الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الإسلاميين المغاربة من تنظيم -الدولة الإسلامية-

سمير الحمادي

2014 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم تكن التنظيمات والأحزاب الإسلامية المغربية غائبة عن رد الفعل في مواجهة تطورات / تحديات الظاهرة الجهادية في المنطقة، التي يمثل صعود تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) عنوانها الأبرز، خاصة في ظل تواتر المعلومات عن الحضور الفاعل للمقاتلين المغاربة في هذا التنظيم، حيث تقدر إحصاءات أمنية رسمية عددهم بأكثر من 1200 مقاتل، منهم قادة ميدانيون يحظون بشهرة واسعة في ساحات القتال الملتهبة في سوريا (منهم عبد العزيز المحدالي الذي لقي حتفه في مارس الماضي)، وما يشكله هؤلاء من خطر في حال عودتهم، لا على أمن الوطن فقط، إذا ما حاولوا نقل خبراتهم العسكرية إلى المملكة، وإنما على صورة التجربة الإسلاموية المغربية التي يستميت رموزها، على اختلاف تلاوينهم، في الدفاع عن نموذجها المعتدل.

كل طرف أرسل، بحسب موقعه، إشارات، صريحة أو ضمنية، تحدد موقفه الرافض لهذه الظاهرة المثيرة للجدل، التي تحيط بها شبهات كثيرة، على المستويين الفكري والحركي، مع العلم أن موقف الإسلاميين المغاربة عموماً من الفكر الجهادي ومشاريعه معلن منذ وقت طويل: من قبل ظهور "داعش"، فهم يرفضون بشكل واضح ونهائي كل أشكال العنف الديني الذي تتبناه التنظيمات الجهادية الدائرة في فلك "القاعدة" وأشباهها. نتحدث هنا عن حزب "العدالة والتنمية" وذراعه الدعوي حركة "التوحيد والإصلاح"، وجماعة "العدل والإحسان"، ثم السلفيين، سواء الذين ينتمون إلى جمعية "الدعوة إلى القران والسنة" في مراكش التي يرأسها محمد المغراوي، أو المشايخ البارزين مثل محمد الفزازي ومحمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص) وحسن الكتاني، وحتى عمر الحدوشي الأكثر تشدداً وقرباً من الخطاب الجهادي، هؤلاء جميعاً أعربوا عن معارضتهم لأفكار "داعش" التكفيرية، إن من خلال تصريحات صحفية وخطب وتدوينات على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر تحركات وإجراءات عملية نرصد أهمها في ما يلي:

1 ــ فحزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة الحالية لم يصدر بياناً في الموضوع، لكنه، انطلاقاً من موقعه الحكومي، كان وراء مشروع القانون الخاص بتغيير وتتميم أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب (الصادر في 2003)، الذي يهدف إلى "تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق بالمعسكرات الإرهابية بالخارج وتلقي تدريبات بها"، وهو المشروع الذي أقرته الحكومة في مجلسها المنعقد بتاريخ 18 سبتمبر 2014، ونورد هنا تصريح وزير العدل مصطفى الرميد بخصوص مشروع القانون الذي تقدم به، حيث أكد على أن "ظاهرة السفر إلى بؤر التوتر تحت عنوان الجهاد أصبحت تتطلب قانوناً صريحاً وقوياً لأننا أمام عمل إرهابي، ولأن الشخص الذي يسافر إلى بؤر التوتر من أجل ما يعتبرونه جهاداً قد ينتهي بالعودة إلى الوطن ويمارس فعلاً إرهابياً، وليس هناك أي ضمانة لعدم قيامه بعمل إرهابي في المغرب"، مبرزاً أن "هناك دعاية قوية تستهدف شبابنا كما تستهدف دولاً أخرى، ونحن أردنا بهذا القانون أن نحمي شبابنا من هذه الدعاية، لأن بؤر التوتر أصبحت محرقة للشباب المغربي".

واضح أن المقصود بهذا القانون "داعش" وغيرها من المجموعات الجهادية التي تنشط في سوريا (خصوصاً حركة "شام الإسلام" التي أسسها جهاديون مغاربة سبق لهم الانضمام إلى "القاعدة" في أفغانستان)، وتستقطب أعداداً متزايدة من الشباب المغربي.

2 ــ وبالنسبة لجماعة "العدل والإحسان" شبه المحظورة، نستحضر تصريح ناطقها الرسمي فتح الله أرسلان في لقاء تواصلي مع الصحافة في يوليو الماضي، حيث اعتبر أن الخلافة التي أعلنتها "داعش" (في 29 يونيو) هي "العبث بعينه"، وهي تعمل على فرض هذا"العبث بالسيف"، بشكل غير بريء، إذ لا يمكن تصور أنها تعمل لوحدها (في إشارة إلى دور محتمل للغرب في دعمها)، منوهاً إلى أن "الإسلام دين رحمة، وليس دين قتل الناس".

كما نستحضر تصريح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية حسن بناجح لـ "صحيفة الناس" (12 يوليو 2014) الذي أكد على دور الجماعة وغيرها من الحركات الإسلامية المعتدلة والسلمية والمنظمة بشكل جيد في المغرب في تربية النشء على السلم وعدم التكفير والاندماج في المجتمع، على أساس أن هذه الحركات "ذات مشروع قائم على التربية والتنشئة بمفهومها الشامل، في معناها التعليمي والإرشادي والتزكية، ثم التربية بمعناها السياسي والتكويني"، ما يجعلها صمام أمان ضد أفكار وممارسات داعش ومثيلاتها من التنظيمات التكفيرية.

في السياق نفسه، وعلى هامش اجتماعات الدورة الرابعة للجمعية العمومية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في إسطنبول (24 / 8 / 2014)، اعتبر عضو مجلس الإرشاد عمر أمكاسو أن "داعش" تقدم صورة مشوهة وسيئة، وخطرة أيضاً، عن الإسلام، متهماً إياها بأنها "صنيعة المخابرات الأمريكية"، مستدلاً بقدرتها على السيطرة على مناطق واسعة في العراق وسوريا، الأمر الذي يثير علامات استفهام كثيرة، إذ "كيف لتنظيم أن يحقق في وقت وجيز السيطرة على هذه المساحة، فيما هناك حركات كانت تقاتل ضد نظام بشار الأسد، ولم تحقق ذلك.. إذاً من يدعم هؤلاء؟ من يساعدهم؟".

إلى جانب هذه تصريحات، نشر عدد من قيادات الجماعة بعض المقالات التي تتناول بالقراءة والتحليل ظاهرة "داعش" انطلاقاً من كونها تمثل نموذجاً للفكر التكفيري الشاذ الذي لا يلقى قبولاً في المجتمع، ولا مستقبل له على الرغم من أي نجاحات ميدانية مؤقتة قد يحققها في بعض بؤر التوتر، ونشير هنا بالخصوص إلى مقال عمر أحرشان "داعش.. جذور النشأة وطرق العلاج" المنشور على موقع الجماعة (26 / 9 / 2014).

3 ــ في ما يخص السلفيين، نذكر أولاً الشيخ محمد المغراوي: رئيس "جمعية الدعوة إلى القران والسنة" في مراكش، والذي أقدمت السلطات في يونيو 2013 على غلق مقر الجمعية ودور القران التابعة لها بدعوى مخالفة مقتضيات قانون التعليم العتيق. المغراوي تفاعل مع الجدل المثار حول "داعش" وتزايد أعداد المغاربة في صفوفها بتنظيم ندوة في مراكش بعنوان "قراءة في المستجدات: موقف الإسلام من أشكال التطرف: داعش نموذجاً" (12 / 9 / 2014)، ناشد فيها الملك محمد السادس لمراجعة قرار منع دور القران حتى تعود للقيام بدورها في تحفيظ القران الكريم للناشئة وتلقينهم مبادئ الإسلام السمحة "من أجل المساهمة إلى جانب باقي المؤسسات والمتدخلين في الشأن الديني في قطع الطريق على التيارات الهدامة التي تتربص بالشباب المغاربة".

المغراوي أعلن في الندوة أن "داعش" مجرد تنظيم إرهابي "يقوده مجموعة من الجهلاء والنكرات الذين لا يفقهون في الدين الإسلامي شيئاً... (وهم) خليط من الشيعة وفروع القاعدة والصابئة وبعض البعثيين"، وأن "ما يقوم به في أراضي العراق وسوريا من أعمال تقتيل وتكفير لا علاقة لها بالإسلام وتعاليمه"، واصفاً الخلافة التي أعلن عنها بأنها "خرافة"، والخليفة المزعوم (أبو بكر البغدادي) بأنه "جبان وجاهل لا يفقه في الدين الإسلامي"، كما اعتبر المغاربة الملتحقين بالتنظيم مجرد "مساخيط" و "عاقين" تركوا أسرهم وأبناءهم يتخبطون في ظروف صعبة وفروا إلى المجهول، إما لفراغهم العقائدي وعدم نضجهم الفكري أو لعوزهم المادي.

محمد الفزازي: الوجه السلفي الأشهر في المغرب لخص موقفه من "داعش" في تدوينة على صفحته على الفيسبوك بتاريخ 7 أكتوبر 2014 جاء فيها: "أقول لمن يسألني عن موقفي من داعش وحربها الدائرة باسم الإسلام : تسألني عن الإرهاب!! تسألني عن قطع الرؤوس!! تسألني عن المثلى والتمثيل بالجثث!! تسألني عن الذبح!! تسألني عن الاختطافات!! تسألني عن إبادة غير المسلمين كما هو الحال بالنسبة للنصارى!! تسألني عن الفظائع!! تسألني عن قيام ما يسمى بالخلافة دون أن يبايعها أحد من العلماء!! ومن شروط الخلافة أن يبايعها العلماء أولاً من طنجة إلى جاكارتا .. تسألني عن هذا كله فأقول لك هذا كله مخالف للشرع، مخالف للدين السمح الحنيف، مخالف للفقه الإسلامي في القتال، مخالف لضوابط الجهاد الشرعية، مخالف للمسار الذي ساره النبي صلى الله عليه وسلم في نشر التسامح والرحمة وبالدعوة باللين وباللطف و بالحسنى .. هؤلاء القوم ساروا في طريق الغلو في إراقة الدماء بحق وبباطل، فوجب التبرء منهم وإيقافهم عند حدهم بكل الوسائل المتاحة".

الموقف نفسه عبر عنه كل من محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص) الذي تأسف لارتفاع عدد المغاربة المقاتلين في "داعش"، معتبراً أن هذا "يدل على وجود خلل يتحمله جميع المسئولين من دولة ومجتمع مدني، لعدم قدرتهم على استيعاب هذا العدد الهائل من الشباب الذين اضطروا إلى الارتماء في أحضان التطرف والحركات المتطرفة"، وحسن الكتاني الذي نعت "داعش" في تدوينة على صفحته في الفيسبوك (16 / 8 / 2014) بأنهم "سفهاء أحلام" و "خوارج جدد" يحملون فكر الغلاة، فيجب البراءة منهم "لعظيم شرهم".

أما عمر الحدوشي: القريب فكرياً من دوائر الجهاديين، والذي تحتفي به وبكتاباته منتدياتهم على الانترنت، فله في صفحته على تويتر تغريدات متعددة تهاجم غلو "داعش" وتنتقد أفكارها وسلوكها وخلافتها، مع العلم أن بعض المصادر الإعلامية يشير إلى أن التنظيم عرض عليه (قبل إعلان الخلافة) الهجرة إليه لتولي منصب علمي كبير في "الدولة"، لكنه رفض.

نقرأ مثلاً هذه التغريدة: "جماعة لها إسهال فكري وتكفيري لا تقوم لها قائمة، ومؤسسها لا نسمع له حساً ولا ركزاً ليس إلا السكة دون الخطبة، والغلو يقتل، رد الله بكم رداً جميلاً" (14 / 5 / 2014).

وفي تغريدة أخرى: "ابتلينا بأناس يكفرون بالجملة، يتركون النصيرية ويذبحون الموحدين، والسبب جهلهم المكعب والمركب.. الجهل الكثيف، هؤلاء أفسدوا الجهاد من مسلمي الثورة" (17 / 5 / 2014).

وعن رأيه في مسألة إعلان الخلافة: "ما بأمثال من يلعن ويكذب العلماء تقوم الخلافة الإسلامية، وهل تُعقد لمجهول الحال والعين والعدالة.. كيف تريدون من الناس أن يبايعوا هيان بن بيان.. أين العلم والعدل وقد أبحتكم قتل مخالفيكم.. أفيقوا يا غلاة، وإلا فدعكم من الخارجية الجديدة" (30 / 6 / 2014).

وجدير الذكر أن هذا الموقف الصادم من الحدوشي بالذات دفع بعض أنصار "داعش" إلى الرد عليه بحدة من خلال شريط مرئي قصير (أقل من 10 دقائق) بعنوان "حقيقة مخالفي الدولة الإسلامية: عمر الحدوشي مثالاً"، ولئن كان هذا الرد موجهاً بالتحديد إلى الحدوشي، بغية كشف ما يعتبرونها "تناقضات" تحيط بموقفه من "دولتهم"، و"شبهات" تحيط بدوره في "التلبيس على الناس في دينهم" (في جزئية الجهاد تحديداً)، فإنه لم يتجاهل الإسلاميين الآخرين (بنكيران، الرميد، عبد السلام ياسين، أبو حفص، الكتاني) الذين جاء ذكرهم في ثنايا الشريط، محمّلين بأوصاف ذات دلالات تكفيرية (مترفّض، علماني، قبوري، طاغوت)، ما يعني أن رسالة هؤلاء قد وصلت إلى عقر دار "الخلافة" المزعومة، وأن مواقفهم المعلنة من انحرافاتها العقدية وممارساتها الإرهابية تساهم بقدر من النجاح في الحد من تأثير منظومتها الدعائية التحريضية في أوساط الشباب المغاربة الذين يشكلون كتلة بشرية وازنة في صفوفها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ابتداء من خلق الدواعش؟ الويلات المتحدة والسعودية
عبد الله اغونان ( 2014 / 10 / 19 - 13:41 )

ولم؟

رفضا للديمقراطية في العراق

من هو البغدادي؟ كيف تمكنت ميليشياته على هزم جيش وشرطة رسمية؟
كانت الخطة كما شرحت ذلك كلينتون أن يلعب الدواعش دورا محددا ولكن انقلب السحر على الساحر
فأمريكا تعرف صنع العملاء لكنها لاتتحكم فيهم
نفس السؤال يطرح في اليمن

حتى المعتدلون والديمقراطيون من الاسلاميين هناك من يشكك في مصداقيتهم ويكيل لهم التهم راجعوا تهمة حميد شياط الأمين العام لحزب الاستقلال لرئيس الحكومة عبد الاله بن كيران بأنه ارهابي من داعش

الكاتب المحترم سمير الحمادي

لمن كاتعاود زابورك ياداوود؟

داعش الصهيونية في ارهابها لغزة ليس هناك من اتهمها وجمع لها الجموع

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد