الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولة أفق في الساحة الفلسطينية

محمود جديد

2014 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



- تعرّضت في المقال السابق لآفاق المفاوضات المقبلة بين الوفد الفلسطيني والإسرائيلي في القاهرة ، ومنشور في موقع الحوار المتمدّن وعلى صفحة حزب البعث الديمقراطي وصفحتي في الفيسبوك .. ووجهة النظر المقترحة هذه تتجاوز ذلك إلى المستقبل للخروج من حالة الفوضى والتناقض ، والتخبّط ، والازدواجية في الساحة الفلسطينية ...
- بدايةً ، لابدّ من الاعتراف بأنّ قيام منظمة التحرير الفلسطينية /م.ت.ف / شكّل مكسباً ثميناً لايُقدّر بثمن ، ومن الواجب والضروري المحافظة عليه وتفعيله ، فمن خلالها تمثّل الشعب الفلسطيني في الجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والأمم المتحدة ، وفي العديد من المحافل والمنتديات العالمية ، وفي ظلّها نشأت اتحادات ومؤسسات وهياكل متنوعة تجسّد جميعها الهوية الفلسطينية ...واستكمالاً لشخصيتها الاعتبارية تأسّس المجلس الوطني الفلسطيني ، ونشأ المجلس المركزي ، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، وبغض النظر عن الأخطاء المرتكبة خلال المسيرة الفلسطينية إلاّ أنّ حدّاً أدنى من الانسجام بين الأهداف الوطنية الفلسطينية التي انطلقت من أجلها / م.ت.ف / وبين صيغ تجسيداتها السياسية كان متوفراً ...ولكنّ مسيرة /أوسلو/ ، وما رافقتها من أخطاء وانحرافات ، والغدر بالميثاق الوطني الفلسطيني ، وهيمنة فريق أوسلو على ( السلطة الفلسطينية )، وعلى مؤسسات / م.ت.ف / ، والإدمان على مفاوضات عبثية مع الكيان الصهيوني ساعد على خلق حالة من التردّي والشرذمة الفلسطينية ، وأوجد مبررات و أعذار لتنصّل الأنظمة العربية الجبانة ، والرجعية ، والمتخاذلة عن تحمّل مسؤولياتها القومية تجاه القضية الفلسطينية ، وفسح المجال لها أكثر فأكثر للاستمرار في نهج التبعية الذي بلغ عند بعضها حدّ العمالة للتحالف الإمبريالي - الصهيوني ...
غير أنّ قراءة موضوعية للواقع الفلسطيني الراهن نجد أنّ / م.ت.ف/ بمفهومها المبدئي في واد ، وتجسيداتها السياسية في واد آخر ،لأنّ لجنتها التنفيذية بشكل خاص ، ومجلسها المركزي بشكل عام أصبحا غطاءً سياسياً لفريق أوسلو يلجأ إليه عند الحاجة لتغطية عثراته وأخطائه ، وبدلاً من أن تكون صلاحيات السلطة محصورة في تسيير الضفة والقطاع ، وخاضعة لقيادة منظمة التحرير صاحبة الولاية الواسعة على قضايا الشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة وخارجها ، فإنّنا نجد الآية معكوسة بعد اغتيال عرفات حيث السلطة تهيمن على مختلف أوجه الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الحكم الذاتي ، وعلى شؤون الشعب الفلسطيني في الشتات ، والجهة الوصيّة على قضيّته .. وأصبح دور م. ت . ف مغيّباً إلى حدّ كبير ..بينما من المفروض أن تكون صاحبة القرارالأعلى في كلّ المسائل الاستراتيجية المتعلّقة بالقضية الفلسطينية ...
لقد أثبتت تجارب الشعوب أنٌه ما من شعب كافح ضدّ الاحتلال وألقى سلاحه وحقّق أهدافه ، لأنّ الطريق الصحيح والمضمون والمجرّب في الجزائر وفيتنام وجنوب لبنان وغيرها هو الاستمرار في الكفاح بالصيغ والأشكال المناسبة حتى يصبح المشروع الاستعماري الاستيطاني خاسرا ، ومكلفا جدّا مادّيا وبشريا.. وعندما يتحقّق ذلك في الساحة الفلسطينية لن يستطيع الكيان الإسرائيلي أن يتحمّل ذلك لأمد طويل ، وعندئذ ستظهر قيادة إسرائيلية( براغماتية ) ترضخ للأمر الواقع ، وتقبل بالتخلّي عن احتلالها لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ( مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلاف بين وضعي الضفة والقطاع ) ، وتقبل بقيام دولة فلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967 ، ودون أن يتخلّى الشعب الفلسطيني عن حقه في العودة إلى أرضه ودياره وفقا للقرار الدولي 194.. ووفقا لهذا التصوّر سيبقى الباب مفتوحا لاسترجاع كافة الحقوق الفلسطينية المغتصبة الأخرى في المستقبل مهما طال الزمن ، ولكن هذا كلّه يحتاج وبإلحاح إلى تصحيح المسار الفلسطيني على محورين متلازمين هما : إصلاح الأوضاع الداخلية السياسية ، ومكافحة الفساد المستشري من جهة ، والمحافظة على سلاح المقاومة وتوحيده وتنظيمه وتفعيله وفق خطة نضالية مستمرّة من جهة ثانية ، وهذا لن يتأتى دون تفعيل هيئات ومؤسسات م.ت.ف على أسس سليمة ، وجعل السلطة جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية لا عبئا ثقيلا على كاهلها ، وأن تعمل في خدمتها ، وتخضع للمصلحة الفلسطينية العليا ، ولمؤسسات منبثقة عن إرادة شعبية حرّة تنفذ استراتيجية كفاحية وسياسية تصبّ في خدمة القضية ، وملزمة للجميع ... وهذا كلّه يحتاج إلى تشكيل قيادة فلسطينية موّحدة تشترك فيها كافة فصائل المقاومة والعمل الوطني ، والهيئات والمنظمات الشعبية الفلسطينية. ..
ولتصحيح المسار الفلسطيني نرى وجوب تحقيق مايلي :
- إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة والقطاع تكون حرة ونزيهة و تحت رقابة دولية لوقف العمل بسلطة الأمر الواقع القائمة فيهما خارج الأطر الدستورية والقانونية ، وبعد ذلك تنبثق سلطة وطنية فلسطينية ممثّلة لإرادة وخيارات الشعب الفلسطيني .. وهذه الخطوة تمّ الاتفاق عليها سابقاً وبمتناول اليد عند توفّر النوايا الطيّبة والإرادة الصادقة من سلطة رام الله ، وحماس ...
- تحرير منظمة فتح على الخصوص ، وباقي فصائل منظمة التحرير والعمل الوطني الأخرى من هيمنة وقيود سلطة فريق أوسلو في الضفة ، وهيمنة حماس وسلطتها الخفية الراهنة في غزة بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني .. وهنا نؤكّد على أهمّية تفعيل دور منظمة فتح النضالي لخلق حالة من التوازن السياسي داخل الساحة الفلسطينية لأنّها مؤهّلة وقادرة على ذلك وخاصة بتعاون باقي فصائل م . ت . ف ...وهذا يتطلّب جهداً خاصّاً من القواعدالمناضلة والكوادر الواعية في فتح ونحن على ثقة أنّها متوفّرة وقادرة على ذلك ...
- رفع القيود الأمنية عن استعدادالمقاومة الفلسطينية داخل الضفة والقطاع وخلق جبهة وطنية فيما بين جميع فصائل المقاومة للوقوف في وجه احتلال ومصادرة أراض فلسطينية جديدة من جهة ، وتجاوزات المستوطنين وعربدتهم في الضفة الغربية من جهة أخرى كمهمة مباشرة وملحّة ، وخطوة صحيحة على طريق تنفيذ المهام الوطنية اللاحقة .. ولتشكيل ورقة ضغط على المحتل في إطار أيّة مفاوضات تحت رعاية دولية جادّة بهدف إقامة دولة فلسطينية حقيقية في الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشرقية دون الانتقاص من حق العودة المقدّس ، وتفكيك المستوطنات التي هي في الأساس خارج إطار الشرعية الدولية ومنافية لقرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص .. وفي الوقت نفسه ، تكون جبهة المقاومة جاهزة ومستعدة لصد اعتداءات المحتل وتجاوزاته على الحقوق الفلسطينية العامّة والخاصّة وبالتنسيق والتعاون بين مكوّناتها في الضفة والقطاع معاً وبوقت واحد ..
- توحيد القرار السياسي والعسكري المقاوم وبسط السلطة الفلسطينية الشرعية صلاحياتها في الضفة والقطاع ، وإنهاء احتكار أيّ فصيل للأجهزة الأمنية ، وتنظيفها من الفساد ومن العقيدة الأمنية التي رسمها لها الجنرال الأمريكي / دايتون / ، وحصرها بالأهداف الوطنية الفلسطينية ...
- تشكيل قيادات ظلّ لمتابعة النضال السرّي في حال إقدام السلطات الإسرائيلية على اعتقال القيادات الفلسطينية الشرعية المنتخبة ، وتوحيد هذا النضال في الضفة والقطاع وغيرهما...
- إنّ تحرير السلطة الفلسطينية من المساعدات الدولية مسألة في غاية الأهمية لأنّها تشكّل في جوهرها ورقة ضغط على القرار الفلسطيني ، ويكون ذلك بتأمين دعم عربي كافٍ ومستقرّ ، وهذا يحتاج إلى ضغط شعبي ورسمي فلسطيني جريء ، ودعم شعبي عربي واسع وفعّال على صعيد الوطن العربي بكامله ، ويتجسّد ذلك من خلال المظاهرات والندوات والبيانات ، والمقالات ، والوفود الشعبية .. والإشارة بوضوح إلى المتقاعسين من الدول العربية وخاصة النفطية منها .. وفي حال توفّر مطالبة فلسطينية ملحّة صادرة عن سلطة شرعية أو عن فصائل ومنظمات جماهيرية عربية دون كلل أو ملل ، أو مسايرة لأي نظام عربي فنحن على قناعة بأنّ هذا السبيل سيكون مجدياً وفعّالاً ..
- إنّ انضمام السلطة الفلسطينة إلى كافّة المؤسسات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة أو غيرها حق وواجب يجب عدم التردّد أو التلكّؤ في تنفيذه ، أو المساومة عليه ، واستثمار المزايا التي تقدّمها في خدمة القضية الفلسطينية ، وتوظيفها بحنكة وشجاعة كورقة ضغط على الكيان الصهيوني الغاصب من أجل استرجاع الحقوق ..
- وقف التنسيق الأمني مع العدو المحتل ، ونحن نعلم جيّداً التبعات التي يمكن أن تنجم عن ذلك وصعوبة هذه الخطوة بالنسبة لفريق أوسلو ، ولكن يمكن تبريرها وتوظيفها لوقف التجاوزات الإسرائيلية على الحقوق الفلسطينية والاستيطان ومصادرة الأراضي ..الخ ونحن على قناعة بأنّ وحدة فلسطينية متينة مسلّحة بإرادة سياسية صلبة قادرة على الإقدام على أيّة خطوة منسجمة مع الشرعية والقوانين الدولية ..
- وقف الخيارات الأحادية ، فالحل السياسي جُرّب سنوات أطول من اللازم ولم يسترجع حقّاً ، ومكابرة البعض على اعتباره الخيار الوحيد هو إصرار على الاستمرار في الخطأ الذي سيؤدّي إلى تصفية القضية الفلسطينية .. وفي الوقت نفسه ، فإنّ المراهنة على الكفاح المسلّح لوحده نوع من قصر النظر وشكل من أشكال التحجّر .. ولذلك ، فإنّنا نعتبر النضال السياسي ، والكفاح المسلّح متكاملين ومتلازمين من أجل تحقيق أهداف وطنية واحدة ..
- إنّ التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات بين الجبهة الفلسطينية الموحّٰ-;-دة وبين فصائل المقاومة في الأراضي المحتلة عام 1948 ، و في دول الطوق خطوة صحيحة وضرورية على طريق النضال الموحّد ضد العدو الصهيوني الغاصب ..
- إنّ إحياء وتجديد وتفعيل المنظمات الشعبية في أماكن تواجد الشعب الفلسطيني وتفاعلها النضالي مع الجبهة الفلسطينية الموحّدة يعزّز ويدعّم النضال الفلسطيني على طريق استرجاع الحقوق الوطنية المشروعة ...
وأخيراً ، فإنّ تحقيق وحدة فلسطينية متينة وفق أهداف نضالية واحدة ، ستفرض احترامها وهيبتها وتأثيرها على الصعيد العربي والإقليمي والدولي ، وستتحطّم على صخرتها محاولات الاحتواء والإضعاف والهيمنة ، وستكون قادرة على فضح المتآمرين والمتخاذلين والمتقاعسين من الأنظمة والقوى العربية ، ونحن على ثقة بأنّ الحكّام العرب سيحسبون ألف حساب لعمليّة الفضح هذه إذا توفّرت شروط هذه الوحدة ...
والنصر للشعوب المكافحة مهما عتا الطغاة وتجبّروا .
في : 24 / 9 / 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حول التنسيق الأمني
أنيس عموري ( 2014 / 9 / 24 - 17:10 )
في قولك: (- وقف التنسيق الأمني مع العدو المحتل ، ونحن نعلم جيّداً التبعات التي يمكن أن تنجم عن ذلك وصعوبة هذه الخطوة بالنسبة لفريق أوسلو ، ولكن يمكن تبريرها وتوظيفها لوقف التجاوزات الإسرائيلية على الحقوق الفلسطينية والاستيطان ومصادرة الأراضي ..الخ ونحن على قناعة بأنّ وحدة فلسطينية متينة مسلّحة بإرادة سياسية صلبة قادرة على الإقدام على أيّة خطوة منسجمة مع الشرعية والقوانين الدولية .. )
وقف التنسيق الأمني لا يعني سوى ترك الحرية لحماس وغيرها لتجعل من الضفة غزة أخرى رغم أن ذلك يتناقض مع اتفاقيات أوسلو. أما الحديث عن الشرعية والقوانين الدولية فهو يتجاهل أن القوانين والشرعية الدولية تعترف بإسرائيل كدولة في حدود 1948 على الأقل، والفلسطينيون والعرب هم الذين كانوا خارج الشرعية الدولية فلم يعترفوا بها ولم يقيموا دولة فلسطين على أراضي 1967.
حماس لا تعترف بالشرعية الدولية وميثاقها ينص على القضاء على دولة إسرائيل، وهي انقلبت واستولت على غزة لهذا الغرض. خيار المقاومة المسلحة أكثر تكلفة بكثير من خيار المقاومة السلمية ولا يعارضه إلا من يعتقد في وجود عالم آخر أكثر عدلا ينتقل إليه بعد الشهادة .
تحياتي

اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر