الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجديد الفكر السياسي حول إشكالية الداخل و الخارج 1 من 8

حازم نهار

2005 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


1- مقدمة: عصر بدون مقدسات يعيد اصطفاف القوى و البشر:
مع انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت ملامح نظام دولي جديد بالتكون ، ثم جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول لتتضح هذه الملامح أكثر فأكثر ، و لتقوم على سيطرة شبه كلية للولايات المتحدة التي اجتمعت لديها جميع عناصر مركب القوة : القدرات السياسية والدبلوماسية ، الاقتصاد الهائل ، التطور التكنولوجي والقوة العسكرية ، والمساحة الواسعة ، والعدد الكبير نسبياَ من البشر ، والتماسك الإيديولوجي .
هذا التحول السياسي رافقه تغير نوعي واسع في العلوم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال ، وأدى هذان العاملان ( التحول السياسي والتطور العلمي ) إلى انخفاض تدريجي في درجة سيادة جميع الدول بمستويات مختلفة ، لدرجة أصبحت معها السياسة الأمريكية حاضرة داخل كل دول العالم ، وتتحدد إزاءها المعسكرات والاستقطابات السياسية والاقتصادية .
أصبحت نتيجة ذلك العلاقة بين الداخل والخارج مسألة مركزية داخل كل دولة من الدول، وتحكم موضوعياَ جميع القوى المجتمعية، السياسية والاقتصادية، سواء اعترفت بذلك أو أشاحت بوجهها عن هذه العلاقة. كما تحولت هذه العلاقة إلى إشكالية ممزقة للجسد السياسي ، وهي لذلك واقعية ، وليست زائفة كما يرى البعض ، إذ إنها تعيد اليوم تشكيل القوى السياسية ، وتعيد اصطفافها من جديد ، وتلغي تحالفات طويلة الأمد ، وتحطم تسميات وصفات عديدة لازمت العديد من القوى، خاصة في المنطقة العربية، و منها سوريا.
هذا الأثر الكبير لهذه الإشكالية يجعل منها موضوعاَ أساسيا َمن موضوعات الحوار وإعادة بناء رؤانا وتصوراتنا للذات والآخر والعالم ، وإذا كان البعض ينظر لهذا الأمر بوصفه من المحرمات التي ينبغي عدم تناولها ، أو يسبغ صفة القداسة على رؤاه التي اعتادها في الماضي ، خاصة فيما يتعلق بالتصنيف السهل للبشر إلى معسكر أعداء وآخر للأصدقاء ، فإننا نرى أن أهم سمة لهذا العصر هي أنه يعلن لنا يومياَ نهاية المقدسات من جهة ، ويخبرنا أن مناهجنا السابقة وطرائقنا السابقة ما عادت قادرة على تحليل ما يحدث أو الاستفادة منه .
بدأ هذا العصر مع انهيار الاتحاد السوفيتي والغزو الأمريكي للعراق في العام 1991 ، وترافقت هذه البداية في المنطقة العربية مع أولى محاولات خرق المقدسات واقعياَ ، أي فكرة "عدم جواز الحرب بين العرب أو بين المسلمين" ، بحكم مؤثرات دينية وقومية في ثقافتنا السياسية السائدة ، وقد جاء هذا الخرق على يد سلطات عربية عديدة . بعده جاء الخرق من قبل المعارضة السياسية في العراق عندما استعانت بالقوى الخارجية لإنهاء النظام الاستبدادي في العراق ، وبعد أن كان ما كان انفتحت المنطقة المغلقة لعقود على سلسلة من التغيرات التي مازالت في بدايتها ، و لتنطرح إشكالية العلاقة مع الخارج بقوة في جميع دول المنطقة .
في سوريا تكاد تصبح هذه الإشكالية المسألة المركزية التي ستعيد ترتيب واصطفاف القوى من جديد ، فمع بدء الحراك السياسي كانت القوى السياسية في المعارضة مليئة بالشكوك وبحالة من عدم الثقة فيما بينها ، وتدريجياَ ( بعد مخاضات وحوارات عديدة و بتأثير تجارب عربية أخرى ) بدأت هذه القوى تعتاد على ما لم تعتد عليه في الماضي ، إذ اقتربت القوى الدينية والعلمانية من بعضها بعضاَ ، واقتربت القوى الليبرالية من القوى ذات التوجه الاشتراكي ، واقتربت القوى القومية العربية من القوى القومية الكردية ، و هو بالطبع اقتراب سياسي بين هذه التيارات المختلفة إيديولوجياَ ، و لعل محركاته تكمن في حدوث تطور جزئي نسبي عند جميع القوى التي اقتنعت بعد تجارب مأساوية عديدة بأن كلا منها لوحده لا يمكن له أن يدعي تمثيل الشارع السوري. أما الإشكالية الباقية في الساحة فهي إشكالية العلاقة بين الداخل والخارج، و هي التي ستحدد، على ما يبدو، الاصطفافات الجديدة .
أعلم في البداية ما يكتنف مقاربة هذا الموضوع من مخاطر ، أقلها التعرض لاتهامات بالعمالة أو الخيانة الوطنية ، ومن جهات عديدة قد لا تلتقي فيما بينها إلا حول هذا الموضوع . ليس هناك مشكلة في المحصلة في هذه الاتهامات ، فهذا يمكن مناقشته والتعاطي معه ، ويمكن أن يحدث تعديل أو تغيير في الآراء والمواقف من خلال الحوار ، أو قد لا يحدث ، لكن المشكلة هي في قرار الإعدام المرافق للاتهام عندما يحدث خلاف في الرأي حول هذا الموضوع ، والذي قد يكون إعداما أخلاقياَ أو وطنياَ أو سياسياَ ، أو حتى جسدياَ .

..... يتبع .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك