الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دون عَلَم اسرائيل في بغداد

تسفي برئيل

2002 / 12 / 23
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


هآرتس - مقال - 22/12/2002
بقلم: تسفي برئيل
مراسل الصحيفة للشؤون العربية

 اسرائيل مثل طفل منبوذ لا يرغب زملاؤه باشراكه في اللعبة، مطالبة الآن بالتنازل عن فكرة مهاجمة العراق في حال تعرضها للهجوم. وهذا يعني ان واشنطن تقول بأن هذه الحرب حرب الكبار الدولية، وعلم اسرائيل هو أمر مشوش ومعرقل فيها. الولايات المتحدة ترغب في شن حرب دولية على العراق مشركة فيها اغلبية الدول التي يمكن اشراكها بما في ذلك الحصول على دعم ومساندة الدول العربية أو ضمان حيادها على الأقل ومنع زعزعة الاستقرار في الدول الاسلامية والقضاء على صدام حسين منشئة بعده نظاما عراقيا محليا من اجل مواصلة الحفاظ على مكانتها في الشرق الاوسط.
 هذه خطة طموحة، وهناك احتمالات كثيرة لاخفاقها وفشلها. ذلك لانه اذا نجح الجزء العسكري من الحرب وأصيب صدام حسين من صاروخ مباشر، فلا يملك أحد بعد تصورا عما سيحدث في بلاده من بعده. مداولات المعارضة العراقية في لندن في الاسبوع الماضي حصلت على المعركة الاولى في التمرين الشامل العام. فعندما كان الجميع بعد في مرحلة اللياقة والتصرف اللائق المؤدب لأن العالم كله يشاهدهم وينظر اليهم لم ينجحوا في التوصل الى اتفاق فيما بينهم.
 ومن الممكن تخمين ما سيحدث عندما تتحول السيطرة الى ساحة لعب مفتوحة للجميع. فهل سينجح الشيعة في الوصول أولا الى خط النهاية؟ هل سينجح الأكراد في اطلاق النار عليهم من السلاح الذي سيحصلون عليه من الولايات المتحدة الآن؟ وماذا عن السنة والأشوريين والتركمان؟ هناك من يحلم باقامة نظام حكم امريكي مؤقت الى ان تهدأ الخواطر. والتقارير المؤرشفة من الصومال، أو التقارير اليومية الواردة من افغانستان يمكن ان توضح الصورة المبهمة حول الوجود الامريكي على ارض اسلامية.
 الاسهام والتدخل الاسرائيلي في صراع القوى هذا سيثقل على الجهود المبذولة، الا ان تصور عدم حدوث هذا التدخل يبدو وهما وسرابا. فمن هي الدولة العربية أو حتى تركيا التي توافق على دعم حملة ضد صدام أو تجاهل حدوثها ولن تخاف من المشاركة في حرب تظهرها كشريكة لاسرائيل؟ هذه الدول لا تستطيع ان توافق على ان تتحول الحرب ضد صدام الى حرب "سلامة اسرائيل". فالصدمة النفسية العربية التي ستحدث بعد ازاحة زعيم عربي على يد الدولة الأعظم كافية بحد ذاتها هنا. وتوقيع اسرائيل وخاتمها على هذه الحرب سيحول صدام حسين الى ضحية للصهيونية ويحول هذه الحرب الى حرب لا تغتفر في الدول العربية.
 وهذا الشعور لا يعني اسرائيل كالعادة، رغم انه يفترض ان يلفت انتباهها جدا، ذلك لان مكانة الولايات المتحدة في المنطقة بعد الحرب تعتمد على هذه المسألة، وهناك علاقة مباشرة بين هذه المكانة وأمن اسرائيل من الناحية الاخرى.
 حتى الآن تحدثنا بلسان المنطق. ولكن ماذا عن الدفاع عن النفس؟ الجواب على ذلك هو ان مهاجمة اسرائيل للعراق بطائرات اسرائيلية وصواريخ اسرائيلية لا يمكن ان يقارن مع عظمة القوات التي ستستخدمها الولايات المتحدة وبريطانيا. واذا كانت هذه القدرات غير قادرة على ردع صدام فليس لسلاح الجو الاسرائيلي ما يبحث عنه هناك. وماذا عن المكانة الاعتبارية؟ فهل تستطيع اسرائيل ان تسمح لنفسها بالجلوس مكتوفة الأيدي في الوقت الذي تتعرض فيه للهجوم بالصواريخ بعيدة المدى والمحملة برؤوس كيماوية سامة؟.
 هنا يكمن الخطأ الاسرائيلي المحتمل في الاعتقاد بأنه اذا لم تشارك طائرات اسرائيل وجنودها في الحرب بصورة فعلية فانها تكون كمن لم تدافع عن مواطنيها. والكسب الاستراتيجي الناجم عن هذه الحرب لاسرائيل وللولايات المتحدة مسألة مضمونة حتى اذا لم تقم اسرائيل باطلاق رصاصة واحدة. فاسرائيل ستحصل في هذه الحرب على نقلة مجانية قافزة لقطار الحرب، وكل ما يطلبه السائق منها فقط هو ان تجلس صامتة وان لا تزعجه وهو يقود القطار.
 لا أحد ينفي حق اسرائيل في الدفاع الذاتي، ولكن الدفاع عن النفس لا يعني ضرب الرأس بالجدار. فأي دفاع عن النفس ستمارسه اسرائيل اذا فقدت من خلال بعض الغارات على بغداد ثروتها الاستراتيجية وقدرتها على المناورة أمام الجبهة المناهضة لها؟ هذه الجبهة المناهضة ذاتها تنتظر مشاركة اسرائيل حتى تستطيع سحب يدها من الموافقة الواهنة على إزاحة صدام حسين.

ترجمة نشرة "المصدر " الصادرة في القدس المحتلة  .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي