الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بريء

رائف أمير اسماعيل

2014 / 12 / 15
الادب والفن


جفل حين سمع صوت أبنه يناديه ... وأسرع في الوقوف ... ثم أسرع في الخطو اليه ...
كان عندها بين أصدقائه يفاخر في انه اليوم قد ضرب ابنه ضربا مبرحا الى الحد الذي توسل فيه ابنه ان يسامحه على خطئه وانه لن يفعلها مرة أخرى ...
كان جلسائه يحبونه كثيرا ... كانوا يعلمون أنه يكذب كثيرا ... ويعلمون انه كان يخاف ابنه كثيرا ولايستطيع أن يوبخه بكلمة واحدة ... بل العكس، كان هو من يتجرع كلماته القاسية ونصائحه التي لاتنتهي يوميا ..
كانوا يعرفون انه يفرغ لهم معاناته بحديث معكوس متلذذين ببرائته ... ضاحكين على تأتأته
زوجه أبوه وهو بعمر الأربعة عشر عاما عسى أن ينجب له أحفادا يعوضوه عن حسرته في أبنه الوحيد البليد هذا، لكنه أيضا لم ينجب سوى إبنا وحيدا عوضته الجينات ذكاءا حادا وشخصية أحد، فكان تنافر الشخصيتين واضحا لأبناء القرية.
توفى الجد فأرث ثروة طائلة أغنته عن مشاق الحياة .. ومسكت زوجته حسابات الثروة فأغنته عن ألتسفه بها .. وحين ماتت، كان قد بلغ أبنها العشرين عاما فتولى عنها التدبير ... فأستطاع أن يكمل دراسته الجامعية ويتزوج بمن شاء.
كان الإبن يكبر في العمر والجسد والذهن بينما بقي الأب البليد على بلادته وجسمه ... بل بقي جسمه طريا وبملامح وجه بدا للناظر وكأنه هو الابن حين يرى الاثنين معا ..
الأب بعمر الأربعين بدا أصغر من ابنه الذي أصبح بعمر الخامسة والعشرين ... وكلما تقدم الإبن في العمرأكثر .. كلما التاع أكثر من براءة أبيه .. وكاد يطرده من بيته أكثر من مرة لولا تدخل زوجته الطيبه وتحملها .. خصوصا أنه أيضا قد أصبح جدا لطفل صغير وجميل ... يحبه ويتعامل معه وكأنه صغير مثله ...
كانت المشكلة في بلادته، انه لايدرك معاني الكلام .. لايدرك كلام الفواحش الذي يسمعه من الناس فيردده هنا وهناك وأمام زوجة ابنه .. ويصدق كل كلام الناس فيوقع نفسه في ما أرادوا به من سخرية أو مكيدة ضحك. بل وصلت الدرجة انه يطيع طلب شاب صغير بأن يعري جسده. أو يستجيب الى آخر في تسلق حائط بيت من بيوت القرية كي يجلب له طيرا قد فلت منه.
قرر ألإبن الذي أصبح مهندسا مرموقا وشخصية سياسية أن يستغل خطر الحرب الأهلية التي باتت جبهتها قريبة من القرية فيرحل الى مكان آخر يستطيع به أن يحبس أبيه في زاوية بيت أكبر ويبتعد به من الناس السيئين الذين عرفوا كيف يستغلوه .... لكن الحرب كانت أسرع ...
هجمت على القرية أعدادا كبيرة من الاعداء ... فهرب أبناؤها الشجعان ... وحين أراد الابن ان يجمع عائلته ليفر بها ... لم يجد والده البليد في مكان قريب .. فذهب ليبحث عنه ...
تفاجأت القرية بأن الاعداء يُقتلون الواحد تلو الآخر من طلقات بندقية يرمي بها شخص منهم من فوق بيت على حافة القرية ... فتشجع الاشجع ليحذوا حذوه .. ثم الآخر والآخر ... فتراجعت القرية كلها عن الهروب ... بعدما تبين ان النصر هو حليفهم ...
لكن المفاجأة الأكبر كانت أن الشخص ذاك .. الذي كان قد شجع القرية كلها على الثبات والذي قتل أكبر عددا من الاعداء ... هو نفسه ذلك الأب البليد..
أصبح البليد من تلك اللحظة بطل الابطال ومنقذهم ... خجلوا مما كانوا يستهزئون به ... وحيوا ابنه على بطولته، وأصبح الابن يتشرف بأسم والده..
سألوه
- كيف تعلمت القتال؟ نحن لم نرك يوما تحمل بندقية
- (فلان) علمني أياها في بستانه كي أقتل فلان لأنه قد هتك عرضه .. لكنه بعدها لم يقل لي اقتله ... ثم أكمل
- الاعداء كان يريدون قتل حفيدي فقتلتهم كلهم
حلل شخصية البليد فيما بعد أحد مثقفي القرية فقال
- كان هذا الشخص بدماغ أيمن .. أي أن فص دماغه الايمن هو الناشط والمسيطر فيما ضمر نصفه الايسر .. لذلك هو قد أخفق في العلاقات مع الآخرين التي تتطلب المنطق وجمع الخبرات ...و نجح في التصويب على الهدف باطلاقة واحدة........ ولايخاف
14/12/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة