الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم ميلادي ...

الشرقي لبريز
اعلامي وكاتب مغربي

(Lebriz Ech-cherki)

2014 / 11 / 1
حقوق الانسان


في حلكة هذا الليل انزوي بتلك الغرفة استحضار ماض ، فيظهر كعصفور يكسر البيضة ليخرج الى الوجود، و حينها يتحول إلى كائن عملاق يلف نفسه بلحاف به ثقوب، و كل ثقب بحجم نافدة، و كل نافدة اطل منها على وطن جريح ، و كل جرح بحجم جبل .
اشاهد من فوقه الخيانات تلو الخيانات ، و الخيبات ... ، و كل خيانة ثمنها اكبر من الأخرى .
ادرك كم هي خبيثة لعبة القدر .
نعم انا الآن أوجه سؤالا لكل من أعرفهم ، حتى اصبحت انا نفسي سؤالا للكل ، بل حتى لنفسي أصبحت اشك أنني اوجد خارج عالمهم ، لكنني متأكد من شيء واحد انني لن اقبل بعاداتهم و طقوسهم كتأكدي من انني جاءت الى الوجود في مثل هذا اليوم دون مساءلتي هل لي رغبة في ان آتي .
و متأكد ايضا من مصادرة حقي في ان اختار اسمي و نسبي ، جئت قسرا بعد عملية لا ادري كيف و متي تمت و اين ؟ هل تمت في حلكة ليل بهيم او في واضحة نهار ، المهم انه باحتساب الشهور انطلاقا من التاريخ المدون على صفحة كناش الحالة المدنية الخاص بي و عدد الشهور التى تستغرقها العملية تأكد لي ان العملية تمت في احد ايام فصل الخريف .
في ليلة من ليالي الخريف الموحشة الباردة لأتذكر تاريخ سبب مجيئي لهذا العالم .
خرجت أجوب شوارع المدينة الجميلة وجدت اجسادا نحيفة تملأ ارصفة شوارعها و تفترش الارض و تتلحف السماء في زمهرير الشتاء و في وحشة الليل يختلط لعاب البؤس بطعام من قمامتهم . أصبحت حينها مشوشا و انا اجوب عوالم دهني و ارص امامي خطاباتهم و شعاراتهم و رائحة أجساد البؤساء المختلطة بطعام القمامة امامي تستفزني لطالما استعملوا هؤلاء البسطاء كارقام في مسرحياتهم الهزلية و راهنوا عليهم كرهان المقامر على الجياد و لعبوا بعقولهم و اوهموهم بوطن جميل. اختنقت و انا استحضر شعارات لعبتهم من كل ما سمعت .
حينها فكرت في البكاء بصوت عال و لم لا ابكي ، الان البكاء يعبر عن الطفل بداخلنا، وهذا الطفل هو الشيء الانساني الوحيد المتبقي فينا .
ابكي وطنا سليبا ، أبكي انسانيتنا التى يحاولون ان يدمروها و يجعلوننا ننساها او على الاقل نتناساها في وطن لا يعترفون لنا به .
و انا امام المنظر افكر و افكر ...اخيرا وجدت الحل .
الحل ان انتفض و اثور ثم انقض على كل شعاراتهم التي لازلت عالقة بدهني و اخنقها و أحول تلك الاوراق التى يكتبونها عليها الى اوراق للاستعمال بالمرحاض .
تحت سماع أهات و أنات هؤلاء المشردين النائمين منهم و أولئك الذين يتسابقون الى اماكن القمامة للبحث عن طعم يسدون به جوعهم. و انا اتابع المنظر المؤلم قلت لنفسي : اننا مهزمون و كل شيء حولنا فقد طعمه " ، اهتز راسي دون ارادة و كاني اسمع قهقهة و ضحك صاخب ينبعث من احد الحانات المصنفة، تلك الاماكن التى يصرفون فيها بسخاء. حضر بمخيلتي منظر تلك الفتيات اللواتي اخترن هذه المحلات لعرض اجسادهن للبيع لاكلة اللحوم الادمية ، فتيات لا يعترف لهن بإنسانيتهن حولوهن الى آلات خلق متعة و تفريغ كما ينكر العرب على المراة انسانيتها و يحولها الى ادة تفريغ و تفريخ .
أضفت أنا إنسان ملعون لان سبب مجيئي الى هذا العالم كان في مثل احد ايام هذا الفصل .
سمعت نفس القهقهة فصرخت : قهقهوا حتي تتشقق مؤخراتكم فقهقاتكم و روائح عطركم المستورد التي تملأ الاماكن التى ترتادونها و شعاراتكم التى ترفعونها ليس لها لا طعم و لا رائحة حين تختلط برائحة عرق الكادحين بلعاب البؤساء و هم يتغدون على قمامتكم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة: أي غارة إسرائيلية على رفح توقع شهداء وجرحي لت


.. لحظة اعتقال مواطن روسي متهم بتفجير سيارة ضابط سابق قبل أيام




.. واشنطن: طرفا الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب


.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش




.. برنامج الأغذية العالمي: السودان ربما يشهد -أكبر أزمة غذائية