الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حارس البلاد والعباد من المخاطر وأحد حماة الوطن في الخفاء

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



عبد اللطيف الحموشي

كرّمته مدريد واتهمته باريس

عبد اللطيف الحموشي، رئيس مديرية مراقبة التراب الوطني، يعتبره الكثيرون اليوم أحد الثوابت الأمنية في المغرب الجديد. فقد استطاع المكوث بموقعه عقدا من الزمن على رأس جهاز غاية في السرية، واستطاع أن ينتزع وساماً ملكياً، لأول مرة لمدير مخابرات.
بعد نازلة المهدي بنبركة يعتبر عبد اللطيف الحموشي، الشخصية المغربية التي أثارت أزمة غير مسبوقة بين المغرب وفرنسا؟

إنه رجل الظل بامتياز والصمت المطبق ... حظي بالكثير من الألقاب و النعوت، منها: الرجل الذي حوّل المخابرات إلى جهاز لمكافحة الإرهاب، وأحد حماة الوطن في الخفاء، و الأمني الأول في المغرب، عين المملكـة التي لا تنام، الرجل الكتوم الذي يفضل العمل في الظل، كاتم أسرار المملكة، المستشار الأمني للملك محمد السادس، أحد صقور المحافظة في النظام، الناجح في فك شفرات القضايا الأمنية المطروحة على طاولته، الجاسوس الأول في المملكة، أحد كبار الخبراء الأمنيين في مجال مكافحة التجسس والإرهاب الدولي ،والأكثر متوفرا على معلومات أمنية استخباراتية، الخبير في الجماعات الإرهابية والسلفية...

مشوار لم يكن ينتظره...
مكّنته عدة أحداث ونوازل، من كسب خبرة كبيرة بالجماعات الإسلامية السلفية و المتشددة. ونال لقب الأمني الأول في المغرب، بعد نجاحه في المهام التي أضطلع بها.
ولج سلك الأمن سنة 1993 قادما من جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ ظهر المهراز بفاس التي درس بها الحقوق. فقد دخل الحموشي مبكرا إلى أقسام الشرطة ، وعمره لا يتجاوز 27 عاما ـ من مواليد 1966 ـ بعد تخرجه من كلية الحقوق، ظهر المهراز بفاس، سنة 1990 ، إذ حصل على دبلوم السلك الثالث في القانون. وكان ذلك في عهد قيام عبد العزيز علابوش، صديق إدريس البصري، بتسيير الديستي .
ورغم أن فترة دراساته الجامعية بالعاصمة العلمية للمملكة وُصمت بحدة الصراع بين الإسلاميين واليساريين، وخاصة منهم المتطرفين، إلا أن الحموشي ظل بعيدا عن التخندق الإيديولوجي والديني، إذ بقي منصبا بالدرجة الأولى على الدراسة والتحصيل .

بداية الوظيفة ... أول امتحان على المحك
بعد تخرجه مباشرة ، كنت وجهة عبد اللطيف الحموشي إلى مديرية مراقبة التراب الوطني ـ الديستي ـ وهو الجهاز الذي كان تابعا حينها لإدريس البصري، وزير الداخلية القوي في عهد الراحل الحسن الثاني. وبعد سنة من تعيينه في جهاز المخابرات، عاش عبد اللطيف أول محك أمني، بوقوع أحداث أطلس أسني الدمية في مراكش سنة 1994، حيث قامت عناصر مسلحة بإطلاق النار على سيّاح في فندق أطلس أسني في مراكش، مما أدى إلى وفاة سائحين. ورغم عدم مشاركته في التحقيقات، إلا أنه بدأ يهتم منذ ذلك الحين بنشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وبمجرد تعيين الجنرال حميدو لعنيكري، على رأس الديستي، بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش، قام بإحداث تغييرات كبيرة على رأس الجهاز، أبرزها إعطاء فرص أكبر للأطر الشابة لتحمل المسؤولية، وكان ضمن هذه الأطر عبد اللطيف الحموشي.
وعشية أحداث 16 ماي 2003، وبسبب اهتمامه بظاهرة إرهاب الإسلاميين، شارك الحموشي فعليا في التحقيقات الميدانية، وظهر بسرعة بمثابة الذراع الأيمن للعنيكري. وبعد شهرين من هذه الأحداث عرفت مديرية الديستي، تغييرا جديدا ، حيث تم تعيين الجنرال حميدو لعنيكري، مديرا عاما للأمن الوطني، فيما تم تعيين أحمد حراري، المسؤول عن جهاز الديستي في الدار البيضاء وقتئذ على رأس المديرية، فيما بقي الحموشي مسؤولا بالخلية المكلفة بمحاربة الإرهاب في الجهاز، وبقي على اتصال برئيسه آنذاك حميدو لعنيكري، لكن لم يكمل حراري سنتين في مسؤوليته قبل أن تتم تنحيته ، ليخلفه عبد اللطيف الحموشي في دجنبر 2005، مديرا لجهاز الديستي، في وقت كان هذا الجهاز موضوع انتقادات حقوقية حادة جدا، إذ أتهم من طرف معتقلين سابقين، بممارسة التعذيب خاصة في معتقل تمارة، سيما بعد حملة الاعتقالات التي عرفتها البلاد على خلفية أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية.
أصغر رئيس لجهاز المخابرات الداخلية في أبهى مراحلها

كان عمره 39 عاما حين تولى مسؤولية أهم مؤسسة أمنية تُعنى بالأمن الداخلي، ويمكن اعتباره الشخصية الأصغر في تاريخ الجهاز تولت مثل هذه المسؤولية الجسيمة.
فبعد تعيينه ارتفعت عمليات تفكيك الخلايا، مثل خلية أنصار المهدي، سنة 2006، ولكن التحدي الأكبر الذي واجه الحموشي سنتين بعد تعيينه، كان هو التفجيرات التي عرفتها الدار البيضاء في سنة 2007، حيث وقعت ثلاثة تفجيرات خلال شهرين، والتي أسفرت عن قتل أصحابها، ورجل أمن، وإصابات في حق مواطنين . هذه الأحداث دفعته إلى اعتماد منهجية أخرى لمحاربة الإرهاب وعدم الاقتصار على المقاربة الأمنية فقط. ومن هنا بدأت حوارات مع شيوخ السلفية في السجون. وهذا ما أكدته إحدى قصاصات ويكيليكس، والتي كشفت عن برقية أرسلت من السفارة الأمريكية بالرباط، في يوليوز 2007، تتحدث عن زيارة قامت بها فرانسيس تاونسيند، مستشارة الرئيس أوباما في الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب، ولقائها مع عبد اللطيف الحموشي، حيث أشار هذا الأخير إلى أنه لمحاربة الإرهاب يجب مواجهته إيديولوجيا، أيضا، وهو ما أثار انتباه المسؤولة الأمريكية التي ردت بأن المغرب مؤهل أكثر من أمريكا للقيام بهذا الدور.
وبعد اندلاع أحداث الربيع العربي، وجد جهاز الديستي ورئيسه نفسه في قلب الجدل من طرف حركة 20 فبراير، وخاصة ما يتعلق بمعتقل تمارة الذي كان يوصف بالسري.
الحركة طالبت بإطلاق سراح المعتقلين السياسين، فكان الرد في أبريل 2011، بإطلاق 190 معتقلا، منهم الشخصيات السياسية في خلية بلعيرج، وعدد مهم من السلفيين، منهم شيوخ السلفية الفيزازي، والحدوشي والكتاني، وأبو حفص. لكن هذا لم يكن كافيا، فقد دعت حركة 20 فبراير إلى وقفة أمام معتقل تمارة في 15 ماي2011 . خلال هذه الوقفة، عمدت قوات الأمن إلى استعمال العنف والقوة في حق المشاركين في هذه الوقفة بمجرد وصولهم إلى أسواق السلام بالرباط القريبة من المعتقل ببضع كيلومترات، وأغلقت جميع المنافذ المؤدية إليه، كما توصل بعض الشباب من حركة 20 فبراير وشخصيات داعمة لهم من تيارات مختلفة بقرار منع الوقفة. لكن الحركة أصرت على تحدي قرار السلطات وتنفيذ الوقفة التي حظيت بتغطية كبيرة من وسائل إعلام دولية ووطنية. وكرد فعل على الوقفة، خرج الوكيل العام للملك بالرباط ليعلن أمام الرأي العام، أنه قام بزيارة لمقر الديستي في تمارة في 18 ماي 2011، ولم يقف خلال هذه الزيارة، التي شملت مختلف البنايات التابعة للمقر الإداري للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، على أي مكان يمكن اعتباره معتقلا سريا، قد يستغل لارتكاب أعمال تمس بحقوق الإنسان.
وفي اليوم الموالي، فتح عبد اللطيف الحموشي باب مقر الديستي في تمارة، للبرلمانيين، بمجلسي النواب والمستشارين، وصرح هؤلاء البرلمانيون، إن الزيارة التي قاموا بها أظهرت أن الأمر يتعلق بـإدارة كباقي الإدارات.. لا تضم أي مركز أو مرفق للتعذيب.. وأنهم أطلعوا على مهام هذه المديرية والتي تتمثل في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين. وكانت تلك أول مرة يدخل فيها برلمانيون من مختلف الفرق لمقر الديستي في تمارة.
وخلال هذه الزيارة عرض الحموشي جانب من حصيلة مديريته، إذ أخبر البرلمانيين في جلسة معهم، أن إدارته أفشلت مخططات كانت تستهدف تصفية 17 شخصية سياسية، من ضمنها 7 مسؤولين أمنيين سامين، دون أن يكشف عن أسماء. كم تمكنت من فك 300 قضية خطيرة في السنوات الأخيرة، تهم المخدرات والهجرة السرية وتبييض الأموال والإرهاب.


عوّض أحمد حراري
كانت سنة 2005، منعطفا مفصليا في تاريخ عبد اللطيف الحموشي المهني.
خلف أحمد حراري بعد إقالته لاقترافه عثرات مميتة في القاموس أو العرف مخابراتي، منها الهجوم العلني الذي شنه على الوهابية في مؤتمر لمكافحة الإرهاب في العربية السعودية، وكدا وصول جنرال جزائري معروف إلى الدار البيضاء دون علم المخابرات.
ففي 14 ديسمبر 2005، تم إعفاء حراري من منصب المدير العام للمخابرات المدنية، وتعيين عبد اللطيف الحموشي مكانه. وجاءت الإقالة ضمن تقليص دور الجنرال العنيكري في الجهاز الأمني للبلاد آنذاك بعد اكتشاف فضيحة عبد العزيز إيزو المدير الأمني للقصور الملكية.
ولعل أكبر خطئ ارتكبه المخابرات المغربية في عهد حراري تحت إمرة العنيكري هو معالجة ملف المهاجر المغربي في اسبانيا محمد الحداد. فالمخابرات اختطفته في مارس 2004 من مدينة تطوان واحتفظت به طيلة 45 يوما اعتقادا منها بتورطه في التفجيرات الإرهابية 11 مارس في العاصمة مدريد، ورغم براءته من كل الشبهات، فإن المخابرات المغربية لم تخبر نظيرتها الإسبانية. عملية الاختطاف هذه وعدم الإخبار، جعلت دوائر أمنية وإعلامية في اسبانيا تشك في دور ما للمغرب في هذه التفجيرات، وأن المغرب يرغب في تصفية أحد الأشخاص الذي، إما كان على علم مسبق بهذه التفجيرات أو أنه ساهم فيها بطلب. وصدر كتاب اسمه "11 مارس، الانتقام" يؤكد هذه الرواية. وكل هذا نتج عن تصرف غير محسوب من طرف الجهاز الذي كان يسيره حراري والعنيكري.

بعض معالم شخصية الحموشي
يرى المقربون أنه منغلق عل نفسه، ويكاد لا يجتمع بأي شخص من خارج الجهاز أو المسؤولين السياسيين في البلاد. رجل كتوم، وصفه أصدقائه بالمواظب على الصلاة و بالمنضبط و ذي مصداقية، ذكي وجدي، ومهمته تحليل المعطيات وأجاد فيها بامتياز كبير ملفت لنظر أقرانه. وله بديهية خاصة في تفكيك الشفرات والخلايا ، وله دراية عالية في دراسة القضايا والملفات.
وتبقى المعلومات المتوفرة عنه أنه مختص في ملف السلفية الجهادية، و أنه ظل الأجدر في مكافحة الإرهاب. ورؤيته الأمنية التي تتغلب على رؤيته السياسية هي التي جعلت مديرية مراقبة التراب الوطني محط انتقادات قوية من طرف الجمعيات الحقوقية ووصل الأمر إلى تنظيم تظاهرة من طرف حركة 20 فبراير خلال مايو 2013 تجاه مقر المخابرات في تمارة وتشكيل لجنة برلمانية بخصوصه.
ويصفه المقربون منه، بالمسؤول الناجح في فك شفرات القضايا الأمنية المطروحة على طاولته، وفي مقدمتها تفكيك خيوط تفجيرات «أركانة» في وقت سريع وبمهنية كبيرة وبلا أضرار جانبية تمس حقوق الإنسان وحق المتهمين في محاكمة عادلة.

توشيح ملكي في يوليوز 2011

قام الملك محمد السادس بتوشيح عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني بوسام العرش من درجة ضابط، والمراقب العام محمد راجي في "الديستي" بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، والعميد الإقليمي توفيق السايغ من "الديستي" أيضاً. وذلك مكافأة لهم لدورهم الفعال في التحقيقات الخاصة بالاعتداء الإرهابي الذي استهدف مقهى أركانة بمراكش، والتي تمّت بمهنية كبيرة وبلا أضرار جانبية تمس حقوق الإنسان وحق المتهمين في محاكمة عادلة... كان هذا عنوانا بارزا عن أن مكافحة الإرهاب يمكن أن تكون عملية نظيفة، وأن القانون قادر على معاقبة من يخرقونه دون أن يخرق المسؤولون حرمة القانون نفسه.
يعد الحموشي من رجال الظل، غير أنه ظهر بقوة بعد أن وشحه الملك بصفته المهنية كمدير لمديرية مراقبة التراب الوطني، وأثنى على العمل الذي تقوم به المديرية في إحباط الاعتداءات والمخططات الإرهابية التي تستهدف المملكة.
قرأ المتتبعون في هذا التوشيح غير مسبوق في لقاء رسمي نقلته وسائل الإعلام الرسمية ، تحولا في التعامل مع هذه المؤسسة، وإخراجها من السرية، إلى الوضوح والعلنية. فلم يسبق لمدير مخابرات مدنية أو عسكرية أن حصل، في كل تاريخ المغرب، على وسام ملكي بصفته المهنية أثناء مزاولته لمهامه.
فعبد اللطيف الحموشي رجل يتميز برضى الملك والاعتراف الدولي.

الخروج من الضبابية والسرية والظلام إلى العلن والنور

في عهد الحموشي حصل عناصر الديستي على صفة الشرطة القضائية في واضحة النهار.
فمن الانتقادات التي كانت توجه لهم ، قيامهم بعمليات اعتقال رغم فقدانهم لهذه الصفة. ولحل هذه الإشكالية، تم تقديم مشروع قانون بتغيير وتتميم القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، يتضمن منح صفة ضابط الشرطة القضائية لمسؤولي إدارة مراقبة التراب الوطني، في ما يخص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من القانون الجنائي. أيّد البرلمانيون هذا التعديل واعتبروا أن منح هذه الصفة لطاقم إدارة مراقبة التراب الوطني سيخرج عمل هذه المؤسسة من الضبابية والسرية إلى العلن، ولكن الجدل أثير حول منح هؤلاء الضباط صلاحيات واسعة دون مراقبة قضائية أو برلمانية. سيما وأن النص الجديد يلزم ضابط الشرطة القضائية بإخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضعه تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت.
وفي شهر فبراير 2012، وجه مصطفى الرميد، وزير العدل، تحذيرا إلى عناصر الديستي، ودعاهم إلى احترام القانون، وقال في لقاء في بيته حضره صحافيون ورؤساء تحرير عدد من الصحف، إنه سيستقيل من منصبه إذا تم المساس بـكرامة المغاربة، مؤكدا على أن الملك محمد السادس حثه على احترام القانون، وقال سيستقيل إذا وقعت تجاوزات في حرية المواطن وكرامته وحرمته ولم تحرك النيابة العامة المتابعة في حق مرتكبي هذه المخالفات.
المهم أن فتح مكاتب الديستي أمام برلمانيين وحقوقيين كان عنوانا على انتهاء مرحلة وبداية أخرى. وهو سلوك لم يكن متوقعا في أذهان السياسيين، نتيجة التصور المسبق لطبيعة هذا الجهاز قبل الزيارة التي دعت إليها وزارة الداخلية لهذا المقر بهدف إزالة اللبس، عقب تزايد عدة الاحتجاجات.

كرّمته مدريد واتهمته باريس
منحت المملكة الإسبانية أوسمة لمسؤولين بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني على رأسهم عبد اللطيف الحموشي، اعترافا بدور المغرب في استتباب السلم والأمن عبر العالم، اعترافا بتميز وانسيابية العلاقات، القائمة بين المصالح الأمنية بالبلدين، والمرتكزة على الثقة والتعاون المتبادل. وسلم كاتب الدولة الإسباني المكلف بالأمن ، خلال حفل نظم بمدريد، وسام "الصليب الشرفي للاستحقاق الأمني بتميز أحمر"، إحدى أعلى التوشيحات الشرفية التي يتم منحها لشخصيات أجنبية، إلى المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. فيما تسلم مديران مركزيان بنفس الجهاز "الصليب الشرفي للاستحقاق الأمني بتميز أبيض".
وبالفعل، فإن التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا بلغ مستوى متقدما بفضل فعالية وحيوية مصالح المملكتين، ما يعكس مكانة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني كشريك ذي مصداقية في مجال مكافحة مختلف أنواع الجريمة. وهذه العلاقات هي ثمرة المهنية المعترف بها لهذه المديرية، وكذا لقدرتها القوية على التكيف مع مختلف التطورات البشرية والتكنولوجية، في ظرفية إقليمية وعالمية تتميز بتقلبات قوية وتعدد التهديدات التي تستهدف السلم والاستقرار في العالم.
إنه تكريم منطقي ومستحق لرجل دولة شاب، ديناميكي وكفؤ... إنه اعتراف دولي بمهنية واحترافية هذا المسؤول الأمني وبجودة العمل الاستخباراتي للجهاز الذي يرأسه منذ حوالي عشر سنوات. وهو أيضا اعتراف بأن الرباط دالة أساسية لا محيد عنها في المعادلة الإقليمية والدولية بشأن ضمان الأمن ودعم الاستقرار في حاضرا ومستقبلا.

أما فرنسا، فقد حاولت اتهام عبد اللطيف الحموشي.
كان عدد من الأشخاص قدموا صورا للقضاء الفرنسي، حاولوا من خلالها إثبات تعرضهم للتعذيب من قبل مسؤولين مغاربة في المملكة، وهو ما جعل سبعة أمنيين فرنسيين يحطون الرحال بالسفارة المغربية في باريس، شهر فبراير المنصرم، من أجل توجيه استدعاء قضائي للمدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني من أجل المثول أمام القضاء الفرنسي بهذا الخصوص.
وفندت شركة فرنسية متخصصة، صحة الصور المستند عليها في الادعاء ضده واتهامه بالتورط في تعذيب مزعوم بالمملكة، مشيرة إلى أن الصور "مفبركة" ليس إلا. فإن المغرب استعان بشركة فرنسية متخصصة لكشف حقيقة الصور التي أرفقت في ملف الدعوى القضائية التي تبنّتها "الجمعية المسيحية من أجل مناهضة التعذيب" بفرنسا، وان حصيلة الاختبارات التي أخضعت لها الصور أثبتت أنها مفبركة. وقد سبق لهذه الشركة أن قامت بتمحيص عدد من الصور والمقاطع التصويرية كتلك التي تخص كوريا الشمالية أو النزاع الدائر في سوريا، وأعدت تقريرا من 17 صفحة، يفيد بأن الصور التي تم الاستناد عليها لتحريك القضاء الفرنسي دعوى قضائية ضد عبد اللطيف الحموشي تثير الشكوك وقد تمت فبركتها.
وكان توتر شاب العلاقات المغربية الفرنسية عقب واقعة الاستدعاء التي طالت رئيس الجهاز الأمني المغربي، مما حذا بوزارة العدل والحريات تعليق العمل بالاتفاقيات القضائية التي تربط البلدين إلى أجل غير مسمى.
و بالرجوع إلى حيثيات الاستدعاء، فإن إحدى الدعاوي تتعلق بمغربي ذا جنسية فرنسية يدعى عادل لمطلسي ـ المنتج السينمائي ـ صرح أنه تم توقيفه في أكتوبر 2008 قرب مدينة طنجة وتم تعذيبه لثلاثة أيام في مركز تمارة، قبل إجباره على توقيع اعترافات لم يدلي بها، على حد قوله، كما أنه أنكر أمام المحكمة الوقائع المنسوبة إليه، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة الاتجار في المخدرات ثم نقل إلى فرنسا لإنهاء عقوبته. علما أن توقيفه كان في حالة تلبس بيّن ويعد من ذوي السوابق العدلية في مجال تهريب وترويج المخدرات الصلبة.
و بالنظر إلى الظرفية الزمنية التي تم فيها تفعيل النازلة يتأكد جليا أن الأمر تعلق بالتشويش على زيارة الملك محمد السادس لمجموعة من البلدان الأفريقية، وما حملته من أبعاد غير مسبوقة: نهج سياسة القرب مع بلدان جنوب الصحراء، والذي رأت باريس أنه أفقدها أولوية وحصرية الصداقة في فضاء اعتبرته فرنسيا.
يرشحه الكثيرون لتدبير المجلس الأعلى للأمن بالمغرب

منذ دجنبر 2011 تحدثت جهات عن احتمال إسناد منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي بالمغرب إلى محمد ياسين المنصوري لكونه من صفوة الرجال القلائل الذين يضع فيهم الملك ثقته الشخصية، باعتبار التجربة الكبيرة التي راكمها في المناصب التي تولاها، سيما قيادة جهاز حساس يلعب دورا بارزا في ما يخص حفظ الأمن القومي للبلاد، وهو الإدارة العامة للدراسات والمستندات "لادجيد". وبالمقابل، تتحدث جهات أخرى عن مرشح قوي ثان لا يقل كفاءة ولا حظوظا عن الأول، وهو عبد اللطيف الحموشي، الرجل الذي أبهر المتتبعين للشأن المغربي عالم قبل أشهر قليلة، عندما استطاع الجهاز الذي يسيره القبضَ على مفجري مقهى أركانة بمراكش في ظرف أسبوع ، الأمر الذي جعله ينال إشادة دول غربية عديدة مثل فرنسا وأمريكا، نظير عمله واجتهاده اللافت على رأس مديرية مراقبة التراب الوطني، خاصة في الاستباق الأمني للعمليات الإرهابية التي استهدفت سلامة البلاد غير ما مرة.
شهادة خاصة من خصم الأمس

إنها شهادة الشيخ محمد الفزازي، أحد المعتقلين الإسلاميين بعد الأحداث الإرهابية التي ألمت بالدار البيضاء في مايو 2003. وتتجلى خصوصيتها بحكم معايشته لرجال الحموشي، والدور المفترض لهذا لمسؤول الأمني الكبير في إطلاق سراحه بعد أن كان محكوما عليه بـ 30 سنة سجنا، لم يقض منها سوى 8 سنوات.
أقرّ الفزازي، في تصريح سابق أنه لم يلتق بعبد اللطيف الحموشي ، لكنه يعلم من خلال الاحتكاك برجاله خلال سنوات السجن، ومن خلال ما قرأه عنه من مواقف، ومن خلال ما أسر إليه بعضهم من تصرفات الرجل، وهو وراء القضبان، أنه رجل نزيه وكفء، ومخلص لوطنه، وللمسؤولية الجسيمة التي أنيطت به. و يمارس مهامه باحترافية مدهشة وبأخلاق هائلة، وقل ما يوجد شخص في مثل مسؤوليته الكبيرة يجمع بين هذين العاملين: أكبر مهمة بوليسية مع قدر كبير من الأخلاق الفاضلة.
ولم يستبعد الشيخ الفزازي أبدا أن يكون الحموشي من وراء الإفراج عنه، وتزكيته له للملك الذي أعطى أمره بالإفراج عنه، من غير مناسبة دينية أو وطنية كما جرت بذلك العادة، وذلك في 14 أبريل 2011.
فقد أشاد الشيخ الفيزازي بالحموشي علناً بعد خروجه من السجن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية