الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شاهينيات الفصل (70) ( 965) حقيقة إنها مسألة تجنن فلا تجنوا !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
2015 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شاهينيات الفصل (70)
( 965) حقيقة إنها مسألة تجنن فلا تجنوا !
حلمت أنني فيلسوف في لقاء حشد من البشر اجتمع ليستمع إلى محاضرة لي عن الخلق والخالق والغاية من الخلق ، بعد أن قرأ معظم هؤلاء الناس مقولات ومقالات لي على شبكة الإنترنت وضعتهم في حيرة من أمرهم ، وجعلتهم يشكون في كل ما عرفوه خلال حياتهم من معرفة .
دعوت إلى الإجتماع على قمة هضبة فسيحة لكي ننعم بأشعة شمس ربيعية منعشة . فاجأت الجماهير بعدم وجود محاضرة . فما أن رحبت بالناس حتى استسمحتهم أن أطرح عليهم سؤالا .. تهامست أصوات :
( هل جمعنا هذا المجنون ليطرح علينا أسئلة أم ليحاضر فينا ؟)
وثمة أصوات ربما عرفت أن وراء سؤالي قد يكمن ما هو مريب فتعالت : اسأل اسأل .. فسألت :
" هل تعرفون الكهرباء ؟"
تعالت ضحكات وهمهمات وتذمرات وأصوات :
هل دعوتنا لتسألنا أسئلة سخيفة كهذه ،من منا لا يعرف الكهرباء التي لا يمكننا الحياة دونها ؟! فهي عصب كل شيئ في حياتنا من الإنارة إلى تشغيل أخر الأدوات والأجهزة والسيارات والطائرات والقطارات ..
أعلن الجميع أنهم يعرفون الكهرباء ، بل إن أحد الحاضرين نهض وتحدث بصوت عال معلنا أنه يعرف الطاقة الكهرومغناطيسية أيضا ، وكاد أن يشرع في محاضرة عنها ، لولا أنني أشرت إليه أن هذا ليس موضوعنا ..
شكرت الجمهور على حسن الإستجابة والإستماع وطرحت سؤالي الثاني :
" حسب رأيكم هل تعرف الكهرباء الضوء " ؟!
تعالت تأوهات وهمهمات وهمسات وتساؤلات ودبت فوضى من الهرج والمرج . وبدا واضحا أن أحدا لم يصل إلى إجابة حاسمة ، بل إن معظم المتهامسين كانوا يهمسون بأن الكهرباء لا تعرف ، وأن المعرفة ليست من شأنها .
رفعت يدي لإسكات الناس . ورحت أحرضهم على التفكير بأن قلت :
" من منكم لا يتخيل أن الكهرباء لا تستطيع أن ترى نفسها متجلية في تمظهرها في ثريات تزين سقوف الصالونات وقاعات المسارح والمساجد والكنائس وساحات وشورارع المدن "
وظل الجمهور ساكتا، وراغبا في أن أتابع أنا الكلام بعد أن وضعته أمام سؤال تصعب الإجابة القاطعة عنه ، فثمة إمكانية ولو ضئيلة في أن تكون الكهرباء لا تعرف الضوء وحسب بل تعرف كل ما تتمظهر فيه ، حتى أن أحد الحضور نهض وقال " أنا لا أستطيع أن أجزم أن الطاقة الكهربائية تتيح لنا أن نرى سيقان الجميلات على شاشة التلفاز بينما تحرم هي نفسها من هذه الرؤية ولا حتى تعرفها "
وقال آخر : هي ترى برؤيتنا نحن، نحن نرى عن الكهرباء فترى برؤيتنا !!
وبدا الجمهور في حيرة من أمره . وأدرك أنني جررته إلى مسألة معقدة ..
رفعت يدي وطلبت إليهم أن يفكروا في ما سأقوله لأنه موضوع محاضرة اليوم .
شعرت أن الجميع تحولوا إلى مجرد أذن تصيخ السمع :
هتفت بحماس انفعالي في محاولة خبيثة مني لأجعلهم يصفقون حتى دون أن يفكروا في ما سأقوله :
" إذن في مقدورنا القول أن الكهرباء لا تعرف الضوء لكن لا يمكن للضوء أن يتم دونها "
ولم أفاجأ حين هب الجميع وقوفا وشرعوا في التصفيق . ولو أن بعضهم عرفوا إلى أين سأقودهم لما نهضوا ولما صفقوا ولطالبوا بشنقي . وتنبه بعض المارة إلى ما يجري فتجمعوا من حول الحشد جلوسا ووقوفا ..
وما أن هدأ الجميع وعادوا إلى جلوسهم حتى أكملت .
كلنا نتفق على أن وراء الخلق خالق بغض النظر عن المفاهيم البشرية العقائدية والفلسفية للخالق التي قد لا نتفق على معظم ما جاء فيها . ومعظمنا يتفق على أن الخالق لا بد أن يملك قدره ، لكي يتمكن من عملية الخلق ، والقدرة هي الطاقة ، أي أن الخالق لا بد وأن يكون قدرة وطاقة ،كما هي الكهرباء قدرة وطاقة ، ومع ذلك لا تعرف الضوء ، وبناء عليه يمكننا القول :
" إن الطاقة الخالقة السارية في الكون لا تتكلم ولا تعرف لغات ومع ذلك لا يمكن أن يتم كلام دونها ، وأن يتم تأليف لغة دونها وأن يتم تأليف كتاب دونها وأن يتم غناء دونها، وقيسوا على ذلك "
قامت قيامة الجمهور . المؤيدون يصفقون بحرارة . والمعارضون شرعوا في الهتاف معا : ملحد . مرتد . سنعلق مشنقتك . بل واندفع بعض الملتحين من بين الجمهور وقد أشرعوا سكاكينهم .. ولحسن الحظ كان ثمة شرطة في المكان فأحاطوا بي ، فيما هرع بعضهم وألقوا القبض على مشهري السكاكين .
بعد قرابة ربع ساعة من الضوضاء توقف الناس عن الهرج والمرج وأنا ما زلت واقفا في انتظار أن أفجر قنبلة ثانية لا أعرف ما هي عواقبها . ولا أنكر أن أعصابي اهتزت ورحت أشعر بارتجاف يجتاح كياني ،ومع ذلك تمالكت أعصابي وأكملت بصوت مرعد تردد صداه من أرجاء المكان :
" الطاقة السارية في الخلق وإن شئتم أسموها ( الله ) لا يعرف ما هو الخلق ، ومع ذلك لا يمكن للخلق أن يتم دونه ، ولا يعرف ما هي قيم الحق والخير والجمال ،ومع ذلك لا يمكن لهذه القيم أن تتحقق دونه "
تعالت أصوات كأنها انفجارات : فاجر : ملحد : زنديق ! وثمة صوت هتف من بين الجمهور مدعيا أن فلسفتي مثالية وأن هؤلاء (يقصد المعارضين ) حمقى فليس خلف الوجود شيء لا طاقة ولا قدرة ولا إله ولا أي شيء !
وما أن هدأ الضجيج وتصفيق المؤيدين . حتى شكرت الجمهور على حضورهم واستماعهم،معلنا لهم أن كلامي فلسفي اجتهادي وليس حقائق مطلقة ، وأن الحقيقة المطلقة لم يعرفها العقل البشري بعد . لكن وقبل أن أنزل من مكاني الذي كان مرتفعا نسبيا .. أحسست برصاصات تخترق جسدي ، تبعهاأصوات طلقات أخرى اتجهت نحوي واخترقت جسدي وأنا أتداعى لأسقط على طولي ودمائي تخضب المكان .وبالكاد حتى شاهدت شبح حسناء بدت لي كأنها حورية .. تنحني علي وتولج يديها تحت جسدي وتحملني في محاولة لإسعافي ... وأنا الآن على سرير في مستشفى ما وأظن أنني ميت !!
انتهى !!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - بعد الاسئلة ارجو ان يسمح وقت حضرتك باللجابة عليها
شاهر الشرقاوى
(
2015 / 1 / 24 - 23:57
)
ليس كمثله شئ ..وهو السميع البصير
وهو السميع البصير
وهو السميع البصير
لا تدركه الابصلر وهو يدرك الابصار
استاذى المحترم
هل الكهرباء او الطاقة او ما شابه ..موجودة اى هناك من اوجدها ام وزاجدة؟
مخلوقة ام خالقة
اذلية ام حادثة؟
واذا كان الامر كذلك
فهل هى واعية ام غير واعية؟
هل تملك ارادة ومشيئة ام انها لا ارادة لها ولا عقل ولا مشيئة؟
سيدى الكريم
هللى ان اسال حضرتك ما هو معنى الالوهية والربوبية من وجهة نظرك؟
وهل الاله ذات وفقط ام ذات وصفات وقدرات ووعى وحضور واردة مطلقة ؟
ولك جزيل الشكر
.. صحيفة هآرتس: صفعة من المستشارة القضائية لنتنياهو بشأن قانون
.. عالم الجن والسحر بين الحقيقة والكذب وعالم أزهري يوضح اذا ك
.. واحدة من أبرز العادات الدينية لديهم... لماذا يزور المسيحيون
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال
.. تجنيد اليهود المتشددين قضية -شائكة- تهدد حكومة نتانياهو