الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفايس ... بوك facebook... : دردشة سيميائية في التسمية

أحمد أمرير

2015 / 3 / 1
الصحافة والاعلام


سألت أحد أساتذتي الظرفاء ما إذا كان لديه الفايس ... فرد بالايجاب ... طلبت منه عنوانه فضحك ساخرا : كيف لي أن أعطيك وجهي ؟!!! أحسست حينها بخديعة اللغة ... وتذكرت أول عهدي بالفايسبوك أن كنت انتبهت للدلالة اللغوية لمفهوم ال " facebook" الذي يعني : وجه الكتاب ...!!!!!
استغربت للطريقة التي تنمحي بها الدلالة الاصلية للكلمات والمسميات فتنطلي علينا لطول الاهمال وغياب التدبر وسبر جينيالوجية المفاهيم والاسماء ...

التفت الى اسمي الشخصي " أحمد " فوجدت معانيه تغيب عن ذهني ... ليس جهلا باللغة و أصل الدلالة المعجمية ... ولكنها الثقافة و انطباعات الأنا واندماج التسمية مع الاستشعار الوجداني للاسم كعنوان وبوابة مشفرة لكينونة الانا ...

فأنا " أحمد " لكن ليس ذلك ال " أحمد " الآخر في عائلة أخرى ... إن الاسم الشخصي يستدمج كينونتى ويخفق القلب ويهتز كيان الأنا ego حين ينطق به لسان الآخر موجها الحديث إليك بالثناء أو الانتقاص ... في البيت أو اقسام الدراسة أو العمل أو الشارع ...

ويغتني الاسم الشخصي بحمولة الإشارة والتوجيه لكيان الأنا المفارق للآخر لما تنضاف اليه ملحقات ثقافية مثل " سي أحمد " " خويا أحمد " ... إن النداء الخارجي الموجه لذواتنا من خلال منطوق الاسم الشخصي : "أحمد " مثلا يفيد المعرفة المسبقة والصداقة والقرابة ...

وحين يكون حضورنا غريبا في وسط اجتماعي ما تستعمل الكنى والالقاب : " أمرير " على سبيل الذكر ... لكن هناك من ينادَى ويُخاطَب باسمه الشخصي منذ اللقاء الاجتماعي أو الوظيفي الأول ... فهل ياترى يكمن السبب في أن اسمه الشخصي قليل الورود ونادر الوجود فلا يُخشى من الالتباس والخلط بين المخاطَبين الذين يشتركون في الاسماء الشخصية ؟ أم أن النغم الصواتي لبينية الاسم تستعذبه الألسن المُخاطِبة ...؟؟؟ أم أن الثقافة والاذواق والميولات الوجدانية تنجز كيميائية الاختيارات التواصلية ؟؟؟ أم أن الكُنى والألقاب ايضا تخفي أسرارها اللسانية والجمالية المحددة ؟؟ وكيف تتحقق صيرورة النداء والتخاطب من مرحلة استعمال اللقب الى مرحلة استعمال الاسم الشخصي من قبل المتكلمين والمتخاطبن وما هي محدداتها الذاتية والموضوعية ؟؟

وامام هذا الارتباط الاندماجي بين الاسم الشخصى واللقب وبين كيان الأنا وعلاقته بمحددات الاختيارات الخطابية لدى المتخاطبين تموت الدلالة أو تكاد تغيب ...

لكن ألا يحمل البعض أسماء وألقاب حميدة أو ذميمة لكن دلالاتها المعجمية تفارق طبيعة الشخص وإنجازاته ومعتقداته ومحصلته الوجودية؟؟؟

أذكر أن أحد زملائي في الدراسة أيام الاعدادي كان اسمه العائلي يدعى " بيزكارن " وهو معنى أمازيغي معناه " مُّولْ البقر " / " ذو البقر" ... لم نكن نستسيغ طرافة اللقب في بداية السنة وطالما انفجر التلاميذ ضحكا حين ينادي الاستاذ على اسماء التلاميذ الذين يحملون أسماء عائلية طريفة ... ولازال الأمر يواجهني في وظيفة التدريس اليوم ... غير أن توالي الأيام وطول الاستعمال تنمحي الغرابة وتستحيل أُلفة واعتيادا ...فتغيب الدلالة ويصير للاسم واللقب رمزية إحالية مشحونة بدلالة الشكل الخارجي للشخص وتتداعى الى ذهنك متى ذكرت اسمه ولقبه مجموع تصرفاته وإنجازاته وضحكاته وسكناته ... إن شرطه الانساني و فعله الانجازي وحضوره الوجداني يسيطر على المحدد الدلالي ويزيحه لصالحه ...

وإذا عدنا للبدء وتسمية الفايسبوك facebook أجدني أستخلص ذات الخلاصات .... لكن أليس غريبا أن يدل اسم الفايسبوك في أصله المعجمي الانجليزي على معنى : وجه الكتاب ... لكننا لانجد للكتاب وخصائص الكتاب في ثناياه حضورا ...!!!!؟؟؟
إن حضور الكتاب في الفايسبوك هو من أجل الغياب والاستلاب وراء ملايين المنشورات السريعة ... على شاكلة الأكلات السريعة والتعليقات العابرة كالزيوت والبهارات في هذه الاكلات غير المطبوخة... والتي تورث آكلها مَغَصاًمعِديا و بدانة مسرطنة ... بيد أن "وجه الكتاب" لا يعني بالضرورة " بطن الكتاب " ... ألا يمكن أن تكون التسمية هنا حقيقة لااعتباطية فيها بين الدال والمدلول؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا