الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعلموا من طالباتكم!

فارس محمود

2015 / 4 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد ان نظر حاكم الدوقية في المنظار الذي اخترعه غاليلوا في القرن السابع عشر الذي دعاه ورجالات الدوقية لرؤية هذا الاختراع، هاله ماراى من قدرته على رؤية الكواكب اكثر قربا، فاستدار الى رجالاته وقال انه انجاز عظيم! اوصوا النساء ان لاتستحم في السطوح بعد. ان هذه تذكرني كثيرا بردود أفعال أساتذة جامعة كلية بغداد للبنات،.هذا قسم منها.
"لا يتناسب مع الديمقراطية وحرية التعبير التي كنا نامل ان تطبق في العراق"... أن "19 استاذاً تم نقلهم بشكل مفاجئ ودون اي بلاغ سابق على عدد من الكليات ولم يتم ايجاد بدائل عنهم وبنفس الاختصاص" (رئيس رابطة الأساتذة في جامعة بغداد).
"الطالبات يطالبن بإعادة الاساتذة كون الكلية تفتقر لاختصاصاتهم" (طالبة)
"أنها عملية استعجال غير مدروسة... قرار "مزاجي".
"كان مفاجئاً بالنسبة لكل الاساتذة الـ19 الذين تم شملهم بالنقل".
"ما أثار استغرابنا أكثر ابلاغنا بشكل سريع خلال القائنا المحاضرات على الطلبة بالخروج خارج الكلية لاننا حسب وصفهم تم نقلنا، ولغاية هذه اللحظة لا أحد يعرف سبب النقل المفاجئ وأيضا لم يكن هناك تبليغ مسبق مما جعل الامور تكون مربكة لنا ولطلبتنا".
"خمسة اساتذة من بين المجموعة التي تم نقلها هم من المشرفين على الدراسات العليا في كلية تربية بنات، وبعد اتخاذ هكذا اجراء من سيشرف على رسالتنا"، (طالبة دراسات عليا).
"من سيضع اسئلة الفصل الثاني للطلبة بعد نقلنا اضافة الى الدرجات من سيمنحها"؟.. "وقت النقل الذي اصدر بحقنا غير مناسب إطلاقا وكان الاجدر اتخاذه في اوقات العطلة لكي لا يتعارض مع تعليم الطلبة او يؤثر سلبا على نتائجهم"..
ان كان قصة حاكم الدوقية ومنظار غاليلوا كوميديا، فان تعليقات الأساتذة هذه هي تراجيديا بكل معنى الكلمة. لادع جانباً استاذنا الذي لم يفق بعد من حلم "الديمقراطية وحرية التعبير" في دولة ترسى على أسس مليشياتية طائفية وقومية وعشائرية. واسال هل كانت مشكلة القرار تكمن في كونه "مستعجلاً"؟ ام في كونه قد "اتخذ من دون علم الأساتذة"؟! ام ان المشكلة تكمن في "ان الكلية تفتقر لاختصاصهم"؟! ام "عدم وجود بدائل عنهم وبنفس الاختصاص؟!"، "جعل الأمور مربكة لنا وللطلبة"؟! هل المشكلة تكمن "ومن يشرف على رسالتنا"؟! " من يمنح الدرجات"؟! "من يضع اسئلة الفصل الثاني؟!" وغيرها.
في الوقت الذي ترفع الطالبات شعارات "أفكار الدواعش تدخل كلية التربية للبنات عبر....." ويقيمن تظاهرة نضالية مشرفة وصراع حامي الوطيس مع العميدة، نرى هذا هو موقف الأساتذة الجامعيين، ان الطالبات اكثر تقدماً من اساتذتهم بكثير. انهن اكثر فهما لاصل القضية من اساتذتهن، ونقدهن اكثر حقيقية وواقعية وجذرية من نقد اساتذتهن. للأسف. فالاخيرون يحتاجوا ان يتعلموا من طالباتهم. لا يمكن وصف اعتراضات الأساتذة الا بضيق الأفق، الا بالتفكير المصلحي المهادن الصرف. بدل من ان يقفوا بعين العميدة ويقولون: "لماذا تبعدوننا من الكلية؟! أ وحوش نحن؟! خطر على الطالبات نحن؟! ان ماتقومي به هو تمييز على أساس الجنس وهذا مرفوض وغير مقبول؟! انها ليست اقطاعة لك تعملين بها ماتشائين، وتصدرين القرارات على هواك" وامضي واشن هجومي في كل زاوية من زوايا المجتمع على هذا الانحطاط! امضي واشن هجومي وادفع بقضيتي لا على صعيد العراق فقط، بل على صعيد العالم وكل المنابر العلمية في العالم. من الذي اغلق أبواب العالم امام اساتذتنا المحترمين؟! انها النزعة المصلحية المهادنة الذليلة وضيقة الافق. لا اكثر. انه نموذج "لاخفض راسي كي لاتعصف الريح بقبعتي" ولكن اعلم ان سياسة السلطة القائمة واذنابها في الوزارات لن تبقي راس لاحد كي يحافظ عليه.
مثلما يقولون في المصري "غور انت ورسالتك"! "غور انت ودرجات الفصل الثاني والاسئلة". ان مجتمع يستباح بافكار وممارسات وتسييس داعشي، إسلامي وطائفي بشكل يومي وحثيث، ويرسل الى مستنقع ظلامي قل نظيره، وضيق الأفق لايجعلك ترى ابعد من انفك؟! يتم تدمير المجتمع باشاعة احط الأفكار والتقاليد والممارسات رجعية وتخلفاً ومشكلتك مع القرار انه "لو كان في الصيف افضل، يكون الطلاب قد اكملوا سنتهم"، لاتهمك أجيال واجيال قادمة وكيف تعيش، وفي ظل أي قوانين تعيش، ويقضي مضجعك انك ابلغوك وانت في قاعة الدرس؟! أي لو ابلغوا استاذنا الموقر بالقرار في اجتماع للتدريسين، سيسحب البساط من تحت اقدام حجته، ولن يبقى له شيء يقوله!
من المؤكد اني حريص غاية الحرص على العلم والدراسة ومستقبل الشباب، ولكن السؤال المطروح أي مستقبل لهم في نظام مثل هذا النظام؟! نظام لم يبقي قيمة لشيء اسمه انسان، دراسة، عمل، مستقبل، اجيال، كل شيء. حين تُسير المجتمع قوانين وأفكار ترسف بالتمييز الجنسي، تشاع قيم ان قرب الجنسين من بعض هو ذا مخاطر وينبغي صيانة المجتمع منه، أفكار مهينة بحق الانسان، أساسها هو النظرة الدونية للرجل والمراة، انهم "خطر"! لاتقرب السالب من الموجب في الكهرباء هو امر مفهوم، بيد اننا أناس ذا شعور واحساس وكرامة، وكبرياء وتطلع (فسنوات الجامعة سنوات التطلع والامل والتفاؤل وكل الاحاسيس الإيجابية للبشر). لسنا بهائم! ان كانت ثمة "حيوانية" للنظرة في العلاقات مابين الجنسين هي نظرة العميدة وفكرها البالي. انه فكر تيار معين وايديولوجيا معينة غير لائقة بالإنسان اصلاً.
انه ليس بقرار "مزاجي" و"لا مدروس"، انه قرار مدروس وواعي. ان العميدة ومن خلفها الوزارة وحكومتها المليشياتية الطائفية يعرفون مايريدون. بيد ان اساتذتنا المحترمين يخونهم ذكائهم حتى في هذا. انها سلطة تسعى لدعشنة المجتمع من اسفل، تسعى لصبغ كل زاوية من زوايا المجتمع بالإسلام والطائفية وغيرها من أفكار وقيم لاتمت باي درجة بمصالح الأغلبية الواسعة في المجتمع.
انها دفع بالمجتمع اكثر من سبعة عقود للوراء. لا يراها اساتذتنا المحترمين. كل مايشغل باله هو وظيفته ومهنته حتى ولو باي ثمن كان. ان هذا التعامل هو نموذج لانعدام المسؤولية تجاه المجتمع، وتجاه طالبات كلية التربية للبنات بالدرجة الأولى اللائي هن من هبّن للدفاع عنهم بهتافات "اساتذتنا واحنا نريدهم!"، وهم من خذلوهن وتركوهن في مهب هجمة العميدة وتهديداتها دون نصير! فبالبؤس هؤلاء الأساتذة!! انه نموذج "انا ومن بعدي الطوفان!" انه نموذج سيء للمجتمع، وللطلبة قبل أي ما للأسف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا