الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام المرئي يحرض على الإرهاب

صليبا جبرا طويل

2014 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية



الإعلام العربي حاضرا يقوم بإثارة الأحقاد ويؤججها ، يشعل
الفتن، ويدعو للتفرقة والتباغض، للاقتتال والعداوة. فانه لم
يفضح الممارسات البشعة فقط، لكنه ساهم في نشر، وإحياء
ثقافة الإرهاب والخوف لدى المشاهد، وأحي، وشجع بإيصال
رسائل المتمردين، والمنشقين، والارهابين، والسلطات الدموية
بالصوت، والصورة للأطفال، وللكبار.



الإرهاب، بغض النظر عن من يمارسه، دولة كانت أو أحزاب، لا يجوز تسميته بغير ذلك مهما تعددت الأسباب، والدوافع. خلال الأحداث، والقلاقل، والصراعات التي تمرّ بها دول ما يدعى بالربيع العربي، أثبتت وبدون شك أن الإعلام المؤيد والمعارض، ومن يدعم كل طرف منها لعب دورا هاما على الصعيدين النفسي والمعنوي لدى المواطنين العرب بشكل خاص. فكان للإعلام المرئي الأثر الأكبر، كونه عرض مشاهد مؤلمة على المواطنين. عشنا جميعا خلال السنوات الثلاث الماضية مسمرين أمام شاشات التلفاز وما تعرضه من صور، ومشاهد دامية، أليمة، ووحشية. الأغلبية العربية الصامتة بحكم عاطفتها القوية لم يرق، ولم يستسغ لها كل ما يعرض من قتل ودمار. ولسان حالها يقول إلى متى؟ بالرغم عن عدم اعتراضها كالعادة على مجريات الأمور، فاني لا أعاتبها، لأنها تعودت على لامبالاة وتجاهل الحكام العرب لها في كل ما يتوجهون به لهم من مطالب، ويتمنون من السلطات تحقيقه. لم يتحقق معظمها، وحتى لم يكن هناك اعتبار للمواطنين بأيّ رد لتبرير العجز عن تحقيق أحلامهم. نتيجة ذلك تكون لديها، وأصبحت تحمل في أللاشعور جينات الذل، والجبن خلال مسيرتها التاريخية عبر العقود الماضية. حيث توارثتها عبر مئات السنين من قمع وحكم واستبداد. موقف الإعلام المرئي العربي بدوره خان ثقة الجمهور، فبدل أن يكون صوت حق، وصوت عدل فانه لم يقف حتى موقف المحايد أو الصادق فيما ينقل للمشاهد. فكان أداة طيّعة تلبي مصالح الأنظمة، والأحزاب التي تملي عليه سياستها. وسائل الإعلام كانت تتسابق إلى نشر كل ما تراه يساند فكرها أو نظامها. ومع ذلك لم ينتقد، ولم يعترض أحد على مجريات هذه السياسة السلبية، إلا فئات قليلة يمكن أن نسميها بضمير الأمة. فكما قال ميكيافليي في كتابه الأمير" الغاية تبرر الوسيلة". وكما نقول في أمثالنا" خربت عمرت طلعت نزلت حايد عن ظهري بسيطة"... أسفي على شعوب ترى وجودها فرادا وليس جماعات، ومصلحتها الفردية فوق مصلحة الوطن والأمة. أيّ أوطان، وأي مستقبل أيها العرب ستبنون لأبناكم وتورثون؟!؟! لقد أصبحنا مهزلة التاريخ، وملطشة الأمم.

نسمع بإذنينا، ونرى بأم عينينا في الحالة الراهنة الوهن، والضعف اللذان وصل إليهما عالمنا العربي الحبيب. ما نلمسه هو تصدع في العلاقات، وعمق في الخلافات، وتنافر في المصالح، وعداوة في اللقاء، وتنديد، وقدح بالمعتقدات، والطوائف، والمذاهب، والأحزاب، والأديان. لم نصل بعد إلى إجماع الكلمة، ووحدتها. وجود المواطن في واد والزعماء في واد، أدّى إلى تخلخل الوحدة الوطنية وتماسكها، فلا يوجد جبهة داخلية اجتماعية صلبة يمكن أن تقف أمام هذا المد المدمر المجهول المصير. كما أن معظم الزعامات، والعائلات الحاكمة في الوطن العربي لم تصل إلى سدة الحكم والسلطة عن طريق صناديق الاقتراع، بل بتنصيب، وتعيين من قبل المستعمر الذي فرض، وأملى شروطه عليها. ومن وصل إلى سدة الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، كان نتيجة نجاحه قريبة جدا من الخسارة، أو بسبب تلاعب في صناديق الاقتراع. هنا ننبه إلى أن الإعلام، وخاصة المرئي منه - كونه لا يحتاج إلى جهد للقراءة، بل استرخاء ومشاهدة ومتابعة – لعب دورا في فرض مهزلة الانتخابات، ووصول من لا يصنع القرار، ويضع الوطن، والمواطن أولى أولوياته قبل الوصول إلى سدة الحكم. الدليل على ما أقول هو عدم وجود خطط تنموية ناجحة تستحق الحديث عنها منذ عقود ماضية. البطالة في تزايد مستمر، تطال بشكل خاص المتعلمين، الذين يدفعون للهجرة. فأين دور الإعلامي في نقد، وكشف، وفضح كل هذه المهاترات؟ أمّ الإعلامي شريك يرتزق بما يمن، وينعم عليه كي يبقى صامتا ويدور في فلك أصحاب المصالح. أين البرامج الحرة التي تتناول وتتابع مواضيع الإصلاحات في كل وطن؟ فإن كانت فعّالة، ما مقدار النجاح الذي حققته؟ أم هي ساعة ضيافة وكلام وبعدها ننسى، ونمشي؟.... الوطن يبحث عن أبنائه ويحتضنهم، والمواطن يبحث عن لقمة عيش، ومسكن فوق تراب وطنه، معادلة أزلية للعيش الكريم والعدالة الاجتماعية. إن لم تتحقق هذه المعادلة نسقط جمعيا، ونصبح ضحايا السياسة، والسياسيين قصيري النظر. من واجب الإعلام أن لا يتابع أخبار الزعماء، وعائلاتهم، وتحركاتهم إلا فيما ندر. المواطن غير قلق عليهم، إلا فيما يبذلوا من أجل سعادته، ورفاهيته.

الإعلام العربي أصبح قاعة يمارس فيها مزادا علنيا، فبدل أن يكون لكل مقال مقام، أصبح فيها لكل مقال سعر. انه إعلام يبحث عن الربح...ليته أقلها يكون ربحا شريفا، لا راشي فيها ولا مرتشي. الحرية الإعلامية تعمل على تقديس الحرية الفردية وليست واعظا لها. العلاقة بين الحاكم، والمواطن، والإعلامي يجب أن تكون علاقة مفتوحة فيها التواصل مستمر. وليست علاقة أسياد وعبيد، أو ملقن ومتلقي، أو متكلم ومستمع. بل علاقة حيوية تسير ضمن إطار، وطريق نهضوي إنساني.

حاليا الإعلام العربي يحرض، ويحث على العنف. الصور التي تبثها الفضائيات العربيات لإلهاب المشاعر وإشعالها. تعمل بشكل متوازي، ومتزامن على إثارة اشمئزاز الإنسان مما يحصل لأخيه الإنسان، من تصفيات جسدية بطرق حيوانية همجية بشعة. معظمنا، وفي كل الأحيان ننتقل من محطة لأخرى كلما رأينا الدماء تسيل. العرض بهذا الأسلوب يدفع المشاهد إلى اتخاذ موقف الناقم على العالم العربي المفتت، وينعته بالقبلي المتصحر فكرا ووعيا، الغير متحضر، كما ويخرج بانطباع استحالة استمرار العيش فيه. ما يحدثه الإعلام يعدّ توجيه مباشر وغير مباشر، مقصود وغير مقصود، ودعوة صريحة مفتوحة نحو القتل والعنف من منطلق العين بالعين والسن بالسن. فبدل الدعوة للحوار كما تعلمنا بالحسنى، بالمحبة فانه ينشر ثقافة القتل والعنف والإرهاب، والموت. في الساحة العربية لن يكون هناك مطلقا طرف كاسب وطرف خاسر. بل الكلّ سيكون خاسرا في النهاية لأننا وبحسب التصريحات التي نسمع فليس هناك من برامج تظهر إمكانيات التغير نحو الأفضل.

الإعلامي العربي مطالب بالحرية، والشفافية، والصدق، والحيادية بقدر أكبر، ومن واجبه أن يحارب من أجلها. بالرغم من استحالة هذا الموقف فان تبعيته لأصحاب القرار، ستبقي الإنسان العربي رهينة في مهب ريح، وهوى، ومطامع الزعامات التقليدية، والدينية المتصارعة. وتستمر معاناته، لأن كل الأطراف المتنازعة ترى أنها تسير على الصراط المستقيم.

لماذا لا تراقب الدول - إن كانت جادّة في مصالح مواطنيها - هذا الإعلام وتنقيه من أدران الكذب والتلفيق، وإشاعة الخوف والفوضى؟ أم أن سياستها تتطلب ذلك؟ ... المصالح تعمي الجميع. الإعلامي الحر ينقل الإخبار كما هي لا كما يريدها الموجه السياسي والفكري والعقائدي...هذا ممكن في وطن يعرف معني الحرية، ويتصرف وفق مبادئها، لا شعاراتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س