الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاعرة الفرح المستنير القا تكتب بمداد الحزن السومري

احسان العسكري

2015 / 2 / 8
الادب والفن


شاعرة الفرح المستنير تكتب بمداد الحزن السومري
قراءة في لحظات الفرح الحزينة للشاعرة العراقية تغريد ناجي
"حضوركَ المُفرط
فيما أنا غائبة ,
خوفكَ من الالتفات نحوي
في فراغِ صنعته انت
حيثُ الأمكنة هشة"
*لا هشاشة هنا بنيان عجيب هذا الذي نمر بجانبه شاهقٌ بلا اوتاد ترفعه مسارات التوحد في زمن الضياع فالغياب هنا محض التفاتة وحضورٍ صنعا بأنامل حبيب على شواطئ الفراغ ومجرى اللقاء الأزلي ..لم تبالغ الشاعرة في رسم خارطة طريقها عبر مسافاتٍ من التأمل الحقيقي في حلمٍ آزف
"قلبك المنهمك بترتيب غيابي
واللهوّ بمفازات الكتابة
على الريح ,
سوف يموتُ .. وانت
تنازع قصائد
لتحل مكانها ,
ويموت قمركَ النحاسي
المهوس بالشعِر"

*من يمتلك الجرأة هنا لـــ يلهو ؟ ا فتدرك القلوب المنهمكة بالبحث عن شيء غير الجمال انها تغادر دون ان تشعر دوائر الجمال ؟ علبى الريح حملت تغريد الشاعرة أمل التحدي بصياغة الوجع الغرائبي أهو فعلاً وجع الغياب ؟ ام الم الحضور غير المجدِ ؟ ستحمل الريح حتما نعش قلبه الميت وهو ينازع صبر الهيام به قصائد كُتبت بماء النحاس وزُينت بضوء القمر المهووس بجمال الشعر
" كان عليكَ أن تقف
لتشرَب اِمرأة
ويبتلَّ ريق حروفك
لتتورط اكثر بلعبة
النصوص الفادحة
قليلٌ من المغامرة
تفكُ فيها حقائب مسراتك
وتقطع عليها دروب المغادرة
قليلٌ فقط ..."
*كان على الشاعرة ان تصمد ليشربها الكبرياء في كؤوس من حروف دامية بشذى التحدي لمقدم الشوق وانتكاسات التشفي بالذات المنقادة نحو مجهول ربما ..او ربما نحو صمت صارخ بوجه الذكرى التي حملت الايام الجميلة كما يحمل الجاني ورطة فعلته , فداحة النصوص ارى ان الشاعرة هنا تعني بها فداحة الفراق فقليل من المغادرة تكفي لإيقاد جحيم الاشتياق وكم من مشتاقٍ لمن يغفو بين احضانه يرى في القرب مغامرة ؟ هكذا هي روح الشاعرة تغريد ناجي كما تقول : هي تكتب الفرح بطريقتها الخاصة فقليل من المغامرة يمكن ان يهلك جيل بأكمله وكم غامروا بمصائرنا يا شاعرة الفرح المستنير فحتى الحقائب احيانا تعجز عن حمل ايلام المغادرة المقيتة بقليل من عدم التحمل فقط تغريد ناجي انتِ امرأة لا يشربها شيء
كي أستدعيكَ لابد من اِيقاظ"
ثورة موءودة في اوردتي
كي أعيش التذاذ الهزيمة
اعلنتَك اجمل هزائمي
*ان اجمل الهزائم تلك التي تأتي بعد استيقاظ من حلمٍ الثورة , ثورة الوئد في نفس الشاعرة , سألت فما أُجيبت او اُجيبت فما افصحت لان اوردتها كانت المكان الامثل لكتمان سر التلذذ بالهزيمة عجيب امر هذه الشاعرة تعتبر الهزيمة على يديه لذة كم هو عظيم هذا الذوبان في ذات الحبيب حتى اعلنته وهي بكامل قواها العاطفية ..حين يقرر الشاعر ان يعيش لحظات فرح يعدها غيره مؤلمة هو بذاته وئد للحرية الطبيعية ويجد في الغضب من نفسه مبتغاه ليحلق بعيداً حيث لا لقاء الا مع حلم الحيرة في مجاهل النداء القريب لذات العاشق . يذكرني هذا المقطع بأغنية عراقية قديمة اكبرها بعامين ربما والمقطع القائل (انت احلى الأماني ..انت وردة بزماني .. وانت احلى الاغاني ..ياغنوة الحيارى) – مي اكرم وصباح كانا يرددان نشيد تغريد ناجي في زمن الوئد قبل ان يولد

"جيب الشتاء
مثقوب
تتساقط منه
احضان باردة" ..
*تساوق جميل وتناسق اجمل وتصوير راق هذا الذي تنفرد به هذه الشاعرة التي تسمي نفسها (هاوية) هي هاوية فعلاً لكن بطريقة جديدة انا اراها هاوية لكل شبيهات الشاعرات اللائي تمتلئ بـ ما يُكتَبُ لهنّ صفحات التواصل الشبكي والصحف الرخيصة وهي هاوية حقيقية لحاملات " كارنيهات " المؤسسات الثقافية فقط بأنوثتهن وأشكالهن التي تعج بالألوان 0
ان تساقط الاحضان الباردة من جيب الشتاء المثقوب في معطف الجمال الشعري الذي ترتديه بتصرف روح تغريد الشاعرة المتعلقة بدفء الأمل ,انها تجيد وببراعة رسم الصور الشعرية الواضحة المتقدة فهي بين روح الشاعرة وعنفوان المرأة الجنوبية تتألق كتالق القمر في ليلة تمامه فلا الليل آخذ منه بهاءه ولا الارض ناكرة له اطلالته , تجبرك براعتها في رسم الصور على التوقف والتأمل طويلاً والنظر لبهاء القمر دون ان تتُعب عيناً او تُصدع راساً .
"هذا الليل الذاهل
ننتهكهُ بقسوة
ومن دُرفة الباب نتسلل
كاللصوص الى نشورٍ
يبعثنا من جديد
مُبتلة انا بالتوبة
وليلي لايُحسن المغفرة " .....
*يمكن ان يكون الشعر تعبيراً لا نتيجة لصراع مع الذات لغائبِ او حضور قوي لفكرة ما كما يمكن ان يكون التناسق في النص دالاً على عبقرية كاتبه انا شخصياً اعتبر كل الشعراء والمبدعين في الجانب الابداعي الادبي الخلاق "عباقرة " لأنهم اوجدوا كل شيء من لا شيء رغما انا نعيش في عصر يقدس فيه الكثيرين ممن حولنا الحفاظ والمقرءون لما تفضل غيرهم به عليهم , استطاعت الشاعرة تغير ناجي ان تخلق لها فضاءاً مستقلاً خاصاً فهي تكتب الشعر بطريقة القصة والقصة باسلوب الشعر انها قاصة ايضاً .تنتهك الليل بقسوة من اين تأتي هذه المرأة بالقسوة ؟ اعتقد انها تستعين بقسوة الحياة لتستخدمها في مواجهاتها الحتمية مع الحياة نفسها , لو جاز لي لقلتُ لها قولي " لنجتثه بقسوة " فانتِ ارق واسما من الانتهاك بمعناه الا ان امكانيتها في كتابة الشعر حين تتسلل من ابواب الليل كـ لص ....! الله ما أجمل ان تتسلل لتلك الاماكن كتسلل اللص ؟ والي اين ؟ الى نشور انها القيامة الحقيقة حين يظفر الشاعر بحلمه الذي اوجده اساساً كأنه يُبعث من جديد وآن للحاسب ان يفترش باحة التحدي الحقيقي لخلجات النفس وطمعها اللامنقطع , الشاعرة هنا اجادت جداً برسم اروع صورة للتوبة في ظل حكم ليلِ لا يؤمن بالمغفرة وليست من ضمن اساسيات حكمه الجائر 0
ان الشاعرة والقاصة تغريد ناجي اديبة مبدعة بلا جدال ودون ادنى شك بقدراتها فهي نوع من النساء اللواتي تفردن بالجمال في كل شيء وحين يكون الجمال المتكامل سمة لإنسان ما سيكون مبدعاً بكل تأكيد ..
تحية للجميلة تغريد لشعرها لقصصها لوجودها المكتظ بالحياة ولإنسانيتها العظيمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما