الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد الكيلاني يكتب : الدفاع عن الله ... والغيرة على الدين

خالد الكيلاني

2015 / 1 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



من نتائج الفهم المغلوط للدين الذي انتشر في مجتمعاتنا الإسلامية نتيجة لتسويد نمط معين من التدين لا علاقة له بصحيح الدين ، لكنه من صنع جماعات حديثة من الخوارج لا هم لها سوى السلطة بغنائمها وسلطانها ... جماعات لا تعرف من الدين سوى كونه مطية لتحقيق أهدافها الخبيثة هو مقولتي : الدفاع عن الله ، والغيرة على الدين ، هاتين المقولتين اللتين تدفعان بعض المتدينين الطيبين إلى معصية الله وسب أو الاعتداء على من يظنون – مخطئين – أنه تعرض لله أو للدين بما يخالف ما يفهمونه هم أو يعرفونه عن الدين .
وسوف أفند لكم هاتين المقولتين في السطور التالية :
أولاً : الدفاع عن الله
==========
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم أياته: " ان الله يدافع عن الذين آمنوا.. " (الحج 38) .
ومع ان هذه الآية صريحة في أن الله هو الذي يتولى الدفاع عن المؤمنين به ولا يحتاج لدفاعهم هم عنه , ولكن مع ذلك نجد بعض المتدينين يأخذون على عاتقهم الدفاع عن الله وكأن الله يحتاج لمن يدافع عنه , وفضلاً عن أن في دفاعهم هذا مخالفة صريحة للنص القرآني ... فان عملهم هذا وسعيهم الحثيث لإثبات وجود الله في الكتب ، وعلى صفحات الفيسبوك ، والدخول في سجالات حادة مع من يعتبرونهم من الملحدين يعتبر اهانة لله من قبل هؤلاء المتدينين , لأنه ليس دفاعا عن الله الحقيقي الذي لا يحتاج الى دفاع ، ولكنه دفاع عن فكرتهم المغلوطة عن الله.
فالله يمنعنا حتى أن نجادل المشركين به أو الملحدين الذين ينكرون وجوده وهو القائل في محكم أياته " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " ( الكهف 29 ) ، وجعل جزاء الكفر به أو إنكار وجوده في الآخرة لا في الدنيا .
بل الأكثر من ذلك أنه في ظل الأذى الذي كان يلحقه اليهود بالرسول عليه الصلاة والسلام بالمدينة أنزل الله في سورة الأحزاب " إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً " (الأحزاب 57) ، والمفهوم بالطبع أن الأذى الذي يمكن أن يلحق بالله هو أذىً معنوي ، لكن الأذى الذي كان يلحق بالرسول وقتها كان أذى مادي ومعنوي وحرب وقتال ومؤامرات ... ومع ذلك تعهد الله بعذاب من يؤذون أحب خلقه إليه في الآخرة فقط واكتفى الله بأن يلعنهم في الدنيا والآخرة ... الله هو الذي يلعنهم لا البشر ... وخلاصة القول في هذه المسألة أن الله هو الذي يدافع عنا ، لا نحن الذين ندافع – سبحانه وتعالى – عنه ... ومن نكون نحن الضعفاء إلى الله حتى ندافع عن خالق الكون وخالق كل شيء الذي يحيي ويميت ويقول للشيء كن فيكون ... وحتى مع المشركين والملحدين لا يجوز أن ندافع عن الله فهو لا يحتاج الى دفاع لأنه أراد لهذا العالم ان يكون بهذه الكيفية , وأراد لهذه الحياة ان تكون بهذه الصورة ، ويعيش فيها الجميع على اختلاف أديانهم وقومياتهم وأفكارهم بسعادة وتعاون ومحبة فيما بينهم كما يقول القرآن : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ-;- وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا " ( الحجرات 13 ) لا لتتقاتلوا أو تتنازعوا ... ويقول أيضاً : " كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً " ( سورة الإسراء 20 ) , فالشمس تشرق بنورها على كل الدنيا , والمطر يهطل في كل مكان فيستفيد منه جميع الاحياء والله خالق الشمس ومنزل المطر لا يهمه اذا شكروه أو لم يشكروه , وكما ان الشمس تمنحنا النور والدفء ولا يهمها اذا انكر وجودها بعض الناس عندما تغطيها الغيوم ... فهكذا الله مع خلقه , فمن أنت ايها الإنسان حتى تمنع رحمة الله عنهم وتريد لهم الشر وتسبهم وتدعو عليهم بالبلاء ... بل تسعى لتقييد حريتهم وكبت اصواتهم وإزهاق أرواحهم وحرمانهم من هذه النعمة الالهية العظيمة وهي الحياة ؟؟؟

ثانياً : الغيرة على الدين
============
الغيرة خلق كريم جُبل عليه الإنسان السوي الذي كرمه الله وفضله على بقية المخلوقات ، وقد أعلى الإسلام من قدرها وأشاد بذكرها ، ورفع شأنها حتى جعل الدفاع عن العرض جهاداً تهون في سبيله الأرواح ، ويُجازىَ فاعله بدرجة الشهيد في الجنة ... فعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قُتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قُتل دون دمهِ – دفاعاً عن النفس - فهو شهيد ، ومن قُتل دون عرضه فهو شهيد ".
والغيرة في اللغة هي " تغير النفس وشدة الغضب والحزن الذي يخيم على القلب بسبب الإحساس بمشاركة الغير فيما هو حق للإنسان " ، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين ، وهذه الغريزة يشترك فيها الرجال والنساء بل قد تكون في النساء أكثر وأشد .
فالرجل والمرأة كلاهما يشعر بالغيرة في أن يشاركه أحد أخر في حبيبه ، ولا يرضى سوى بالوحدانية في هذا الحب . والغيرة في أدق تعريفاتها هي أن تكره أن يحب شخص غيرك أو يميل إلى الشخص الذي تحبه ... أو تكره أن يحب من تحبه شخصاً غيرك أو يميل إليه ... فهل ينطبق هذا على الدين ؟؟؟!!!!
وهل يمكن لرجل مثلاً أن يغير على كل النساء ، أو لامرأة أن تغير على كل الرجال ، لو حدث هذا لأصبح هذا الرجل أو تلك المرأة شخصين ليسا بالأسوياء ويحتاجان للعلاج النفسي ، لأن كل النساء لسن مملوكات لقلب هذا الرجل ، وكل الرجال ليسوا مملوكين لقلب تلك المرأة ... الغيرة تقع فقط على من نحب خوفاً أن يشاركنا في حبه شخص أخر ... فهل يمكن أن يقتصر الدين الذي يدين به المليارات في العالم على شخص واحد أو حتى الملايين من الأشخاص ويخشون عليه من حب آخرين أو أن يشاركهم آخرين حبهم له فيغارون عليه !!! ، الدين الذي أنزله الله للبشر كافة هو ملك الناس كافة حتى تقوم الساعة ، ولا يستأثر به – أو بفهمه وتأويله – أحد ، ولا يجوز لأحد أن يزعم ذلك ... وإلا دخل في دائرة الشرك بالله ، لأن الدين دين الله أنزله للبشر ... ولا يجوز أن يشارك الله في ملكيته للدين أحد من البشر ولا حتى الرسول الذي أنزل عليه هذا الدين .
وبالتالي تكون مقولة الغيرة على الدين شركاً بالله وتألياً عليه سبحانه وتعالى .
والله أعلم
خالد الكيلاني
القاهرة في فجر يوم الجمعة الموافق 2 يناير 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت يا خالد!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2015 / 1 / 2 - 12:49 )
هي والله الحقيقة. الله لا يحتاج لاحد يدافع عنه وهو خالق الكائنات واذا اراد شبئا ان يقولللشيء كن فبكون. الدفاع عن الله يعني الدفاع عن الخلق من اي مشرب كانوا لان الله خلق الطبيعة وربطها بقوانين غير قابلة للتبديل واي انتهاك لتلك القوانين هو تعد على مخلوقاته وان نسب التعدي عليه.فالارض الذي يملكها الفقير ويمنعه المستبد من ان يزرع فيها وحرمانه من منتوجها هو تعد سافر على الذات الالاهية لانه عطل قانون الانتاج الذي يؤدي الى ضرر المالك وهنا يجب الدفاع عن حق الفقير وهو الدفاع المعنوي عن الله. اما ان اعترف اولا اعترف بالاسلام اوغيره وانا محب للانسانيةفهذا قمة الايمان.وللتعريف المفيد عن الايمان هو الدفاع بالفكر والحجة بالحجة وليكن الايمان عن قتاعة وليس بالتهديد والوعيد وليس بترميل النساء وسبيهم. ان ما تقوم به داعش هو ارهاب مقنن سوى كان مبرراته اسلامية او غير اسلامية وعلى جميع احرار العالم محاربته بكل الوسائل.
شكرا لك.

اخر الافلام

.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش