الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى خيانة

علي أحماد

2014 / 9 / 6
الادب والفن


أخذته أمه من يده ذات ليلة الى منزل في طرف الزقاق الآخر من الحي والذي تمتاز منازله بالبساطة وإنحدار الأسقف . استقبلتهما امرأة فارعة الطول ممشوقة القد ..شديدة بياض البشرة.. جميلة المحيا. تبادلتا التحية والحديث بالأمازيغية و أوصتها به خيرا. قبلته "إيطو" على خده ووضعت في يده قطعا من الحلوى وأدخلته وأحكمت إغلاق الباب بالمزلاج. تخاف المبيت وحيدة وزوجها سائق شاحنة كثير الأسفار يطوي المسافات وراء لقمة خبز. أعارته أسرته لها استجابة لصداقة تجمع الأب بالزوج ليؤنس وحدتها ليلا . قبل المهمة وليس له إلا أن يبر بوالديه ويطيع أوامرهم وما من ضير وأسرته تتكون من ستة أطفال.
على وقع أثار أقدام فوق السطح ، يفيق الطفل النائم في حضن المرأة البضة الفاتنة ويختلس النظر من تحت اللحاف وهو يصطنع النوم حتى لا تفطن إليه وتنهره ، ولكن يبدو أنها عنه غافلة. تتمرغ جنبه في فراش واحد تدفىء أنفاسها الحارة جسمه النحيل. يسمع دقات قلبها تعلو كدقات ساعة منبه قديمة وتغزو جسمها الممشوق رعشة نشوة شديدة تتقطع لها أنفاسها ويتصاعد لهاثها وتكسر آهاتها صمت الليل البهيم وسكونه. لم يسعفه الظلام الحالك الذي يكتنف جميع أرجاء الغرفة وفي مثل سنه وزمانه ليعلم لماذا يتحرك اللحاف الذي يتدثر به في إيقاع متواصل، لماذا تتأوه المرأة ويهتز كل جسدها وتتقلب كحبة على المقلاة في حركات إغواء وتشخر كدابة وصلت للتو مشرب الماء، لماذا يسمع أصواتا توشوش في حشرجة تدغدغ الخيال الجامح وصدى حركات شفاه تذوب في القبل. تخور قواها وينضح المكان برائحة العرق النفاذ. يسمع صرير الباب ووقع أقدام يغادر صاحبها المكان منفلتا ومتخفيا كأنه يتجنب أن يلمحه الجيران. فطن الطفل أن المشهد يتكرر كلما غاب الزوج، وفي كل ليلة يرى أرجلا تتدلى من كوة الغرفة ومعها يتساقط التراب على أرضية الغرفة ويقفز رجل تزلزل أقدامه المكان ومع وقع الأقدام تبدأ في نزع ملابسها وتتخفف منها وتشهق شهيقا كأن روحها تغادر جسدها المنهك وقد خارت قواها لتغرق في نوم عميق . كتم الأمر عن أهله، ومن يصدق طفلا قد يكون خوفه صور له أشباحا. وهو يلعب أمام منزلهم ، وبالصدفة ، سمع جارة تهمس لأمه سرا تأمرها أن ترفض إرسال فلذة كبدها الى تلك الفاجرة التي تستقبل الرجال ليلا وتمنحهم جسدها وحذرتها من عواقب ذلك على نفسية الطفل. صمتت الأم وهي مندهشة ووقع الخبر عليها كالصاعقة ووعدتها أن تنقل الخبر الى الأب ليقول رأيه في النازلة.. من حينها لازم دارهم وانقطعت الصلة بين أسرته وتلك المرأة التي غادرت وزوجها المدينة الى وجهة غير معلومة. تأثر الطفل لفراق تلك المرأة التي كانت تحنو عليه وتقدم له طعاما شهيا قلما يتوفر له مثله عند أبويه ولا تبخل عليه بما لذ وطاب فأحبها رغم الجرح الغائر وقد كان شاهدا ومتتبعا لفعل يذمه المجتمع وتأباه الأخلاق وامتزجت لديه مشاعر الكره والشوق...ولكن ذكراها علقت بذهنه.. ذكرى خيانة زوجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو