الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة التائهة

يسرا محمد سلامة

2014 / 11 / 30
مقابلات و حوارات


أُسدل الستار اليوم على محاكمة القرن، بحكمٍ أقل وصف له بأنه متوقع، لأسباب عديدة، أولها وأهمها – كما ذكر اليوم محامي حسين سالم متباهيًا في حديث إعلامي – الورق المُقدم للمحكمة لم يكن كافيًا لاتهام أى شخص مسئول وقت وقوع مظاهرات 25 يناير 2011 بجريمة قتل المتظاهرين، أو حتى اتهام أى من مسئولي النظام السابق بجرائم الفساد التي شهدتها البلاد على الأقل طوال العقد الأول من الألفية الثالثة.
والسؤال الآن – وهو بالمناسبة ليس له علاقة بقاضي النطق بالحكم – هل التهليل والتطبيل والفرح الذي ظهر على وجوه كل من كان في قفص الاتهام، أو حتى من المحامين الذين ترافعوا معهم حقيقي؟!!، بمعنى هل هم بالفعل فرحين ببرائتهم لأنهم لم يفعلوا هذا الجُرم؟ أم الفرح ظاهري فقط من أجل إثبات إدعائهم خلال الثلاث سنوات الماضية بأنهم لم يفعلوا شيئًا؟!!.
نعم الحقيقة لا يعلمها إلا الله، لكن المنطق يقول أن شهداء 25 يناير ومن سقطوا مدة الـ 18 يوم التالية حتى إعلان مبارك تنحيه بعد رضوخه لثورة الشباب، يقول بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك من قتل ودمر وخرّب وانتهك ممتلكات، أما عن قضايا الفساد فحدث ولا حرج لأنها عديدة وواضحة والمسئول عنها معروف – غير مجهول – فمن الفاعل؟!!، ولماذا لم يُعلن عنه في حيثيات الحكم بالبراءة – مع تسليمنا بها شكلاً وموضوعًا – الأكيد أن هذا الشعب لم يقتل نفسه بنفسه، ولم يقم بالتخريب، وانتهاك الممتلكات، ولم يتصدر المشهد في قضايا الفساد، حتى نُنحي من دخلوا القفص متهمين جانبًا، ونُدخل بدلاً منهم هذا الشعب.
يُنادي الكثير الآن بوجوب وقوف المؤرخين في وجه هذا الحكم الظالم، وكشف الحقيقة كاملةً للتاريخ ولوجه الله تعالى، بل وذهب البعض إلى ضرورة إعادة كتابة التاريخ من جديد وإلغاء ثلاثين عامًا من حكم شخص – بل من الممكن أن نَقل نظام – عاش بيننا، ومع كامل احترامي لكل هؤلاء، إلا أنه لا تصح كل هذه المنادات، لسبب بسيط جدًا، أنه من المتعارف عليه عند كاتبي التاريخ أو الباحثين فيه، لا يجوز كتابة أى حدث إلا بعد مرور فترة كافية عليه، لا تقل في بعض الأحداث عن ثلاثين عامًا، وفي أحداثٍ أخرى عن خمسين عامًا، لكى تنكشف الحقيقة بشكل كامل، وتظهر المستندات والوثائق الكافية للكتابة بأريحية شديدة وبعيدًا عن أى هوى، وبموضوعية منطقية مُقنعة، إذن لا يجوز لنا أن نتسرع في إصدار الأحكام وتهييج الرأى العام على فكرة انعقاد محكمة التاريخ في اللحظة الآنية، التمهل هو المطلوب في مثل هذه المواقف، عندها سينكشف كل شئ وستستبين الحقائق والأمور أكثر وأكثر.
الحقيقة إذا اختفت اليوم وتاهت في دروب عدم كفاية الأدلة، والأوراق التي تشوبها ثغرات عديدة، والتي استطاعت الأسماء الكبيرة في عالم المحاماة اختراقها بسهولة وإظهار الثغرات لصالح موكليهم فيها، لا يمكن استمرار اختفاؤها لفترات طويلة، فدولة الظلم ساعة ودولة الحق كل ساعة، وإذا هم اليوم فرحون بحكمٍ شابهُ الكثير من علامات الاستفهام، لكن إنّ غدًا لناظره قريب، وسيعلم الذين ظلموا أىَّ منقلبٍ ينقلبون، إلى متى سيظل هذا الشعب مجنيًا عليه؟!! لا أدري، لكن كل ما أعرفه وكلي يقين به أن عدل الآخرة ليس بعده عدل، فصبرٌ جميل.

يسرا محمد سلامة
باحث دكتوراه /جامعة الإسكندرية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ