الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الدعوة لتوحيد نضالات الحركة الطلابية والطعن في المبادرات الوحدوية

مصطفى بن صالح

2014 / 10 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بين الدعوة لتوحيد نضالات الحركة الطلابية
والطعن في المبادرات الوحدوية

1. تقديم
كثيرة هي المقالات التي تناولت موضوع الحركة الطلابية بالكتابة، في إطار من التنظير لطبيعتها، والتحديد لمهامها، في شكل برامج توصف بالتاكتيكية المرحلية إلى جانب أخرى إستراتيجية.. حيث كان الجهد ينصب دائما، أو لنقل في الغالب، على كنس جميع التصورات والخطابات والبرامج السالفة والمخالفة، بجرة قلم وعبر عمليات قفز هوائية مضحكة، وغير جدّية، ذاتية إلى أقصى الحدود، حيث يغيب التقييم الموضوعي، والتقدير لمجمل التراكمات الإيجابية، بغية التطوير والتقييم وتجاوز الأخطاء للخروج من الأزمة.
فما نستغرب له كماركسيين مقتنعين أشد الاقتناع بنسبية صحة وسدادة أفكارنا ومواقفنا، وبأهمية وضرورة النقد والنقد الذاتي لممارساتنا التي لا بدّ وأن تشوبها أخطاء ومنزلقات وكوارث حتى.. هو أن يجهد المرء النفس لتبرئة خطـّه أو فصيله أو حزبه من هذا كله ومن المسؤولية عن الأزمة، ليرميها بسهولة وبساطة على المجهول أو الآخرين، وكأن الأزمة خلقتها العفاريت والشياطين في جهة من الجهات الماورائية البعيدة عن الجامعة وعن الساحة السياسية وعن ساحات الصراع الطبقي. أما الآخرون، فليست لهم القوة الكافية لأن نحمّلهم أسباب الأزمة كلها أو الجزء الأكبر منها، لأن مواقعهم معدودة ومحدودة جدا ـ فاس، تازة، وجدة، مكناس ـ أمام شساعة الخريطة الجامعية، التي لم تطء الغالبية الساحقة من مؤسساتها أرجلنا جميعا، ديمقراطيين كنـّا أو بيروقراطيين ـ لاحظ أن اتحاد الطلبة إوطم بداية الثمانينات هيكل أجهزته التمثيلية داخل ستة عشر مؤسسة بجامعة الرباط فقط، مقتحما المدارس والمعاهد العليا ومراكز التربية ومدارس الأساتذة وبعض المعاهد التقنية..الخ ـ
ضمن هذا الصنف البئيس من التحليل والمتابعة، يدخل المقال الذي أمامنا حول الموضوع، بعنوان "الوضع الراهن والمهام العاجلة للحركة الطلابية" المنشور بجريدة "النهج الديمقراطي" العدد الأخير 186، بقلم الرفيق "غسان" عن فصيل اليسار التقدمي المرتبط تنظيميا بحزب "النهج الديمقراطي".. حيث يشكل هذا النوع من الكتابات تكريسا وتفاقما حقيقيا للأزمة، بممارسة عكس ما يدّعيه أصحابها من خطابات حول الوحدة والاتحاد والتنسيق الرفاقي..الخ في ظرفية خاصة تتطلب منا بذل أقصى ما يمكن من مجهود لتكريس العمل الوحدوي على الأرض، نظريا وعمليا، ضدا على جميع المخططات الطبقية والتصفوية المستهدفة لطلاب الجامعة وخصوصا أبناء الفئات والطبقات الشعبية الفقيرة والمسحوقة.. حيث المطلوب هو المزيد من الاصطفاف والانخراط في هذه التجربة الوحدوية الجنينية والمتعثرة، بعيدا عن عقد النرجيسية والذاتية والأستاذية وأمراض "أنا وحدي نضوّي البلاد"!

2. ندوة 23 مارس مبادرة وحدوية غير قابلة للتوظيف، غير التوظيف العملي والمبدئي
فمن الناحية المنهجية ولتفكيك أوضاع الحركة الطلابية، بنية تقوية حضورها النضالي كما ادّعى ذلك، اعتمد الرفيق أسلوبا قديما متجاوزا استنسخه من الأرشيف القاعدي السبعيني ـ أنظر مقال الكلمة القاعدية بمجلة أمفي الصادر آنذاك عن جمعية طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين ـ مقسما وفق هذه المنهجية الحركة الطلابية إلى توجه ديمقراطي في مقابل التوجه البيروقراطي بنفس الطريقة التي اعتمدتها "الكلمة القاعدية"، مقسما الحركة إلى نهج ديمقراطي قاعدي وآخر بيروقراطي فوقي وهيمني، لكلاهما تصوره الخاص وبرنامجه الخاص وأهدافه الخاصة.. حيث كان الصراع مبنيا ومتمحورا حينها حول اتحاد الطلبة إوطم وحول الشكل الذي يجب أن تتخذه هيكلته، بغية تقوية النضال الطلابي وبغية وضع اليد على أجهزته القيادية لتنفيذ التصور والبرنامج.. لم يكن وقتذاك، عكس الآن، أحد من الفصائل يتنكر لإوطم ولوجوده المادي والمعنوي على الأرض ولم يكن إوطم اتحادا يهم الفصائل الطلابية وفقط، بل كانت عموم الجماهير الطلابية معنية به، ومهتمه بمشاكله، ومشاركة في جميع معاركه ومحطاته التنظيمية والانتخابية ـ لجن طلابية، مجالس، تعاضديات، مؤتمرات وطنية..الخ ـ عكس واقع وحال بعض الفصائل الطلابية التقدمية، الآن، حيث يعجز بعضها عن جمع عشرين طالب في ملتقياته ومحافله الوطنية!
وباعتبار أن الرفيق يمثل أكبر تجمع يساري تقدمي خارج الجامعة، كان الأمثل أن يذكر بأهمية المبادرات الوحدوية، ويثمنها في هذه الظرفية الحساسة بالذات، والتي تتميز بدخول جامعي مثقل بالمشاكل، وبالهجوم على المكتسبات، وبإنزال المخططات الطبقية الخطيرة للتطبيق، وبتشديد الحملة القمعية ضد الفصائل التقدمية الممانعة، وباستباحة الحرمة الجامعية والتطبيع مع الغزوات القمعية التي لم تعد الحاجة فيها لاستشارة العمداء ومدراء الأحياء الجامعية والوزراء المسؤولين حتى..! عوض الحربائية الانتهازية والاستغلال الفج لمبادرة 23 مارس الوحدوية، بالعناق والاحتضان المبالغ فيه، لحدّ الخنق.
عكس هذا وضدّا عليه اتجه المقال إلى التعتيم والتشويه لمجهودات ومبادرات الرفاق في لجنة المتابعة، متعمّدا إبراز "دوره" في إنجاح وقفة 23 مارس 2014 التي كانت فيها الحاجة لطلبة الحزب أكبر من حزب "طلبة اليسار التقدمي".. دون أن نفهم أسباب تغاضيه عن معطيات مهمة تشكك في صدقية خطاب الرفيق الوحدوي، وهي عدم مشاركة فصيل اليسار التقدمي في جميع مراحل التهيئ لهذه المبادرة الوحدوية، وعدم الالتحاق بلجنة المتابعة، واستمراره في اتخاذ مسافة عنها "للتنسيق" معها فقط! وحيث يجب الرد على الانتقادات التافهة، عن غياب البرنامج وأمور أخرى، للتقليل من بريق المبادرة وإنجازاتها على الأرض، بطرق انتهازية مقيتة وغير مقبولة من الناحية الموضوعية.
فليس المهم هو إطلاق المبادرات، وليس المهم كذلك هو كيل المديح لأية مبادرة من المبادرات لنسميه تقييما.. فالمهم في التقييم قبل أية دوافع أخرى، هو تنوير الرأي العام الطلابي بالدرجة الأولى، وإخباره وتعريفه بفحوى هذه المبادرات، وبنوعية وطبيعة الجهات المساهمة والمسؤولة على إطلاقها، مع الإجابة عن سؤال مدى صدقية أصحاب المبادرة، هل تبيّن فعلا بأنهم وحدويين؟ وهل جسّدوا شيئا من الممارسة الوحدوية داخل المواقع التي ينشطون بها، إن كان لهم فعلا وجود بموقع من المواقع الجامعية؟ وهل ثابروا وطوّروا تجربتهم الوحدوية هذه لتمارس تأثيرها على الجماهير الطلابية، وتنعكس بالتالي فكرة الاتحاد في أوساطهم؟ ثم ما هي المعيقات الحقيقية، الذاتية والموضوعية لهذا المنحى الوحدوي، الذي بدون انتصاره لن يكون معنى للكلام عن ضرورة الاتحاد وعن مهام هيكلته؟
فللحقيقة والتاريخ كان لا بد من التذكير بحيثيات ومعطيات انطلاقة مبادرة 23 مارس الوحدوية وغياب فصيل الرفيق عن جلسات التهيئ لملتقى مراكش الذي احتضن الندوة، مع العلم أنه حضر بشكل رسمي لأنشطتها العمومية ولورشاتها المفتوحة والموازية.. وبالرغم من هذا استمر التردد، خصوصا بعد أن أصدرت اللجنة المنظمة بيانها الختامي معلنة عن تشكيل لجنة لمتابعة خلاصات الندوة، تلكّـأ الفصيل في عملية الالتحاق دون أن يبدي أي انتقاد أو تحفظ عن شعارات ومواقف الندوة وخلاصات الندوة.. الشيء الذي لا يمكن تفسيره سوى بطغيان النظرة البيروقراطية والتسلطية الانتهازية لدى الفصيل، حيث استمرت قيادته في اللعب على الحبلين والإبقاء على موقف وموقع ما بين البينين الخالي من أي التزام وأية مبدئية وتفاني لمصلحة الوحدة الطلابية واتحاد الطلبة إوطم.. فشتان بين الأفكار الإنشائية عن الوحدة والعمل الوحدوي، وبين الممارسة الوحدوية على الأرض، حيث يمكن لأي متتبع بسيط يتمتع بحد أدنى من النباهة، ملاحظة ما يصدر عن "النهج الديمقراطي" الحزب والجريدة والفصيل الطلابي.. من مواقف بصدد لجنة المتابعة، التي كان من أهم خلاصاتها وأهدافها، فتح اللجنة في وجه جميع الفصائل الطلابية التقدمية المترددة أو المنتقدة أو المناهضة، لهذا المشروع الوحدوي، وفق تصور وحدوي وبرامج وحدوية يؤطرها ويصقلها النقاش الديمقراطي الرفاقي، في اتجاه بعث اتحاد الطلبة إوطم وتثبيته على الأرض.. فلم يكن الرفاق في "النهج" يستسيغون وضعهم على الهامش في هكذا مبادرات، مع العلم أن حالتهم الضعيفة والمهترئة وبعض من مواقفهم وممارساتهم، هي التي وضعتهم في ذلك الموقع.
فمنذ تكوين الحزب سنة 96، لم يستطع أن يشكل تجربة خاصة به في أي موقع من المواقع الجامعية، وبقي لمدة طويلة متظللا ومتخفيا داخل تيار "الكراس" بطريقة لا يمكن وصفها سوى بالاختراقية الانتهازية التي برع فيها التروتسكيون. وبعد وقوفه على أشغال الندوة الناجحة، خصوصا بعد فرزها للجنة المتابعة، لم يتواضع "النهج" ويرضى بوضعه واستمر في تردده وحربائيته دون مراعاة لجنينية التجربة ولكثرة الحراب الموجهة لصدرها، ممّا خلق تحفظا من لدن غالبية الفصائل المنخرطة في التجربة، يعني الجميع دون تيار "المناضلة"، على هذه الحالة وعلى الدور السلبي الذي يلعبه "النهجويون" في تعاملهم وتحاملهم على اللجنة وإمكانياتها.. فكان طبيعيا ألا تقبل مكونات لجنة المتابعة بإقحام طلبة "النهج" كشركاء في هذه المبادرة الوحدوية التي فرضت وجودها دون الحاجة لفصيل "النهج" الطلابي.. إلا على أساس من الوضوح تجاه الخطوة في مجملها وفي طبيعة مكوناتها وفي مستقبلها وآفاقها وفي علاقتها بإوطم وفي التصور لإوطم المنشود وفي الموقف من القوى اللبرالية والظلامية والعنصرية.. العاملة في الأوساط الطلابية..الخ
وبناء على توجيهات حزبية سابقة، يعيد الرفيق التسطير أكثر من مرة على أن لقاء 14 غشت تم بدعوة من اللجنة، يعني أن الرفاق "النهجويون" حضروا هذا اللقاء من موقع قوة، وكأننا في مفاوضات نناقش حدود الدولتين، ممّا يعد مكسبا مهما في نظرهم وتقديرهم بأنهم "فرضوا" على اللجنة التنازل وتقديم دعوة رسمية لفصيلهم الذي بدونه لن يحدث شيئا! هراء.
والحال أن اللجنة قررت وقفة 23 مارس 2014 في سياق برنامجها النضالي والذي طرح في جدول أعماله التنسيق والإشراك لباقي الفصائل الطلابية التقدمية في جميع الخطوات النضالية التي يحتمل أن تحظى بالإجماع، فعلى هامش لقاء طنجة يوم 14 غشت، الذي توفقت فيه لجنة المتابعة في تسطير برنامج نضالي سنوي تضمن وقفة 23 مارس 2014 أمام البرلمان، تم عقد لقاء مع فصيل "اليسار التقدمي" الذي لم يتردد في القبول بالبرنامج المقترح حيث ادعى الالتزام به والعمل على إنجاحه، ولم يكشـّر عن أنيابه حتى عشية الإعداد لوقفة البرلمان، مقدما شروطا شبه تعجيزية وابتزازية سمحت له بتناول الكلمة كفصيل دون الفصائل الأخرى المجتمعة تحت راية اللجنة، مجسدا بذلك الأساليب الانتهازية المعروفة على "النهج" داخل جميع الفضاءات والتنسيقيات والإطارات الجماهيرية والشبه جماهيرية.. فأخذ الكلمة من طرف الفصيل لم يكن هفوة تنظيمية كما تخيله البعض، أو انصياعا لهذا الابتزاز الدنيء، بل كان تحدّيا ودربة على هذا الأسلوب الوحدوي، الجديد على نشطاء الحركة الطلابية الحاليين، والذين تعودوا، أو لنقل فتحوا أعينهم على حركة متشظية لأطراف وفصائل وفرق ومكونات وحساسيات.. تشتغل لوحدها بشكل مستقل عن غيرها، دون البحث أو السؤال عمّا يقول غيرها من الأصوات والتعبيرات. فمن كانت له الفرصة وسجّل حضوره في هذه الوقفة الاحتجاجية الطلابية، يستنتج سريعا بأن لجنة المتابعة نسقت مع حزب "النهج الديمقراطي"، وليس مع فصيله الطلابي الذي لا حول له ولا قوة.. خاصة وأن قيادة الحزب وكتابته الوطنية وأذرع الحزب الحقوقية والنقابية والاحتجاجية عملت كل ما في وسعها لإبراز حضورها وتسويقه إعلاميا وكأنها الجهة الساهرة فعلا على إنجاح هذه التظاهرة.!

3. مظهر آخر من مظاهر ازدواجية الخطاب
من السخافة والإسفاف أن يدّعي المرء بعد أزيد من خمس سنوات على وجود لجنة المتابعة، غياب برنامج عمل واضح لديها، مما يجسد بالملموس قصر النظر والجهل التام بطبيعة الوحدة التي نطمح لها أمام هذه الأزمة المعقدة والمركبة التي تعيشها الحركة الطلابية التقدمية.. ومما يدفع بنا كذلك للتساؤل عن المغزى من هذه الدعوات الوحدوية في إطار من الاختلاف والتنوع، استنادا على حدّ أدنى معين يراعي اختلاف المرجعيات والخطوط السياسية والبرامج والإستراتيجيات..الخ فمن يتكلم عن ضرورة الوضوح التام في برنامج جبهة طلابية مؤقتة تضم أربعة فصائل طلابية تقدمية تطمح لجلب حوالي عشرة فصائل أو مجموعات خارج هذه المبادرة، بما تحمله هذه من اختلافات حول نقط عديدة في المجالين السياسي والفكري، وفي طبيعة التحالفات المستقبلية، وفي خطط وأشكال النضال، وفي التصور لبناء وتشييد الاتحاد..الخ من يشترط الوضوح التام أمام هذه المعطيات كلها، نعتبره صراحة خارج السياق والتغطية، وبالتالي فهو يتكلم ويغرف من نفس الماعون الذي يغرف منه المعادون للهيكلة والوحدة والتنسيق..الخ
فالتنسيقيات والجبهات تبنى على حد أدنى من الاتفاقات، حيث المطلوب حد أدنى أولي قابل للتطور واتساع القاعدة المدافعة عنه، وحيث المطلوب كذلك تقديم التنازلات اللازمة.. ومن لا يعترف بضرورة التنازل في مرحلة من المراحل لن يؤهله تصوره للخوض في موضوع التنسيقات الوحدوية، ولن يفهم بدافع من تصوره الضيق هذا، الفرق بين برنامجه الذي يعتبره لوحده، ودون غيره، واضحا ودقيقا وشاملا وعلميا.. وبين برنامج الوحدة التنسيقية وليست الاندماجية، إذ لا يمكن لهذا البرنامج إلا أن يكون عاما، أي غير واضح حسب فهم "النهج". أمّا إذا كان واضحا تمام الوضوح فلا معنى لأن تبقى الفصائل مشتتة ومستقلة عن بعضها، حيث يصبح الأجدى أن تندمج في تيار واحد.

4. إشكالات ذاتية.. يعيش فصيل طلبة "النهج" في منأى عنها!
ادعاء زائف ومزايدة فارغة، لا أقل ولا أكثر، جسّده التشخيص الذي قدّمه الرفيق حول ما سمّاه واعتبره إشكالات ذاتية تخص لجنة المتابعة، بطريقة متعالية وأستاذية، بله طهرانية ومثالية.. تؤكد ما سجلناه من ملاحظات سابقة حين سطّر الرفيق عن نقطة "التباين في المواقف" وكأنه اكتشاف علمي غير مسبوق، وهو التشخيص الذي لا يمكن أن ينطق به سوى الجاهلون بمعنى استقلالية الفصائل والمكونات الطلابية عن بعضها بعض، حيث يجب ألا تمس التنسيقيات والجبهات الوحدوية بهذه الاستقلالية ما دامت الفصائل متشبثة بها، حيث يحق لكل منها التشبث بمرجعيتها الفكرية وبمواقفها السياسية الخاصة وببرنامجها السياسي والطلابي الخاص..الخ فلهذه الأسباب نفسها اشترط البعض الانخراط في اللجنة الوحدوية أولا، لتجسيد التنسيق الوحدوي، بعدها يمكن أن نتكلم عن الخطوات الميدانية المشتركة.. دون هذه التدابير لن يسقط الالتباس والتحفظ من هذه الخطوة الوحدوية، تدابير وأساليب مبدئية في عمقها تتغيّى الاستمرارية على أسس متينة وثابتة في إطار من التطوير للبرامج والانفتاح على مكونات طلابية تقدمية أخرى..الخ عوض الرقص على الحبلين والاستغلال الظرفي والانتهازي لإنجازات اللجنة وحضور مكوناتها الميداني، فإمّا أن يكون المرء مقتنعا بخط اللجنة وشعاراتها وخلاصات الندوة التي انبنت عليها، وإمّا أن يكون معارضا أو متحفظا على جميع خطوات هذه المبادرة، وله كامل الحق في ذلك، شرط أن يتبنى ذلك علانية ويشرح موقفه للرأي العام الطلابي والتقدمي، بكل جرأة كما فعل ذلك البعض.
وحيث كان الكذب والافتراء، هو الغالب في هذه المقالة، بالإضافة للتعالي والأستاذية غير المستحقة، وهو الأسلوب الطاغي على جميع المقالات الصادرة عن حزب "النهج الديمقراطي".. كان من واجبنا التصدي لهذه النظرة التي لن تقدم هذا المسار الوحدوي في شيء، ما دام الفصيل المعني معتصما قابعا في الركن، متربّصا بالمبادرة وبغلـّتها دون الإقدام على الانخراط والغوص في معمعانها وتحدي جميع مطبّات وأشواك دروبها، مفضلا الانتظار والتريث عسى أن تتعثر المبادرة أو تنزلق وتنحرف عن مسارها، ليتشفى ويحكم بحكم المنزهين عن أخطاءها وكبواتها..الخ بهكذا تصور، ادعى الرفيق أن من بين إشكاليات اللجنة "بطؤها في التفاعل مع مقترحات فصيله" فإذا كانت اللجنة هي من أعلنت عن القرار القاضي بتنظيم وقفة احتجاجية طلابية أمام البرلمان يوم 23 مارس، بما لهذا اليوم من دلالة تاريخية وكفاحية في ذاكرة الشعب المغربي المناضل، في سياق برنامج نضالي موحد أنجزت خطواته على الأرض طيلة السنة الجامعية 2013/2014، فما هي المقترحات التي تقدم بها الفصيل قبل وخلال وبعد هذه الخطوة؟ ويضيف مدّعيا بأن الفصائل "توجـّست من أشكال نضالية أخرى" دون الإفصاح عن نوعية هذه الأشكال، احتلال الشوارع مثلا، إعلان العصيان، اعتصام ليلي..الخ؟ فليست المرحلة مرحلة مزايدات يريد بها المرء تلميع صورته الباهتة وتفوقه عن جبهة طلابية تضم أربعة فصائل لها وجودها الميداني والطلابي في أكثر من موقع ولمدة أقلها عشر سنوات، بطنجة وتطوان والقنيطرة والرباط ومراكش وأكادير.. يحكم عنها الرفيق بجرة قلم، دون أن ينبس ببنت شفة عن الحالة الغريبة التي يعيشها فصيله، الذي كان من المفروض باعتباره فصيلا حزبيا منظما له امتداده في الشارع وله ما يكفي من القيادات السياسية المجربة، بأن يتزعم هذه المبادرة الوحدوية، وبأن يوفـّر لها اللوجستيك الضروري لإنجاحها وتكريس خطها.. كان من المفروض أن يؤسس الفصيل لممارسة ميدانية على الأرض قبل أن يتجه لتنسيق الفعل النضالي مع فصائل لها باعها الطويل في الميدان!.
وفي نفس السياق والاتجاه الذي يهدف إلى تنوير الرأي العام الطلابي، ندعو الرفيق ورفاق الرفيق لتقييم المبادرة الوحدوية تقييما حقيقيا وموضوعيا يفيد المناضلين الإوطميين والطلبة أجمعين، بعيدا عن التزييف والبطولات الفارغة.. ودون الرجوع لبعض المبادرات التنسيقية والتآزرية التي كانت تتم بين الفينة والأخرى، بين فصيل "التوجه القاعدي" و"القاعديون التقدميون" ثم بين "التوجه القاعدي" و"الطلبة الماويون" توسعت المبادرة سنة 2009 وعلى أساس اتفاق مبدئي أولي دار النقاش بمدينة طنجة بين ممثلي "التوجه القاعدي" وأحد ممثلي البرنامج المرحلي/وجدة ـ محمد بوطيب ـ قبل أن يغير جواربه ويصبح "مناضلا" إلى جانب "المناضلة"ـ ليبادر هذا الأخير في إطار تكلفة، بالإجراءات الأولية وفتح النقاش مع كافة الفصائل الطلابية التقدمية دون استثناء أحد، حول الفكرة وشعاراتها ومشروعها..الخ
وفي هذا الصدد، وعلاقة بالتقييم، كان لا بد من الإشادة بالمجهود الجبار الذي قدمه فصيل "النهج الديمقراطي القاعدي الماوي" خدمة لهذه المبادرة، عبر احتضانها وتوفير جميع الإمكانيات لإنجاحها، مغامرا بموقعه في الساحة، ومقدما تنازلات مهمة، في نوع من نكران الذات، عرّضته لانتقادات لاذعة وصبيانية عدّة، لم يكثرت خلالها بالخسارة السياسية أو التنظيمية جرّاء موقفه التاريخي والمبدئي هذا، والذي اتخذه لمصلحة هذه المبادرة ودوافعها، عكس ما ادعاه بعض المقاطعين الذين ربطوا وبرروا رفضهم بناء على المكتسبات المفترضة، التي يمكن أن ينالها "الماويون"، دون غيرهم، من هذه المشاركة وهذا الاحتضان.. بهذا كان من واجبنا التقدير ـ وليس المجاملة ـ لهذا الدور وهذا الموقف الجريء والشجاع الذي اتخذه الرفاق الماويون لمصلحة الحركة الطلابية ولمصلحة الوحدة الطلابية، بعيدا عن المصالح والحسابات الذاتية، وعن الزعيق الصبياني التافه.

5. ضد أي تنقيص أو تبخيس لعطاءات الفعاليات الطلابية المناضلة
بنفس المنهجية، ونفس الفهم الذي نقدّر به عطاءات المخالفين لمواقفنا وأفكارنا داخل مكونات التوجه الوحدوي الديمقراطي.. وجب علينا تقدير عطاءات وإنجازات الرفاق والفصائل الخارجين عن هذا التوجه لأسباب مختلفة ومتعددة، لن تؤهلهم بالطبع لخلق جبهة موازية أو بديلة لما يتشكل على الأرض في هذا الحين بالذات.. وخلال التشريح والتعريف بمكونات الجسم الطلابي التقدمي وبالرغم من جميع النعوتات والتقديرات وأحكام قيمة.. التي يمكن أن تصدر عنـّا في حق مخالفينا في الجهة الأخرى ـ رفضويين، فوضويين، صبية متطرفين، عدميين..الخ ـ فالواقع ملموس لا يُعلا عليه، وهو ما يستوجب منـّا دائما عدم إنكار معطياته وإن كانت صاعقة ومحبطة لتطلعاتنا.. يتعلق الأمر بهذا التيار الرفضوي الذي يستوجب منا الأمر، تقييم عطاءاته ونضالاته بكل موضوعية..
إذ وبالرغم من نظرته الضيقة، وحساباته الخاطئة، الفكرية والسياسية والميدانية الطلابية، مما يجره لمنزلقات كارثية.. فلا يمكن إنكار تضحياته الميدانية وتأطيره لأهم المعارك الطلابية الجماهيرية، بالإضافة لحفاظه وصيانته لبعض المواقع المناضلة وعلى رأسها فاس ووجدة ومكناس وتازة وسلوان..الخ وهي مواقع مهمة تعرفت فيها الطلائع الطلابية على تاريخ إوطم، وعن دوره في الدفاع عن مجانية التعليم وعن حق أبناء الفقراء في مقعد جامعي.. وخاضت بالتالي، على هذا الأساس معارك نضالية عبّء لها، وأطرها، ونظـّمها هذا التيار المعني.. بالإضافة لكدّه ومثابرته اليومية على نشر الأفكار التقدمية والثورية داخل الأوساط الطلابية، والتبشير بالمجتمع الاشتراكي القادم كحقيقة وكحتمية لا ريب فيها.
فهؤلاء رفضويون وفوضويون وعدميون.. ويمكن أن نعدّد في سلبياتهم دون أن يعني ذلك عدم خوض الصراع ضدهم، داخل الجبهة أو خارجها، ليس من أجل استئصالهم أو طرهم من صفوف الحركة الطلابية التقدمية، بل من أجل تقويم ممارستهم وجذبهم للاتحاد الطلابي الجماهيري.. دون الافتراء عليهم، ودون التشويه لوجهة نظرهم حول الوحدة الطلابية وأمور أخرى، ودون السعي الخسيس والمتهافت، لاستقطابهم للحزب كما وقع مع تجربة "الكراس".! فالصراع يبنى على التقدير الموضوعي لعطاءات الفرد والفصيل والجماهير الطلابية عامة، خلال الدفاع المستميت عن مصالح الحركة عامة، ولا يكون عبر تبرئة الذمة وفي نفس الوقت تحميل الآخرين جميع ويلات حركة التحرر الوطني والحركة العمالية الاشتراكية والحركة الجماهيرية والحركة الطلابية وثقب الأوزون وانتشار إيبولا..الخ لأطراف هذا التوجه "البيروقراطي" الذي يقود نضالات الجماهير الطلابية في خمس أو ست مواقع جامعية بكل ما يترتب عن ذلك من تضحيات جسام في شكل اعتقالات وتعنيف وتعذيب واستشهاد كما هو الحال بالنسبة لمصطفى المزياني.. فالقول بأنه "أمام هذه البيروقراطية مـُنيت الحركة الطلابية بهزائم مستمرة ضاعت معها شيئا فشيئا المكتسبات التاريخية للطلاب وتم تمرير العديد من المخططات الطبقية دون مقاومة فاعلة.." هو تزييف للمعطيات والتاريخ، وهو قمة الجهل بالمنهجية العلمية، وفقدان البوصلة في نفس الوقت نتيجة لهذا الحوَل الفكري والسياسي، الذي حوّل الصراع من عمقه الطبقي ضد نظام الاستبداد والاستغلال والتبعية الرأسمالية لمراكز المال والجاه الإمبريالية.. ليعوّضه بصراع ثانوي قائم داخل جبهة المقاومة الطلابية المغربية.. بمعنى أن حلّ هذا الصراع، والقضاء على جميع الرفضويين وانتصار جبهة العمل الوحدوي الطلابي وانبعاث اتحاد الطلبة إوطم.. يمكنه حلّ مشاكل الجامعة وهزم جميع المخططات الطبقية المتربصة بها!!
فهذا الادعاء هو بمثابة تجني وتشكيك في هوية الرفاق في جبهة الرفض، ولا يمكننا بالتالي أن ندعمه، أو نغض الطرف عنه، حتى.. لأننا على دراية بأن الوضع الجامعي لم يقبل ولم يستوعب هذه المخططات بكل سلاسة، كما يحاول تصويره الرفيق، في محاولة بئيسة لشطب المعارك والإضرابات وحملات القمع والاعتقال والدور المخزي والرجعي للقوى الظلامية التي نجحت إلى حدّ ما في تحويل الصراع إلى صراع بين الطلبة المؤمنين وبين الطلبة الملحدين، مما ساهم في انحراف المعركة التي كان لا بد لها من توحيد جهود وقوى الطلبة ضد المخططات التعليمية الجهنمية ضدا على مؤامرات وتواطئات جميع القوى الظلامية والرجعية واللبرالية والعنصرية والشوفينية..الخ فأن يتم غض الطرف، بشكل سافر وفج، عن هذه الأدوار الخيانية التي مارستها وتمارسها جماعة مقرّبة من فصيلكم، أحبّاء المرحلة، حلفاء "النهج الديمقراطي" في جبهة "القوى المناضلة المخلصة للشعب": جماعة "العدل والإحسان".. فتلك مشكلة كبيرة لا بدّ من حلـّها بأنفسكم.. فليس هكذا تؤكل الكتف، وليست هذه أساليبنا نحن الوحدويون، التي وصلت لحدّ تبييض تاريخ الجماعة الظلامي والإظلامي والإجرامي في حق طلائع الكفاح الطلابي التقدمي، بنيّة القضاء على جميع مظاهر المقاومة الطلابية ضد مخططات النظام وحلفاءه في الداخل والخارج.
وعبر هذا التدرّج نكون قد وصلنا للموقف الملتبس والغامض للفصيل ـ"اليسار التقدمي"ـ ومن وراءه قيادته السياسية في حزب "النهج"، من القوى الظلامية وجماعة "العدل والإحسان" بالذات، الشيء الذي سيكون له عواقب ومضاعفات على جبهة النضال الوحدوي المناضلة من أجل استرجاع اتحاد الطلبة إوطم وهيكلته.. باعتبار هذه الجماعة "قوة سياسية معارضة ومخلصة للشعب المغربي" في نظر "النهج الديمقراطي"، وقوة ظلامية إجرامية عميلة للنظام والرأسمال في نظر جميع مكونات الصف الطلابي التقدمي.
فـ"النهج الديمقراطي" خطا خطوات حثيثة ومتصاعدة في إطار ربط التحالف وتمتين التنسيق مع هذه الجماعة، في أكثر من مجال وإطار ـ الحركة الحقوقية والجمعوية، الحركة النقابية، اتحاد المهندسين، النقابة الوطنية للتعليم العالي، وحركة 20 فبراير..الخ ـ معززا موقعها داخل جميع التحالفات والجبهات التي دعي لها الحزب وانخرط عمليا فيها.. فبعد الموقف الخياني الذي اتخذه تيار "المناضلة" عبر مشاركة المسمى "بوطيب" في ندوة مشتركة إلى جانب ممثلي الجماعة، والحال أن دماء الشهيدين المعطي وبن عيسى لم يجفا بعد من خناجرهم وسيوفهم وسلاسلهم.. بات مطلوبا من جميع الفصائل التقدمية الإفصاح عن موقفها من هذه المشاركة الذليلة والمذلة، سواء تلق الأمر بفصيل "المناضلة" أو بفصيل اليسار التقدمي.. إذ بدون هذا التوضيح يصبح الكلام عن الوحدة الطلابية وعن ندوة 23 مارس ولجنة المتابعة الصادرة عنها، غير ذي موضوع بالصيغة الحالية، بل إن الآليات المعتمدة حاليا أصبحت متجاوزة تاريخيا، وستكون الآلية القائدة للعمل الوحدوي في صيغته الحالية مجبرة على تطوير ذاتها وإمكانياتها وتوسيع قاعدتها، حيث يصبح المطلوب من الفصائل الطلابية التقدمية المقتنعة بأهمية الاتحاد، وبضرورة استرجاع إوطم وبعثه على الأرض، عبر تشييده من جديد واستكمال مسيرته النضالية.. حيث تبقى المبادرة مفتوحة وإطلاقها ليس حكرا على أي فصيل من الفصائل بحيث يمكن تجديد المبادرة من طرف فصيل آخر لم يشارك في التجربة السابقة لندوة 23 مارس.
فالعمل الوحدوي ليس اصطفافا عدديا تقدر قيمته بعدد الفصائل المنخرطة في آلياته، والإعلان عن مبادرات تخصه لا يحكمها السبق والسباق المحموم، بقدر ما هو في نظرنا قناعة مبدئية وممارسة عملية، لا تبنى عبر التربص والحربائية والصيد في الماء العكر واللعب على واجهتين متناقضتين..الخ العمل الوحدوي انخراط واعي، ينطلق من الهوية المشتركة للمعنيين به والأهداف العامة المتقاربة لمكوناته، بالإضافة للبرنامج الموحد وحاجة الفصائل لبعضها قصد تقوية العمل النضالي بدرجة أولى وأساسية.. وإذا تعذر أمر البرنامج الموحد، بناءا على شروط محددة، ذاتية وموضوعية يمكن تقليص البرنامج إلى شعارات محددة ومركزة، بل يمكن كذلك الاكتفاء بشعار مركزي ومركز تكون له القدرة على لف الحركة وحشد مكوناتها وقواعدها ومجموع الجماهير الطلابية في قوة ضاربة لا قدرة لأية جهة على التصدي لمعاركها.. كما وقع مثلا في أواسط السبعينات لحظة إسقاط إصلاح 75 الإداري، أو حين أجمعت جميع الفصائل وركزت جهدها ونضالها من أجل شعار رفع الحظر عن المنظمة إوطم حيث لم تكن نفس الجبهة التي قادت المعركة الأولى هي نفسها التي قادت الثانية مع العلم أن الجماهير الطلابية انتصرت في كلتيهما.
من هنا واستفادة من الخطوة الخطيرة التي أقدم عليها تيار "المناضلة": وجب تقديم أرضية أو ورقة عمل للمشروع الوحدوي المقبل تطويرا لتجربة 23 مارس، دون إقصاء لأحد ودون خلفيات بئيسة أو حسابات مسبقة، فمن اختار الانعزال طواعية فذلك شأنه، ومن اختار الارتماء في أحضان "العدل والإحسان" فكذلك شأنه، ومن اختار إوطم الاتحاد والتنوع التقدمي والهوية الكفاحية والتراكم النضالي التاريخي والمبادئ الأربعة والموقع المعارض فنعتزّ به ونعاضده.. وحين نقول ونمارس المعارضة من داخل إوطم فإننا نعارض النظام كنظام استبدادي قمعي، وكنظام اقتصادي رأسمالي مبني على الاستغلال والبطش، وكنظام تبعي يشرف ويسهـّل نهب الثروات ورهن مقدرات الوطن وخيراته لسلطة المؤسسات المالية.. هي معارضة تقدمية، وليست معارضة للنظام وفقط، معارضة قابلة لأي تأويل وقابلة لحشد جميع المتناقضات في جبهة واحدة ـ من الجمهوريون والشيعة والمثليون والملاحدة والمطالبون بالخلافة والسلفيون وأنصار الشريعة والحاقدون على المرأة ولباسها ومناهضو الخمـّارات..الخ ـ كلا، فمعارضتنا داخل إوطم وخارجه، معارضة يسارية تقدمية، ملتحمة أشد الالتحام بقضايا الجماهير الشعبية الكادحة وبمشروع الطبقة العاملة قائدة عموم الكادحين في معركتها من أجل التغيير الاشتراكي.. ومكانتها الطبيعية هو الخندق أو الجبهة الطلابية التقدمية التي لن يكون أسلوبها سوى التنسيق والتشاور الديمقراطيين مع جميع الرفاق المخلصين وجميع الفصائل اليسارية التقدمية، من أجل وضع اللبنات التنظيمية الأولى للاتحاد المنشود ومن أجل صياغة برامج الحد الأدنى القابلة للتطوير والتعديل والإضافات..الخ دون تقديس ودون تحنيط.

6. بين البرنامج النضالي، والملفات المطلبية، والخطط التنظيمية، أية علاقة؟
جميع الفصائل، وبدون استثناء، تدّعي امتلاكها، دون غيرها، لبرنامج نضالي واضح، علمي ودقيق، له جميع الإجابات الكافية والشافية لجميع مشكلات الحركة الطلابية الآنية والمستقبلية.. وإذا ما تنازلت وادعت امتلاك بعض أو إحدى الفصائل لبرنامج فهو بالضرورة غامض وغير واضح.. وهي نفس النظرة التي أفتت في حق برنامج لجنة المتابعة، من طرف الرفيق.
الشيء الذي أثار حفيظتي واستفزني بقوة هي نظرة التعالي هذه بما تبطنه من تحقير واستصغار في حق الفصائل الناشطة في الميدان.. فلا معنى بالنسبة لي، لوجود الفصائل إذا لم تكن تتوفر على برامج نضالية تتقدم بها وتشرحها لعموم الطلبة وتترجمها في الميدان عبر ممارسة متميزة يلمسها الطلاب، ويميزون من خلال هذه المتابعة الفصيل ألف عن الفصيل باء.. فإذا تركنا جانبا بعض الخلافات الفكرية والسياسية مثل طبيعة التشكيلة الطبقية في المغرب، وطبيعة النظام القائم، وطبيعة الثورة، وطبيعة التغيير المنشود، والآلية المعتمدة افتراضا لحل التناقضات، وطبيعة هذه الآلية، طبقية أم جبهوية، الرسالة التاريخية للطبقة العاملة، مسألة التحالفات، الموقف من العمل الجماهيري والإطارات العلنية، خط الانتفاضة والإضراب العام أم حرب التحرير الشعبية..الخ وجدنا أن هناك شبه إجماع ووحدة في الممارسة الميدانية استنادا لبرنامج نضالي موحد يتنكر له البعض ويتبناه صراحة البعض الآخر، يمكن إجمال نقطه في:

أ- الاهتمام بمشاكل الطلبة المادية والمعنوية وخوض المعارك النضالية من أجل حلها.
ب- مناهضة المخططات التعليمية الطبقية.
ت- الدفاع عن الحريات الديمقراطية وتحصين حرمة الجامعة والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين
ث- دعم نضالات الحركة الجماهيرية الاحتجاجية، عمال وفلاحين وتلاميذ ومعطلين وشغيلة..الخ
ج- نصرة المرأة والتعريف بقضيتها ونضالها من أجل تحررها.
د- دعم قضايا التحرر وحركات النضال ضد الرأسمالية، ومساندة نضال الشعب الفلسطيني ضد الثالوث الرجعي الصهيوني الإمبريالي.
فعدا التدقيق في الملفات المطلبية المحلية التي يجب إشراك عموم الجماهير الطلابية في صياغتها وإبداء الرأي فيها، فلا يستحق الفصيل أن يسمى فصيلا يتوفر على طلائع طلابية مناضلة ومتقدمة في الفهم والوعي والالتزام.. دون أن يتوفر على برنامج، ودون أن تكون له القدرة على الإشارة لبعض المشاكل المشتركة بين جميع طلاب الجامعات، مثل الحق في التسجيل والحق في المنحة والسكن والنقل والتطبيب وفضاءات الترفيه..الخ بمعنى التوفر على جميع شروط التحصيل الجامعي الجيد والعلمي، وهو الأساس الأولي والضروري لبناء وحدة طلابية متينة لا تمنع ولا تبخس النقاش الفكري والسياسي ودور الطلبة في التغيير المجتمعي المنشود.
وبخصوص الملفات المطلبية المحلية، نعتقد أن مكانها الطبيعي من حيث الصياغة الجماعية والديمقراطية والنهائية، هو الجموعات العامة باعتبارها الشكل الديمقراطي والجماهيري الوحيد الذي يمكنه أن يرجع المصداقية للفصائل الطلابية للتعرف عن ملامح إوطم المستقبلي الذي لن يفرط في إرثه التاريخي في ممارسة الديمقراطية في أبعادها التقدمية والجماهيرية.
فبأي طريقة يمكننا رد الاعتبار للجموعات العامة الطلابية؟ فأول ملاحظة هو أنه يجب أن نقتنع كتوجه ديمقراطي بأهمية الجموعات الطلابية الجماهيرية كدربة وكمدرسة للممارسة الديمقراطية تجاه بعضنا وتجاه الجموع الجماهيرية، فالجموعات لا يمكن أن تنعقد لوحدها بشكل عفوي وتلقائي سوى في حالات قليلة ونادرة تنبني على الانتفاض ضد بعض الأحداث الخطيرة التي لا تقبل التأجيل.. وعوض الهروب إلى الأمام كما فعل الرفيق، فلا بد في نظرنا، من المسؤولية التنظيمية لجهة ما، فصيل أو لجنة تضم فصائل أو مجلس مناضلين يستوعب جميع الفعاليات الإوطمية المنتمية وغير المنتمية.
من الناحية الديمقراطية، وحسب رأينا، نعتبر المجلس أرقى الأشكال الديمقراطية للبث في قرارات من هذا الحجم والمسؤولية، بالنظر لدوره المفترض في إنجاح الجموعات العامة وبالنظر لطبيعة مكوناته التي يجب أن تتعدى الفصائل لقواعد الفصائل ولجميع الفعاليات الإوطمية التقدمية والديمقراطية الغير منتمية.. وبالتالي، فمن الناحية الزمنية التسلسلية يجب تشكيل هذه المجالس أولا، حيث يتدارس خلالها المناضلون البرامج والمقترحات، ليتم بعدها، أي ثانيا، عقد التجمعات العامة لتسطير الملفات المطلبية، والحسم في الخطط النضالية، ثالثا.. وحين تتوفر الشروط التنظيمية الملائمة ويشتد حماس الطلبة ويقوى وعيهم وتعبئتهم من أجل خوض المعارك الموحدة والمؤطرة والمنظمة، يعني أن تلمس الجماهير الطلابية الحاجة لمعارك وطنية أقوى وأوسع، يكون واجب الفصائل والطلائع التقدمية، وقتذاك، تبوء الصفوف الأمامية لهذه المهمة بكل ما تتطلبه من تنسيق فصائلي واسع، وتنسيق طلابي وطني، وخطة عمل، وقادة مسؤولين ومحنكين، وآليات الدعم المالي والإعلامي، ولجن التواصل مع قوى وفعاليات الحركة الاحتجاجية التقدمية، السياسية والنقابية والجمعوية..الخ

7. للنقاش بقية، ما دام المشروع الوحدوي لم يقف على رجليه بعد..
هو ذا رأينا، وهي ذي ملاحظاتنا، أدلينا بها لتجنب المزيد من التفكك والتشظي داخل الجسم الطلابي التقدمي، وللتغلب عن حالات الإحباط المتكررة التي نساهم فيها جميعا، عبر الصمت أو الزعيق، سيان.. حيث يتطلب منا الأمر، وفي هذه اللحظة بالذات، أن نتحمل المسؤولية فيما نقوله وندّعيه، وفيما نقوله ولا نفعله، وفيما لا نقوله ولا نفعله.. رغم ما يحتمه عنا الواجب النضالي المبدئي، ورغم مسؤولية انتماءنا للصف اليساري الاشتراكي، ورغم أصولنا الطبقية البروليتارية والشعبية.
فتهربنا من المسؤولية، وصمتنا أمام هذا التردي، وحربائيتنا المقيتة والانتهازية.. هي كذلك ضمن الشرور العظيمة والخطيرة التي تخدم النظام ومصالح الرجعية والثورة المضادة.. أحببنا ذلك أم كرهناه!!

مصطفى بن صالح
أكتوبر 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر