الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن تشريك حزب النهضة فى الحكم؟

امال قرامي

2015 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ما أعسر تشكيل حكومة فى ظلّ تهافت المتحزبّين والشخصيات الوطنية والمثقفين وغيرهم على اتّخاذ مناصب وزارية أو مواقع صنع القرار. فمنذ أكثر من أسبوع والسير الذاتية تعرض على رئيس الحكومة علّه يختار فيريح ويرتاح. ولكن أنّى «للصيد» أن يقرّر فى سياق تمارس فيه الاكراهات، وتفرِض فيه التوازنات السياسية مراعاة عدّة مسائل، لعلّ أهمّها موقع حزب النهضة فى إدارة البلاد وكذا الجبهة الشعبية.

ولئن آثر أنصار الجبهة الشعبية تحذير «السبسى» من عدم الإيفاء بوعوده، والتراخى فى تنفيذ التزاماته، والاستسلام للضغوط الممارسة لتشريك هذا الحزب أو ذاك فإنّ النهضة توخّت منهجا خاصّا قائما على «عرض الذات». فكلّ مُتابع لخطابات قيادات النهضة لا يكاد يصدّق أنّ هؤلاء هم أنفسهم الذين كانوا يدافعون بشراسة عن خبرتهم، وكفاءاتهم ويتّخذون كلّ الوسائل من أجل تبكيت خصومهم. فيتلاعبون بالوقائع، ويراوغون ويتنكّرون، ويتنصلون من المسئولية متسلّحين بالمحاججة والمساجلة والسفسطة، وأحيانا بالعنف اللفظى...


قيادو النهضة، والحقّ يجب أن يقال، والشهادة واجبة فى هذا المضمار، يظهرون فى صورة جديدة مثيرة للعجب والإعجاب. فبعد أشهر من التدريب، وإحكام فنّ التواصل، واستيعاب استراتيجيات صياغة الخطاب، وإدارة الحوار مع الخصوم، وصناعة الصورة... ها أنّ الأشاوس باتوا وديعين، والصقر صار حملا، والتسامح مع «النداء» وشقّه التجمعّى صار شعارا، والتودّد إلى «السبسى الحكيم» أضحى قاعدة، والاستعداد لخدمة البلاد غدا عبارة مكرورة...تُصغى إلى «لطفى زيتون» أبرز القياديين فى الحزب فتقرّ بأنّ قسمات وجهه تغيّرت، وأنّه غيّر التكتيك. فالتجهّم غاب، والاستعداد للانقضاض على مخالفيه فى الرأى اضمحلّ، وفى المقابل بدا الرجل مبتسما، بل ضحوكا، وصاحب ملحة ليبراليا حتى النخاع لا إحالة واحدة على المرجعية الدينية، وقس على ذلك بقية الشخصيات التى بذلت جهدا واضحا من أجل تغيير خطابها، ومظهرها، وطريقة حضورها الإعلامى، وحتى حركات أجسادها... والشكر موصول بالطبع إلى المدربين.

إنّها البراغماتية فى أبهى صورها، وسياسة جديدة تتبنّاها النهضة من أجل إعادة ثقة الناس فيها، وفرض نفسها على الساحة السياسية فى ثوب جديد يبعث على الاطمئنان ويحثّ أصحاب السلطة على تشريك قيادى النهضة فى الحكومة. ولكن «ما كلّ ما يتمناه المرء يدركه» لم يراع أغلب «الندائيين» هذا الجهد المبذول، وهذا السعى الحثيث إلى دخول الحكومة من باب مغاير فعبّروا عن رفضهم تشريك النهضة فى الحكم، على الأقلّ فى هذه المرحلة التاريخية، حُجّتهم فى ذلك أنّ الأوضاع المتردية التى وصلت إليها البلاد «اقتصاديا واجتماعيا، وثقافيا» هى مُحصلة حكم فاشل، وعبث بمؤسسات الدولة، وتسيّب أدّى إلى انتشار الإرهاب، والإفلات من العقاب فضلا عن اتّهامات بالفساد، وتغليب مصلحة الحزب والأتباع على حساب المصلحة الوطنية ورغبة شديدة فى أسلمة البلاد عنوة وتغيير نمط عيش التونسيين.

إنّ الشقّ «الاستئصالى» فى حزب النداء، وأنصار الجبهة الشعبية بالإضافة إلى أحزاب أخرى يعارضون دخول النهضة فى الحكم من جديد بعد أن أجبروها على الخروج منه معتبرين أنّ من فشل فى إدارة البلاد لابدّ أن يحدّ من طموحه، وأن يتحمّل مسئوليته مع الوعى التامّ بأنّ بقاء النهضة فى شقّ المعارضة ستترتّب عنه عواقب وخيمة. ولكنّ هذه الأحزاب ترى أنّ أغلب من ناصروا النداء كانوا يطلبون تغيير اللاعبين السياسيين، وبلورة سياسات جديدة قادرة على أن «تنسيهم سنوات الخيبة والضياع»، وأن تحقّق لهم الأمان.

وفى انتظار الحسم فى مسألة تشريك النهضة فى الحكم من عدمه والاختيار بين سياسة الاحتواء والتسامح عملا بوعد قطعه «السبسى» فى أول خطاب له حين قال لا للإقصاء، وتونس للجميع، وسياسة الاستبعاد الظرفى تتواصل جهود القياديين فى حزب النهضة من أجل انتزاع إعجاب التونسيين، ونيل ثقتهم. فهل بمقدور القوم أن ينسوا أحداث الرشّ بسليانة، وأن يتجاهلوا علاقة الحزب بأبى عياض، والإخوان، وبلحاج، وقطر...وأن يمحوا من ذاكرتهم أحداثا عاشوها تحت حكم «الترويكا»؟

لسان حال أغلب المشاهدين: «لو خرجت من جلدك لما عرفتك».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م