف وسنبني وطنا لاتهميش لأحد فيه . وعنذاك سنقاضي المجرمين الذين سفكوا دماء أبنائنا في سبايكر وفي غيرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح