الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقوق اللغوية

سامر أبوالقاسم

2015 / 3 / 19
حقوق الانسان


في هذه اللحظة التاريخية الهامة، هناك متابعة غير مسبوقة واهتمام متزايد بالنقاش الدائر حول الشأن اللغوي ببلادنا، وهناك حاجة ماسة إلى توسيع دائرة النقاش والانفتاح على كل المثقفين والفاعلين، من مختلف الحقول الفكرية والمعرفية، من أجل إغناء الساحة بخلفيات ومرجعيات واتجاهات ومواقف وتوقعات مختلف الأطراف.
لم نكن مخطئين حين أكدنا غير ما مرة على أهمية إبراز النقاش حول موضوع علاقة المجتمع بالمدرسة، كما لم نكن مزايدين على أحد حين طرحنا السؤالين: أي رهان للمجتمع على المدرسة؟ وأية رهانات للمدرسة على المجتمع؟ فطرح مثل هذه الأسئلة يعد مقدمة أساسية للدخول في نقاش أهم القضايا الاستراتيجية التي نحتاجها كمغاربة للخروج من دوامة التردد، واستشراف أفق تربوي مستقبلي واعد بقرارات سياسية جريئة وواضحة، مستندة إلى قاعدة الديمقراطية المبنية على العلم والمعرفة من ناحية، وعلى "الاتفاق" حول أنجع السبل المؤدية للمصالحة مع الذات الوطنية، بكل ما تخزنه من تعدد وتنوع مغن لتجربة الانتقال الديمقراطي بشكل عام.
فهل يعكس النقاش الذي برز حول قضية اللغة وعلاقتها بالتدريس نوعا من الحجر اللغوي، الذي يقوم على أفضلية لغة على أخرى؟ أم أنه يعمل على تأجيج حرب لغوية يعد المغرب والمغاربة في منأى عنها باعتبار تجربة المصالحة مع الذات السياسية والحقوقية التي لا يمكنها أن تتوج إلا بمصالحة على مستوى السياسة اللغوية؟ أم أن الأمر لا يتعدى حد التعبير عن التخبط والتردد اللغوي الذي لم نجد بعد حلا لملامسة آفاقه المستقبلية؟
الأكيد اليوم، هو أن الحاجة ماسة لسياسة لغوية مستوعبة لهذا التعدد والتنوع اللغوي الموجود على أرض الواقع، والمؤكد كذلك هو استناد هذه السياسة إلى اختيارات وتوجهات لغوية واقعية وواضحة، يمكنها أن تشكل أرضية خصبة وصالحة لاتخاذ قرار سياسي لغوي وتربوي جريء، مترجم في برنامج عمل واضح المعالم، ومستند إلى حاجات المجتمع المغربي بكل مكوناته.
فهل لدينا سياسة لغوية؟ وهل لقطاع التربية والتعليم استراتيجية لغوية؟ وما العمل مع هذا التعدد والتنوع اللغوي؟ وهل الدعوة إلى استعمال الدارجة المغربية حملة ممنهجة ضد اللغة العربية؟ وما العمل بخصوص الشرخ اللغوي الذي يتسع بين الدارجة والفصحى؟
وفي إطار إنصاف الأمازيغية، التي اعترف الدستور المغربي وأقرها لغة رسمية، لكن الحكومة لم تبلور أي استراتيجية أو برنامج واضح لتنزيلها، هل يمكن اعتبار النقاش الدائر اليوم حول الدارجة والعربية الفصحى فيه نوع من التناسي للأمازيغية؟ وهل كل لغاتنا معنية بالنقاش؟ وهل يمكن أن يكون هناك إقصاء للسان الأمازيغي من المساهمة في صنع لغتنا المغربية؟
واللغة هي رأسمال لساني وفكري وحضاري لكل المغاربة، لذا يجب بلورة سياسة لغوية ذكية ورصينة تعيد له الاعتبار لدى عموم المغاربة. ألا يمكن اتخاذ الحذر إزاء الخطاب الذي يقدس اللغة العربية ويلعب على التداخل بينها وبين الدين الإسلامي؟ وكيف يفسر دعاة الخلط أن الدين الإسلامي منتشر اليوم في العديد من البلدان غير الناطقة بالعربية؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار الخلط بين اللغة والدين هو شكل من أشكال التطرف؟ ألم تعاني لغات أخرى من نفس الخلط بينها وبين الديانات الأخرى؟
هل الدفاع عن الدارجة اليوم هو دفاع عن الجهل باللغة العربية؟ هل الدارجة فقيرة وغير قادرة عن إنتاج الشعر والأدب، ولا تصلح لبناء جمل سليمة ذات معنى؟ هل الدفاع عن الدارجة هو دفاع عن لغة رديئة وسيئة وسوقية؟ أين هي الدارجة من تلك "اللغة البليغة ومن عامية الملحون والكلام المرصع والقوافي والمعاني والأمثال الشعبية"؟
أليس هناك مشكل بخصوص لغة تدريس العلوم والفنون؟ وما هي حدود الاختيار بخصوص التربية العلمية والتربية الأدبية والفنية؟ وما هي حدود حضور اللغات الأجنبية في إطار العلاقة بالانفتاح على العالم من ناحية، وفي سياق التفاعل مع المنظومة القيمية الكونية؟
هذه كلها أسئلة، وطبعا هناك غيرها، تدخل في باب التفكير الرصين لأجل إقامة عدالة لغوية مستندة إلى ثقافة الإقرار والضمان والإعمال للحقوق اللغوية ببلادنا، عبر ميثاق للغات تجد فيه كل مكونات المجتمع المغربي اللغوية ذاتها فيه، وتحس بكرامتها من خلاله، وتعبر عن حريتها عبره، وتعيش بواسطته في إطار من الإنصاف والتضامن والتسامح فيما بينها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقرير أممي يبرئ -الأونروا- ويدحض ادعاءات حكومة نتنياهو


.. كيف قارب أبو عبيدة بين عملية رفح وملف الأسرى وصفقة التبادل؟




.. الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد


.. حريق يلتهم خياما للاجئين السوريين في لبنان




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ