الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خضير مسعود..... الشيوعي الذي عزف لحن الصمود

محمد فخري حسن

2015 / 1 / 30
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


خضير مسعود ......الشيوعي الذي عزف لحن الصمود .....؟؟؟؟
محمد فخري حسن
حاتم الملا عبد اللطيف علي



لاتذكر السجون في العراق إلا ويذكر معها الشيوعيون وبطولاتهم فيها بما قدموه من صور خالدة بقيت مترسخة في الذاكرة الجمعية للشعب العراقي بما أبدوه من مواقف جديرة بالاحترام والتقدير حتى من قبل خصومهم (0المنصفين ) نتيجة تمسكهم بمبادئهم التي امنوا بها وجعلوها هي الغاية والوسيلة للوصول إلى مبتغاهم ....الشعب الحر والمجتمع السعيد.... تشهد بذلك لهم سجون بغداد ونقرة السلمان والكوت والحلة وبعقوبة وغيرها على امتداد الجغرافية العراقية ....
وفي محافظة ديالى وناحيتها المعروفة بهرزكان الشيوعيون على مدار تاريخهم النضالي السباقون في المواقف الصلبة والبطولية أمام جلاديهم مهما كانت التضحيات حتى وان كان ذلك هو الصعود على أعواد المشانق كما ارتقاها العظماء الرواد (فهد-حازم –صارم ).
ومن الذين يتذكرهم البهرزيون وأهالي ديالى بمواقفه الشجاعة والبطولية في السجون الأستاذ خضير مسعود المولود في ناحية بهرز عام 1928من عائلة كادحة حيث كان والده رحمه الله نساجا على آلته البسيطة (الجومة) فنشا في وسط عمالي بالكاد يجني قوت يومه .
وبعد أن انتشر الفكر الماركسي في العراق ومنه ناحية بهرز ...بدا الشاب اليافع بتلمس طريقه إلى الحزب الذي رأى فيه المنقذ لهذا المجتمع الغارق في الاستغلال والفقر والأمية من واقعه إلى واقع آخر تتحقق فيه العدالة الاجتماعية ويتم التوزيع العادل للثروات وتكافؤ الفرص ويعم العلم وتسود الثقافة التنويرية وتطغي المحبة والإنسانية ويسود السلام ربوع العراق والعلم اجمع ... فكان أن اخذ بيده المرحوم شهاب البرام احد العناصر الثورية الفلاحية الأولى في بهرز وعضو جمعية أصدقاء الفلاح فيها إلى الحزب الشيوعي عام 1955 بعد أن رأى فيه مايمكن أن يكون شيوعيا صادقا وانخرط من يومها في النشاط الشيوعي حيث كان مسعود يقوم بجلب الأدبيات الماركسية من بعقوبة إلى بهرز ويومها كان طالبا في دار المعلمين في بعقوبة ...وكان أول اختبار له هو مشاركة الجماهير في المظاهرات التي خرجت بمبادرة من اتحاد الطلبة العام نصرة للشعب العربي في مصر حيث اتجهت المظاهرة يقودها الشيوعيون إلى بناية التربية حاليا عند مفرق مدرسة القادة (شارع المحافظة حاليا ) متجهة نحو بناية مركز الشرطة قرب مقهى البغدادي (حاليا مرطبات الكوثر ) فتصدت لها الشرطة بواسطة العصي والهراوات فتمكنت من تفريق المظاهرة بصعوبة بالغة فذهب عدد من الطلاب المتظاهرين إلى بهرز فصادفهم الشيوعي البهرزي المرحوم سلوم سارة بسيارته الحمل (لوري ) وطلب منهم الصعود إليها ففعلوا وتمكن بعد جهد كبير من تضليل الشرطة بدخوله إلى طرقات فرعية لكونه كان سائقا ماهرا وتمكن من إعادة الطلبة إلى القسم الداخلي بعد أن أوهم حراس القسم بأنه يحمل الشرطة معه ؟؟؟؟؟؟!!!!. وعلى إثرها فصل مسعود من الدراسة لمدة عام واحد .
وفي عام 1957تخرج مسعود من دار المعلمين في بعقوبة وحصل في نفس السنة على عضوية الحزب الشيوعي ...وعين بعدها معلما في جلولاء فكان مراسلا لجريدة كفاح الشعب التي صدرت بشكل علني بعد ثورة 1958حيث كان يرسل إليها المقالات والتقارير من هناك فتأخذ طريقها للنشر فيها والتي كانت بحق جريدة العراق الأولى والتي عمل فيها كمحريين الرواد الماركسيون الأوائل منهم يوسف متي وإبراهيم علاوي وعامر عبد الله وزكي خيري ....الخ . .
بعدها عاد إلى بعقوبة فكلفه الحزب باستلام تنظيم بهرز عام 1961فاستلمه من المرحوم عبد الوهاب الكروي وكان يومها تنظيما كبيرا وفاعلا جدا بمقاييس ذلك الزمن حيث وصل عدد المنظمين في بهرز وحدها إلى كثر من (50) عضوا مع ضعفي العدد من الأصدقاء .
وفي يوم 8شباط 1963استولى البعثيون على السلطة وكان يومها مسعود في بيت شقيقته في بغداد حيث نزل إلى الشارع مع المتظاهرين المناؤين للانقلاب ورجال المقاومة الشعبية للتصدي للانقلابيين حيث سرت المظاهرة حتى وصلت إلى الشواكة بأسلحة قليلة جدا يقاومون بها حتى ضربتهم إحدى الطائرات فتفرق المتظاهرون بعد إن أصيب عدد منهم عند حلول المساء ..
وفي اليوم الثاني عاد خضير مسعود إلى بعقوبة عن طريق بغداد بعقوبة القديم فنزلت احدي النساء من السيارة فترجل معها للتمويه على الشرطة أن صادفتهم وتمكن من عبور نهر ديالى والعودة إلى بهرز عن طريق العثمانية وتمكن من الوصول لبيته حيث كان الأمر قد استتب للسلطة الجديدة ......
وبعد يومين داهمت الأجهزة الأمنية الدار واعتقلته مع الكثرة الكاثرة من البهرزيين حيث قدر عدد المعتقلين يومها ب(750) شخصا فلم يبقى في الناحية غير النساء والأطفال ....
سيق من القي القبض عليه الى مركز شرطة بعقوبة (مديرية الماء حاليا ) إلا مسعود ذهبوا به الى نقابة المعلمين أولا حيث احتجز في المخزن بعدها سيق الى مركز الشرطة ...وبغية حصول انهيار سريع في التنظيم الشيوعي وفي المعتقلين عموما نودي على مسعود من قبل احد رجال الشرطة إن يخرج الى ساحة السجن و ادخل الباقون الى الغرف نهارا ..... مع همسات جانبية من الشرطة إن الإعدام سينفذ به في الساحة لغرض التعجيل بانهياره .......خرج مسعود الى الساحة وكان هناك مفوض شرطة معروف بالقساوة والشدة خصوصا مع الشيوعيين اسمه صباح من أهالي ناحية السعدية ... وجه إلى خضير مسعود ضربتين قويتين مفاجئتين بواسطة خيزرانه طويلة كان يحملها بيده الأولى خلف الأذن والثانية أعلى الأنف عندها بدء النزف الشديد من الأنف والأذن وسقط مغميا عليه في الساحة فحمل إلى الزنزانة ..مع إصرار على عدم البوح للسجانين وللحرس إللا قومي بأية معلومة عن التنظيم ولو أدى ذلك الى استشهاده .
فكانت يوميا تجرى له حفلات التعذيب الليلية مثل الربط بالمراوح مع وثاق اليدين ورفع الجسم عن الأرض وإبقائه معلقا لساعات طوال والضرب بالخيزران من خلال ربط الساقين (الفلقة ) ولتي تكون مصحوبة بالاغراات والتهديد والوعيد .
استمر الحال على هذا المنوال الى أن انهار احد المعتقلين الذي كان على صلة بالمرحوم سلمان ذياب (الابرش) فاسقط بيد مسعود فوجهت إليه تهمة قيادة التنظيم الشيوعي ( وهي كذلك) في بهرز ....بعدها اخبر من قبل الشرطة بان حكم الإعدام سينفذ به ..كجزء من الحرب النفسية لدفعه للحديث عن التنظيم ولكنه كان مصرا على سكوته ؟؟؟؟؟!!!!! وعدم البوح على رفاقه . في هذه الأثناء كان الشرطي يصوب بندقيته الى رأس مسعود لإخافته حيث صرخ به الضابط البعقوبي ابن المرحوم علي الحسون (كان متعاطفا مع الشيوعيين) معتقدا إن الشرطي الغبي قد تثور منه الاطلاقة في أي وقت وتقتل مسعود فأغمي على الضابط الطيب بدلا من المتهم ؟؟؟؟!!.
وضع خضير مسعود في سيارة مكشوفة وسط حراسة مشددة والطواف بها في بعقوبة وشوارعها مع الإعلان بمكبرات الصوت أن حكم الإعدام سوف ينفذ بخضير مسعود نتيجة انتمائه للحزب الشيوعي وكونه المسؤل الأول عن تنظيم بهرز ومقاومة السلطة الجديدة ؟؟؟!!
أعيد مسعود الى التحقيق بعد الجولة وهو مصر على موقفه حماية للحزب ولرفاقه من العاقبة فوضعت هذه المرة عصي الخيزران بين أصابعه وضرب عليها فكسرت الأصابع وسط صمود مسعود وصمته بكل أنفة وكبرياء وهو ما كان يغيض جلاديه عليه أكثر وأكثر ...ونقل ثانية إلى مخزن الكتب في نقابة المعلمين بانتظار تنفيذ الإعدام به .
قدم خضير مسعود للمحاكمة بعدها وحكمت عليه المحكمة بسنتي سجن بعد أن بدأت حملة الإدانة والاستنكارات على الصعيد العربي والعلمي لجرائم الحرس إلا قومي حيث جاءت الأحكام مخففة نوعا ما ...قضى أكثرها في سجن الرمادي والباقي في سجن الحلة حيث صدر مرسوم جمهوري بإطلاق سراح المعتقلين أو عدد منهم علما إن مدة محكومية خضير مسعود لم يبقى منها سوى عشرون يوما فقط ؟؟؟؟!!
.ولقد نسجت نتيجة الصمود الكبير لخضير مسعود إمام جلاديه وأساليبهم الوحشية في التعذيب العديد من القصص بخصوص ذلك بين رفاقه وأهالي ديالى عموما ....التي نفاها مسعود في لقائي معه بكل تواضع وثقة رغم إن البعض يتحدث بها كحقائق لايمكن دحضها ؟؟؟؟؟!!!
وكان قرار فصله من الوظيفة قد صدر مع النطق بالحكم عليه فعاد الى بيته وليس في يديه شروى نقير حيث انه كان متزوجا وأبا لطفلين وأم وأب عجوزين .. فبحث عن عمل في بعقوبة وبغداد مع رفيقه هاتف الحمد كعامل بناء ولم يستمر لقساوة هذا العمل حيث كان مسعود ضعيف البنية .. نحيل الجسم ...بعدها عمل في احد الأفران في منطقة الكاظمية مع رفيقه الآخر المعلم المفصول بسبب انتمائه للحزب الشيوعي الأستاذ أكرم الحاج قدوري ...ولكنه ترك العمل أيضا .....فعانى العوز والحرمان والفاقة فلم يكن من بد لتجاوز هذه الحالة الصعبة والقاسية سوى العودة الى حرفة العائلة القديمة وهي ا لحياكة على (الجومة) والتي كان يبدأ العمل بها منذ الصباح الباكر حتى ساعة متأخرة من الليل لغرض توفير مايسد رمق عائلته التي أصبحت بغير مورد الا مما تنتجه يديه فما كان منه إلا إن طلب من والده الجلوس في المقهى وان يترك العمل له وحده واستمر على هذه الحال مدة أربع سنوات لايخرج من البيت إلا لغرض الحاجة الطارئة أو لشرب كاس الشاي في المقهى القريبة من داره ....وأرسل له الحزب في ذلك الوقت مبلغا كبيرا من المال لإعانته في محنته مع احد الرفاق الذي ألح على خضير مسعود أن يأخذه فرفض بكل إباء قائلا لرفيقه ...اعد هذا المبلغ الى الحزب فانه أحوج مني إليه في هذه المرحلة الصعبة واخبرهم إنني أنتج وأبيع واكل وأنا بخير !!!!!
وبعد الانقلاب على حكم البعث من قبل عبد السلام عارف وفي فترة عبد الرحمن عارف طلب من الشيوعيين المفصولين تقديم طلبات الإعادة للعمل في الوظائف التي فصلوا منها فقدم مسعود طلبا للعودة وعند مقابلة لجنة إعادة المفصولين السياسيين في مديرية التربية طلب منه أن يقوم بسب الحزب الشيوعي لتتم إعادته ...فرفض ذلك بكل إباء وعزة ضاربا الوظيفة بعرض الحائط إذا تعارضت مع مبادئه مخاطبا اللجنة ...انتم تريدون إلحاق العار بي وبعائلتي الى الأبد بطلبكم هذا ......فقام احد أعضاء اللجنة بطرده من المقابلة وتمزيق معاملة الإعادة للعمل .
بقي الحال هكذا والحياة تزداد صعوبتها على خضير مسعود حتى حل عام 1968حيث أعيد مسعود الى الخدمة و خيروه بين عدد من المحافظات منها كركوك –اربيل –السليمانية-الانبار ...فاختار الأخيرة فنسب إلى مدرسة في قرية عفات الفرج وبقي فيها لست سنوات ولم ينقطع خلالها عن رفاقه وحزبه .
وخلال الفترة اللاحقة في تسعينيات القرن الماضي افتتح خضير مسعود محلا لبيع القرطاسية والطباعة والاستنساخ في بعقوبة بمعية أبنائه منهم عادل وياس حيث أصبحوا مثالا في التعامل والمصداقية مع الزبائن فحازوا على احترام الناس وتقديرها من شتى الميول والاتجاهات والطبقات .
وبعد عام 2003وافتتاح مقر الحزب الشيوعي في بعقوبة التحق خضير مسعود من جديد بحزبه ورفاقه ليواصل المسيرة معهم رغم بلوغه النصف الثاني من العقد الثامن من عمره ثابتا على مبادئه ملتزما بمقررات وسياسة حزبه رغم سنوات العمر الصعبة وما تركته من ذكريات مرة في غالبها عليه حيث يزور مقر حزبه بين الآونة والأخرى متكأ على عصاه يساعده احد أبنائه ....
*-الصورة من خزانة المصور المبدع سامي أبو ريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مافائدة العراق من هذا الحزب
طلال السوري ( 2015 / 1 / 29 - 21:57 )
دخل العنف للحياة السياسية العراقية بتاسيس الحزب الشيوعي سنة 1934 حيث قام بتبني العنف الثوري والكفاح المسلح كوسيلة لاستلام السلطة واقامة دكتاتورية البروليتاريا -ساهم بقتل العائلة المالكة على الطريقة البلشفية -وتحالف مع البعث عام 1957 -وانقلب عليه في 1958 -اول من حث علانية على قتل المعارضيين السياسيين -اعدمهم الليلة لتكول ماعندي وقت--اشترك في تشكيل مليشيا مسلحة -المقاومة الشعبية- التي كانت تداهم بيوت العراقيين دون اوامر قضائية وتعتقل المناوءيين السياسيين والتنكيل بهم وكذلك ايد وصفق لمحكمة عسكرية سلطوية -محكمة الشعب- للتنكيل بالخصوم السياسيين، قام البعث بتقليد المؤسستين السلطويتين فأسس -الحرس القومي- ومحكمة الثورة- و مارس نفس الاسلوب للتنكيل بخصومه السياسيين. اشترك الحزب الشيوعي في احداث العنف في الموصل وكركوك، ورغم مجازر شباط 1963 عاد حشع للتحالف مع البعث في سلطة لاوطنية ولاشرعية وزكى البعث وصدام شخصيا كحزب قائد ومكنه من التحكم في رقاب العراقيين من اجل بعض المناصب وحفنة من الدولارات ثم حمل السلاح في معركة غير متكافئة مع السلطة ...حتى وصل الامر لوطن ممزق وشعب تعيس..هكذا تم تدمير الدولة

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري