الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلام العرب هو الحل

فادي قدري أبوبكر

2014 / 12 / 26
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


الثقافة هي المرجعية الأولى للسلوك والمواقف الإجتماعية والسياسية، وهي الإطار الذي يحكم سلوك الأفراد والجماعات . وللأسف فإن الصراعات السياسية والحزبية في القطر العربي الواحد أكسبت الأفراد ثقافة العنف ، كما ساهمت الصراعات العائلية والقبلية في نشر هذه الثقافة بين أفراد المجتمع، ومن هنا ساهمت العائلة أو الأسرة في إنحراف مسار التنشئة الإجتماعية عن أداء رسالته الإنسانية والإجتماعية ، لأنه لن تصلح العائلة إلا بإصلاح الفرد ولن يصلح المجتمع إلا بإصلاح العائلة.
إن أزمتنا الداخلية هي أكبر من أزمتنا مع الآخر ، وهذا يتضح من الإنقسامات الموجودة في مختلف الأقطار العربية ما بين التيارات القومية والدينية وغيرها ، إضافة إلى الإنقسام بين أبناء التيار الواحد، وعليه فإن هذا كله أدى إلى تحول العنف من ظاهرة إجتماعية إلى ثقافة لن تودي بالمجتمع سوى إلى دمار مكوناته وأسسه ، إضافة إلى انهيار نظامه السياسي والإجتماعي.
إن الثقافة التي كرستها الأنظمة العربية في طريقة حكمها الذي يمتاز بالشخصنة وعدم المأسسة واللامساواة الإجتماعية ، وكيف جعلت المجتمعات تخضع للأهواء والرغبات والمحسوبية ، جعل أفراد المجتمع العربي يركزوا عداءهم على النظام الحاكم متناسين العدو الخارجي، فلا مناص لهم سوى أن يقوموا بذلك من أجل الحصول على حقوقهم و درء الظلم عن أنفسهم. وأكبر دليل حي ما جرى في السنوات السابقة من حراك عربي شعبي ضد أنظمة الحكم في كل من مصر،تونس وغيرها .
الشعوب لا يمكنها الإحتفاظ بوحدتها المادية والمعنوية ، إلا حين تقدم الثمن المطلوب لتعديل بُنى المجتمع السياسية والإقتصادية والأخلاقية ، والعكس صحيح . فحيث تخفق الشعوب في ذلك لأسباب ذاتية أو موضوعية، داخلية أو خارجية تفقد السيطرة على مصيرها ويتهدد مستقبلها ، ولن تكون النتيجة سوى مزيداً من الإنقسام الوطني والسقوط المعنوي.
إضافة إلى العداء الداخلي بين مكونات المجتمع في القطر العربي الواحد ، إلا هناك احتراب داخلي بين الأقطار العربية أيضاً ومنذ سنوات طوال، وأمثلة ذلك كثيرة : فمنها العراق - الكويت ، سوريا – لبنان وغيرها الكثير.
إن رفع البلدان العربية شعارات مثل "الأردن أولاً" أو "لبنان أولاً" ، لا يدل سوى على اتساع فجوة الإنقسام بين الأقطار العربية ، وهذا كله يعود إلى مفهوم الأنظمة العربية للأمن القومي . حيث تحدث الدكتور عبد المنعم المشاط في كتابه "الأمن القومي العربي المعاصر" عن الأمن القومي القطري لفقدان المعنى العربي الموحد ، و "أن تحقيق الأمن القومي العربي يتضمن تحقيق الأمن القومي القطري لكل دولة وأقطاره وإن كان العكس غير صحيح". أي أن كل قطر عربي لا تبنى إستراتيجيته وفقاً لمفهوم الأمن القومي العربي أو وفقاً لسياسة دفاعية من خطر العدو الخارجي . وإنما كل نظام عربي يتصرف وفقاً لما يعزز نفوذه ويدعم كيانه السياسي الحديث النشأة والمفروض أصلاً من الإستعمار . وعليه فإن هذه العداءات الداخلية بين الأقطار العربية المختلفة ليست إلا للحفاظ على مصالح النظام الحاكم و ضمن المصلحة والمنفعة القطرية الضيقة.
يرى الأستاذ الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار أن سبب الإنقسامات ترجع إلى أمرين من وجهة نظره:
• اضطراب مفاهيمنا حول ماذا نريد؟ وما هي رؤانا ومشاريعنا لتحقيق الشيء الذي نريده؟
• اضطراب مفاهيمنا حول الهدف المشترك لنا جميعاً بمعنى هل بالفعل أمة لها أهداف مشتركة ؟

لقد أثرت دوافع الإنقسام الداخلي في دول عربية بسبب طائفي أو عرقي أو ديني أو أيدولوجي أو سياسي على علاقات هذه الدول بدول عربية أخرى، الأمر الذي لن يودي سوى إلى تراجع وإنهاء الشراكة والتعاون العربي – العربي. كما أن القضية الفلسطينية والدفاع عنها والتي كانت أهم القضايا التي جمعت العرب ودفعتهم لإنشاء جامعة الدول العربية ، أصبحت اليوم تفرقهم خصوصاً مع صعود أكثر من ممثل للشعب الفلسطيني وهذا ينطبق أيضاً على باقي الشعوب العربية. إضافة إلى ذلك فإن الدولة الصهيونية مستمرة في محاولة تفتيت الدول العربية من خلال دعم مطالبات الحكم الذاتي لطوائف بعينها.
في أحد كتاباته يقول عزمي بشارة "ستنقسم الأمة العربية بين أولئك الذين يرقصون على وقع فضيحة وهزيمة، وأولئك الذين يفجرون أنفسهم في اطار طقوس دينية تصم الآذان".
ويقول الكاتب الإسرائيلي آشر سوسر وهو مدير وباحث بارز في مركز موشيه دايان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية في جامعة تل أبيب في كتاب نشره سابقا منذ 2003 بعنوان «تراجع العرب» "أن عدد الدول العربية اثنتان وعشرون دولة إلا أن القواسم المشتركة بينها قليلة جداً ماعدا اللغة".
لماذا لا نسأل أنفسنا ماذا لو اتحدت الدول العربية ال 22؟.هل تعلم أنه لو اتحدت الدول العربية سيكون ما يلي:-
• الناتج القومي المحلي الاجمالي : 2 تريليون و700مليار دولار سنوياً وهذا سيجعلها في المرتبة الخامسة عالمياً بعد ألمانيا وقبل فرنسا.
• المساحة الاجمالية : 13 مليون و500ألف كم مربع وهذا سيجعلها في المرتبة الثانية بعد روسيا.
• عدد السكان الإجمالي: 380 مليون نسمة وهذا سيجعلها في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الصين والهند.
• الجيش: سيصبح عدد مجنديه 2 مليون مجند أي في المرتبة الثانية بعد الجيش الصيني.
الهدف من استعراض هذا كله أن نعلم لماذا قام الاستعمار بتقسيم بلادنا العربية وخلق مختلف المشاكل بينها ، وخلق مختلف أنواع الحكم فيها من ملكي وجمهوري حتى يصعب على العرب الاتحاد على الرغم من توافر جميع مقومات الوحدة العربية.
في نهاية الحديث ، لا يمكن أن نستخلص سوى أن لا سبيل للخروج من هذه الأزمة المتمثلة بالإحتراب أو العداء الداخلي بين مكونات المجتمع العربي إلا بإحترام بعضنا البعض والإعتراف بمصالح بعضنا البعض ، وأن نبحث عن المشترك بيننا غير اللغة ونبني عليه وتكون لدينا رؤية وهدف مشترك نتحد من أجله ، فبالنهاية في الوحدة قوة ، وسلام العرب هو أفضل أنواع السلاح الذي يرهب قوى الشر الإستعمارية المتمثلة بأمريكا وإسرائيل .

المراجع:
برهان غليون، المحنة العربية – الدولة ضد الأمة(مركز دراسات الوحدة العربية ، 2003)، 13-14.
عماد المرزوقي،"بوادر انقسام في العالم العربي،" جريدة الرأي، أبلول.2014،7.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟