الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف ننتج عقولاً علميّة من أجل التقدّم العلميّ ؟

شامل عبد العزيز

2015 / 2 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بئس عقل تغيب عنه أسوة النقد و يتحنّط ظنا في امتلاكه الحقّ ..بئس عقل تغيب عنه الابستيمولوجيا .. الكاتب التونسي سمير عبيد ..
التقدم العلميّ هو المؤسس والدافع والحافز . تقدموا وتأخرنا أو كما قال شكيب أرسلان : " لماذا تمدَّن الآخرون وتأخَّرنا نحن ." ما هو الفرق ولماذا ؟
سؤال مطروح منذ عقود بدون جواب حقيقيّ ..
سلسلة قد تكون من 4 أجزاء في نفس المفهوم وهذا هو الجزء الأول منها .
الثقافة العربيّة لم تستطع تجاوز بداية البداية حسب تعبير الجابري .
من الممكن أن نطرح العديد من الصيغ الكلاميّة لمضمون سؤال واحد .
لماذا فشلت التجربة الثقافيّة ؟ لماذا تقدم غيرنا ؟ لماذا تأخرنا ؟ لماذا لم تتطور الأوضاع الاجتماعيّة – الاقتصاديّة كما حدث التقدم المطرد في أوربا ؟ لماذا لم تتطور أدوات المعرفة ؟ لماذا ثقافتنا ثقافة تكرار واجترار ؟ أو لماذا هي مجرّد تكرار واجترار ؟ هل يحتاج تاريخنا الثقافيّ إلى إعادة كتابة أم إلى قراءة جديدة ؟
فرانسيس بيكون كان يرى أن أوروبا تتقدم بثلاث حسب ما قال وسيم السيسي :
أن يكون لها تاريخ - ثورة صناعيّة - فصل الدين عن مؤسسات الدولة .
كذلك الشاعر الإغريقيّ سيمونيدس الذي كان يرى أنّ الهزيمة ليست في الغزو بل في نسيان التاريخ والحضارة ، وقال جملته الخالدة :
هزمناهم ليس حين غزوناهم ، بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم ...
ماذا ينقصنا مما أشار إليّه بيكون ؟ التاريخ موجود ... ولكنّ البعض يريد طمس التاريخ بمعنى أنّهم يرددون ذلك دون وعي وفهم للتاريخ ولكن الثورة الصناعيّة وفصل الدين عن مؤسسات الدولة متى وكيف حتى يتحقق التقدم ومن يقوم بذلك وعلى من تقع المسؤوليّة ؟ هذا هو السؤال .... ؟
الشرط الثاني حسب رؤية بيكون هو الثورة الصناعيّة . هل من الممكن أن يكون هناك ثورة صناعيّة في بلداننا ؟ إذا لم تحدث هذه الثورة فكيف من الممكن أن نتقدم أو أن نسير بطريق التقدم ؟ هذا السرط يتصل أتصالاً مباشراً بالشرط الثالث ألاّ وهو فصل الدين عن مؤسسات الدولة .. هذا ما حصل في الغرب ولكن هل من الضروريّ أن يتحقق في عالمنا العربيّ ونتجاوز الشروط السابقة التي حددها بيكون ؟ يقولون بأن المستحيلات هي الغول والعنقاء والخل الوفيّ وأنا أقول لكم بأنه من الممكن أن يكون هناك مستحيل رابع يجب إضافته ألاّ وهو حدوث الثورة الصناعيّة في العالم العربيّ على ضوء الواقع الحاليّ ! فدولنا ريعية – لا عمال ولا أصحاب رؤوس الأموال ولا أي شرط من الشروط المطلوبة وكل شئ مخالف لما حدده بيكون ... ولكن في نفس الوقت من الممكن أن نتقدم بدون الشرط الثاني – ثورة صناعيّة - كما حصل في بعض دول المنطقة .
ولكنّ من هي الدولة التي من الممكن أن تكون النواة أو أن تكون هي البذرة الأولى ؟
أنا حالياً لا أؤمن ولا أصدق بوجود هكذا دولة على أقل تقدير في غضون الخمسين سنة القادمة أو المائة سنة خصوصاً بوجود هكذا حكام وهكذا ثقافة – ثقافة غيبية وأمية وبطالة وجدال ونقاش حول الأفكار دون شئ .
لماذا تقدمت بعض دول منطقة الشرق الأوسط ولماذا وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم بينما لا نزال نحن نلف وندور هنا وهناك حكاماً ومحكومين ؟
هذه الدول تؤمن بالعلم واتخذته سبيلاً لتحقيق كل ما تصبو إليّه لذلك تقدمت وأصبحت الدول الوحيدة في الشرق التي تنافس الدول الصناعيّة الغربيّة المتقدمة المزدهرة واجتازت الشرط الثاني – ثورة صناعيّة – أما الفصل بين الدين ومؤسسات الدولة فقد تحقق - هي الدول العلمانيّة – الديمقراطيّة التي فيها الدين شاناً شخصياً .. إذن تقدمت هذه الدول بدون الثورة الصناعيّة التي كانت شرطاً أساسياً من شروط التقدم حسب رؤية بيكون .. اليوم ليس من الضروري على ضوء ما سبق أن يكون هناك ثورة صناعيّة حتى يتحقق التقدم وتزدهر الأمم .. أليس كذلك ؟ لو نظرنا إلى خارطة الوطن العربيّ فإن الواقع يخبرنا ويقول لنا بأنه من المستحيل أن يكون ذلك قريباً .. فما هو المطلوب للخروج من عنق الزجاجة ؟
السياسة هي السبب المباشر والرئيسيّ وطريقة الحكم هي الداء وأغلب النخب العربيّة بعيدة عن مقارعة الطغاة بل على العكس يقفون مع الطغاة لمأرب معينة ومصالح شخصية وأحلام زائلة ومنافع . كذلك نفس النظرة بالنسبة للدين ومسألة الفصل في دولنا العربيّة فهذه أيضاً بعيدة المنال على ضوء الواقع وحتى في المنظور القريب . الأميّة تصل في بلداننا العربيّة إلى نسبة كبيرة جداً وتتفاوت بين بلد وأخر . بالنسبة للقراءة معروف أمرها على ضوء الأميّة السائدة .
مقدمة صغيرة عن النهضة الأوربيّة التي نجحت بينما فشلنا نحن :
تاريخ الثقافة الأوربيّة كان متصلاً بتاريخ الثقافة اليونانيّة . كان مكتوب على جدار أكاديميّة أفلاطون :
من لم يكن مهندساً – أيّ رياضياً – قلا يدخلن علينا .
في الفلسفة اليونانيّة التي ارتبطت بالعلم منذ طاليس إلى ديموقريطس إلى هيراقليطس إلى فيثاغورس .. ارتبطت الفلسفة وجميع الإنتاج اليونانيّ بالعلم وتطورت .. حصل بعد أرسطو تراجع وإخفاقات ولكنّ التجربة الأوربيّة تلاقت منذ غاليلو 1564 – 1642 ما وقعت فيه التجربة اليونانيّة إذ عمدت إلى بناء العلم على التجربة وبناء التجربة على الآت صناعيّة يتم تحسينها باستمرار وبتقدم العلم ذاته . سناتي على هذه النقطة في نهاية المقال .. اين غاليلو العرب أو كوبر نيكس أو ... الخ ؟ العربيّ يأخذ دوره الرياديّ خارج بلاده وهناك يكون إبداع أما في ظل السلطة الغاشمة فدوره لا قيمة له وفي أغلب الأحيان السجن والقمع ما يحصل عليه . الآن سيتبين لنّا الفرق :
السؤال المحوريّ والمركزي الذي سنطرحه هنا سبق وأن تناوله محمد عابد الجابريّ في أكثر من كتاب وندوة ومحاضرة .. ولكن أين الجواب ؟
ديكارت اعاد تأسيس الفلسفة الأوربيّة على العلم – الرياضيات والفيزياء – ثمّ عقلانيّة ليبنز – التفاضل والتكامل - . كانط الذي أسس الفلسفة النقديّة على فيزياء نيوتن ومفاهيم نظريّة - الزمن المطلق والمكان المطلق - ..
تقدم الفكر كأداة وكمحتوى كان ولا يزال مرهونا بالعلم فأين العلم العربيّ ؟
نعود لصياغة السؤال مرّة أخرى – هذا السؤال لا يستطيع أحد أن يُجيب عنه حسب ما أرّ ..
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة بصدد التجربة الثقافيّة العربيّة الإسلاميّة ؟
وهو سؤال مضاعف يتجه بأصابع الاتهام إلى العلم العربيّ .. تجربة الفلسفة اليونانيّة تطرح علينا السؤال :
لماذا لم تتمكن الفلسفة في التجربة الثقافيّة العربيّة من الصمود وكذلك الانتشار ثمّ تعميم العقلانيّة ؟ ما هو السبب وهل هناك سبب واحد أم أسباب عديدة ؟
العنصر المحرك للتقدم الفلسفي هو العلم فهل غياب العنصر المحرك هو السبب ؟
ونكرر صيغة السؤال بطريقة أخرى :
لماذا لم تستطع النهضة العربيّة في – القرون الوسطى – أن تشق طريقها نحو التقدم المطرد كما فعلت النهضة الأوربيّة ؟
هل يرجع ذلك إلى غياب العنصر المحرك للتقدم العلميّ – التجربة - ؟
لندع التجربة الأوربيّة والثقافة اليونانيّة ولنتحرر من هذه الأسئلة التي من المستحيل أن نجد جوابها ولنعد لواقعنا فنحن أبناء حضارة وتاريخ يختلفان عن ما تقدم ونسأل السؤال الذي يعنينا ويخصنا :
أين كان يقع العلم العربيّ من حركة الثقافة العربيّة وتموجاتها وبالتالي من تطوّر العقل الذي ينتمي إلى هذه الثقافة العربيّة ؟ العقل العربيّ ؟؟؟
هذا السؤال بأي صيغة سيظل ناقصاً ما لم يطرح على الصعيد المعرفيّ – ما لم يتجه إلى العقل العربيّ ذاته .. سنتجاوز السؤال الذي سبق وأن طرحناه في مناسبات سابقة – أين هو العقل العربي – أو ما معنى العقل العربيّ ؟
استيقظ العقل الأوربيّ وبدأ يسأل ويسائل نفسه فهل سيفعل العقل العربي ذلك ويسأل نفسه ؟ هذا هو السؤال الختامي ؟ أي تحليل ومن أي منظور كان ما لم يأخذ في حسابه – دور السياسة – سيظل ناقصاً ,,
السياسة تلعب دوراّ كبيراً في ذلك ,, بمعنى أخر فهم طبيعة علاقة الدولة بالايدلوجيا المهيمنة في المجتمع وحضورها المباشر وغير المباشر ..
يقولون بأن كلّ الأنظمة السياسيّة تنزع إلى الفساد ويقال أيضاً بأن أكثرها نزوعاً هي الأنظمة المستبدة التي إن طال عهدها حوّلت الفساد إلى منهج وقاعدة ..
في مناسبة سابقة ذكرنا ما يلي :
لا يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض أو هل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض ؟ عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ومفاهيمه وتصوراته ورؤاه ..
نشرتُ جزء من هذه العبارة على صفحتي – الفيس بوك – وكان للزميل عذري مازغ رأي وهو سؤال جديد :
المسألة هي في ارتباطها السياسي ، من سيفرض تلك المراجعة ، وإذا فرضت ما هي أثارها السياسية في تحويل مجتمع مدجن سياسيا إلى مجتمع ناهض...
ما هي الطبقة الإجتماعية التي لها هذا الهدف وتسعى لتحقيقه ، يجب تحرير الإنسان أولا من التدجين ، والتحرير هذا سياسي في بنيته هذا ما أقصده بالتحديد . انتهى الاقتباس .
ما يحصل في دولنا العربيّة اليوم شئ لا يصدق ليس الغرب الامبرياليّ لوحده هو السبب ولا الصهيونيّة العالميّة كذلك .
أحب أن أقول لهؤلاء الذين لا يملكون سوى هذه العبارة – الاستعمار واليوم الامبرياليّة ثمّ الصهيونيّة ما يلي – لعلهم يتوقفون عن ترديدها ولو أني أشك في ذلك فهم لا يملكون غيرها :
{ لا يمكن لنا أن نعزو التجزئة في الواقع السياسيّ العربيّ إلى ظاهرة الاستعمار وحدها: فليس المستعمر هو الذي أنشأ مصر الطولونيّة ثم الفاطميّة ؛ وليس هو الذي أقام إفريقيّة الأغالبة ، ولا الأندلس الأمويّة ، ولا المغرب الأقصى الإدريسيّ ، ولا اليمن الزيديّة } . ( لا أدري من القائل ) ..
نحن بحاجة للوقوف أمام أنفسنا ولنسأل ولنبحث ولنجد العلة ثمّ بعد ذلك يكون لكل حادثة حديث .. لا يوجد سبب بل هناك أسباب عديدة – السلطة الفاسدة أوّل الأسباب وأهمها ونحن لا نبالي بها ونذهب مذاهب بعيدة وهذا ليس من العقل في شئ ولا من الحكمة ولا من المنطق .. السلطة هي الأم والأب وهي القيادة وهي المناهج وهي كل شئ وفسادها فساد شعوبها وصلاحها صلاح شعوبها فيجب مقاومة الفساد . العراق على سبيل المثال يحتاج إلى عدة سنين على أقل تقدير للعودة لما كان عليه وما كان عليه أصلاً لم يكن ذا قيمة .. سوريا – ليبيا – اليمن الخ .. من سيقوم بكل ذلك وهذا سؤال إضافيّ كذلك ؟
أمام النخب العربيّة مهام صعبة جدًا فهل ستقوم بواجباتها كما حصل في الغرب ؟
هذا هو السؤال ؟
نحتاج للكثير وللمزيد , ليس في الأفق ما يدعو للتفاؤل حسب رؤيتي المتواضعة وقد أكون مخطئاً وهذا أمليّ !
/ ألقاكم على خير / .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التقدم العلمي و الثقافي و الحضاري و اسبابه
عدنان السعدي ( 2015 / 2 / 3 - 22:34 )
يؤكد التاريخ ان اليونان القديمة و الدولة العباسية انتجت فكر و ثقافة و فلسفة لتلاقح الحضارات فظهر ابن الرشد و الفارابي ووو. فشروط هذا الظهور هو الاستقرار و القوة للانظمة, و مع ظهور القادة البائسين حل التراجع و صار التردي فسقطت الامبراطوريات. اي ان الحروب هي العدو الاول للحضارات.

فالحروب انهكت اوربا القديمة ودعيت مرحلتها بالقرون الوسطى, و حين وعى البشر لواقعهم المرير بعد ان فقدت اوربا نصف سكانها, و مع نشاط البشر في الزراعة و الحرف قفزوا الى الصناعة و ظهرت الطبقة العاملة و ظهر البرجوازي و ظهر ممثليهم, وباتت الحرب الدينية كابوس تهدد مصالح البرجوازي. لذا ترابطت العوامل كلها من اجل الخلاص من الاقطاعية و الحروب.

و تزامن ظهور القادة و العباقرة و يكفي ذكر نابليون و روبسبير ومبدعوا العقد الاجتماعي.. الخ

اي صار هناك نزعة و استقرار ثم بشر يحب شعبه و يمجد تاريخه شعبه, و لا يتعالى عليه, فمن صفات العظماء التواضع و العطاء و ليس التسخيف للبسطاء بل العمل على رفع شأنهم, لينازلوا متطلبات التقدم.

فامر الحرب هو اخطر شئ ضد الحضارة. لذلك ان حرب الاستعمار و الامبريالية سبب دمار كثير من شعوب العالم.

اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة