الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستشار الدراماتورجي لمسرحية “السقيفة “الناقد العراقي صميم حسب الله ل ” الوقائع”:

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2014 / 11 / 15
الادب والفن


حوار الوقائع مع المستشار الدراماتورجي لمسرحية “السقيفة “الناقد العراقي صميم حسب الله


*- الربيع العربي تحول إلى كابوس دموي يتحكم فيه رجال الإسلام السياسي
*- قيمة هذا العمل التعاطي مع الواقعة من دون المساس برموزها الدينية
ضيفنا هذا الأسبوع الناقد العراقي والمستشار الدراماتورجي الأستاذ صميم حسب الله الذي شارك في العمل المسرحي الجديد للمخرج حافظ خليفة ” السقيفة” واعتبره عملا جريئا خاصة وأن أهمية هذا العمل تكمن في بعدها الـتأريخي خاصة بعد ثورات الربيع العربي التي استولى عليها الاسلام السياسي
تحدث في هذا الحوار حول العديد من النقاط الفنية المهمة، لكم تفاصيلها:

ما يمثل موضوع “السقيفة “بالنسبة للشارع العراقي؟

لاتقتصر أهمية “السقيفة “على الشارع العراقي فحسب بل إنها تشكل اهمية وإشكالية كبرى في العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها .. ذلك أنها تعد واحدة من القضايا العالقة في التأريخ الإسلامي ، إلا أنها قد تبدو أكثر تركيزا في البلدان العربية التي يكون فيها تنوع مذهبي ، كما هو الحال في العراق ، الأمر الذي يبدو فيه إثارة هذا الموضوع في مثل هذه الظروف غير مناسب على الرغم من ان العرض لاينحاز إلى طرف دون آخر بل إنه يعرض واقعة تاريخية حدثت في مرحلة حرجة من مراحل الدين الإسلامي ، كان لها دور في تحول الدعوة الاسلامية بعد وفاة رسول الله محمد (عليه الصلاة والسلام) إلى صراعات سياسية وقبائلية يطمح زعمائها إلى تولي سلطة الخلافة ، الأمر الذي تحول فيه الإسلام من دين سماوي إلى سلطة سياسية . لذلك فإن “السقيفة” وغيرها من القضايا التاريخية باتت تشكل نقطة خلاف جوهري بين الأطياف الدينية في المجتمعات العربية كافة.

كيف تتصورون إمكانية تقديم “السقيفة” فوق الركح:

هناك الكثير من الأعمال المسرحية التي تتعاطى مع الوقائع التاريخية والدينية على وجه الخصوص ، ولكن أكثر تلك الأعمال لم تكن قادرة على مغادرة الإيقونة المقدسة لتلك الأحداث ، الأمر الذي جعلها تكون صورة مستنسخة للواقعة التاريخية ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن التأريخ الإسلامي يتضمن الكثير من المحاذير التي تمنع المشتغلين في الحقول المعرفية والجمالية لاسيما المسرح من الولوج إليها لما تحتويه من إشكالات تتمثل في تعدد مصادر الرواية التاريخية ، وإضفاء هالة القدسية عليها وتغليب فئة على حساب فئة أخرى ، وتأتي” السقيفة “بوصفها واحدة من تلك الوقائع التي لم يزل المجتمع الإسلامي غير قادر على تجاوزها ، وهنا تأتي أهمية إخراج (حافظ خليفة) للسقيفة ، من اجل خلق فسحة أمام المتلقي المعاصر تمنحه القدرة على تجاوز الصراعات (السياسية) التي هيمنت على الشكل الديني الذي كان عليه الإسلام بعد وفاة النبي محمد(صلوات الله وسلامه عليه) .

هل تعتبر انه من الجرأة الاقتراب من موضوع السقيفة ؟

بالتأكيد هي جرأة ومجازفة وشجاعة في الوقت نفسه ، ذلك أن اختيار المخرج(حافظ خليفة) لهذه الواقعة الإشكالية التي لم يتمكن العشرات من المؤرخين والباحثين من فك الإشتباك عنها على مدى قرون طويلة، وما يحسب للمخرج والمؤلف (بوكثير دومة) القدرة الفائقة على التعاطي مع الواقعة من دون المساس برموزها الدينية ، بل العمل على التعاطي معها بوصفها حدث سياسي ، وتأتي أهمية السقيفة اليوم ، بعد ثورات الربيع العربي التي استولى عليها الإسلام السياسي ، وكان المخرج أراد التذكير بان التأريخ يعيد نفسه مرة أخرى ، وهو محق في ذلك ، ذلك إن ما بدا عليه الربيع العربي من ثورات ضد الظلم والاستبداد في عهود الدكتاتورية ،سرعان ما تحول إلى كابوس دموي يتحكم فيه رجال الإسلام السياسي الذي يسعون إلى إحياء “السقيفة” من اجل تجديد النعرات الطائفية والعنصرية داخل المجتمعات العربية .

هل تعتقد ان الجمهور العربي قادر على تقبل تمثل الصحابة فوق الركح؟

بالنسبة للعراق فقد شهد التحول السياسي الذي حصل في العراق بعد 2003 تغيرا كبيراً في البنية الإجتماعية ، الامر الذي كشف الستار على العديد من المظاهر والطقوس الدينية التي لم تكن مباحة من قبل ، الامر الذي منح المشتغلين في الحقل المسرحي فرصة التعاطي مع الشخصيات الدينية بوصفها حقلا خصباً وغير مكتشف ، الأمر الذي كشف عن وجود مهرجانات محلية تعنى بتقديم الشعائر الحسينية في إطار مسرحي ، كما في مهرجان (ينابيع الشهادة) الذي يتناول المشتغلون فيه الاحداث التاريخية المرتبطة بواقعة إستشهاد الأمام الحسين (عليه السلام) ، فضلا عن وجود حالات قليلة تصدت لتقديم الشخصيات الدينية على خشبة المسرح لاسيما شخصية (الامام الحسين – عليه السلام) في تجارب عدة منها ، مسرحية (الحسين ثائرا وشهيدا) التي اخرجها الفنان ( جواد الحسب ) ومسرحية (الحسين الان ) إخراج (الدكتور عقيل مهدي) ومسرحية ( الحسين في غربته) أخرج (الدكتور عقيل مهدي ) أيضاً فضلا عن تجارب مختلفة اخرى منها مسرحية (الحر الرياحي ) أخراج الفنان ( كريم رشيد) في تسعينيات القرن الماضي والتي تعرض بسببها إلى مساءلة من قبل السلطة السابقة . ، وعلى الرغم من ان الدراما التلفزيونية لاسيما الدراما الإيرانية قد تصدت إلى تقديم الصحابة على الشاشة إلا أن الامر في المسرح لم يزل محظوراً على الرغم من ان الدراما التلفزيونية العربية قد تصدت في مسلسلات عدة منها (الحسن والحسين ، عمر ) إلى تقديم الشخصيات ، إلا انها في المسرح إقتصرت على إيجاد معالجات إخراجية تكون كفيلة بإخفاء ملامح الصحابة والاولياء وآل بيت النبي الاطهار .

بعض الأيمة السنيين ابدوا تحرجا من طرح موضوع “السقيفة” فهل تعتقد ان السبب هو الخلاف العقائدي ام اشكالية تجسيد الصاحبة ؟

الخلاف العقائدي هو احد الاسباب الحاضرة في كل زمان ومكان ،فضلا عن ذلك فإن العديد من رجال الدين المتزمتين يرفضون المسرح بمجمله ،كما يرفضون باقي الفنون الاخرى ، كما انهم يعتقدون أن الحدث التاريخي هو حدث مقدس كما هو النص القرآني ، وهنا تكمن المشكلة ، فإذا كان النص القرآني منزلاً من الخالق سبحانه وتعالى ويحتكم على القداسة الإلهية ،فقد قال فيه أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب – عليه السلام ) في معرض حديثه عن الخوارج (لا تُخاصِمْهم بالقُرآن؛ فإنَّ القُرْآن حمَّالُ أوجُه، ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكنْ حاجِجْهم بالسنَّة؛ فإنَّهم لن يَجدوا عنْها مَحيصًا” ، إلا أن بعض رجال الدين الذين يميلون إلى التعصب ودعاة الفرقة ، قد سحبوا قداسة النص الديني إلى الوقائع التاريخية وأضفوا عليها قداسة ليست منها في شي .

حسب تقديرك لما يطرح موضوع “السقيفة” بشدة في الوقت الراهن؟

اعتقد أن فكرة التعاطي مع الوقائع التاريخية الإسلامية لا يقتصر على هذه المرحلة فحسب بل أن المشتغلين في المسرح العربي كثيرا ما كانوا يلجؤون إلى التأريخ والتراث الإسلامي ، من اجل الإفادة من الأفكار الغزيرة التي يزخر بها التأريخ الإسلامي ، فضلا عن ذلك فإن الأنظمة الدكتاتورية التي كانت تسيطر على المجتمعات العربية بأجهزتها الرقابية كانت سبباً آخر جعل من المسرحيين يلجئون إلى التراث الإسلامي ، على الرغم من أن معالجاتهم الإخراجية لم تكن بمستوى تلك الوقائع ، بل اعتمدت على الترميز في العرض هرباً من سلطة الرقيب ، أما في الوقت الحاضر فقد توافرت المجتمعات العربية على شيء من الحرية بعد الإطاحة بالأنظمة السابقة الأمر الذي جعل بعض المسرحيين يتجرأ على التعاطي مع تلك الوقائع ، من اجل مواجهة تيارات الإسلام السياسي الذي هيمن على السلطة في مجتمعات الربيع العربي ، الأمر الذي دفع برجال المسرح إلى التصدي إلى مشاريع الإسلام السياسي عن طريق استلهام النصوص الدرامية من الوقائع التاريخية بوصفها أنجع وسيلة لمواجهة المد الديني والسياسي.

العمل مقدم باللهجة الوسطى الجامعة بين العربية والدارجة فهل تعتقد انه كاف لإبلاغ الرسالة؟

لا يمكن لعرض مسرحي واحد أن يقول كل شيء ، اعتقد أن السقيفة تدخل ضمن مشروع المخرج (حافظ خليفة) المسرحي، إما بخصوص اللغة فقد بدا لي أن اعتماد المؤلف(بوكثير دومة) على هذه التقنية اللغوية موفقاً لاسيما وان العرض من المؤمل أن يشارك في العديد من المهرجانات العربية ولكي لا يبدو صعباً على المتلقي التواصل مع النص فإن هذا الحل يأتي بوصفه شكلاً تقنياً أبدع (بوكثير) في تبينه في لغة تبدو للمتلقي حاضرة ، فضلا عن ذلك فإن المؤلف ومعه المخرج لم يكونا بحاجة إلى وجود نص ملغز على مستوى اللغة لذلك جنح النص نحو الوضوح من اجل إيصال الرسالة التي يتبناها العرض دون لبس او سوء فهم لغوي.

وهل تعتقد أن الفانتازيا التاريخية قادرة على خلق التوازن بينها وبين الوقائع التاريخية؟

إن الاشتغال على الوقائع التاريخية ممن دون المساس بمتحفيتها التاريخية على مستوى البيئة والشكيلات البصرية لا يفضي إلى نتائج يمكن لها أن تحسب إلى الرؤية الإخراجية التي يتصدى لها المخرج ، بمعنى آخر ما الداعي إلى التعاطي مع التأريخ من دون تحريك الساكن فيه والبحث عن مثيرات إشكالية تسهم في إثارة المخيلة عند المشتغلين عليه ، يمكن ان نعود إلى الوقائع في الكتب القديمة ونتعرف عليها ، وهنا تتأتي وظيفة العرض المسرحي لا بوصفه ناقل فوتوغرافي للحدث التاريخي بل بوصفه قارئاً فكرياً وجمالياً للوقائع التاريخية مستفيداً من أدوات العرض السمعية والبصرية من اجل إعادة إنتاج الماضي بروح العصر ، ويعود ذلك إلى أن المتلقي نفسه يبحث عن المثير في المتن التاريخي وكيف عمل المخرج وفريق العرض على إعادة إنتاج بما يتوافق وروح العصر من اجل أن يكون العرض بمستوى القراءات التأويلية التي تقع على عاتق المتلقي ، وبذلك فإن جميع عناصر العرض السمعية والبصرية تسهم على نحو فاعل في خلق رؤية إخراجية يعمل المخرج من خلالها على تهشيم المتن التاريخي ومساحاته الإيقونية وصولا إلى مساحات جديدة تتوافق مع الحاضر وترنو إلى المستقبل.

كيف ترى  مساهمتك في هذا العمل كمستشار دراماتورجي؟

اعتقد أن المخرج هو الذي يستطيع أن يحكم على مساهمتي في هذا العرض ، من جهتي أعتقد أنها تجربة مفيدة وجديدة من ناحية التحاور والاستشارات التي تبادلتها مع المخرج ، سواء في لقاءاتنا المباشرة أو عبر وسائل التواصل المختلفة، الأمر الذي جعلني أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه العرض وفريق العمل على الرغم من بعد المسافة إلا أن التواصل قد تحقق بشكل أو بآخر ، وقد اشتملت وظيفتي الاستشارية على تقديم المشورة للمخرج حافظ خليفة بما يتناسب ورؤيته الإخراجية ، والحقيقة أقول أن توارد الخواطر والأفكار بيننا كان هو المستفيد الوحيد من التجربة ، بمعنى ان الفكرة التي اطرحها كانت تجول في خاطر المخرج ، والملاحظات التي ينقلها لي كنت أتفاعل معها كما لو كنت داخل البروفات .. لقد استمتعت كثيرا بهذا العمل على أمل أن أشاهده على الخشبة قريبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة