الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القناص الأمريكي.. ولعبة التشويه

رحمن خضير عباس

2015 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


القناص الأمريكي
ولعبة التشويه
رحمن خضير عباس
يعرض الآن في الصالات السينمائية في العاصمة الكندية (اوتاوة) ، الفلم الأمريكي ( القناص ) وهو من أخراج الممثل المخضرم والمخرج كلنت إيستوود . والذي دفعني الى مشاهدة الفلم ، ليس المتعة التي توفرها الأفلام الأمريكية والتي تعتمد على القوة الخارقة لبطل وسيم - كالعادة- ينتصر على أعدائه ، ببطولة خارقة ، وهو يستحق - أي البطل - ذالك لأنه يحمل صفات النبل والشجاعة والذكاء .. ألخ ،وإنه سيحقق المعجزات لتأكيد القيم التي يؤمن بها رعاة البقر . أعرف كل ذالك عن السينما الأمريكية ولكن الذي دفعني لحضور الفلم ، هو البحث عن سؤال يؤرقني . هل ثمة صحوة لدى صناعة السينما الأمريكية لأستحضار الضمير ومحاكمته على أسس أخلاقية ؟ . وهل تستطيع هذه السينما باعتبارها تمثل واحدة من وسائل المعرفة ، أن تكشف المجازر التي ارتكبها الأمريكيون في حق العراق وتدمير بنيته التحتية ونهب تراثه الحضاري وتركه عاريا من الحماية بعد أنْ حلت جيشه وشرطته ، واستبدلتها بميليشيات ، تنتمي الى عصائب ومذاهب مستبدلة النسيج المتعايش ، بنسيج غير متجانس . ولكنني كنت واهما ، فالسينما الأمريكية التي تبحث عن شباك التذاكر والأرباح السريعة والجوائز ، لايهمها الجانب الأخلاقي وهي مازالت منغمرة في وهم البطولة التي لاترى الآخر الا من خلال نرجسية متعالية .
تدور احداث الفيلم عن شخص اسمه كريس كايل ينخرط في المارينز بحجة ( الدفاع) عن بلده وحينما يتم الغزو الأمريكي للعراق ، يصبح أكبر وأشهر قناص ليحصد ارواح 255 عراقيا وليصبح اسطورة أمريكية . ولكنه حينما يعود الى امريكا بعد انتهاء مهمته العسكرية التي استمرت حوالي عشر سنوات ، يمارس حياته العادية كزوج وأب لطفلين ، ويحاول ان يساعد ضحايا الحرب من الأمريكيين . ولكن يدا مجهولة وشريرة تقتله . وينتهي الفلم بشكل حزين في إحتفالية الدفن لبطل دافع عن امريكا ( الطيبة ) ضد أعدائها ( الشريرين) . وقد انتقل الحداد الى رواد العرض السينمائي الذين إخضلّتْ دموعهم حزنا على ( الضحية / الأسطورة ) الذي قتل 255 عراقيا دون ان يرف له جفن !
لقد دأبت صناعة السينما الأمريكية الى إنتهاج سياسة الإبادة بحق الآخر ( ابتداءا من الهنود الحمر وانتهاءا بالعراقيين ) ، ومحاولة تشويه صورة هذا الآخر ، فهوغبي و جاهل وجبان ومتوحش ويستحق القتل . وقد بدأ ذالك منذ اللقطة الأولى التي تُظهر طفلا وامه ، واللذين كانا هدفا لهذا القناص ، الذي أجهز عليهما ببرودة اعصاب قاتل محترف ، ولكن الفيلم يظهره وكأنه يدافع عن المارينز لأن الطفل كان يحمل عبوة ناسفة . لذا فقد سقط هذا الفلم في مستنقع لاأخلاقي ، لأنه برر القتل ، وزيّنه وجعله مهضوما من قبل المتلقي .وقد تجاوز الفلم حتى على مذكرات القناص والتي نشرها عام 2012 والتي يعترف بها انه كان يتلذذ بالقتل ، وحتى مشهد عدم قتله للطفل الثاني مجرد كذبة رخيصة اراد المخرج أنْ يؤكد نبلا غير موجود عند القناص الأمريكي الذي أدمن القتل . لقد تم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في المغرب . وكما تقول جريدة هسبريس المغربية : ان الفلم استفاد من مساعدة مغربية وفرت الكثير من المال للمنتجين بعدما وضعت رهن اشارتهم الكثير من التجهيزات والمعدات ومنها طائرات الهليوكبتر " وينبغي على الأشقاء في المغرب أن يفحصوا ويقيموا مضامين الأفلام السينمائية التي تصور في بلادهم ، لأن في هذا الفلم اساءة واضحة لشعب العراق .
وفي محاولة لجني ارباح سريعة من قبل الشركة المنتجة ، فلم تبن مدنا اوديكورات مستلة ومأخوذة من صميم البيئة العراقية ولسان حالها يقول ( منو يقرا ، منو يكتب ) .فقد كانت المدن في الفلم لاتشبه المدن العراقية إطلاقا ’ من حيث طبيعة البيوت والشوارع واشكال المساجد ، وطبيعة الحجر المستخدم في البناء ، وكتابة الأرقام وشكل الجدران ، وطبعة الأثاث المنزلية . مما ابعد الفلم عن اية مصداقية لمسرح الأحداث التي يُفترض أنها تدور في مدن كالرمادي والفلوجة . كما ان ملامح المواطنين العراقيين في الفلم غير مقنعة لأن الشركة المنتجة استخدمت بعض الشخوص من أصول هندية او باكستانية والكثير من المغاربة الذين أستخدموا ككومبارس . اما اللهجة المستخدمة فهي مزيج من الخليجية والأردنية وبلكنة مغربية ، وحينما ارادوا ان يقلدوا اللهجة العراقية فشلوا في ذالك . واذا كان الفلم سيمرر على المتفرج الأمريكي فمن الصعب أن يكون مقنعا لغير الأمريكي . ومن هنا استطيع القول بان الفيلم كان فاشلا من الناحية الفنية ، كما انه كان فاشلا من ناحية الصدق ولذا فارى أنه يشكل عارا على السينما الأمريكية التي لوّثت في هذا العمل القيم النبيلة التي ينبغي ان يتحلى بها الفن السابع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين