الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمدن والتخلف بقوة الدفع الذاتي

فارس تركي محمود

2014 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إن المدنية والتحضر والهمجية والتخلف وما شابهها أو شاكلها أو كان منها مدانيا لا تخلق ولا تلغى بقرارات سياسية أو غير سياسية جماعية كانت أم فردية ، ولا تخضع أبدا لقوانين الصدفة وضربات الحظ السعيد أو التعيس ، ولا يمكن تصديرها أو استيرادها ، ولا تحفظ ولا تدرّس ولا تلقن ، ولا تعطى بكبسولات ولا تؤخذ عبر الوريد ، ولا يمكن نيلها أو التخلص منها بالأدعية والتمائم ، ولا تدنيها الأماني والرغبات كما لا تبعدها الآمال والطموحات ، فهي لا تخضع لأي قانون البتة باستثناء قوانينها ونواميسها الخاصة بها التي ليس لنا يد فيها ولا نمتلك القدرة على تغييرها . فللتحضر والمدنية قوانينها وللتخلف والهمجية قوانينها ، ومتى ما وجدت قوانين هذه أو تلك في منطقةٍ أو إقليمٍ ما فإنها ستزدهر وتثمر وتتطور - ولا تستغربوا فالتخلف أيضا يزدهر ويتطور بطريقته الخاصة - حتى لو وقفت بوجهها كل قوى الأرض .
هناك فكرة مغلوطة لا اعلم بالضبط من أين جاءت حول أن التحضر هو الأصل والقاعدة والتخلف هو الاستثناء ، وان التخلف حالة غير طبيعية أو حالة مرضية طارئة يمكن معالجتها والتخلص منها ببساطة . فالمجتمع المصاب بالتخلف - وفقا لأصحاب هذه الفكرة - يمكن أن يتخلص منه بطريقة سهلة جدا ! فما عليه سوى اتخاذ بعض الخطوات والإجراءات كاستيراد الديمقراطية من الديمقراطيات ، وإنشاء الأحزاب والتكتلات ، وإجراء الاستفتاءات والانتخابات ، وسن القوانين والتشريعات ، مع إضافة بعض المقبلات مثل حرية الصحافة ، دور المرأة ، نزاهة وشفافية ، حكومة تكنوقراط ، أغلبية وأقلية ، كما ينصح بكثرة الحديث عن الديمقراطية والحرية والليبرالية والتعددية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني ، ولضمان أفضل النتائج والشفاء بشكلٍ تام من التخلف يرجى التأكيد بشكل دائم ومتكرر - وإلى حد القرف - على أن هذا المجتمع المتخلف ما هو بالأصل إلا مجتمع متحضر ، وإنه هو أول من ابتدع الديمقراطية – ولا يهم متى وأين وكيف - لكن الديمقراطيات هي التي سرقتها منه وها هي بضاعته قد ردت إليه . هذا هو الكورس المتكامل للتخلص من التخلف ! .
إن هذا الكورس العلاجي قد ينجح بالفعل لو أن التخلف حالة مرضية طارئة أو وباء ضرب على حين غرة ، إلا انه ليس كذلك فالتخلف ومثله التمدن بكل تجلياته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ما هو إلا حالة أو ظاهرة تحكمها قوانين كقوانين الفيزياء والكيمياء والطبيعة والكون لا تتغير ولا تتبدل ، ومتى ما وجدت قوانينه وجد التخلف والقول ذاته ينطبق على التمدن . فالمطر ينزل بقانون والشمس والقمر والكواكب تتحرك بقوانين والزلازل والأعاصير والفيضانات تحصل بقوانين ، بغض النظر عما إذا كان ذلك يضرنا أو ينفعنا أو كنا نحبه ونفضله أم لا ، فليس للأمر ارتباط بما نرغب به ونتمناه أو نكرهه ونشمئز منه أنها قوانين فحسب . وعندما تتوفر قوانين ظاهرة ما أو حالة معينة في منطقة بعينها فان تلك الحالة تكون قد اكتسبت ما يمكن تسميته بقوة الدفع الذاتي ، أي أنها تكون قد راكمت من الأسباب والعوامل ما يجعلها تظهر بشكل تلقائي كتلقائية سقوط الأمطار وبزوغ وغروب الشمس بدون الحاجة إلى تدخل خارجي ، ويجعلها كذلك عصية على أية محاولة لاجتثاثها والقضاء عليها .
وقد يقول البعض أن هذا الكلام ينتمي إلى الفلسفة الجبرية ويلغي تماما قدرة الإنسان فرداً وجماعةً على الفعل والتغيير ، وعلى الرغم من أن مثل هذا الكلام فيه الشيء الكثير من الصحة إلا أنه ليس صحيح تماما أو مئة بالمئة ، لان اكتساب التخلف أو التمدن قوة الدفع الذاتي لا يلغي قدرة الإنسان بالكامل على التأثير فيه ، إلا انه بالتأكيد يحد من المدى الذي يمكن أن يبلغه هذا التأثير لأنه في هذه الحالة يكون كمن يسبح عكس التيار ، فعندما تتجمع وتُستكمل قوانين التخلف أو التمدن في منطقة ما فإن إنسان تلك المنطقة لا يستطيع مهما بذل من جهد أن يلغيه ويقضي عليه بشكل تام والى الأبد ، ولا يستطيع استبدال التمدن بالتخلف ولا التخلف بالتمدن ، لكنه يستطيع إذا بذل جهودا كافية أن يحد بعض الشيء من آثاره ونتائجه ، وفي أحسن الأحوال يستطيع أن يؤجل أو يؤخر لفترة طويلة أو قصيرة انطلاق قوانينه من عقالها لتفعل فعلها وتترك أثرها في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
وألان ما هي تلك القوانين والنواميس التي تخلق التخلف أو التمدن ؟ بل ما هو التخلف وما هو التمدن ؟ . بشكل عام يمكننا القول انه لا يوجد شيء قائم بذاته ويحمل صفات بعينها يمكن أن نسميه تخلفا أو تمدنا بل الأمر خاضع برمته للمقارنة كأن نقول أن المجتمع ( س ) مجتمع متمدن أو متخلف إذا ما قورن بالمجتمع ( ص ) وقد يجمع المجتمع الصفتين معا متخلف ومتمدن ، فهو متخلف إذا ما قورن بـ( س ) ومتمدن إذاً ما قورن بـ ( ص ) . إذاً فالقضية كلها مرتبطة بالمجتمع المقارن به ، فالدول العربية دول متخلفة إذا ما قورنت بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان وبالكثير من الدول الأوربية ، لكنها متمدنة عند مقارنتها ببعض الدول الأفريقية . وبما أننا نردد دائما بان مجتمعاتنا ودولنا العربية متخلفة إذا ما قورنت بما وصلت إليه الحضارة الأوربية الغربية ، وبما وصلت إليه الدول التي تبنت وطبقت أفكار ومبادئ تلك الحضارة ، لذلك فان النموذج الأوربي سيكون هو محور حديثنا كنموذج للتمدن يقابله النموذج العربي كنموذج للتخلف ، وسنعرف من خلال هذين النموذجين القوانين الحاكمة والمنتجة للتخلف بنسخته العربية والتمدن بنسخته الغربية الأوربية . ويجب أن نذكر أننا لسنا بصدد إجراء عملية تنميط أخلاقي ، ولسنا بصدد الحكم أيهما أحسن النموذج العربي أم الأوربي ولكننا بصدد فهم هذين النموذجين وكيف أصبحا على ما هما عليه ؟ ولماذا هما متغايران ؟ .
وابتداءً يجب أن نعترف أن مثل هذا الموضوع أكثر تشعبا وتعقيدا مما يمكن أن تلم به هذه المقالة البسيطة ، إلا أننا سنحاول تسليط الضوء على بعض المفاتيح الرئيسية . مما لا شك فيه أن هناك الكثير من الأسباب والعوامل التي تقف وراء إنتاج واستدامة وتطوير التخلف أو التمدن إلا انه بالإمكان إرجاع كل هذه الأسباب إلى ثلاث عناصر رئيسية وهي الجغرافيا والتاريخ والإنسان ، علما أن هذه العناصر متداخلة مع بعضها البعض وتولد بعضها بعضا فالجغرافيا من أهم عوامل صناعة التاريخ ، والجغرافيا والتاريخ هما من يصنعان الإنسان من حيث نفسيته وعقليته وعاداته وتقاليده ومقدساته ، وهذا الإنسان هو المتكفل بجعل محيطه متمدنا أو متخلفا .
1 - الجغرافيا : إن نظرية التحدي والاستجابة للمؤرخ والفيلسوف الانكليزي الكبير ارنولد توينبي تؤكد على أن نشوء الحضارة يعود إلى التفاعل المستمر بين الإنسان وبين ما يواجهه من تحديات على أن لا تكون هذه التحديات بسيطة وسهلة لا تستفز الإنسان ولا تدفعه إلى العمل والابتكار من جهة ، ولا تكون قاسية وصعبة جدا بحيث يصبح من المستحيل مجابهتها والتغلب عليها فيصاب الإنسان باليأس والقنوط ولا يبذل أي مجهود لمواجهتها لعلمه المسبق باستحالة ذلك من جهة أخرى ، بل يجب أن تكون التحديات بين بين أو ما يسميه توينبي بالوسط الذهبي فلا هي بالسهلة المثبِّطة ولا هي بالصعبة المحبطة . وإذا ما القينا نظرة بسيطة على جغرافية الوطن العربي لوجدنا أن المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية تشكل ما يقارب 88 % من مساحة هذه الجغرافيا مما يعني أن الإنسان العربي واجه طوال تاريخه تحدٍ جغرافي لا يمكن التغلب عليه ولا يقع ضمن الوسط الذهبي المنتج للحضارة ولم يترك له خيارات كثيرة ، إذ أسهمت هذه الجغرافيا بشكل كبير في رسم ملامح الشخصية العربية وحصنتها ضد ما بات يعرف اليوم بإيقونات التمدن – وفقا للنموذج الأوربي – كحرية التعبير وتعدد الآراء والأفكار والحرية الفردية والمسؤولية الفردية والاعتماد على الذات والديمقراطية والقبول بالآخر المغاير وغيرها الكثير ، فكل هذه الإيقونات تعد مهلكة لمن يعيش في الصحراء . إذ أن الإنسان الذي يعيش في الصحراء لا يمكن أن يكون إلا جزء من كيان اكبر وهو القبيلة ينتمي إليه ويذوب فيه حتى لا يبقى من فرديته شيء ، وهو ليس لديه خيار آخر فالقبيلة هي طوق النجاة الوحيد في البيئة الصحراوية أو شبه الصحراوية ، لذلك كان الخلع أو النفي من القبيلة من اشد العقوبات التي قد يتعرض لها الإنسان في تلك البيئة القاسية .
إن ذوبان الفرد في القبيلة تترتب عليه آثار ونتائج كثيرة وخطيرة تؤدي بدورها إلى نتائج أكثر خطورة ليس اقلها انعدام الاستقلالية والمبادرة الفردية اللتين هما أساس ما بات يعرف اليوم بالنظام الرأسمالي الذي أنتج بدوره كل إيقونات التمدن الأوربي ، كذلك يؤدي إلى نشوء النظام الأبوي والخضوع للعقل الجمعي للقبيلة وغرس وتجذير بل وتقديس الطاعة العمياء لشيخ لقبيلة وسدنتها ليكون ذلك أساسا متينا وأرضا خصبة لظهور الديكتاتورية والحكم الشمولي – ابتداءً من العائلة الصغيرة وصولا إلى أعلى سلطة سياسية - وعدم تحمل المعارضة والرأي المخالف والنقد حتى لو كان بناءً بل بالأخص لو كان بناءً ، وهذا بدوره هو المنتِج ألحصري لأغلب إيقونات التخلف العربي . كما أن ذوبان الفرد في القبيلة يعني القضاء على أية إمكانية لتوجيه النقد لأفكار وعادات وتقاليد تلك القبيلة بل على العكس يصبح دور الفرد محصورا في الدفاع عنها والتضحية من اجلها ، والاعتقاد بان ما تقوله وتفعله هو الصحيح المطلق وما يفعله الآخرون هو الخطأ المطلق ، وتمجيدها والمفاخرة بها أمام القبائل الأخرى بواسطة الأسلوب الخطابي الشعري البعيد كل البعد عن المنهج العقلاني التحليلي ، الأمر الذي أورثنا عقلية خطابية شعرية سردية لا تفهم ولا تتقن المنهج التحليلي التجريبي العقلاني الذي أسهم ولا زال يسهم بشكل كبير في صنع التمدن الأوربي . وهكذا أصبحت الجغرافيا من أهم قوانين صناعة التخلف العربي – بالمقارنة مع النموذج الأوربي - فمن ذا الذي يستطيع تغيير هذا القانون ؟ .
بالمقابل نجد أن جغرافية أوربا لا تشكل فها الصحاري أكثر من 1 % والباقي عبارة عن مراعي وسهول خضراء وأراضي خصبة أسهمت في إنتاج منظومة من الأفكار والعادات والتقاليد معاكسة تماما لتلك التي تنتجها البيئة الصحراوية . إذ أن التحديات التي تطرحها البيئة الأوربية تقع ضمن الوسط الذهبي الذي يدفع الإنسان إلى العمل والتفكير المنطقي والتعاون والابتكار من اجل تجاوزها والتغلب عليها ، وهذه العملية برمتها تنتج وترسخ أنماط سلوكية يأتيها الفرد بتلقائية ومن دون تكلف لأنها تصبح جزءً لا يتجزأ من شخصيته ، فالفردية المهلِكة في البيئة الصحراوية تصبح ضرورة لا غنى عنها في البيئة الأوربية إذ أن نجاح الفرد أو إخفاقه مرتبط أولا وأخيرا بعمله وسعيه وقدرته على الإبداع والابتكار ، كما إن وجود المساحات الخضراء الشاسعة تعزز تلك الفردية وتنمي العقل الفردي على حساب العقل الجمعي ، ولا تساعد على إقامة نظام أبوي مركزي صارم مع ما يترتب على ذلك من حرية فكرية ونزوع للاستقلالية وقدرة على توجيه النقد المنطقي وترسيخ لقانون السبب والنتيجة والتعلم من الأخطاء والتعامل مع تحديات الحياة بعقلية تحليلية تجريبية ومن هنا ينشأ تقديس الحرية الفردية وحقوق الإنسان والاستقلالية والاعتراف بالآخر والنظرة إلى الأمور نظرة نسبية ومشاركة الشعب بالحكم وتفعيل دور المرأة واحترام وتشجيع الإبداع والابتكار والمبادرة الفردية وغيرها من أنماط سلوكية اصطلحنا على تسميتها بالتمدن ، لكن يجب أن لا ننسى انه تمدن أوربي خلقته البيئة الطبيعية لأوربا ، فالإنسان الأوربي لم تعرض عليه الدكتاتورية والديمقراطية فاختار الأخيرة ، ولم يعرض عليه إلغاء الآخر أو الاعتراف به فاختار بينهما ، ولم تعرض عليه الفردية والاستقلالية في مقابل الانضواء والانصهار ضمن الجماعة ففضل الأولى ، بل هو وجد نفسه متحلي بهذه الصفات نتيجة لظروفه وما يصدق على الإنسان الأوربي يصدق على الإنسان العربي الذي كان ولا يزال هو الآخر ابن ظروفه ، بغض النظر أيهما أفضل أو أيهما نفضل .
2 - التاريخ : إن التاريخ ما هو إلا المحصلة النهائية لما يقوم به ويفعله الإنسان عبر الأزمنة المختلفة ، ويقينا أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم إلا بما يعرفه ولا يستطيع أن يفعل إلا ما تعلمه ولا يصدر منه إلا ما يعبر عن شخصيته وعقليته وأفكاره وبذلك يصبح سفره التاريخي مجرد ترجمة للمنظومة الفكرية التي خلقتها ظروفه الجغرافية ، أي وبكلام الآخر يقوم بتحويل الأفكار التي غرسها فيه محيطه الجغرافي إلى أفعال تسمى بتقادم الزمن تاريخا . لذلك لن تجد مهما بحثت في التاريخ العربي المقدس وغير المقدس أي اثر مهما كان بسيطا لإيقونات التمدن – بحسب فهمنا اليوم للتمدن – كالحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة لأنه يستحيل على الجغرافية العربية وكما ذكرنا سابقا أن تنتج فضلا عن أن ترعى وتنمي وتطور مثل هذه المفاهيم . لكن بالمقابل تستطيع أن تجد في التاريخ ذاته وبجهد بسيط مئات وآلاف الأمثلة لإيقونات التخلف – أيضا بحسب فهمنا اليوم للتخلف - كالحكم الشمولي والنظام الأبوي وتقييد الحريات وإلغاء الآخر وغياب الفردية فكرا وسلوكا وانعدام روح المبادرة والإبداع وتغول العقل الجمعي والتشبث بالتقليد الأعمى ، واعتقد انه ليس بنا حاجة لذكر الوقائع والأحداث التي يعج بها تاريخنا والتي تؤكد ذلك فهي معروفة للجميع .
كذلك التاريخ الأوربي فما هو إلا انعكاس للجغرافية الأوربية التي كانت مؤهلة لخلق منظومة فكرية تطورت وصقلت عبر الزمن لتصبح ما نراه اليوم وما نسميه تمدنا ، ونستطيع أن نجد الكثير من الأمثلة في التاريخ الأوربي نتلمس من خلالها وجود البدايات الأولى لما أصبح عالمنا المعاصر يتعامل معه على انه أيقونات التمدن .
3 – الإنسان : إن الإنسان العربي اليوم هو الابن البار لتلك الجغرافية والوريث الشرعي لكل ما أنتجته من مفاهيم وأفكار ، وهو سليل ذلك التاريخ ، وهو المحصلة النهائية لاقتران تلك الجغرافية بذلك التاريخ ، لذلك فانه لن يستطيع مهما حاول وبذل من جهد إلا أن يكون نفسه وهل يستطيع الإنسان أن يتخلص من نفسه ؟ وهل يستطيع أن يكون إلا ذاته ؟ وهل يستطع أن يفعل إلا ما تعلمه وأصبح جزءً لا يتجزأ منه ؟ وهل يستطيع أن يتنكر لفكره وعقله وروحه وما تختزنه شخصيته ؟ وهل يستطيع أن يحزن لما يفرحه ويفرح لما يحزنه ؟ ويفعل ما لا يتقنه ولا يستسيغه ويترك ما يعرفه ويتقنه ويتلذذ به ؟ لا اعتقد أن عاقلا يمكن أن يعتقد بذلك . والأمر ذاته يصح على الإنسان الأوربي فهو أيضاً وريثا شرعيا لأفكار بيئته ، وهو أيضا سليل تاريخه ، وهو أيضا لا يستطيع أن يكون إلا نفسه وذاته أي لا يستطيع أن يكون إلا أوربياً .
وهكذا عندما يستكمل التخلف أو التمدن قوانينه الرئيسية الثلاث الجغرافية والتاريخ ومنتجهما الإنساني ، فانه يكون قد اكتسب قوة الدفع الذاتي ليصبح بذلك مكتفٍ بذاته عصياً على أعدائه مطواعا لأحبابه ، لا يحتاج إلى من يدعمه ، يتجاوز ويسحق أية محاولة لإعاقته ، ينمو ويزهر ويتطور ويفعل فعله ويترك أثره بتلقائية وسلاسة كتلقائية نزول المطر وهبوب الريح وشروق الشمس وبزوغ القمر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة