الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن : انتفاضة ثانية قصيرة الأجل ( الحلقة الثانية )؟

محمود جديد

2015 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


" اليمن : انتفاضة ثانية قصيرة الأجل " ( الحلقة الثانية )
محمود جديد
تمّ احتواء الانتفاضة الشعبية اليمنية السلمية الأولى عام 2011 عن طريق الوصفة السعودية من خلال المبادرة الخليجية المدعومة دولياً بتنازل علي عبدالله صالح عن السلطة لنائبه عبد ربّه مقابل إعطاء حصانة له مع خمسمائة من أتباعه من المحاكمة وتقنين ذلك بقرار من مجلس النواب ، وقد جرى انتخاب منصور هادي في 21 / شباط فبراير/ 2012 كمرشّح وحيد لقيادة مرحلة انتقالية لمدة عامين على أن يتمّ خلالها حوار وطني يضع دستوراً جديداً لليمن يُجرى على أساسه انتخابات برلمانية ورئاسية ، وقد تمّ ذلك بالارتكاز على حلفاء وأتباع النظام السعودي ومن أبرزهم قائد الفرقة المدرعة الأولى على محسن الأحمر ، وحزب الإصلاح ، وبرضا بقية أحزاب اللقاء المشترك .. ولم يكن للحوثيين دور مباشر في تلك التوليفة السياسية الجديدة ..
وفي آذار / 2013 ابتدأت جلسات الحوار الوطني اليمني وتوّجت في 25 كانون ثاني / يناير/ 2014 بإعداد وثيقة الحوار الوطني الشامل ، وبإقرار تمديد الفترة الرئاسية لمنصور هادي لمدة عام ، غير أنّ الصراعات استمرّت بين الحوثيين وحزب الإصلاح والقاعدة ، كما استمر الحراك الجنوبي الذي يسعى للانفصال في رفع صوته وتصعيد نشاطه في ميدانه .. وفي الوقت نفسه ، ازداد الفساد ، وتعمّق الفقر في اليمن ، ثمّ جاءت القرارات الحكومية حول رفع أسعار المحروقات لتزيد الطين بلّة مترافقة مع انخفاض الإنتاج البترولي اليمني نتيجة أعمال تخريب أنابيب النفط التي تمارسها عناصر القاعدة في الجنوب اليمني على الخصوص ، وتراجع أسعار النفط ..
استثمر الحوثيون غضب الجماهير وتذمّرها من الو ضع المعاشي المزري في اليمن ، ومن تفشّي الفساد في أجهزة الدولة فتبنّوا شعارات سياسية تعبّر عن مشاعر الجماهير وتطلعاتها ، مطالبين بإلغاء تلك القرارات الاقتصادية الجائرة ، ونزل " أنصار الله " ومٓ-;-ن استجاب لتلك المطالب من أحزاب وقوى وجماهير يمنية إلى الشارع للتظاهر والاعتصام في الساحات العامة في صنعاء والعديد من المدن اليمنية ، وحظيت تلك المظاهرات بتأييد ومشاركة شعبية واسعة ، ونظراً لكون الحوثيين التجمّع السياسي والقوّة الأكثر تنظيماً وانسجاماً وعقائدية ، وأقلّهم فساداًنظراً لعدم تلوّثهم بالسلطة بعد ، فقد برزوا على واجهة الأحداث وقادوا القوى المشاركة فيها ، وفي الوقت نفسه ، كانوا يخوضون معارك مع القاعدة وحزب الإصلاح في بعض المناطق ، وقد أدّى رجحان كفتهم في عمران ضد حزب الإصلاح ومتابعتهم التصدّي لعناصر القاعدة في اليمن إلى وضعهم في دائرة الضوء أكثر فأكثر ، وحرّر بعض القطاعات الشعبية من سطوة آل الأحمر وحاشد القبيلة الأكبر في اليمن ، والانخراط بعمق في تحديد وجهة الصراع مع عبد ربّه منصور وحلفائه ، وتحويل المظاهرات إلى اعتصامات في قلب العاصمة صنعاء من قبل " أنصار الله " وحلفائهم ممّا أجبر علي محسن الأحمر صاحب السطوة على الهرب إلى السعودية .. وجرت كلّ هذه التطوّرات على مرأى ومسمع ممثّل الأمم المتحدة في اليمن السيّد جمال بن عمر الذي تابعها بصبر أيوب ، واستطاع أن يجمع المتصارعين على طاولة واحدة ويُنتج اتفاق السلم والشراكة الوطنية في 21 أيلول / سبتمبر 2014الذي جعل الرئيس اليمني يحني رأسه للعاصفة الشعبية المنتجة محليّاً ، وقد شاركت جميع الأحزاب اليمنية الرئيسية بالتوقيع عليه بما فيها حزب الإصلاح ، و الحراك الجنوبي ( باستثناء حزب التنظيم الشعبي الناصري الذي انسحب ممثله غاضباً من جلسة التوقيع ) ..
- شكّل هذا الاتفاق محطة بارزة في مسيرة الانتفاضة الشعبية الثانية ، وربّما خاتمتها ، ويُعتبر من أفضل الوثائق والاتفاقات التي جرت في اليمن ، ولكنّ تطوّر الأحداث بعد ذلك يشير إلى أنّ الرئيس اليمني لم يكن جادّاً مافيه الكفاية لتنفيذ ذلك الاتفاق سواء بدوافع ذاتية أم نتيجة الضغوط السعودية عليه ، على الرغم من نجاح الجهود في تشكيل حكومة خالد البحّاح بعد ولادة عسيرة وبمواصفات مقبولة ، إلّا أنّ هادي منصور أخذ في التلكّؤ في تنفيذ بنود الاتفاق ، والإصرار على تقسيم اليمن في مشروع الدستور اليمني الجديد إلى ستة أقاليم ، وقد يكون ذلك تلبية للرغبة السعودية التي تسعى جاهدة إلى إبقاء الحكومة المركزية ضعيفة ، وخلق الظروف الملائمة لنمو وتعزيز النزعة الانفصالية ، وإبقاء اليمن ملتهياً ومستنزفاً بمشاكله الداخلية ، بحيث يصبح كلّ إقليم مشروع دولة في المستقبل وهذا مارفضه " أنصار الله " بقوة مع الموافقة على إقامة يمن اتحادي بين شطريه الشمالي والجنوبي فقط ... وبالمقابل فإنّ نقص خبرة أنصار الله ، وشعورهم بنشوة ( الانتصار ) ، ولّد عندهم جرعة زائدة من الغرور والاستعجال ممّا أوقعهم في مجموعة من الأخطاء من أهمّها :
- في 17 /1 / 2015 اختطفوا السيد أحمد بن مبارك عندما كان متوجّها لتسليم مسوّدة دستور اليمن إلى الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مقررات الحوار الوطني " بحجة منع الانقلاب على اتفاق السلم والشراكة الوطنية ، وتمرير مسوّدة دستور اليمن الجديد ".
- في 19 / 1 / 2015 حاصروا دار الرئاسة والقصر الجمهوري حيث كان يقيم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ..وحاصروا مدينة صنعاء ..
- ضغطوا لإجراء تعيينات جديدة في مراكز إدارية وإعلامية مهمة ، وأخذوا على عاتقهم مكافحة الفساد وحفظ الأمن في العاصمة ممّا أوقع " لجان الرقابة الثورية " بأخطاء عند ممارسة أعمالها ..
- التصدّي للمظاهرات السلمية بالقوة ، والقيام باعتقالات من بين صفوفها ..
- لم ينجحوا في دفع قوى يمنية أخرى للمشاركة في واجهة الأحداث ، وفي الوقت نفسه شكّلوا هم غطاءً لجماعة علي عبدالله صالح الذي كان مقيّداً بنصوص المبادرة الخليجية ويخشى من توجيه تهمة له بخرقها وبالتالي ، رفع الحصانة عنه ..
- كان تقديرهم للموقف الدولي خاطئاً ، فلم يأخذوا بالحسبان أهمية الموقع الاستراتيجي لليمن وانعكاسات ذلك على مواقف الدول في حال توظيفه بشكل غير صحيح ، وما يمكن أن يترتّب عن ذلك من مضاعفات وذرائع ...
- إنّ تلاحم الجيش معهم بسبب تحالفهم مع علي عبدالله صالح ، أو لتعاطف قواعده الفقيرة معهم لم يُوظف سياسياً بالشكل المطلوب ، وبالتالي طغى دورهم على هذا التلاحم على الرغم من ضعفهم في الجيش لأنّهم كانوا مهمّشين وبعيدين عن السلطة .. وكان من المفروض إبراز دور الجيش سياسياً وإعلامياً بصورة أفضل ...
- إنّ نقص خبرة الحوثيين ولّدت عندهم نوعاً من الحيرة والارتباك في متابعة تطور الأحداث التي تاهت بين مفاعيل الانتفاضة ، أو الانقلاب ، أو الثورة فضاعت المعالم بين الحالات الثلاث ...
* وفي ظلّ هذه المتغيّرات ، قدّم عبد ربّه هادي استقالته وكذلك فعل خالد البحّاح ، وكانت المبررات منسجمة مع الكرامة والمنطق بغض النظر عن سوء أو حسن نوايا ودوافع كلّ منهما ، ومخططاتهما الخاصة مستقبلاً ...
ومن جهة أخرى كان مندوب الأمم المتحدة جمال بن عمر يعيش هذه الأحداث والتطورات ويراقبها ويتفاعل معها ولم ييئس ، واستطاع أن يحصل من أطراف الصراع على موافقتهم لتجديد التحاور خارج اليمن للوصول إلى حلّ وسط يرضي جميع أطراف الصراع ، ولكنّ تعنّت المملكة السعودية في أن تكون الرياض المحطة النهائية لأي حوار عرقل هذا المسعى ، وربّما كان الشرط السعودي التعجيزي هذا يستهدف كسب الوقت لتنفيذ المخطط المرسوم الذي تعدّه بعد انعقاد مؤتمر القمة وتوفير الغطاء العربي له . ولكنّ هرب عبدربه منصور إلى عدن في 21 / 2 / 2015 ومحاولته نقل العاصمة إلى هناك ، بهدف استعادة زمام الأمور خلط الأوراق ، وسبّب الرد السريع من الجيش اليمني والحوثيين ممّا استحضر " عاصفة الحزم " على عجل .

وهذا ماسنتابعة في الحلقة الثالثة والأخيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران