الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أ و ط م رحلة مكوكية عبر الزمن

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 9 / 3
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


عندما حصل المغرب على الاستقلال سنة 1956، بادرت مجموعة من الجمعيات الطلابية المغربية إلى تأسيس إطار جامع أطلق عليه اسم: «الاتحاد الوطني لطلبة المغرب» وارتبط، منذ البداية، بحزب الاستقلال الذي كان حزبا مهيمنا في هاته الفترة، كما أن التنظيم الطلابي لم تكن له، في البداية، مواقف مناهضة للملكية المغربية، حيث منحت رئاسته الشرفية لولي العهد آنذاك الأمير الحسن، الملك الحسن الثاني لاحقا.
تميزت هذه المرحلة ببداية بناء هياكل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كتنظيم ممثل للحركة الطلابية المغربية. وقد تغلبت الاهتمامات التنظيمية من قبيل عقد المؤتمرات الوطنية على باقي الاهتمامات الأخرى، خاصة وأن القصر الملكي بدا كأنه محتضن للحركة الطلابية من خلال اعتبار ولي العهد الأمير الحسن رئيسا شرفيا للتنظيم الطلابي.
أهم مشكل واجهته الحركة الطلابية المغربية خلال هذه المرحلة هو تأرجحها بين التيارين اللذين كانا متصارعين داخل حزب الاستقلال، حيث انتهى الأمر بانشقاق الحزب وتأسيس حزب جديد هو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
حدث انشقاق في صفوف حزب الاستقلال سنة 1959 أدى إلى تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية كحزب ذي ميولات يسارية. وأمام هذا الانشقاق، لم تلتزم الحركة الطلابية الحياد، بل سحبت دعمها لحزب الاستقلال وساندت، بدون شروط، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وعندما دخل هذا الأخير في مواجهة مع القصر ابتداء من نهاية ماي 1960، شرع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في التعبير عن مواقف شديدة النقد للمؤسسة الملكية.
تميزت هذه المرحلة من تاريخ الحركة الطلابية بطغيان الاهتمامات السياسية بدل التركيز على الدفاع عن المصالح الطلابية، حيث أصبح الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منظمة موازية لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وناطقة باسمه في الوسط الطلابي.
إن أهم مشكلة واجهتها الحركة الطلابية في هذه المرحلة هي الانقسام التنظيمي، حيث بادر حزب الاستقلال في مطلع الستينيات من القرن الماضي إلى تأسيس تنظيم طلابي خاص به، وهو الاتحاد العام لطلبة المغرب، فأصبح الصراع عموديا بين الحركة الطلابية والسلطة السياسية، من جهة، وأصبح أفقيا بين مكونات الحركة الطلابية، من جهة أخرى.
والملاحظ أن هذا اليسار الجديد ولد في قلب الجامعة المغربية وكان متأثرا بثورة الطلاب التي عاشتها فرنسا سنة 1968، حيث ساد الاعتقاد بأن الطلبة يشكلون القوة الأساسية للتغيير.
انطلاقا من هذا التصور، أصبح اليساريون الجدد لا يتعاملون مع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كتنظيم نقابي يعمل على صياغة المطالب الطلابية والدفاع عنها، بل كحزب سياسي ينبغي أن يباشر مهام التغيير السياسي بدل الأحزاب اليسارية التقليدية التي اتهمت بكونها أحزابا «إصلاحية» متواطئة مع النظام الحاكم.
إن عدم قدرة طلبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بتحالف مع طلبة حزب التقدم والاشتراكية، على التحكم في مسار التنظيم الطلابي وتنامي تأثير طلبة اليسار الجديد، خاصة فصيل طلبة «القاعديين» وفصيل طلبة «رفاق الشهداء»، سيؤديان إلى تعليق أشغال المؤتمر الوطني ال17 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد في الرباط سنة 1981، هذا التعليق الذي اعتبر هذه المرة منعا عمليا وليس منعا قانونيا للتنظيم الطلابي. وهكذا، دخلت الحركة الطلابية مرحلة «التيه» الثانية ولم تخرج منها إلا مع مطلع التسعينيات من القرن الماضي، حيث بادرت الجماعات الإسلامية المغربية إلى ملء الفراغ داخل الجامعة في محاولة منها لتعزيز قوتها ونفوذها من خلال مراقبة الحركة الطلابية. في هذا السياق، أعلن في مارس 1991 عن تأسيس فصيل طلبة «العدل والإحسان»، وفي فبراير 1992 عن تأسيس فصيل «الطلبة التجديديين» التابع لحركة الإصلاح والتجديد، هذا الفصيل الذي حمل بعد ذلك اسم «طلبة الوحدة والتواصل» لينتهي به الأمر إلى تشكيل «منظمة التجديد الطلابي». وفي سنة 1993، أعلن عن تأسيس فصيل طلبة «الميثاق» ذي الحساسية الإسلامية.

قبل الحل والحظر
"أ.و. ط . م " أراد تعويض الأحزاب السياسية والدولة
انعقد المؤتمر الوطني الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أ.و.ط.م ) في غشت 1972 تحت لواء الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين.
آنذاك كان المغرب قد بدأ يعيش أزمة عميقة على كافة المستويات أدت إلى احتدام الصراع داخل المجتمع، وتصاعدت النضالات والاحتجاجات في جميع القطاعات، علما أن البلاد كانت تعيش في حالة الاستثناء منذ سنة 1965 ، الشيء للذي زاد من حملات القمع والمحاكمات. وزاد الطين بلّة مع حدوث الانقلاب العسكري الثاني الفاشل. كما أنه، على الصعيد الدولي تصاعد المد الثوري بشكل غير مسبوق في التاريخ، إذ نجحت الثورات الكوبية الثورة الثقافية في الصين. هذه هي الأجواء التي انعقد فيها المؤتمر الخامس عشر، بتأخير مدة سنتين عن موعده العادي نتيجة بروز مجموعة من المشاكل المسطرية.
آنذاك كان الفكر الماركسي اللينيني ( منظمات "إلى الأمام" و"23 مارس" و"لنخدم الشعب") قد وجد التربة الخصبة للانتشار في صفوف الطلبة والشبيبة المدرسية بوتيرة سريعة. وتمّ اعتبار الحركة الطلابية رافد من روافد حركة التحرر الوطني، لذا انعقد المؤتمر تحت شعار: "لكل معركة جماهيرية صداها في الجامعة"، وأعلن طلبة كلية الآداب في ظهر المهراز بمدينة فاس، حرم الكلية ومحيطها " منطقة محررة"، لا تصلها قوات الأمن.. وعموما كان للمؤتمرين 13 و15 الدور البارز في إصباغ الطابع الثوري ثم الثوري المتطرف على مبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب و المضمون السياسي المحض على كل حركاته وسكناته إلى درجة بدا وكأنه يطمح في تعويض كل الأحزاب السياسية ويحيلها على التقاعد. وطبعا لم يكن هذا التحول البنيوي والعضوي لولا عمل "الثوريين الماركسيين اللينينيين" الذين اجتهدوا اجتهادا في تأجيج الصراع ما بين ما كانوا يسمونه "الخط الثوري" و"الخط الإصلاحي" بشكل لم تعرف البلاد مثيله من قبل.

وقتئذ تساءل الكثير من المحللين : هل تطمح الحركة الطلابية بمفردها في تغيير النظام القائم؟
بعد انتخاب عبدالعزيز المنبهي (عضو منظمة "إلى الأمام" وأحد مؤسسيها) في المؤتمر 15 رئيسا للمنظمة الطلابية، الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، ساند "أ.و.ط.م" انفصاليي البوليساريو.
كان فصيل "الجبهة" في صفوف الطلبة وقتئذ يعتبر أن البوليساريو تشكل "بؤرة ثورية" ستقود ديناميتها إلى "تحرير المغرب".
وتلا هذا الموقف موقف آخر للمنظمة الطلابية ، إنه قرار حظر كلية أصول الدين بتطوان وكلية الشريعة بفاس وكلية اللغة العربية بمراكش، باعتبارها "أوكارا لإشاعة الفكر الرجعي وبؤرا للثقافة الأصولية" حسب القيادة المنظمة الطلابية.
هذا ما دفع السلطات على الإقدام لحظر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وظل قرار المنع سائر المفعول من سنة 1973 إلى سنة 1978. إذ في يناير 1973، انعقد المجلس الحكومي برئاسة الملك الحسن الثاني الذي أعلن فيه عن حل "أ.و.ط.م".
في 24 يناير 1973 إعلان الحظر القانوني على أ .و. ط. م ، وفي غشت 1973 انطلقت محاكمة الدار البيضاء ( قضية السرفاتي ومن معه ) والتي أعتبرت أول محاكمة يتعرض لها الماركسيون اللينينيون بالمغرب، الذين دافعوا خلالها عن هويتهم السياسية والإيديولوجية، حيث كانت الأحكام قاسية تراوحت بين المؤبد و5 سنوات سجنا. وبموازاة مع ذلك عمد القائمون على الأمور إلى دعم التيار الإسلامي في صفوف الطلبة والشبيبة المدرسية.
ففي نهاية سبعينيات القرن الماضي (1978)، استدعى الملك الحسن الثاني الرؤساء السابقين للاتحاد الوطني لطلبة المغرب – ما عدا عبد العزيز المنبهي – ومنهم فتح الله ولعلو زمحمد الأخصاصي ومحمد المنوني ليخبرهم أنه أصدر أمره برفع الحظر عن المنظمة الطلابية "أ.و.ط.م".
قبل هذا ، كان حزب الاستقلال قد أقدم منذ سنوات على إعلان تأسيس الإتحاد العام لطلبة المغرب سنة 1962 . آنذاك كان هناك صراع حاد بين حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وكان هذا التأسيس بمثابة ردة فعل على ميلاد الحزب الاتحادي بعد الانشقاق عن حزب الاستقلال في 1958 – 1959 .
آنذاك سعى حزب علال الفاسي إلى محاولة تعويض ما ضاع منه، سيما وأن الاتحاد المغربي للشغل والحركة الطلابية ساندا المنشقين.
هكذا سعى حزب الاستقلال إلى تأسيس كذلك نقابة جديدة، الإتحاد العام للشغالين في القطاع العمالي ومحاولة إنشاء منظمة طلابية تحت اسم "الاتحاد العام لطلبة المغرب"والتي فشلت فشلا دريعا في مجالها ، لأن الحركة الطلابية وقتئذ ، كانت محصنة بقيم التحرر والوطنية والتقدمية والديمقراطية. كما كانت فخورة بوحدتها العضوية، مدافعة عليها باستماتة، ومتلاحمة مع النضالات الشعبية. علما أن علال الفاسي قد أعرب على ضرورة العدول عن نهج التفرقة في صفوف الحركة الطلابية.
وفعل حزب الاستقلال نفس الشيء مع المقاومين، إذ شكل ما سمي ب "الجبهة الموحدة للمقاومة المغربية" كرد فعل للتشويش على جمعية المقاومة وجيش التحرير" التي كان يترأسها سنة 1956 عبد الرحمان اليوسفي.
وحصل نفس الشيء أيضا مع العمال ، إذ أسست بعض العناصر القيادية في حزب الاستقلال "النقابات الحرة" والتي ستتحول إلى "الإتحاد العام للشغالين" في 20 مارس 1960.
لقد حاول حزب الاستقلال إضعاف "أ.و.ط.م" عبر خلق الإتحاد العام لطلبة المغرب، لكنه فشل فشلا دريعا، وظل هذا التنظيم التابع للحزب دون أي تأثير في صفوف الطلبة. وترأسه في البداية عباس الفاسي ثم تلاه محمد الوفا.
ثم عقد اجتماع بالديوان الملكي ضم السلطات الحكومية والأمنية ومدير الديوان آنذاك ، إدريس السلاوي، بمكتبه بالقصر الملكي . حدث هذا في خضم الإضرابات الطلابية الصاخبة خلال الموسم الجامعي 1969 – 1970 بقيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
في هذا الاجتماع أعلن إدريس السلاوي عن استعداد الحكومة لمعالجة المطالب المعقولة ملوحا بالتهديد لما أسماهم الأطراف السائرة " في غي فوضى الإضراب".
كان حاضرا خلال هذا الاجتماع محمد الوفا ممثلا للإتحاد العام لطلبة المغرب بمعية بعض رفاقه، رغم أن هذا التنظيم الحزبي التابع لحزب الاستقلال لم يكن، في واقع يمثل إلا نفسه، ولم يكن يملك أية إمكانية للتأثير في الصفوف الطلابية ولو بمقدار قيد أنملة.
وقد طالب أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، خلال هذا اللقاء ، بإجراء استفتاء مباشر وعلني وفوري أمام الحضور لمكاتب التعاضديات الحاضرة برمتها ، وكانت كلها مكاتب منتخبة ديمقراطيا من طرف الطلبة.
وذلك لمعرفة انتمائها التنظيمي النقابي.
طلب إدريس السلاوي قائمة التعاضديات الطلابية وطلب منها ، واحدة تلو الأخرى ، الإعلان جهرا عن انتمائها، وكانت قد أجمعت على ارتباطها بالإتحاد الوطني لطلبة المغرب. بعد ذلك طلب إدريس السلاوي من وفد الاتحاد العام لطلبة المغرب بالانسحاب من مكتبه ومن الاجتماع لأنه تبين بوضوح أنه لم يكن يمثل إلا نفسه.
ففي سبعينيات القرن الماضي ، تزامن الاحتقان السياسي على الصعيد الوطني مع المد اليساري والثوري على الصعيد العالمي. مما ساهم في دفع جملة من الشباب المغاربة – سيما الطلبة منهم وصفوة التلاميذ الثانوي – إلى الرهان على نضالية وفعالية المنظمة الطلابية "أ.و.ط.م" ونضالات التلاميذ في الثانويات، لتشكل بديلا ثوريا للأحزاب السياسية آنذاك – خصوصا منها من كانت تدعي التقدمية واليسارية – سيما حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية ( التقدم والاشتراكية حاليا) اللذان كانا يعبران من طرف الطلبة والتلاميذ الثوريين أحزابا بورجوازية صغيرة ذات نزعة إصلاحية متدبدبة.
وجاء المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وانتخب عبد العزيز المنبهي رئيسا للمنظمة الطلابية. وقد صادف هذا المؤتمر المحاولة الانقلابية الثانية الفاشلة في غشت 1972 ( الهجوم على الطائرة الملكية في سماء مدينة تطوان).
خرج المؤتمر 15 بمواقف ثورية – وصفها البعض بــ "الانقلابية" وقد طبعت هذه المواقف مسار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إلى أن تم اعتقال قيادته وتوجيه تهما ثقيلة جدا لأعضائها، ثم منعه وحظره. في حين اعتبرت الحركة الماركسية- اللينينية المغربية أن ما أسفر عليه المؤتمر 15 يعتبر تصحيح للمنظمة الطلابية "أ.و.ط.م" وتجدير وتقوية مسارها النضالي الشعبي.
وفي سنة 1979 انعقد المؤتمر 16 بعد أن استعاد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب شرعيته. وذلك بفضل تحالف حصل بين حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " وحزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي ( منظمة 23 مارس" سابقا). ويقول القائمون على هذا المؤتمر ، أنه صحح قرارات ومواقف المؤتمر الخامس عشر.
وفي موضوع ملف الوحدة الترابية، طالب المؤتمر 16 بفتح معسكرات لتدريب الطلبة من أجل الدفاع على الوحدة الترابية.
انتخب هذا المؤتمر محمد بوبكري رئيسا للمنظمة الطلابية. و قد عرفت فترة تحضير المؤتمر شعارين مختلفين :
ــ شعار " بناء المنظمة جماهيريا أولا ثم بناؤها تنظيميا " والذي كان ينطلق من اعتبار رفع الحظر القانوني عن المنظمة ليس إلا مكتسبا صغيرا وجب تعميقه و تثبيته عبر فرض توسيعه حرية العمل النقابي.
ــ شعار "هيكلة المنظمة أولا و بناء جماهيريتها ثانيا " ، وكان هدفه التسريع لإعادة المنظمة إلى العمل الفوري العلني بعد الحظر.
وخلال هذا المؤتمر (16) تمّ رفض الاستماع إلى الكلمة الصوتية الموجهة من طرف رئيس المؤتمر 15 عبد العزير المنبهي ، والذي كان يعيش في المنفي بالديار الفرنسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.