الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ساعة في مستشفى حكومي

أحمد سعده
(أيمï آïم)

2014 / 12 / 12
حقوق الانسان


صحيت بدري حاسس بألم في معدتي.. وقررت أكشف في مستشفى حكومي قريبة مني، رغم إني بشتغل في شركة متعاقدة مع أكبر المستشفيات الخاصة في مصر.. لكن مقدرتش أقاوم رغبتي في دخول مستشفى حكومي..


في طريقي للمستشفى، كان فيه سيدة متأنقة ماشية في الشارع ربما في طريقها لشغلها.. وبالطبع كانت فريسة مستباحة ونهبا لبحلقة الرجال والشباب وحتى الأولاد المراهقين.. أمر بقى معتاد ومقرف يهدر من كرامة أي بنت أو إمرأة لمجرد أنها تسير في الشارع..


وصلت للمستشفى، مكتوب عليها من برة شعار "تـحــيا مصر".. وقفت في طابور طويل مليان بمختلف الوشوش اللي بتحمل كتير من العبر ومعاني البؤس والشقاء والمعاناة..


في نفس الطابور يقف رجل من اللي حاولوا يتحرشوا بالسيدة اللي كانت ماشية في الشارع..، لكنه الآن يقف ذليلا مهانا في طابور طويل..

يكفي فقط أن تدخل أي مكتب حكومي وإن كان كشك مرور أو قسم شرطة أو شهر عقاري لتفقد كل كرامتك كرجل، لا تحترمك الدولة إلا أيام الانتخابات أو أثناء تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين.
في نفس الطابور أيضا يقف رجل مكشر جدا لا يكف عن السب والصراخ في وجه زوجته الحامل التي لا تملك سوى صمتها ودموعها.. يشعر الجنين بالألم داخل الرحم حين تشعر أمه بالألم، فالجهاز العصبي الجنيني قادر على التمييز بين الصفعات والقبلات المتبادلة بين الأم والأب، وبين كلمات الحب وكلمات السباب...


أخيرا وصلت لباب غرفة الكشف بعد ساعة من الانتظار ومراقبة خلق الله، الغرفة يقف عليها ممرض يتعامل مع المرضى وكأنهم عبيد في مزرعة السلطان.. يقف وكأنه الإله الذي لا يدخل جنته أحدا إلا بإذنه...

فجاة جاءت السيدة المتأنقة اللي كانت ماشية في الشارع، فرحب الممرض بها، ودخلها للكشف قبلي.. فطلبت منه يحترم الطابور ويحترم الناس ولا يهدر النظام..
قاللي: أنا عارف شغلي يا "كابتن" .. كان يقصد الإهانة بكلمة كابتن، قلتله أنا مش كابتن وفيه نظام لازم تحترمه.. رد وقاللي: أنا عارف النظام كويس يا "محترم" .. وكلمة محترم هنا كانت تعني مزيد من الإهانة.. قلتله أنا فعلا محترم، وبحترم النظام والناس وهحترمك إنت شخصيا لو كنت جدير بالاحترام..

فجأة لقيت أمين شرطة داخل للعيادة، والممرض بيرحب به ويدخله قبلي، إضطريت أدخل من الباب مع أمين الشرطة بعد أن نفد صبري وفقدت هدوئي، كان لسة الدكتور بيكشف جوة على الست اللي دخلت قبلي... رحب الدكتور بأمين الشرطة، وطلب مني بمنتهى الوقاحة أخرج برة.. أقسمت إني هخرج من عنده على وزارة الصحة.. لهجته بدأت تتغير وقاللي طب إتفضل..


لكن كنت خلاص فقدت الثقة فيه وفي إنه يقدر يعالجني، خرجت محبط من غير ما أكشف وتوجهت لأقرب صيدلية إشتريت منها شريط مسكن مستورد، وأخدت منه قرص، وشكرت "الخواجة" اللي اخترعه في سري..


ده جزء من المعاناة اليومية اللي بيتعرضلها المواطن المصري لمجرد دخوله أي مكتب حكومي، رغم إن كلها بترفع شعارات "تحيا مصر".. لكنها شعارات للمتاجرة.. تقريبا يقصدوا بها تحيا مصر ويموت الشعب..


الدولة الطبقية، عايزة دايما شعب يحبها كده مجانا ويغنيلها ويحلف بها وبعظمتها، من غير ما تقدمله أي شىء.. بالضبط كده زي الرجل الشرقي اللي عايز المرأة تحبه كده مجانا بدون أي مقابل، حتى لو كان بيهينها وبيقلل من كرامتها....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع متواضع لشاب في قطاع غزة لشحن الكراسي الكهربائية لذوي ا


.. جيش الاحتلال يستهدف النازحين الذين يحاولون العودة لشمال قطاع




.. إسرائيل تواصل الاستعدادات لاقتحام رفح.. هل أصبحت خطة إجلاء ا


.. احتجوا على عقد مع إسرائيل.. اعتقالات تطال موظفين في غوغل




.. -فيتو- أميركي يترصد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة | #رادار