الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياحضرات المثقفين .....لطفا بتاريخنا السياسي 2 هل نحن أمام سايكس - بيكو جديدة

عبد المجيد حمدان

2014 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يا حضرات المثقفين ....... رفقا بتاريخنا السياسي
2
هل صحيح أننا ، في عالمنا العربي ، نواجه سايكس – بيكو جديدة ؟
في مقدمة الحلقة السابقة أشرت إلى انشغال مثقفين ، مفكرين وسياسيين ، في محاولات تفسير لظاهرتين اكتسحتا عالمنا العربي في العقود الأخيرة . تمثلت الأولى في صعود جماهيرية وعضوية تنظيمات الإسلام السياسي ، وكانت موضوع حلقتنا السابقة ، فيما تمثلت الثانية في حالة التمزق والتفتيت التي تطبق على خناق عدد من دولنا العربية ، وهي موضوع هذه الحلقة . وقلنا أيضا أن حالت التمزق هذه تعزى إلى عودة التآمر الاستعماري على أوطاننا ، متمثلا في سايكس – بيكو جديدة ، تستهدف رسم خريطة جديدة لعدد من الدول العربية ، بتفتيتها إلى دويلات صغيرة وضعيفة ، تسهل مهامه في السيطرة على ثرواتنا العربية ، والبترولية في المقدمة . وقلنا أيضا أن هذه التفسيرات ليست فقط غير دقيقة ، بل وتحمل قدرا من الإهانة للتاريخ ، بتجاهلها لحقائق موضوعية ، ناتجة عن قراءة غير متأنية لهذا التاريخ . والسؤال الآن : لماذا وكيف كان ذلك ؟
مدخل :
التآمر الاستعماري على منطقتنا العربية قائم ومتواصل . هذا أمر لا شك فيه . ولا شك أن الاستحواذ على الثروة البترولية هو محور هذا التآمر . لكننا نعرف أن الاستعمار نهب ثروات شعوب أخرى ، وبعضها بترولية ، ربما أهم من ثرواتنا البترولية ، كما يواصل التآمر عليها ، بغرض مواصلة الاستحواذ على ، فنهب تلك الثروات . والسؤال الذي لم نتعب أنفسنا في محاولات البحث عن إجابة صحيحة له ، هو ؛ لماذا يفشل التآمر الاستعماري على غيرنا ، ويواصل النجاح معنا ؟
و نعرف أيضا أن الفزاعة التي تقض مضاجعنا ، ولكنها غدت ملجأنا ، أو مشجب متاعبنا ، وهي مؤامرة سايكس – بيكو ، لم تقتصر علينا وحدنا . ولم نكن نحن الضحية الوحيدة ، المتفردة لها ، ولأمثالها . فالمنتصرون في الحروب ، وعلى مر التاريخ ، و من ثم في الحرب العالمية الأولى ، أزالوا من الوجود ، مزقوا ، فككوا ، قسموا ، ألحقوا ، وبسطوا سلطانهم على أراضي وشعوب الدول المهزومة . وكمثال ، وعقب الحرب العالمية الأولى ، حدث لإمبراطورية النمسا – المجر ، ولممتلكاتها ، ما حدث للخلافة العثمانية وممتلكاتها . ولم تسلم ألمانيا ذاتها من هذا المصير ، حيث انتزعت منها مقاطعتي الألزاس واللورين وضمتا إلى فرنسا ، كما وجردت من مستعمراتها في أفريقيا – ناميبيا والكاميرون - . وفي الحرب العالمية الثانية ، لم يقف الأمر عند تقسيم واحتلال ألمانيا ، واحتلال اليابان ، وفرض شروط مهينة ومذلة عليهما . والسؤال الذي يواصل مجابهتنا بقوة ، ونواصل التهرب من الإجابة عليه هو : لماذا تعافى الآخرون مما حل بهم ، وتواصل عقدة سايكس – بيكو تلبسنا والسيطرة على عقول مثقفينا ، مفكرينا وسياسيينا ؟
الاستعمار :
محاولة الإجابة على السؤالين السابقين تلزمنا بوقفة مطالعة لتاريخ الاستعمار . بداية تتوجب الإشارة إلى أنه يترسب في ذهن القارئ العربي أن بلادنا ، أمتنا وحدها ، وربما بمشاركة محدودة لأمم أخرى ، هي من وقع عليها بلاء الاستعمار . على الأقل هذا ما توحي به بعض المناهج المدرسية ، وكتابات المفكرين والمثقفين ، وأقوال الساسة ، المتناولين لهذه المسألة . أما الحقيقة فغير ذلك تماما . الحقيقة أن الحقبة الاستعمارية التي حلت على شعوبنا العربية كانت الأقصر في كل التاريخ الاستعماري ، كما وأن وطأة هذا الاستعمار على بلادنا ، رغم قسوتها ووحشيتها، كانت الأخف أيضا ، قياسا لما حدث مع الأمم الأخرى . فكيف كان ذلك ؟
في منتصف القرن الخامس عشر أطاح الأتراك العثمانيون بآخر إمبراطورية أوروبية ، هي الإمبراطورية الرومانية الشرقية – البيزنطية . ولم يكتف الأتراك العثمانيون بإنهاء وجود هذه الإمبراطورية وضم ممتلكاتها إلى ملكهم السعيد ، وإنما حولوا عاصمتها – القسطنطينية - إلى عاصمة لإمبراطوريتهم الناشئة ، محولين اسمها إلى اسطنبول – مهد أو عاصمة الإسلام . وبعدها انطلقوا لاجتياح بلدان جنوب شرق أوروبا ، وضمها إلى ملكهم ، ومحولين البحر الأسود إلى بحيرة تركية عثمانية ، ومثله السواحل الشرقية لبحر الإدرياتيك الفاصل بين إيطاليا ويوغوسلافيا السابقة – دول البلقان - ، فالنصف الشرقي من البحر الأبيض المتوسط ، وكل سواحله الجنوبية ، . وكان أن دولا أوروبية عديدة – أرمينيا ، شبه جزيرة القرم ، جنوب أوكرانيا ، مولدافيا ، رومانيا ، بلغاريا ،ودول البلقان الست التي شكلت يوغوسلافيا ، ألبانيا ، اليونان ، ونصفي المجر والنمسا - فقدت حريتها وسقطت تحت نير العبودية العثمانية ، والتي دامت لقرون عدة على بعضها . ماذا يسمي مثقفونا هذا الحال ؟ ألم يكن استعمارا غاشما ، نهب ثروات تلك البلدان ؟ ومع ذلك تعافت وسبقتنا في كل شيء ، ولا يبكي ساستها ، مفكروها ومثقفوها هذا الماضي ، ولا يضعونه مشجبا يعلقون عليه آثامهم .
ولم يكتف العثمانيون باحتلال جنوب شرق أوروبا ، وتحت دعوى نشر رسالة الإسلام ، كما يزعم كثيرون ، وإنما ارتدوا لاحتلال أرض عالمنا العربي ، وربما ليعيدوا نشر رسالة الإسلام !!! ، وبسطوا ظلهم على كامل الهلال الخصيب ، شبه جزيرة العرب ، وكامل الشمال العربي الأفريقي . والسؤال : ألم ينهبوا ، ألم يمتصوا ثرواتنا وخيراتنا ؟ والجواب : نعم فعلوا ذلك ، وفرضوا علينا حالة من التخلف والجهل والمرض والأمية ، ظلت الأسوأ في كل مراحل حياتنا .
سقوط غرناطة :
ورغم اعتيادنا القول أن ثورة الاتصالات والمواصلات ، حولت عالمنا إلى قرية صغيرة ، ورغم أنه بات بمقدور كل من يدفعه حب المعرفة ، أو حتى الفضول ، ليس فقط الإطلاع على وقائع وحقائق تاريخية كثيرة ، بل والإلمام بها وربطها ببعضها البعض أيضا، فإن متناولي هذه المسألة ، من مثقفينا ومفكرينا ، لا يفعلون ذلك . ولدهشة الفضولي يجد أنه ، وبعد أقل من أربعة عقود على سقوط القسطنطينية ، سقطت غرناطة ، آخر الممالك العربية الإسلامية في الأندلس ، منهية وجودا عربيا إسلاميا على الأرض الأوروبية ، تجاوز سبعة قرون . كما وأن دهشة الفضولي ، كما حيرته تبلغ الذروة ، حين يفاجأ بأن سقوط غرناطة وقع في كانون ثاني – يناير العام 1492 ، وبعد أقل من عشرة أشهر – في تشرين ثاني – نوفمبر ، كانت بعثة كريستوفر كولومبوس الأولى التي جهزها النظام الجديد ، قد بلغت شواطئ العالم الجديد ، فاتحة عصر الاكتشافات الجغرافية وعصر الاستعمار أيضا .
وما يثير الدهشة أكثر أن الإسبان – ملوك قشتالة - اتجهوا لاستعمار ونهب خيرات العالم الجديد ، تاركين الشمال العربي الإفريقي الذي كان قادته يرتعدون منهم خوفا . وإثر نشوء مملكة البرتغال ، بعد النهاية المفجعة للأندلس بقليل ، ركب البرتغاليون البحر ، في اتجاه معاكس لحركة جيرانهم الإسبان ، مكتفين بغنيمة البرازيل ربما . وبدوران فاسكو دي غاما حول أفريقيا ، عبر رأس الرجاء الصالح ، انفتح طريق الاستعمار واسعا نحو العالم القديم ، قارة آسيا على وجه الخصوص .
ومرة أخرى تدهش القارئ الفضولي حقائق صارخة ، منها ذلك الذي أشرنا إليه من التلازم بين ما عرف ببدء عصر الاكتشافات الجغرافية وبدء عصر الاستعمار . ومنها أن الدول الأوروبية المطلة على سواحل المحيط الأطلسي ، والمالكة للأساطيل البحرية ، وليس الغرب الاستعماري ، كما درجنا على القول ، هي من احتكر عملية الاكتشافات الجغرافية ، ومن ثم استعمار البلدان والشعوب الجديدة . ومنها أن تفوق هذه البلدان الحضاري ، وخصوصا في نوعية السلاح ، والتخلف النسبي لشعوب البلدان المستعمرة – بعضها كان من أصحاب الحضارات العريقة - ، هو ما مكن تلك الدول من تحقيق ذلك الانتشار الهائل للاستعمار والاستعباد لشعوب الأرض ، والنهب لثرواتها . وفي التدقيق نرى أن ست دول فقط ، هي : اسبانيا صاحبة السبق والبداية ، ثم البرتغال ، فهولندا وبعدها بريطانيا ، فرنسا وبلجيكا ، هي كل الدول التي يشار لها بوصف الاستعمار . ومتأخرا جدا ، وفي بداية القرن العشرين ، حاولت كل من ألمانيا وإيطاليا اللحاق بالركب ، والحصول على حصة من عالم تم تقسيمه بين الدول الست السابقة ، محققة نجاحا محدودا ولوقت قصير أيضا . وإذا أضفنا القيصرية الروسية ، والتي عادة لا يشار لها ، لهذه المسيرة ، واستعمارها لوسط آسيا ، والقفقاس – أرمينيا ، جورجيا وأذربيجان - ، فنحن نحكي عن سبع دول مستعمِرة ، وليس عن غرب استعماري ، كان جزء كبير منه مستعمَرا بالفعل ، وجزء آخر ، رغم امتلاكه للمؤهلات الاستعمارية ؛ الأساطيل والسلاح ، نأى بنفسه عن هذه العملية برمتها – الدول الإسكندنافية على سبيل المثال .
لا يعنينا هنا نشوب ، وتطور الصراع ،على إعادة تقسيم الغنائم بين الدول الاستعمارية ، وغلبة الدولتين الأقوى ، بريطانيا وفرنسا . في النتيجة استقر الحال ، حتى بداية القرن التاسع عشر ، على استحواذ الدول الست السابقة ، على كامل العالم الجديد ، وبضمنه آلاف الجزر المتناثرة في البحار والمحيطات ، ثم على كامل العالم القديم – كل آسيا باستثناء اليابان وتركيا ، وكل أفريقيا ، باستثناء أثيوبيا التي احتلتها إيطاليا قبيل الحرب العالمية الثانية ، ومعظم أوروبا - . وينسى مثقفونا أن بريطانيا ، وحتى بعد انزياح ظل الاستعمار عن عالمنا العربي ، استمر استعمارها لدول أوروبية ، مثل إرلندة ، مالطا وقبرص ، وما زالت ، حتى يومنا هذا ، تقبض على جبل طارق .
كوارث استعمارية : -
وهربا من مواجهة واقعنا ، وما يحفل به من مآسي ، اعتدنا تعليق كل متاعبنا ومصاعبنا على مشجب الاستعمار . فهو ، الاستعمار البريطاني والفرنسي ، والأمريكي لاحقا ، بنهبه لثرواتنا البترولية ، المسؤول عما نعانيه من تخلف ، وجهل وفقر ، وصعود وتحكم النظم الاستبدادية . والمدهش تصوير الأمر لأجيالنا اللاحقة ، وكأن الاستعمار ، بسنوات عمره القصيرة ، نقلنا من نعيم جنان الخلافة العثمانية ، إلى جحيم حالة التخلف التي نعيشها . والمدهش أيضا مواصلة مثقفينا ومفكرينا تجاهل الحقيقة المفجعة ، بأن حال التخلف الذي كنا نغرق فيه ، وما رافقه من الجهل والفقر والمرض ، شكل العامل الأساس لنجاح الاستعمار في احتلال بلداننا التي كانت جزءا من خلافة ما زالت توصف بالعظيمة ، ويحن بعضنا إلى استعادة أمجادها .
تنص مناهجنا المدرسية على أن الاستعمار ، بنهبه لثرواتنا ، ومؤامراته المستمرة علينا ، هو المسؤول عن حالة التجهيل التي نعيشها ونعايشها . ونخلق عند أجيالنا وهما فتصورا وكأن هذا الاستعمار كان نعيما للآخرين ، وشرا مستطيرا ووبالا علينا وحدنا . ولقد أشرت أن استعمار بلادنا العربية ، كان الأقصر زمنيا ، باستثناء عدن وعمان ، وساحل بحر العرب ، بين سائر بلدان العالم . فوقائع التاريخ تقول ، أن الاستعمارين الفرنسي والبريطاني ، توجها نحو العالم العربي ، إثر ظهور ضعف الخلافة العثمانية ، مع بداية القرن التاسع عشر . كانت الجزائر أول من سقط في شباك الاستعمارين الفرنسي والبريطاني ، والذي امتد 130 سنة . تليها تونس و75 سنة ، فمصر قرابة 70 سنة ، موريتانيا 60 سنة ، السودان 58 سنة ، جنوب العراق والمغرب 44 سنة ، شمال العراق ليبيا وفلسطين 30 سنة ، وأخيرا سوريا ولبنان 26 .
هذه كما نرى أزمان قصيرة جدا ، لا يمكنها أن تقلب مسارا حضاريا إلى التخلف ، أو تنقل بلدا كسوريا من نعيم الخلافة إلى بؤس " العلمانية !". وهي أزمان قصيرة مقارنة بقرون استعمار الهند وأمريكا اللاتينية ، وجنوب شرق آسيا وجنوب شرق أوروبا الخ .
وعن نهب الثروات كان القطن المصري أهم تلك الثروات أيامها . ولا أظن أن أحدا يمكن أن يفكر بأن نهب المستعمرات ، كالهند والصين ، وكامل جنوب شرق آسيا ، والأمريكتين ، وأفريقيا ، كان أرحم من نهب خيرات بلادنا . لقد حازت الهند ؛ وكانت تضم باكستان وبنغلادش وجزيرة سيلان -سريلانكة آنذاك ، بثرواتها المتنوعة والهائلة ، على لقب درة التاج البريطاني . ومن أجل تأمين هذه الدرء بسطت بريطانيا سيطرتها على كامل الخليج العربي ، ثم ولدرء خطر خط حديد برلين بغداد المحتمل عنها ، سارعت بريطانيا وقبل الحرب العالمية الأولى ، لاحتلال جنوب العراق فالبصرة ، ثم التمدد شمالا إلى بغداد والموصل ، قبل بدء تطبيق اتفاقية سايكس – بيكو بسنين. ومن أجل تسهيل وتقصير زمن الوصول إلى الهند وباقي المستعمرات ، في شرق وجنوب شرق آسيا ، تم حفر قناة السويس ،بعد تأمين وضمان السيطرة على باب المندب وكامل شواطئ البحر الأحمر وبحر العرب .
والآن ؛ هل يحتاج مثقفونا فعلا لتذكيرهم بأن نهب ثروات بلدان جنوب شرق وشرق آسيا ، كان أفظع بما لا يقاس من نهب ثرواتنا ،بما فيها المكتشفة حديثا ، أي البترول ، وأن هذا التذكير لا يقصد منه التهوين ، أو التقليل من شأن فظاعة النهب الاستعماري لثروات بلداننا ؟
أما عن وطأة الاستعمار ، وقد سبق وقلت أنه كان الأخف على بلداننا العربية ، فسأكتفي بذكر التالي : إن مراجعة سريعة لتاريخ الاستعمار توضح أن الاستعمارين الإسباني والبرتغالي ، كانا الأشد وطأة في التاريخ كله . فهذان الاستعماران انطلقا في عصور الظلام الأوربية . وهما من قادا لواء تلك العصور – محاكم التفتيش - . والإسبان أوقعوا ببلدان أمريكا اللاتينية كوارث لا حصر لها ، كوارث تتنوع ما بين نهب لا مثيل له لثروات تلك البلدان ، وبين حملات إبادة للسكان الأصليين ، وتدمير لحضاراتهم العريقة ، حضارتي المايا والأنكا ، على سبيل المثال ، لا الحصر . وكان أن نجح الاستعماران ، الإسباني والبرتغالي ، في محو حضارات ، وثقافات ، وتراث وديانات تلك الشعوب وفي إحلال ديانتهم المسيحية ، ومذهبهم الكاثوليكي ، ولغاتهم - الإسبانية والبرتغالية – وعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم بديلا لها ، ولدرجة أن اسمي قارتي أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى تبدل إلى أمريكا اللاتينية .
وحين تحررت هذه الشعوب ، والتي كانت الفلبين في آسيا قد انضمت إليها ،فقد فعلت ذلك عبر ثورات دموية هائلة . وكان زوال ظل الاستعمارين الإسباني والبرتغالي عن القارتين الأمريكتين ، الوسطى والجنوبية ، وكامل جنوب الولايات المتحدة ، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، أول انحسار لظل الاستعمار عن العالم . لكن هذه الدول – قرابة الست والثلاثين – وقعت فريسة لاستعمار من نوع جديد ، هو الاستعمار الأمريكي . ووبدل أن تنطلق هذه البلدان ، مستندة إلى ثوراتها المجيدة ، إلى رحاب الحرية والديموقراطية والتنمية والتطور ، سيقت إلى مسار معاكس . فقد تعاقب على الحكم فيها حكام مستبدون وفاسدون ، وانقلابات عسكرية – زادت عن المائة في إحداها ، وفي أقل من ثلاثة عقود - ، وبدرجات لم تشهدها ولم تعرفها بلادنا العربية . ورغم كل ذلك ، ورغم المؤامرات الأمريكية ، وأطماعها في ثروات هاتين القارتين ، شديدتي الغنى والتنوع ، والبترولية منها في المقدمة ، فإن هذه البلدان من أكثر بلدان العالم تسامحا ومساواة بين مواطنيها ، متعددي الجنسيات والقوميات والديانات والثقافات ....الخ . وهي تتعافى ، ولا تحكمها العقد الاستعمارية . والأهم من كل ذلك تتكسر مؤامرات أمريكا على أعتاب بلدانها ، مثل كوبا وفنزويلا والبيرو والإكوادر – الثلاثة الأخيرة بترولية – والأرجنتين وبوليفيا والبرازيل .....الخ . ليعود السؤال الذي لا يزال ، ويجب أن يقض مضاجعنا : لماذا يتعافى كل هؤلاء من عقد الاستعمار ، وتستحكم فينا ؟ ولما ينجحون في صد المؤامرات عليهم ويتواصل فشلنا ؟
وماذا عن الهند والصين ؟
كانت الهند ، درة التاج البريطاني ، بمكوناتها الأربع ، سابقة الذكر ، تسمى بشبه القارة الهندية . وأطلق اسمها على المحيط المحاذي لسواحلها ، وللساحل الأفريقي الشرقي ، ثالث أكبر المحيطات . ولأن تعداد سكانها ، في مطلع القرن العشرين ، زاد على أل 400 مليون ، أي زاد عن عشرة أضعاف سكان العالم العربي ، أواخر أربعينات القرن الماضي ، كان لا بد من اشتقاق ثقافة جدية في السياسة ، تمكن بريطانيا ، بطاقتها البشرية المحدودة ، من حكم شبه القارة الشاسعة هذه . ولأن الهند تضم قوميات وإثنيات متنوعة ، تحكي بلهجات ولغات كثيرة ، وتدين بأديان وتنقسم إلى طوائف عديدة ، فقد شكلت البيئة المناسبة لخلق وتطبيق هذه الثقافة السياسية الجديدة ، سياسة فرق تسد ، سيئة الصيت والسمعة ، والتي عانينا بعض تجلياتها في فلسطين .
ومن أجل عيون درة التاج هذه ، وشقيقاتها في جنوب شرق آسيا ، أو الهند الصينية كما كانت تعرف آنذاك ، وبحضاراتها العريقة ، عملت بريطانيا ، ومعها فرنسا ، على السيطرة على كامل الطرق البحرية المؤدية إليها . سيطرت على كامل البلدان المطلة على المحيط الهندي ، ثم على الخليج العربي فجنوب العراق ثم شماله ، درءا لخطر خط حديد برلين - بغداد المحتمل كما سبق وأشرنا . ومن أجل تسهيل ، وتقصير زمن الوصول إليها ، تم حفر قناة السويس ، وإحكام السيطرة على سواحل بحر العرب ، ومضيق باب المندب وسواحل البحر الأحمر ، كما سبق وأشرنا أيضا . وبعد أفول عصر الاستعمار استقلت كل هذه البلدان . ويبرز السؤال : هل توقف الاستعمار القديم ، ووريثه الأمريكي الجديد ، عن الطمع في ثروات تلك البلدان ، وبعضها البترول ، وما هو أثمن من البترول ؟ وهل توقف التآمر على وحدة تلك البلدان ،بمكوناتها الإثنية المتنوعة ، وقومياتها وأديانها وطوائفها العديدة التي يفترض أن تشكل التربة والبيئة الخصبة لنجاح هكذا تآمر ؟ والجواب : بالقطع لا . ويعود السؤال : لماذا تفشل المؤامرات الإمبريالية ، حيث يفترض لها النجاح ، وتنجح عندنا حيث يفترض لها الفشل ؟
وكانت الصين بمئات ملايينها ، وحضارتها العريقة ، تشكل حالة صعبة على الاحتواء الاستعماري وتحتاج لأكثر وأشد فاعلية من سياسة فرق تسد ، سيئة الصيت والسمعة . وتفتق الذهن الاستعماري عن فكرة جهنمية . فلتثبيت استعمار الصين كان لا بد من دفع مئات ملايينها إلى حالة من البلادة ، فانعدام القدرة على أي فعل . تم ذلك بإغراق الصين بالمخدرات ، والأفيون على وجه الخصوص . وبعد نجاح الثورة الاشتراكية واستقلال الصين العام 1949 ، فوجئ النظام الجديد بإدمان مائة مليون صيني على الأفيون ، أي أكثر من ضعف سكان عالمنا العربي آنذاك . ومع ذلك ورغم ثقل هذه المأساة الكارثة ، تعافت الصين وتنطلق بسرعة صاروخية نحو آفاق التنمية والتطور . ويبرز السؤال من جديد : هل توقفت الأطماع الاستعمارية عن الصين ، والتي لم تنحسر عن جزء منها ، هو هونغ كونج ، إلا قبل نحو العشرين عاما ، وعن نهب ثرواتها ؟ ولماذا تفشل المؤامرات عليها وتنجح عندنا ؟
وأخيرا ، وليس آخرا ، إذا ما انتقلنا إلى إفريقيا ، حيث شعوبها لا تملك حضارات لا عريقة ولا غير عريقة ، وحيث وصلها الاستعمار وهي على حالتها البدائية ، وحيث بلغ النهب لثرواتها حدودا وصلت حد صيد شبابها وبناتها وبيعهم في أوسع وأحط وأوحش سوق للرقيق عرفه العالم على مر تاريخه ، لنعود ونسأل : هل توقفت الأطماع الاستعمارية ، قديمها وحديثها ، عن مواصلة نهب ثروات القارة الإفريقية ، وبعضها البترول – نيجيريا مثلا - ؟ وهل توقفت المؤامرات على وحدة وحرية شعوبها ؟ ولماذا تفشل هذه المؤامرات هنا ، وحيث تتوفر لها كل مقومات النجاح ، وتنجح عندنا ، حيث المفترض توفر مقومات فشلها ؟
سايكس – بيكو :
لا أملُّ من تكرار القول أن مثقفينا ومفكرينا يستخدمون حكاية سايكس – بيكو ، لا كفزاعة ، بل كشماعة ، يعلقون عليها ، كما على غيرهم ، قصورهم في الوصول إلى جذور ، ففهم العيوب والعلل التي تعاني منها شعوبنا العربية . قلت مرارا ، وأكرر ، أن ما توصف بمؤامرة سايكس – بيكو ، ما هي إلا حالة عادية ، كانت تعقب الحروب التي تنتهي بمنتصر ومهزوم . ظل المنتصر يلغي وجود المهزوم، ويضم مُلكَه إلى ملكه . في حروب الممالك والإمارات والسلطنات العربية والإسلامية ، كان المنتصر يذهب إلى حد إلغاء ماضي المهزوم ، بتدمير قصوره وآثاره الحضارية ، وتحويلها إلى خرائب . وإذا كان المنتصر حلفا ظل تقسيم أملاك التحالف المهزوم، باتفاقية مكتوبة أو شفوية ، أمرا متعارفا عليه .
وعقب الحرب العالمية الأولى لم يقتسم الغالبون – الحلف البريطاني الفرنسي – أملاك الدولة العثمانية فقط ، بموجب اتفاقية سايكس – بيكو ، بل واقتسموا أملاك حلفائها أيضا ، ألمانيا وأمبراطورية النمسا المجر ، التي زالت من الوجود . وعلى أي حال ، وحتى لو قبلنا بمقولة مؤامرة سايكس – بيكو ، التي كانت عرفا عالميا كما أشرنا ، فإنها اقتصرت على جزء ضئيل من العالم العربي ، وليس عليه كله كما يقال . طالت بلاد الشام وشمال العراق ، الذي كانت بريطانيا قد احتلت جنوبه ووسطه قبل هذه المؤامرة . والانتداب – الاستعمار – دام ربع قرن على بعضها ، سوريا ولبنان ، وقرابة ثلث القرن على بعضها الآخر – فلسطين ، الأردن ، شمال العراق - . وكون أن الانتداب على فلسطين انتهى بالنكبة وإقامة إسرائيل ، لا يجعل من سايكس – بيكو ، حدثا فريدا في التاريخ ، وبعبعا نخيف به شعوبنا كلما دعا الداعي .
والسؤال الذي اعتدنا مواصلة الهروب من محاولة الإجابة عليه : لماذا كرس استعمار ربع قرن حالة التقسيم لبلاد الشام مثلا ؟ لماذا نجح كمال أتاتورك في منع تطبيق سايكس – بيكو على تركيا ، وأعاد توحيدها ، واستمر تقسيم بلاد الشام إلى سوريا ، لبنان ، فلسطين والأردن ؟ لماذا بعد زوال هذا الاستعمار الذي دام ربع قرن فقط ، لم تعد هذه البلدان الأربعة إلى الوحدة ، ومواجهة إسرائيل ،واستعادة فلسطين ؟ وكيف ولماذا ترسب في عقل مواطن كل بلد منها أن بلده وشعبه غدت أمة مستقلة ، تناصب شقيقتها التنافس والعداء ، بدل التكامل والمودة ؟ هل أسباب استمرار الفرقة ترجع إلى غياب الحريات ، وفقدان الديموقراطية ، وحكم النظم الاستبدادية ، وفشلها في محو عار فلسطين ، وفي التنمية والتطور وحل سائر المشاكل القائمة ، كما اعتدنا أن نقول؟
إمبراطورياتنا الإسلامية :
لقد اعتدنا مطالعة أجوبة سهلة ، والأدق مسطحة ، للأسئلة المعقدة السابقة . ومع أن بروز ظاهرة إرهاب تنظيمات الإسلام السياسي ، أضافت لتعقيدات الأسئلة السابقة ، تعقيدات إضافية ، إلا أن تسطيح الإجابات تواصل . ولم نتذكر يوما أن العالم اللاتيني – ومنه شعوب أمريكا اللاتينية – شهد قمعا واستبدادا ، ونكبات ، ونهبا للثروات ، أقسى بكثير مما شهدته شعوبنا العربية . ومع أن الكاثوليكية كانت قائدة عصور الظلام في أوروبا ، إلا أن الشعوب اللاتينية لم تفرز ظواهر إرهاب ، مرتكز إلى العقيدة الدينية ، وبهذا العمق والاتساع والوحشية التي تشهده منطقتنا . والأمر ذاته تكرر مع الهند وعقائدها الهندوسية ، والصين ، والهند الصينية ، وعقائدها البوذية والكونفوشية ؟ وغني عن الذكر أن العالم المسيحي الأرثوذكسي لم يشهد ، لا في الماضي ولا في الحاضر ، مثل هذه الظواهر . والأمر ذاته ينطبق على العالم المسيحي البروتوستانتي والأنغليكاني . ومن جديد يبرز سؤال شديد التعقيد : إذن كيف ولماذا ومن أين ننفرد بهذه الظاهرة المشينة ، دونا عن العالم كله ؟
بعض الإجابة أخذت تأتي في صورة تساؤل ، راح يشق طريقه في الفكر العام مؤخرا . هل هي خاصية جينية ننفرد بها عن باقي العالم ؟
في تقديري أننا ننفرد بعدم قراءة واعية لتاريخنا . تعالوا نحاول مرورا سريعا عليها . لقد تعاقبت على حكم أمتنا العربية ، في القرون الثلاثة عشر الماضية ، خمس إمبراطوريات إسلامية ، تحت مسمى الخلافة ، تخللتها إنقاطاعات محدودة ، صليبية ومغولية . الراشدية ، والأموية ، والعباسية ، والفاطمية والعثمانية . ومع أنها جميعا حكمت باسم الدين ، وبعضها تربع على عرش قطبية العالم – الخلافة العباسية - ، إلا أنها تشاركت في سمة عامة ، تمثلت في عجزها المطلق عن تقديم نموذج واحد للحكم الرشيد ، يملك حلولا ناجعة للمشكلات القومية والإثنية والدينية والطائفية والطبقية والجنسية ....الخ التي تطبق على خناق عالمنا العربي الآن .
فرغم أننا نتشدق جميعا بمقولة :" ليس لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " ، فإن هذه المقولة لم تشهد تطبيقا في عصر من عصور الخلافة . وعلى العكس ، شهدت في الخلافات العربية تعميقا للتمييز على أساس قومي . فالخلافتان الراشدية والأموية كانتا عروبيتين بامتياز . وإمعانا في إهانة وإذلال أهالي البلدان المفتوحة ، أطلقنا عليهم وصف العلوج والأعاجم . وحتى الخليفة العادل عمر بن الخطاب لم ينج من داء العنصرية البغيض هذا . فهو من أطلق ، في مرسوم تحرير العبيد العرب ، مقولته الشهيرة :" إنه ليقبح بالعرب ، أن يملك بعضهم بعضا وقد وسع الله عليهم فتح الأعاجم " . وزاد الطين بلة بأن بادل العبد العربي بعبدين غير عربيين ، لإتمام عملية التحرير هذه . والمرور على تاريخ الخلافة الأموية يرينا إلى أي حد بلغ الاستعلاء العربي على الأقوام الأخرى . وفي الخلافة العباسية ، ورغم ما شهدته ، ومنذ البداية ، من رفع لشأن العنصر الفارسي ، إلا أن الاستعلاء العربي لم يتراجع . وظلت تهمة الشعوبية ، أي انحياز الأديب أو الشاعر أو المفكر ، لنبي جلدته ، تهمة تودي بصاحبها إلى التهلكة ، مثلما وقع لعبد الله بن المقفع على سبيل المثال . وفي الخلافة العثمانية رد الأتراك على صاع الاستعلاء العربي بصاعات من الاستعلاء التركي . وإذا ما تذكرنا أنه في الخلافتين العباسية والفاطمية ، نشأت ممالك وسلطانات وإمارات ، بحجم إمبراطوريات ، من جنسيات مختلفة ، نرى إلى مدى تعمقت ظواهر التمييز على أساس إثني وقومي ، وما تبعها من عنف فأحقاد ، وتباغض وتناحر واقتتال . وباختصار عمقت الخلافات الإسلامية ظاهرة الصراع على أساس الانتماء القومي ، بدل حلها بسن وتطبيق تشريع المواطنة .
ولم يكن الموقف من أتباع الديانات الأخرى ، وعلى مدار تاريخ الخلافات ، بأفضل من نظيره القومي . ظل التمييز هو السمة الدائمة . أتباع الديانات الأخرى ، وفي أحسن الأحوال ، ذميون يدفعون الجزية وهم صاغرون . وهم بحكم دياناتهم ممنوعون من تبوء المناصب العامة ، عملا بقاعدة : لا ولاية لغير المسلم على المسلمين . والحالات التي برز فيها ذميون فردية ومحدودة جدا . وأكثر من ذلك ، وإذا كان الذميون قد حظوا بقدر من التسامح فالراحة ، في فترة من فترات ازدهار الدولة ، فقد وقعوا تحت طائلة التنكيل والاضطهاد في فترات أخرى أطول . وباختصار سجل التاريخ الإسلامي فشلا ذريعاً في حل مشكلة تنظيم العلاقات بين الأديان . وترسخت مشكلة رفض قبول الآخر ، بما تحمله من مظاهر التمييز وعقد الاضطهاد ، وما يترتب عليها من تراكم الكره والحقد وتبادل للبغضاء ، وعلى مر كل تلك القرون .
وإذا ما انتقلنا إلى مشاكل الصراع المذهبي والطائفي ، الطافية على سطح الأحداث الآن ، طالعتنا شدة وعنف تعقيداتها على طول مسار هذا التاريخ . فمن البدء ، ومنذ الفتنة الكبرى على الخليفة الراشدي الثالث ، عثمان بن عفان ، لم تجد الخلافات الإسلامية وسيلة لحل الصراع المذهبي ، غير آلية ووسيلة العنف الدموي . الاجتثاث ، واقتلاع الخصم ، وإزالته من الوجود كان الحل للصراعات المذهبية . بدأ هذا مع الخوارج ، ومن ثم مع المعتزلة والقرامطة ، وحتى مع أصحاب المذاهب السنية ، التي تقلصت ،نتيجة ذلك ، من 97 إلى أربعة .
ومع الطوائف كان الفعل أشد وأكثر دموية . والصراع بين السنة والشيعة قدم نموذجا وتلخيصا كافيا لهذه المسيرة الدموية الهائلة . زاد من تعقيد المسألة تعاقب ظهور الدول السنية والشيعية ، فتعاقب عمليات الثأر والانتقام . فالخلافة العباسية مثلا قامت على أساس الدعوة لآل البيت ، التي فهمت أنها دعوة لاستعادة حق خلف علي بن أبي طالب في الحكم . ولما انتصرت الدعوة ، وانفرد أبناء العمومة ، بنو عبد الله بن عباس ، في الحكم ، لم يكتفوا بكل ما فعلوه من تنكيل ببني أمية ، وصل حد هدم كل ما أحدثوه من عمران ، وحد إخراج هياكلهم العظمية من القبور وجلدها ، بل وانداروا على أحفاد علي ، وعرضوهم لتنكيل ومذابح لم يفعلها بنو أمية . وحين قامت الخلافة الفاطمية ، وهي شيعية ، أذاقت بني العباس من ذات الكأس وأكثر . وذات الطريق سارت عليه الدولة البويهية ، الشيعية ، وخليفتها السلجوقية السنية . ومن جديد قمع واضطهاد وأحقاد وبغضاء وكراهية ، وتراكم ينمو على مر العصور .
وأما عن الاضطهاد الطبقي ، وعلى أساس الجنس ، الرجل للمرأة ، فالحديث يطول ويطول . وإذا ما أضفنا لكل ذلك فعل قرون الظلام التي جاوزت التسعة ، وانتصار النقل على العقل ، ودفع الأخير إلى حالة من الغيبوبة شبه التامة ، لرأينا أن ذلك التراكم الكمي لكل تلك المصائب ، القومية والدينية والمذهبية والطائفية وعلى أساس الجنس واللغة .....الخ ، وصل إلى حالة التغير النوعي التي نشهدها ، و انفجارات الإرهاب التي نعايشها .
لقد حدث التراكم على مدار ثلاثة عشر قرنا ، فهل كانت كافية لإحداث تحول جيني يدلل عليه ما نحن عليه اليوم ؟ ربما نعم وربما لا . لكن البحث عن حلول في الإسلام الوسطي ، كما يرى الكثيرون ، هو أكثر من جري وراء سراب . هو جريمة متكاملة الأركان . لقد فشل الإسلام السياسي ، بكل تراكيبه ، مما قبل الوسطي ، وإلى ما بعد الوسطي ، في بناء نماذج تتبعها البشرية في حل مشاكلها . وقليلون منا ربما يتذكرون أن نظم الحكم التي استرشدت بالعقيدة اللاتينية ، فشلت هي الأخرى في ذلك . وفقط حين فصلت أمم بين شؤون الدين والدنيا ، وبعد أن أحالت شؤون الدنيا لدولة مدنية تتالت الحلول . كفالة الحريات والحقوق على اتساع تنوعها ، بناء الديموقراطية ، وإرساء مبادئ المواطنة على أساس المساواة ، وضمان حماية القانون شكلت أعمدة هذه الحلول . فهل نصحو ، وهل نفعل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح