الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاردن- لماذا يحاربون الطاقة المتجددة؟!

عمر أبو رصاع

2014 / 9 / 12
الادارة و الاقتصاد


تؤكد المعلومات العلمية والعملية الراشحة عن اشكال انتاج الطاقة وتكاليفها، ان التوجه للاعتماد على انتاج الطاقة باستخدام المفاعلات والمحطات النووية جريمة ليس فقط بالمقاييس البيئية بل كذلك بالمقاييس الاقتصادية والمالية، مما يعزز الاعتقاد السابق بأن الاصرار على التوجه لانتاج الطاقة في الاردن باستخدام الطاقة النووية ليس بريء على الاطلاق من تحقيق مصالح شخصية تتعارض عمودياً مع مصالح الدولة.
نجحت السعودية على سبيل المثال لا الحصر في الوصول إلى تكلفة انتاج للكيلو واط بواقع 7 سنت باستخدام تكنولوجية الطاقة الشمسية وفي مصر تنخفض التكلفة إلى 5 سنت للكيلو واط، الان هناك عروض فعلية وبتكنولوجيا المانية للتنفيذ في الاردن على نطاق واسع تخفض هذه التكلفة إلى خمس سنتات فقط وتكنولوجيا صينية تخفضها اكثر من ذلك، مقارنة مع تكلفة معلنة من قبل حكومتنا التي تولدها باستخدام الوقود تصل إلى عشرين سنتاً.
المذهل في هذا السياق هو ان نعلم ان الاردن لن يكون بحاجة لاستثمار فلس واحد للحصول على تلك المشروعات، أي ان هناك عروض فعلية لتفيذ مشروعات الطاقة المتجددة على الارض الاردنية اضافة لمشروعات توليدها اعتماداً على الصخر الزيتي، والاستفادة من ربط الاردن بالخطوط الدولية لبيع وشراء الكهرباء والاعتماد على نظام المقاصة، بما يتيح فعلاً وقف استيراد الوقود لغايات توليد الطاقة الكهربائية نهائياً.
هذا الكلام ببساطة معناه ازاحة نصف فاتورة المستوردات من الطاقة على الاقل عن كاهل الخزينة الاردنية، وعن كاهل الميزان التجاري وميزان المدفوعات الاردني، والحصول على طاقة خلال عشر سنوات بربع التكلفة ولعشرين سنة تالية بعشرها مقابل تكاليف متنامية لتوليد الكهرباء اعتماداً على الوقود الاحفوري!
كل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك ارادة وطنية حقيقية لاتخاذ القرار، واعادة تأهيل الشبكات الكهربائية وبتكاليف رأسمالية يمكن تأمينها من قبل منفذي المشروعات انفسهم واضافة تلك التكلفة على اسعار الكهرباء المباعة فعلاً، اي ان الخزينة لن تدفع شيء على الاطلاق بل وستحقق ارباحاً من بيع الكهرباء ولجميع القطاعات تقريباً بالاسعار الحالية، فضلاً عن ان تلك الاستثمارات ستصبح ملك للدولة الاردنية بعد عشر سنوات.
الطاقة وبالذات بشكلها الكهربائي هي مشكلة مشاكل الاقتصاد الاردني ورهان مستقبله، الطاقة هي عصب الاقتصاد المعاصر ومحور قضية التنمية بالنسبة للدولة الاردنية، وقد سهل الله لنا شمس وعدد ساعات توليد هو من الاعلى عالمياً، كما سهلت لنا دول ومجتمعات اجتهدت علوما وتكنولوجيا لا فضل لنا فيها حقيقة لان شعوبنا العربية منشغلة في سجن عقلها في دهليز القرون الوسطى، ومع كل ذلك فإن امامنا فرصة استثنائية لننقذ اقتصادنا عبر خطة خمسية عمادها الطاقة المتجددة ومشروعاتها.
للاسف في مقابل هذه الطموحات المشروعة والممكنة التي تشحذ همة اي انسان وطني وتداعب خياله ان كان يؤمن ببلده وبامكانية تحقيق مستقبل افضل، فإن حكوماتنا تحارب دون كلل او ملل هذا الاتجاه، ولولا رهن المساعدة الالمانية مثلاً بالسماح بمشروعات طاقة متجددة لما تقدمنا خطوة واحدة، اي ان التقدم في هذا المجال يتم جبراً وغصباً عن نظامنا الرسمي، الذي ما انفك يزرع العراقيل في طريق مشروعات الطاقة المتجددة والصخر الزيتي.
تتأكد تلك القناعة عندما نطلع على القانون والتعليمات الخاصة بالطاقة المتجددة، إذ لن تجد صعوبة في استنتاج ان كل من سيتحمس ويتقدم لهذه المشروعات هو عملياً عملاء شركة الكهرباء الذين يدفعون فواتيرهم بتعرفة مرتفعة، كالبنوك والمستشفيات والفنادق، مما يعني ان الحكومة ستفقد عملياً خلال السنوات القليلة القادمة جميع عملائها الذين تحقق ارباحاً من بيع شركة الكهرباء الكهرباء لهم، ومما يعني ايضاً ان خسائر الدولة ستزيد نتيجة ذلك، والمذهل فعلاً ان الموافقات تصدر لمن يريد انتاج الكهرباء باسخدام الطاقة الشمسية بما يعادل حاجته فقط وبالحاح عجيب! رغم ان المنطق يقتضي ان يشترط ان يكون الانتاج ضعف الحاجة بحيث يباع الفرق المنتج لشركة الكهرباء باسعار ارخص من تلك التي تتكبدها فعلاً.
المتابع المدقق لن يجد عسراً في استنتاج ان الاردن الرسمي يحارب بكل طاقته ووسائله المتاحة لمنع تطور ونمو صناعة الطاقة المتخصصة في انتاج الطاقة البديلة، يريدها ان تفشل بأي ثمن والتفسير الوحيد الذي اجده امامي هو الاصرار على تكبيد الاردن تكاليف الاستثمار في الطاقة النووية غير المجدية مقارنة بما هو متوفر من بدائل، والطريف اننا نهجم كدولة في هذا الاتجاه فيما يتخلى عنه العالم، يكفي ان نعلم ان العام 2012 هو العام الذي اصبحت فيها الطاقة المتجددة تمثل نسبة تفوق 50% كمصدر لاجمالي الطاقة الكهربائية المولدة في العالم، فلمصلحة من بالضبط تحجم الحكومات الاردنية عن خدمة مصالح شعبنا واقتصادنا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد


.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |




.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي


.. وزيرة الخزانة الأميركية تحذر من -تداعيات اقتصادية عالمية- بس




.. واشنطن تستعد لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران.. هل تكون