الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية-بطعم الجمر-* تعري اتفاقات أوسلو

راتب حمد- القدس

2014 / 10 / 24
الادب والفن


راتب حمد:
رواية"بطعم الجمر"* تعري اتفاقات أوسلو

زيد أو لنقل اسعد الاسعد العائد الى الوطن يغرق بمياه النيل بين مصدق العودة الى الوطن غزة وبين مشكك، لكنه يستسلم للأمر لأنه اقل ما يكون عائد ولكنها عودة غير محمودة - هكذا يظهر زيد من خلال الرواية - لأن فيها من العذاب والاهانة ما فيها، انتظار، اهانة، تحقيق عذاب، ولكنه الوطن يسكن فينا مهما ابتعدنا عنه."الأرض باقية لا ترحل، الناس هم الذين يرحلون وإنما البشر الذين يعودون".
تشكل فلسفة زيد الثبات على الارض وعدم تركها مهما واجه الانسان من صعوبات، صور كثيرة رسمها زيد من العذاب الذي عايشه من قبل، فالعودة اليوم تعطي صورة الألم الذي عايشه بالأمس، ألم اللحظة من ساعات الأمس الأليمة، وكأن جنود الاحتلال يتلذذون بعذابات الناس وذلهم، أي عودة هذه؟ أي إتفاقية تقبل هذا الذل؟ ولكنها مرحلة – كأنه يريد أن يقول – قبلنا اليوم بهذا ولكن أجيال الغد هي من تقرر، وسالم أصبح رجلا وهو يدرس في جامعة بيرزيت، وعشق الوطن وحبه وصيته للأجيال وكل جيل يورث هذا الحب للجيل الذي يليه وهذا ما كان الأعداء يراهنوا عليه "الكبار يموتون والصغار ينسون."
وقبل الدخول إلى غزة يعزف أسعد الأسعد على وتر التنسيق الأمني "هناك مكتب ارتباط في الجانب المصري / التنسيق الأمني من اليوم الأول ولذلك كان الكابتن روني بانتظار زيد "ألم أقل لك ، سوف تجدني أينما ذهبت (ص47)"، وسيتكرر المشهد مع روني هذا لاحقاً كأنه وظف من أجل زيد فقط ولكنه التنسيق، من يدخل؟ ومن يخرج؟ ومن يسمح له ومن لا يسمح له ...
ولكنها الحقيقة ها أنت يا زيد في أراضي السلطة الفلسطينية، نعم إنها الحقيقة .. (ص50) ومنذ اللحظة الأولى يبدأ زيد باستعادة الذكريات ومعارفه القديمة للشوارع والأحياء، غزة لم تتغير كثيرا، شوارعها لا تزال ترابية، والشوارع المعبدة لا تزال كما هي قبل خمسة عشر عاما، والحصار ما زال كما هو، أبو علي يصاب بعيار ناري من الدبور الاسرائيلي أثناء الصيد وما زلنا لليوم إن لم يزد ذلك، وكذلك فإن الاحتلال لا يزال بالقطاع يعربد وقد أدرك سخف ما يجري، أي سلام هذا؟ قال سلام هذا ... إنه سلام القوي يا عزيزي ص76.
لقد نجحوا في احتلال الأرض بعد أن طردوا أصحابها، صحيح فقد أطلقوا كذبة صدقوها ومن ثَمَّ أقنعوا العالم بها ص77، إنهم أذكياء .... ونحن أغبياء... لا شك أغبياء وهذا بحد ذاته يفتح الأبواب للاستسفار.
إنها غزة، تأخذك بسحرها وجمالها، وكلما تزداد معرفة بها كلما تمسكت بها أكثر و"زيد" يأخذنا إلى هناك ليقول انه يعرف كل شيء، مركز رشاد الشوا، المجلس التشريعي، الجندي المجهول، شارع عمر المختار، مبنى السراي، سينما سامر، سوق فراس، حارة الزيتون، الشجاعية (أنت سائق وأنت أدرى بشعاب غزة ص83)، إنه يرسم خارطة معرفة القطاع غزة، ليتركها ويرسم خارطة الوصول الى رام الله تاركا القطاع، مودعا بشجرات الجميز التي هي أقل ما تكون شاهدا على ما سبق أنها الطريق، المستعمرات، الذكريات، قرية عاقر، المطار العسكري،قرية المسمية، قرية السوافير، قرية جولس، بيت محسير، دير محيس، خلدة (قرى يافا)، دير اللطرون ثم يواصل الطريق قرى عمراس، ويالو، وبيت نوبا هذه الذكريات الأليمة أورثته غصة وجفافا بحيث لم يقو على الترجل من السيارة ليشرب، لقد اقتلعوا الزيتون الرومي الكبير وأخذوه ليزينوا شوارعهم وساحاتهم، "الطّيبون والسّذج فقط هم الذين يلتزمون بتوقيعهم أمّا هؤلاء فلا عهود لهم، وهم ليسوا طيبين وليسوا سذجاً" ص 97
وعلى حاجز التفتيش يأخذ أوراقه ويلعن أوسلو وكل من شارك فيها (ص89) . وأخيرا الحاجر الفلسطيني كأننا بحاجة إليها "نحن نهبط الآن أرض دولة أوسلو العتيدة، شدوا الأحزمة، اكتموا أنفاسكم، أعني توقفوا عن التدخين، استعيذوا بالله، وصّلوا على النبي" (ص89)
إنهم يقلّدونهم... إلا في شكل الجنود ....
نعم ها هو في عين مصباح وشريط الذكريات ليصل ويفاجأ بمرض رباب الخطير، ووجودها بمستشفى هداسا، وتبدأ رحلة عذاب في عذاب أخرى القدس، مخيم قلنديا، طريق الكسارات، عناتا حزما، شعفاط، بيت إكسا، بيت حنينا، راموت طريق يافا تل أبيب، طريق دير ياسين، عين كارم، المستشفى، وهنا مرة أخرى كابتن روني ...لقد تبعتك من حاجز قلنديا "ص102" إنها طريق العملاء الذين يشون بالأهل والأحبة، الغرفة 402 يلتقي بأمه ثم رباب وقد بدت مرهقة....تقول أمّ زيد "ابك يا حبيبي ليس في الحياة ما يستحق البكاء أكثر من رحيل الأحبة" ص 104، وتبدأ رحلة رباب مع زوجها والعلاج الكيماوي في مستشفى المطلع، ها هو سالم يجلس مع أبيه ويصارحه ويغرق بالأحلام، ولكنه يقول من منّا سيرحل قبل الآخر ....صورة سالم يتفوق على والده، شاب يعرف أين يقف وإلى أين يتجه.ص131.
الكابتن روني يعود سائلا عن سالم، ولكن والده يقول سالم أصبح رجلا وهو يملك قراره ويعرف طريقه...نفس المعاناة قبل عشرين عاما... وستبقى.
اللغة عند الكاتب تنساب بسحر وجمال، تصوِّر اللحظة بأجمل معانيها يقول "فإن للنص كما كما للصورة، كما للشعر، معانٍ أخرى لا ندركها ولا نلتقطها، ما خفي دائما أعظم، وأكثر سحرا وجمالا، نعم فالكاتب يغرق بالحديث مع نفسه كأنما يستعيد نصا؛ لينتصب المشهد أمام ناظريه كأنه لوحة لا صلة لها بالواقع."
*صدرت رواية "بطعم الجمر" للأديب أسعد الأسعد هذا العام 2014 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتقع في 142 صفحة من الحجم المتوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا