الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اكره النوم ( استحضارا لروح والدي...)

الشرقي لبريز
اعلامي وكاتب مغربي

(Lebriz Ech-cherki)

2015 / 4 / 20
الادب والفن


رغم ان النوم حاجة طبيعة و حيوية للجسد، الا انني اكرهه، لانه يفسح الطريق الى الحلم، و الحلم يجرمه قانونهم، كما ان قوانينهم السرية تصادر مجموعة حقوق اخرى و تجرم ممارستها.
اتذكر جيدا ان عدائي للحلم ابتدأ من تاريخ 29 من شهر اغسطس من سنه 2007، في يوم شديد الحرارة، من ايام العطلة السنوية حيث يحلو السهر، بعد ان كنت قد قضيت ليلة بيضاء لم يطبق جفني عن بعضهما، الا عند حدود الساعة العاشرة صباحا، و ما ان خلدت للنوم، حتي وجدت نفسي أدردش مع الوجانطي، لازلت اتذكر تلك الدردشة، كما لا اتذكر ما قمت به الصباح.
كان موضوع دردشتنا، ما ألت اليه احوال الحركة النقابية خصوصا و انه من مؤسسي الجامعة الوطنية لعمال الفوسفاط، عند بداية الستنيات من القرن الماضي، و اذي ثمن ذلك غاليا، من قوت يومه، من حريته .
أتذكر تلك الدردشة الجميلة و كأنني امارسها الان، اخد يحكي لي عن مغامراته، وعن تعاطيه و تفاعله و فعله في احداث من تاريخ شعب اردوا لنا ان لا نعرفها، و ان عرفناه ان ننسها او على الاقل نتناسها، و نضع يدنا في يدي الجلد .
تاريخ لا يردون لنا ان نخبر به اجيالا ستأتي بعدنا، بعد ان تأمر الجلد و ضحية الامس لطمسه تحث اسم مجموعة اكد وبات، و شعارات زائفة، يؤكد الواقع اليومي زيفها... و هي كثيرة و كثيرة جدا، و استمرار الماضي في الحاضر و في الذي سياتي، انما في كل مرحلة يجدد الجلد مظهره و يبقي الضحية نفسه.
دردشة الحلم لم يشأ لها ان تنتهي، حيث رن هاتفي و على الطرف الاخر، اختي تتكلم بنبرة ملؤها الحزن و الحسرة، الدموع تمنع الكلمات من الخروج و بمشقة كبرى فهمت منها ان صديقي و سندي يحتضر، ما عسي افعل و انا اوجد بمكان يبعد بحوالي اريعمئة كلومتر؟ ما كان امامي من خير غير السفر علني القي النظرة الاخيرة على اوفي صديق و اجمل اب لكن هيهات لم اتمكن من ذلك.
ادركت بعدها انني احمل العجز في ضلوعي، و انني فقدت سندا لي و لأفكاري يمنحني القوة حين تنسد السبل أمامي، من حينها كرهت النوم .
من هو صديقي الوجانطي الذي افتقدته
انه لقب اعتاد زملاءه في العمل ان ينادونه به رغم ان الاسم يحيل على احد الدواوير التابعة لمدينة اليوسفية، احد المدن المنجمية.
حسب ما تحكي الروية، فان تلقيب الدوار بالوجانطي، انه كان يسكنه معمر فرانسي اسمه " لويسى " و قد عرف بين الدواوير المحيطة، بلطفه رغم انه لا يوجد قنفد المس، فكانوا يقصدونه من اجل التصدق عليهم و قضاء بعض حوائجهم، هكذا تواتر تداول الاسم على المكان الى ان اصبح يعرف به .
اما عبد السلام او الوجانطي فهو شخص ينحدر من منطقة اليوسفية التحق بالعمل ببوجنيبة، احد القرى المنجمية التي تحوي مساكن وظيفية للعمال المنجمين، الذين يشتغلون بمناجم الفوسفاط .
كان الوجانطي عامل منجمي التحق ببوجنيبة مند مدة، و قد عرف بولعه بكرة القدم حد الجنون حيث لعب كمهاجم بصفوف فرقة النهضة السطاتية، ثم التحاق بعد ذلك باولمبيك بوجنيبة لا يضاهي حبه لها، سوي نضاله من اجل تحسين وضعيته كعامل، و كذا اوضاع باقي زملاءه و يعتبر المدخل الاساسي الى ذلك تأطيرهم داخل النقابة.
استطع في مدة و جيزة من التحاقه بهذه القرية المنجمية، ان يساهم في تأسيس الجامعة الوطنية للفوسفاط التابعة للاتحاد المغربي للشغل، و يؤطر مجموعة اضرابات شئت الظروف ان تربطني به علاقة اكبر مما يمكن ان يتصور الجميع، اذ لم تنحصر في علاقة الاب بالابن، و قد جلسته اكثر مما تتوقعون حكي لي يوما.
انه مند ان التحق بهذه القرية و بدأ انشطته اخد الشيخ المعطي في تتبع تحركاته و سكناته، بل ان هذا الاخير رمي بنته في طريقه ليجعله طعما له .
لكن حدس العامل جعله يرفض تلك العلاقة، و لم يكن رفض عبد السلام او الوجانطي كما يسمونه زملاءه رفض الارتباط ببنت الشيخ المعطي نقطة انطلاق العداء بينهما، انما النقطة التى افضت الكاس ، الامر ليصبح الشيخ المعطي يحمل عداء مزدوجا له اتجاه هذا الوافد الغربي.
و قد حكي لي الوجانطي جزء كبير من حياته في علاقة بنضالات عمال الفوسفاط او ما يقع بالشارع السياسي عموما اذكر منها.
يوم تم اعتقله و ادعه بالسجن المداني ببني ملال، حكي لي هذه التجربة بمرارة و حشرة شديدتين بدأ كلامه قائلا
" في احد ايام بوجنيبة الممطرة الباردة و في جنح الليل سمعت طرقات على الباب و لما فتحت وجدت رجال الدرك طلبوا مني مرافقتهم الى مركزهم و لما وصلنا اليه وجهني لاجودان بقوله " راسك سخون اولدي انتم من بين الذين كانوا يوزعون مناشر مناهضة الجبهة بل ان دسرتك وصلتك الى انك تخرج راسك من السيارة و انت تصيح تسقط الجبهة تسقط الفديك , و انت تعرف ان الشيخ المعطي ما تتخفي عليه حتي حاجة معلقة بك انت بالضبط، داب انت من سيسقط و بعد ساعات ستجد نفسك في لقليمية ببني ملال انت و صحابك " .
لم يشئ يوما ان يفصح لي عن انتماءه السياسي،
لكن عرفت فيما بعد، انه كان من بين الذين ناهضوا تأسيس مؤسسة حماية المؤسسات الدستورية التى كانت قد اسست حينها، دون ان اصل الى انتماءه السياسي، و قد اذي ثمن هذا، حيث تم وضعه بمخفر الدرك ببوجنيبة ليسلموه للشرطة بني ملال حيث وضع القام بالكومسرية وقتا طويلا،
ذاق خلال هذه الايام كل انواع التعديب و الادلال، و بقيت رجليه تحمل أثار الكي بالكهرباء التي تعرض لها حين كان في ضيفتهم و لم يشيء، ان يحدثني عن باقي اشكال التعذيب التى ذاقها نظرا لطبيعة العلاقة التى ربطتني به.
لكنني ادركت انه تعرض لجميع اصناف التعذيب التي مورست عليه بعد ان وقف على مجموعة شهادات التعذيب، خلال مرحلة متقدمة من حياتي، تأكدت انه لم يسلم اي عضو من اعضاء جسده من ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با