الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)

حسين كركوش

2015 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


حسين كركوش

الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)


المالكي مزق الدستور ولم يعترض عليه أحد من حلفاءه !!

تنص المادة السادسة 6 من الباب الأول على ما يلي : (يتم تداول السلطة سلميا عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور).
هذه المادة تعتبر المادة الأساسية في الدستور العراقي ، إذا خُرقت انهارَ الدستور كله. و هي مادة واضحة لا أظن أن عراقيين أثنين يختلفان في تفسيرها. فهي تنص ، بوضوح كاف وبدون لبس ، على أن السلطة يتم تداولها سلميا وعبر الوسائل والآليات الديمقراطية الدستورية وحدها.
لكن السيد نوري المالكي، رئيس حزب الدعوة الإسلامية و رئيس مجلس الوزراء أعلن رفضه لهذه المادة الدستورية، بل ألغاها تماما، ومعها ضرب بقية مواد الدستور بعرض الحائط. فقد شدد المالكي في خطاب علني سمعه جميع العراقيين على رفضه مبدأ التداول السلمي عندما قال قولته الشهيرة : (هو يكدر واحد ياخذها حتى ننطيها بعد).
ما قاله المالكي ليس زلة لسان ، و هو كلام لم يتفوه به في مجالسه الخاصة. هذه الجملة تلخيص مكثف ، لكنه صريح جدا و شديد الوضوح ، لفلسفة المالكي السياسية ولفكره الاستراتيجي المضاد للديمقراطية ومؤسساتها.
نسأل : هل اعترض حزب سياسي إسلاموي ، سواء في السلطة أو خارجها ، وسواء من أنصار المالكي أو من منافسيه أو خصومه في الائتلاف الوطني ، على إزدراء الديمقراطية بهذه الطريقة الشنيعة ، و على الاستهانة بالدستور بهذا الوضوح ؟
هل وقف أعضاء من التحالف الوطني داخل البرلمان واعترضوا على ما قاله المالكي ؟ هل طالبوا باستدعائه أمام البرلمان لاستجوابه حول هذا الخرق الفاضح للدستور ؟
أما كان أجدر بهولاء النواب أن يطالبوا ذاك اليوم بإعلان حداد برلماني ينعون خلاله فكرة التداول السلمي للسلطة التي وأدها المالكي ، باعتبار أن البرلمان خُلق ، أصلا ، لتجسيد فكرة التداول السلمي ؟ هل اعترض واحد من هذه الأطراف ؟
على حد علمنا ، لم يعترض أحد. أما لماذا ؟ فالافتراض المنطقي هو، أن المالكي كان يتحدث بلسان جميع الأحزاب الإسلاموية السياسية.
قلنا (افتراض) ، وسندافع عن وجهة نظرنا كالتالي.

دولة ( مليشيات ) مسلحة أم دولة قانون ومؤسسات ؟

نصت الفقرة ب من المادة 9 من الباب الأول على ما يلي : (يحظر تكوين مليشيات عسكرية خارج أطار القوات المسلحة.) أي أن احتكار السلاح من حق الدولة وحدها.

الذي نلاحظه في هذه المادة هو ، ذكرها (المليشيات) بالأسم ، ولم تذكر الجماعات الإرهابية. وهذا أمر واضح. فالجماعات الإرهابية هي عدو (طبيعي) للنظام السياسي الديمقراطي الجديد الذي ظهر بعد سقوط نظام صدام حسين ، وهي تؤكد جهارا رفضها له جملة وتفصيلا. أما المليشيات فتعلن أنها جزء من هذا النظام وأنها تدفع عنه، لكنها تدافع عنه جملة وليس تفصيلا. و (التفصيل) هنا في غاية الأهمية. فهي تدافع عن النظام الجديد وفقا ل(تفاصيلها) هي. أي أنها تريد النظام الجديد وفق مقاساتها وقياساتها الأيدولوجية ، ولا يهمها ما ينص عليه الدستور.
على أي حال ، هذه الفقرة توجد في الدستور الذي صوتت عليه أكثرية الشعب سنة 2005. ونحن الآن في بداية سنة 2015 ، أي مرت تسع سنوات ، ازدادت خلالها قوة وعديد الأجهزة العسكرية والأمنية وتحسنت الأوضاع الأمنية بما لا يقاس ، مقارنة بالسنوات الماضية السابقة.
نسأل: هل قل عدد المليشيات أم زاد ؟ بالتأكيد زاد عددها وتعددت أسمائها وكثر سلاحها أيضا. و هذا خرق فاضح للدستور. لكننا لم نسمع حزبا سياسيا إسلامويا ولم نسمع برلمانيين ينتمون لهذه الأحزاب ألقوا بكل ثقلهم وشنوا حملات عنيفة لإلغائها و حظر نشاطها.
إن وجود المليشيات المسلحة ، بشكل علني ظاهر أو سري كامن وتحت أي مسمى وتحقيقا لأي هدف ، يعني ، بالضرورة ، عدم احتكار الدولة وحدها للسلاح. وهذا الأمر تنتج عنه أمور في غاية الخطورة منها: أضعاف هيبة الدولة و تعطيل مؤسساتها ، تكميم لأفواه الناس ، و تحديد للحريات العامة والخاصة ، وعرقلة عملية التحول الديمقراطي.
والأمور لا تتوقف عند هذه الحدود. فهذه التجاوزات ستستمر وتتحول من ممارسات معرقلة لعملية الانتقال الديمقراطي إلى المناداة برفض الدستور الذي قبلته أكثرية الناخبين بمواده الديمقراطية ، وفرض نظام سياسي مغاير وفقا لأيدولوجية هذه المليشيات.

فرض نظام توليتاري بالتقسيط

قلنا إن وجود المليشيات يعني، عمليا، منع قيام نظام ديمقراطي، كما نص عليه الدستور العراقي. هذا هو الهدف الأبعد.
لكن المناهضين لقيام نظام ديمقراطي في العراق، كما نص عليه الدستور، يعرفون جيدا بأنهم لا يستطيعون ( أقله في الوقت الحاضر) تحقيق هذا الهدف. أي لا يستطيعون إلغاء الإنجازات الديمقراطية التي تحققت منذ عام 2003 وأصبحت مكتسبات حقيقية وممارسات شعبية يومية. فهم لا يستطيعون إلغاء الدستور و الحياة البرلمانية والفصل بين السلطات و حرية الصحافة والتظاهر والنقد وتكوين الأحزاب... الخ. ولهذا فأنهم يكرسون جهودهم لمهاجمة ما يعتبرونها الخاصرة الرخوة للديمقراطية ، أو ما يرون بأنه الطريق الأقرب والأسهل لتدمير الديمقراطية، أي الحريات الفردية.
واختيارهم لهذا الهدف (الحريات الشخصية) لا ينم عن جهل سياسي. العكس هو الصحيح ، تماما. إنهم يدركون جيدا أن الحريات الفردية هي (داينمو) النظام الديمقراطي ، التي بدونها لا تقوم قائمة لنظام ديمقراطي.
بالطبع ، أن مهاجمة الحريات الفردية والتضييق عليها يتم بعدة ذرائع. و من هذه الذرائع ، أن الحريات الفردية نوع من أنواع البطر إزاء ما يمر به العراق من ظروف. أو أن الحريات الفردية تقود إلى فساد المجتمع كله و تخريب القيم الأخلاقية الدينية. أو أن الفرد العراقي حاليا غير ناضج ، ولا يعرف الحدود بين الحرية وبين الفوضى ، و أن المجتمع العراقي محافظ و غير مؤهل لممارسة الحريات الديمقراطية.
وهذه كلها ذرائع باطلة دستوريا و قانونيا وسياسيا. فنصوص الدستور العراقي لم تخول أي جهة أن تفرض وصايتها على الأفراد وعلى المجتمع. ولم يحدد الدستور العراقي أي مقاييس ومعايير يتم التأكد بموجبها من نضج المجتمع أو عدم نضجه.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا