الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آخر أجل ...

العربي عقون

2014 / 12 / 9
الادارة و الاقتصاد


يُعرَف الغرب "الذي تلعنه فضائيات العرب" بالدقة في المواعيد ويعرف الألمان باحترام الوقت وعادة ما يقال اضبط ساعتك على ساعة ألماني ولذلك فإن طائراتهم تطير في موعدها وقطاراتهم تنطلق في أوانها ودروسهم تبدأ في حينها بالدقيقة والثانية، وهم يعملون فعلا بالآية : "إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون" لكن هذه "الآية" عندهم لا علاقة لها بالموت بل العلاقة كل العلاقة بالحياة أي أنه لا يمكن أن يتأخّر درس تلميذ ولا يمكن أن يصل مريض متأخّرا عن موعد طبيبه ولا يمكن أن تتوقف عجلة الانتاج في انتظار عامل تأخر به قطار ...
عرف هؤلاء قيمة الوقت وهم يستثمرون فيه بصرامة بحيث لا تضيع ساعة إنتاج بل - ودون مبالغة - دقيقة إنتاج. وكل هذا في شفافية تامّة وهذه بديهية لا يختلف حولها إثنان وأكبر جرم هو أن تتعطّل آلة إنتاج أو يحدث اضطراب يربك الحياة الاجتماعية ينشأ عنه إرباك يمس الحياة الاقتصادية .
هذا عن الأنشطة التي فيها استئناف أمّا الأعمال التي ينبغي أن تكون دائمة فليس لها أجل لأنها مستمرّة ويمكن لمن أراد أن ينخرط فيها أن ينخرط متى شاء ولذلك وجدنا في المواصلات حركة دائمة بانطلاقات مضبوطة ولا يمكن لباص أن يتوقف بالركاب في محطة أكثر من 4 دقائق لأن باصا آخر قادم ولا بدّ أن يجد المكان فارغا ليتوقف بدوره 4 دقائق ثم ينطلق ليلحق بالمحطة القادمة وهكذا من فاته باص الساعة كذا يأتيه الباص الموالي في عشرة دقائق ... وليس هناك تكدّس لباصات النقل العمومي في محطة واحدة .
الادارات ليس فيها آخر أجل ، يمكن أن تدفع ملفك في أي تاريخ فليس هناك مواسم لدفع ملفات ومواسم لانتظار إجابة عنها ، وكل ما في الأمر هو أن تكون الملفات سليمة ومطابقة للشروط القانونية ، الاداري هناك المتشبع بثقافة الدولة المتحضر الذي تلقى تنشئة سليمة وراقية ينظر الى القضية محل الملف ان كانت اقتصادية او اجتماعية او علمية ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يتسبب في تعطيل او عرقلة تلك القضية لان في تعطيلها او عرقلتها خسارة يصعب تعويضها وهدر للوقت والجهد والمال وإيقاف لعجلة التنمية ...
في العالم العربي الموبوء بإدارة اجرامية تتعامل بعبارة آخر أجل أي اخر فرصة وخاصة ادارات الوظيفة العمومية فقد عُرِف عنها ممارسة العبث والسادية في حق الموظفين ومما درجت عليه انها تعلق مناشير تهمّ الموظفين في المساء بعد مغادرتهم لاماكن عملهم وفي الغداة يصحو أولئك الموظفون على مناشير تقول ان آخر أجل لدفع ملفاتهم هو يوم أمس وعليهم ان ينتظروا العام المقبل.
ضبط الوقت لا يعني البتّة تفويت الفرصة على آخرين لأن الفرصة موجودة دائما أما عند هؤلاء الذين يديرون شؤون العالم الثالث وخاصة منهم الذين يحتمون بمسؤوليات صغيرة يختفون وراءها لتغطية تكوينهم الضعيف وكذا لممارسة ساديتهم فالأمر يثير الشفقة لأن هؤلاء الذين لم يستطيعوا نيل احترام الآخرين بمكارم الأخلاق وبامتلاك القدرات العلمية ظنوا انه يمكن أن ينالوه باللؤم والنذالة فما أشقاهم وما أحقرهم.
هل عرفتم الآن – في العالم العربي - لماذا فاتتنا كل الفرص، لأن الفرص في ايدي أسوئنا ، وأسوأنا هم من يتحكمون فينا في السياسة والاقتصاد وفي التربية والتعليم .... وهؤلاء أعداء لأي فرصة واعدة ولكل المبادرات الخيِّرة ولا عمل لهم سوى الترصد خلف مكاتبهم البيروقراطية لقطع الطريق على الكل متخذين من الإدارة كمائن ينصبونها لاعتراض سبيل أي مبادرة باختلاق أسباب واهية لأن المتعسف يفكّر دائما في العقاب والعرقلة والتسويف فكم من طالب "فوتوا" عليه فرصة التسجيل وكم من مواطن "فوتوا" عليه فرصة دفع ملف مسابقة التوظيف "في حينه" وكم مستثمر قيل له انتهى الاجل وكم من مريض لفظ انفاسه وقيل له وصل بعد فوات الاوان وهذا كله تفويت مقصود ... إنهم يخفون أوّل أجل ويعلنون عن آخر أجل ليظل المواطن والبلد كله يراوح مكانه ويرثي حاله على انغام "فات المعاد" للمرحومة أم كلثوم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا حياة لمن تنادي
كريمو ( 2014 / 12 / 9 - 15:20 )
يا دكتور لمن تكتبون هذا الشعب لا يقرا وان قرا لا تفعل فيه القراءة شيئا
الشائعة هي التي تحركه لان الشائعة تقةوم على الاثارة والتشويق وترضي الحقد الذي جبلوا عليه

ما تفضلتم لبه يفهمه العارفون اما الدهماء في لا ترى ولا تبصر ولذلك وجد الاداريون فرصتهم في قهر الشعب

لا بد من ثورة على البيروقراطية ومسح البيروقراطيين من الوجودان اردنا فعلا ان نتحرك الى الامام ولا بد من الانفصال على العالم العربي وان نربط العلاقة باليابان وكوريا اما اذا بقينا في زريبة العرب فلن نرى خيرا ابدا ابدا


2 - عين الصواب
Syphax Rex ( 2014 / 12 / 9 - 16:59 )
هذا عرض حال عن واقع نعيشه كما تفضلت ووصفته
اننا لم نقم بثورة داخلية وننتظر تراكم التخلف والسلك الاداري يتقوى ويتدعم والنظام يوظف في كل موسم مئات البوليس والجندرمة لجماية اجهزته البيروقراطية ... لقد اصبح لكل مواطن رقم كالمسجون يعني أصبحنا مجرد أرقام ... واصبحت وثائق الحالة المدنية سيفا مصلطا على رقابنا
كل الفرص فاتت ويستفيد منها المسنودون من الادارة البيروقراطية فقط
لا بد من ثورة على الادارة والغاء تعليمات الزرهوني

اخر الافلام

.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110