الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النساء والتجربة الليبيرية (1)

عائشة خليل

2014 / 10 / 22
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يحتفل العالم هذه الأيام بالحائزين على جوائز نوبل في شتى المجالات، وعلى رأسهم الباكستانية ملالا يوسف التي حصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 2014. وهذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها سيدات على الجائزة الدولية، فمنذ ثلاثة أعوام تقاسمت ثلاث سيدات الجائزة نفسها: اليمنية توكل كرمان، مع سيدتين من ليبيريا هما رئيسة الجمهورية إلين جونسون سيرليف، وناشطة سياسية هي ليما غبووي.

وليبيريا بلد صغير نسبيًا في غرب أفريقيا، تم تأسيسه في أواخر القرن التاسع عشر ليكون وطنًا للأمريكيين من أصول أفريقيا بعد تحرير العبيد أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) فعاد إليه مواطنون من ذوي الأصول الأفريقية وشكلوا طبقة حاكمة سيطرت على مقاليد الحكم في البلاد، وارتبطت بشكل ما بالولايات المتحدة الأمريكية. فالعاصمة مونورفيا مثلا نحت اسمها من اسم الرئيس الأمريكي الخامس (مونرو) المناهض للعبودية، كما أن النظام السياسي بها يتبع النموذج الأمريكي: الرئيس يرأس السلطة التنفيذية، وهناك سلطة تشريعية منقسمة إلى مجلسين (الشيوخ والنواب) وهنالك المحكمة العليا على غرار نظيرتها الأمريكية، وهكذا دواليك. وتمتعت السلطة الحاكمة في ليبيريا دوما بعلاقة متميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ما فتئت تضخ الأموال والاستثمارات والخبرات في ليبيريا حتى تمتعت في منتصف الخمسينيات بتعافٍ ونمو لم تشهده أي من البلدان الأفريقية الأخرى في ذلك الحين. ولكن البلد ما لبثت أن دخل في دوامة من العنف والحروب الأهلية عندما أطاح انقلاب عسكري بالسلطة الشرعية عام 1980، واستنزفت الحروب القوى البشرية ودمرت مقومات الحياة العصرية ومؤسسات الدولة. وبحلول عام 2003 كانت الحرب قد أهلكت قرابة الربع مليون ليبرالي وشردت حوالي مليون شخص.

وفي ذلك الحين ظهرت سيدة ليبيرية استطاعت أن تجمع النساء وتوحد صفوفهن، ولم يكن هذا بالأمر الهين فهناك انشقاقات عرقية ومذهبية، ولكن فلسفتها البسيطة كانت حاسمة "الحرب تطالنا بدون تفريق، فعندما يهجم الجنود لا يسألون عن عرق أو دين. ولذا علينا جميعا أن نتكاتف لمواجهتها وإيقافها" عملت السيدة ليما غبووي ومعها أخريات بدأب على مدار أعوام لإيقاف نزيف الحرب الذي يقتل الأولاد ويشرد العائلات ويطال النساء بعنف زائد. (فقد كان لوردات الحرب في تلك الأيام يسلحون الجنود بالبنادق ويطلقونهم في المناطق الريفية، حيث يقومون الجنود بأعمال سلب ونهب واغتصاب تتأذي منها النساء بالمقام الأول). بدأت غبووي باستقطاب النساء داخل الكنيسة للدعاء من أجل السلام، ثم دعت نساء الكنائس الأخرى للانضمام إليهن، وهكذا بدأت حركة "نساء الكنائس من أجل السلام". وانتشرت الفكرة بحيث انضم إليها النساء المسلمات، وبما أن الرصاصة المنفلتة لا تفرق بين مسيحي ومسلم، فقد حسم الخيار في اتجاه الاتحاد، فتكونت رابطة "نساء ليبيريا من أجل السلام". وكانت الفكرة الأساسية أن تضغط النساء على القيادات الدينية بحيث يتحدث هؤلاء إلى القيادات العسكرية من لوردات الحرب. وبدأت السيدات يذهبن أسبوعيًا إلى السوق (حلقة السمك) يغنين ويرقصن من أجل السلام، فاتستعت الحركة الاحتجاجية وانضمت إليها أخريات.

واستخدمت النساء العادات السائدة: فمن المعيب أن تربط النساء شعرهن وتخرجن بدون زينة وجه (مكياج) وبدون ذهب يزين أجسادهن. ففعلن كل هذا ولبسهن الأبيض من الثياب للتدليل على رغبتهن في السلام. حيث قررن أن يجلسن يوميًا في السوق حتى يلفتن انتباه حكومة تايلور المسيطرة على العاصمة، فكانت الآلاف منهن يتجمعن كل يوم ويجلسن بلباسهن الأبيض (وبدون زينة أو ذهب) في ساحة السوق بوسط العاصمة حتى أحرجن الحكومة التي اضطرت في النهاية إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. واستمرت المفاوضات لأسابيع عديدة بدون حلول تلوح في الأفق، فاجتمعت النساء وحاصرن القاعة التي تدور فيها المفاوضات، وعندما هم رئيس الشرطة بالقبض على غبووي لمنعها الوفود من مغادرة القاعة هددته بنزع ملابسها فتراجع. فنزع المرأة لملابسها في أفريقيا يستدعي اللعنات على الحضور. وهكذا أجبرت النساء الأطراف المتنازعة على التفاوض الجدي الذي أدى إلى الوصول إلى حل ناجع، فرحل تايلور إلى المنفى، بينما تولت حكومة انتقالية السلطة مؤقتًا في البلاد. ثم ساندت الحركة المرشحة الرئاسية إلين جونسون سيرليف حتى فازت بالفعل بالمقعد الرئاسي 2005 لتكون أول رئيسة لدولة إفريقية.

وللحديث بقية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان