الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيرات في النظام الدولي

حسين عوض

2014 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يتصف النظام الدولي بعدم الاستقرار نتيجة التطورات السياسية والاقتصادية والتقنية, وعندما يؤدي النمو المتباين في قوة الدول المتعددة في النظام إلى حدوث اعادة توزيع جوهري للقوة في داخله, وفي الواقع هناك جملة عوامل يمكن اعتبارها مدخلات اضطرارية تسهم في عدم استقرارية النظام الدولي.
إن الثورة الصناعية وما رافقها من تحولات في النظام الاقتصادي للمجتمعات الأوروبية بتحولها من اقطاعية إلى رأسمالية للبحث عن مصادر الثروة, وهذا يخلق حاجة دائمة إلى مناطق جديدة يمكن أن تنهض باعباء دور مزدوج كسوق لتصريف المنتجات الصناعية ومصدرا للمواد الأولية, ويتعذر التمييز بين السعي وراء الثروة والسعي وراء القوة, فكل نزاع او تغيير على القوة أو الحفاظ عليها يعتمد على الموارد الاقتصادية.
إن الصراعات السياسية بين الدول غالبا ما ترتكز على سيطرة الأرض الخصبة أو الغنية بمواردها الاقتصادية وثرواتها المعدنية أو السيطرة على طريق التجارة الرئيسية, وهي اسباب ادت إلى الاستقرار على الصعيد الدولي, وهذه الحقيقة نجد لها تفسيرا في نظريتين اقتصاديتين احداهما تعبر عن الاتجاه الليبرالي والأخرى تجسد وجهة النظر الماركسية اللينينية, وكلاهما تعطي تفسيرات اقتصادية يمكن أن تخل باستقرار النظام الدولي, وانطلق هوبسون (الاتجاه الليبرالي) من افتراض مفاده إن التفاوت أو عدم التوافق في توزيع الثروة سمة اساسية تتميزبها المجتمعات الرأسمالية, وقد ادى هذا الوضع إلى انقسام المجتمع إلى طبقتين الأولى غنية تكتنز الثروة وتمتلك قوة انتاجية عالية, والثانية فقيرة غير قادرة على أن تستهلك ما تنتجه المنافع الاقتصادية.
حاول أن يعطي الاتجاه الليبرالي تفسير ظاهرة اللاستقرار على ضوء درجة التطور الاقتصادي التي حققته بعض الدول نتيجة الثورة الصناعية, ونتج عنها تباين في توزيع القوة واختلاف درجة النمو الاقتصادي, وإلى جانب نظرية هوبسون هناك النظرية الماركسية اللينينية التي قدمت هي الأخرى تفسيرا لظاهرة عدم استقرار النظام الدولي, ترى هذه النظرية أن المجتمعات الإنسانية على اختلاف مراحل تطورها تعيش حالة من الصراع الدولي الذي ادى إلى انقسام المجتمع إلى فريقين متصارعين مستغل والآخر مستغل, وهذه الظاهرة فسرتها الماركسية ما يسمح بتعميمها لتصبح ظاهرة دولية, ويتمثل المجتمع البشري بدولة مالكة وآخرى غير مالكة أي بمعنى مستغلة ومستغلة وبالمفهوم الماركسي تمثل الرأسمالية الترجمة العملية لصراع الطبقات على المستوى الدولي, ويذهب لينين إلى أن الأساس الذي ترتكز عليه الرأسمالية بسيطرة المجموعات الاحتكارية على ملكية وسائل الانتاج وملكية رؤوس الأموال, وعندما تصبح الرأسمالية هي المهيمنة تدخل مرحلة الاحتكارات, وتبدء عملية التوسع الامبريالي والحاجة إلى مستعمرات جديدة كميدان لاستثمار فائض رؤوس الأموال وسوق لتصريف المنتجات الصناعية وكمصدر للحصول على المواد الأولية.
إن عدم الاستقرار على الصعيد الدولي وفق النظرية اللينينية هو انعكاس للسلوك التصارعي الذي يحكم الدول الرأسمالية لمرحلة توسعها الامبريالي, ومن خلال عملية الاشباع التي تصل اليها الرأسمالية على الصعيد الاقتصادي لا يمكن عندها إلا أن تفتش عن اسواق لتصريف الإنتاج وميادين لاستثمار وتوظيف رؤوس الأموال, وان دول العالم الثالث ستكون ميدان حيوي للتنافس الرأسمالي, وسيكون هناك المحور الآخر حول الهيمنة والسيطرة على مسألة الطاقة والموارد الأولية التي هي بحوزة الدول النامية حيث ستلعب دورا كبيرا في التنافس الغربي في ميدان النفط, وهذا ما يوجه الضغط في التوجهات الاستراتيجية نحو المناطق الغنية بالموارد النفطية والقوى المرشحة لأن تدخل في ميدان التنافس هي الولايات المتحدة الأمريكية ودول اوروبا الغربية واليابان.
بدأت المرحلة الأولى للنظام الدولي في مطلع القرن التاسع عشر في مؤتمر فيينا حيث تم اعادة التوازن للدول الأوروبيه وفي هذه المرحلة تكونت الدول الرأسمالية, وفيما بعد دخلت العلاقات الدولية مرحلة القطبية الثنائية بعد الحرب العالمية الثانية المعسكر الرأسمالي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الأشتراكي يتزعمه الاتحاد السوفيتي, وأدى ذلك إلى السباق نحو التسلح, وبذلك انتقلت الزعامة الدولية من فرنسا وبريطانيا إلى السوفيت والأمريكان, ودخل العالم مرحلة صراع جديدة هي الحرب الباردة, والتوازن الاستراتيجي اصبح قائم على قدرات عسكرية نووية وعلى اثر ذلك ظهر مفهوم الردع النووي المتبادل.
إن فشل النظام الدولي السابق القائم على توازن القوى بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وبعد سقوط جدار برلين وتفكك المعسكر الشيوعي, اعتبر الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش الأب) إن الولايات المتحدة الأمريكية ستتم سيطرتها بشكل مطلق على العالم بعد الحرب الباردة, وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الوحيد في العالم على مدار عقد ونصف في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
من ابرز اخطاء الولايات المتحدة الأمريكية وقوعها في مستنقع افغانستان والعراق, وفشلها في ايجاد حل عادل للصراع العربي الاسرائيلي, وهناك توقعات الانتقال من الاحادية القطبية إلى التعددية, وقد ظهر في العقدين الأخيرين قوى اقليمية مثل الصين نمو اقتصادي مرتفع وتطور كبير في المجال العسكري بالاضافة إلى الدول الأوروبية واليابان, وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية على استراتيجية تكوين نظام دولي متعدد الأقطاب وتكون هي المشرفة عليه لحماية مصالحها القومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة