الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرة فقد

شريف الغرينى

2014 / 9 / 30
الادب والفن


صار عالمه فارغا ، يذهب لعمله كل يوم متثاقلا ويعود فى نهاية اليوم منهكاً، عاقدا لحاجبيه، لم تعد حياته مرتعا لمايحب بقدر ما صارت روتينا وقيدا مملا كأيام الصيف التى لا يحبها ، كل يوم يمر عليه كان ينحت الأشياء حوله ويساوى بينها ،كل الوجوه كل الأوقات كل الأحوال الكل متشابه والكل تافه ، لم يعد هناك ما يدهش ، حتى أتاه ذلك اليوم الذى خرج فيه لمقابلة عمل مع فتاة تركية جميلة وأخرين ، كانت الفتاة تنظر إليه بابتسامة طوال الإجتماع ، وتختلس النظر إليه بطريقة يعرفها لكنه لم يرسل لها أى جرعات زائدة من تلك الإشارت التى يجيدها بإحتراف برا بقسمه وعهده الذى قطعه عل نفسه وتسبب له فى كل ما يعانى بعد أخر علاقة عاطفية مر بها، خرج من إجتماعه ثم عرج على أحد المولات، يتجول كشبح الظهيرة الهارب من المقابر، اقتنص ساعتين من وقت عمله المكتظ بالهموم والمسئوليات ، وجلس فى مقهى وفتح جهاز الكمبيوتر الذى كان يحمله لينهى بعذ الأعمال العاجلة ،لكنه بعد ما عرض له من مقاهى و ووجوه كثيرة وضجيج و فتارين، لم يشعر إلا برغبة فى الهروب والجلوس وحيدا فى غرفة نومه ، دفع حقائبه فى سيارته وبحث فى جيوبه عن بقشيش للسائس لكنه لم يجد حافظة نقوده ، التى تحوى كل بطاقاته ، بدأ العرق يتصبب من حبينه ، بفعل الشمس والإضطراب علاوة على جاكت البدلة ورابطة العنق الخانقة فخلعهم جميعا بإنفعال وقذف بهم فى مؤخرة السيارة وفتح زر قميصه العلوى وانهال بحثا وتفتيشا فى كل شىء وفى كل مكان فى السيارة ، ازداد احمرار وجهه لم يجد سوى خمسة جنيهات معدنية فى زاوية بباي السيارة الأمامى ،اخرجها ودفع بها لحارس الكراج وقال له آمراّ: قف هنا حتى اعود ثم ذهب يبحث عن حافظته غير مبال بما فيها من نقود، كل ما كان يرعبه هو البطاقات الكثيرة التى تحمل حساباته فى البنك ، والرخص التى سيتكبد فى سبيل تجديدها وقتا لا يملك بذخ إهداره فى دواويين الحكومة كما أنه على سفر قريب فى رحلة عمل ويحتاج فعلا لكل هذالبطاقات ، سأل رواد المكان عن الأمن و بحث عن مقره ثم أبلغ من فيه بالمفقودة سوداء الجلد التى ذهبت بعقله وأطاحت برتابة حياته ، ثم عاد لسيارته يجر أزيال الخيبة يحمل هما شديدا ، ثم ذهب بسيارته إلى أقرب قسم شرطة ليبلغ عما حدث وتكبد عناء اصابته بكآبة كل مرة يذهب فيها لقسم شرطة، فقال له الأمر : دون لنا طلبا لنعطي لك مذكرة فقد مختومة .. مذكرة فقد ؟ كلمة الفقد ذكرته بكلام الأدباء من أصدقائه فاستدعت من أعماقه كلمة أخرى فقال متهكما ألا توجد مذكرة وجع أيضا ؟ لكن أحدا لم يفهم كلامه ،و بعد أن ختم له الآمر مذكرة الفقد ، خرج مبتلا من شدة العرق محبطا أشد الإحباط ، قذف بنفسه فى سيارته وسار بها متجها لبيته لا يلوى على شىء، وفى الطريق لوحت له إمرأة عجوز منهكة تريد أن تركب معه، لكنه بعد أن غادرها بمائتى متر تقريبا عاد لها بسيارته وفتح لها الباب ، بدأت حكايتها المعتادة بأن اخرجت له لقيمات ادعت أنها من صناديق القمامة وعددت له أحفادها الأيتام التى ترعاهم وأنهم لا يأكلون ولا يشريون إلا لماماً ولايجدون من يعينهم على نوائب الدهرإلا أبناء الحلال أمثاله ، قال لها : للأسف يا حاجة فقدت اليوم حافظة نقودى وليس لدى ما أساعدك به ،قالت كيف يا ولدى اليست تلك الحافظة التى امامك وأشارت إلى تابلوه السيارة،كاد أن يجن جنونه من السعادة وشعر فى لحظة أنه أمتلك الدنيا أو عاد من موت محتم ، عاينها جيدا فوجد كل شىء بتمامه لم ينقص منه شىء ، لم يجد وقتها شىء يفعله فى هذاالفرح المباغت الذى حل محل غم مفاجىء إلا أن أخرج مبلغا كبيرا وأهداه للعجوز التى كادت أن تنهار من كثرة ما منحها من أموال ، فخطفت يده وقبلتها ثم قالت له الهى يرضع عليك زيعزك يا بنى ، توقف فى منتصف الطريق، كانت العجوز تتحدث وبداخلها هاجس أنه مجنون وربما يعود لرشده فيأخذ منها ما دفعه لها ،لكنه ابتسم لها ابتسامة خبيثة تؤكد أنه فهم مايدور بداخلها لكنه مع ذلك إنصاع لطبلها وتوقف وفتح لها الباب ،ثم تحرك بعد أن أدار إذاعة الأغانى وراح يردد مع أسمهان ..إمتى هاتعرف إمتى .........













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع