الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الهمر الامريكي

سمير عبد الرحيم اغا

2015 / 4 / 24
الادب والفن


مير عبد الرحيم أغا
يوميات الهمر الأمريكي


1-
نزل الضابط من الهمر ، قال للجندي بكل هدوء :
اذهب وهاتها
التفت محاولا ان يبتسم نصف ابتسامة ، الا ان الضابط ظل متجهما ، قال مرة أخرى :
اذهب وهاتها .... قلت لك اذهب
فكر قد تنفجر ، نقل خطواته من مكانه حائرا ، أخيرا قال له :
- لن اذهب قد تنفجر في يدي
تنفس الصعداء ، كأنه أزاح عن صدره هما ولكن الضابط قال مرة اخرى :
- اذهب.. هذا امر ..
تحرك خائفا ...... فجأة صمت كل الضجيج ، انفجرت القنبلة وتناثرت الجثث والهمر في الهواء فانشقت الأرض عن حفرة عميقة على جانب الشارع وبين البداية والنهاية خانه الفرح الذي كان يحذره دائما ..........
....................







2-

اندفعت نحوها سيارة سوداء ، السيارة هي نفسها التي رأتها في جانب الطريق قبل دقائق ، حدث الأمر بسرعة جنونية .. مع سرعة الوقت انفجرت القنبلة بقوة هائلة ، طارت الهمر في الهواء أشلاء وقطع متناثرة على طرفي الشارع ، وجد سائق الهمر يستنجد وبقع حمراء لامعة تملأ وجهه ، وهي واقفة على الشارع ، أراد جنودها ان يجرب حظه في التصويت لفترة كانت عيونه تحدث0000












3-
في يوم دراسي وجد سائق الهمر طفلا في منتصف علامة التصويب ضغط الزناد لطمت الرصاصة وجه الطفل انقلب وتفجر من شدة الضربة... أرجله تتحرك راجفة ثم هوى إلى جنبه واخذ الدم يتدفق هتف الجندي لزملائه بصوت عال : واو 0000اصابةرائعة في منتصف رأسه 0 وبين هذا ذاك صاح جندي اخر كفى هراء 000 لقد قطعت سلسلة أفكاري 0 العنف يعلن جدارته ،
















4-
في عصر يوم قائظ ؛ رات سيارة صغيرة بداخلها عائلة تسير بصورة طبيعية خلفها ابتعدت السيارة الصغيرة خوف ان تتعرض لنيران الهمر وافتراسها ؛ ابتعدت عن أي شك مريب لكن النهاية لم تكن غريبة 000 فجأة انطلق الرصاص بكثافة صوب العائلة ؛ ومزقها ؛ أحسست بشيء ثقيل يهوي على صدري إمام صمت القتلة 0 وما عدت اخرج إلى شوارع المدينة في تلك الايام 0













5-
كتب احد الجنود : الايام التي اتت ذات قساوة ؛ لقد فشلت في ان أكون بطلا ؛ او شجاعا كما ارادني سيدي ؛ أحسست بان الأيام الصغيرة التي تملا حياتي بالتفاصيل قد فقدت أهميتها بالنسبة لي وان الأيام التي سوف تأتي... لاتحمل في جوانحها أي خفقة جديدة لهذا البلد ؛ لقد فشلت في ان امثل دور البطل ؛ كان كل شيء في الحياة ؛ يتحداني ويمتص صمودي ؛ ويشمخ امام ضعفي كسد هائل من ياس 0 مسك الضابط الورقة ومزقها ورماها في الهواء .














6-
قد أكون الهمر 1440 التي تموت دون إرادتها ؛ هذا ما أريد ان أقوله ؛ بدا ضابط الهمر متشائما 0: الموت هو الذي يسكن أحلامنا ؛ هانا اسير على قدمي بعد عملية ترقيع في المستشفى ؛ كل زملائي ينظرون الي بتشاؤم ؛ تسأله الممرضة : لماذا لاتتخلى عن هذا المهنة ؛ رد عليها بعد ان اقتنع ووثق بها ؛: نعم هذا ممكن 00 حياتي هكذا 000 قتلت رجلين أثناء.... سرقت وهربت في بلدي وها أنا الآن هنا أقاتل ؛ فكيف تريدني ان اترك هذه المهنة ؛ لقد انتهى كل شيء 0 لجمت الإجابة فم الممرضة ؛ ولم يعد ينتهي المساء ليبدأ ينتهي المساء ليبدأ التحقيق معه 0

7-
لاول مرة غادرت أرضها أمريكا ؛ ووطأت ارض العراق ؛ تبحث عن الجنة التي وعدهم بها زعيمهم دون ترخيص ودون صلاة وصوم بدون أي طلقة واحدة ؛ لكنها مع الايام ؛ أحست بالجرح الطويل المحفر في قلبها لم تستطع ان تخفي الجرح قالت ف نفسها ؛ وهي تمشي تفكر : سوف نعود يوما مهما طال... الى بلدنا 0 وهي تحدق في الجرح الطويل المحفور في قلبها ؛ هل هنا الألم ؟ يراودها شعور بالخزي كلما وقفت أمام المرأة 0 لم تبلغ الثلاثين ومع هذا تعد أهلها بالعودة لزيارتهم في جنازة قادمة










8-
فجأة رايتها جالسه هناك ، عجوزا قوية اهتز عمرها في الكدح الشقي : كفاها مطيتين على حضنها ، رايتهما جافيتين كقطعتي حطب ، مشققتين كجذع هرم ،وعبر الأخاديد التي حفرتها سنون لا تحصى ، رأيت رحلتها الشقية مع ابنها ..كان طفلا ، إلى ان شب رجلا ، تعهداته هاتان الكفان الصلبتان مثلما تتعهد الأرض، وألان انفتحت غرفة الاحتجاز فطار منها العصفور الذي كان هناك ، اذا يطارده الهمر ، وتطارده ، خدش وجهها وكسر أحلامها وصدته عن الرضا بالزمن ، لان الزمن في خاصرته شيء آخر ، لم تستطع ان تمسكه فقد طار في سرب المقاومة













9-
القي القبض عليه في وسط بيته، بعد مداهمة أسطورية ، قدرت بأكثر من لواء أمريكي ، ، كامل العدة والعدد، بإسناد جوي كثيف وعلى طريقة أفلام رامبو .. والشبح ،
اسمك
سالم
اسم ابيك وجدك
....
عملك
عاطل
ماذا كنت تفعل هنا ..؟
هذا بيتي وهذه عائلتي
...........
نحن نعتذر ليس أنت المقصود








10-
هذه المرة استطعت ان أرى بوضوح تام ، بعيدا عن شاشات التلفاز ، رأيت بعيني كيف رفس الجندي الأمريكي بقدمه اليمنى .. الرجل الجريح المطروح على ظهره في حرم مسجد "الفلوجة" ، وكيف سقط الجريح على ظهره ينزف دما .. رايته بوضوح على شاشة التلفاز .. نقلته قنوات العالم وأولها القنوات الأمريكية... والانكليزية .. وأظن انه يشاهدني .. ويتعمد مشاهدته لكاميرا التلفاز
انظر ماذا نفعل بكم
رأيت بوضوح ومعي ملايين العالم كيف وضع الجندي الأمريكي فوهة بنـــدقيته ( الجي سي ) في صدره واطلق عشرة رصاصات .......... ولو وقف هنا مؤذن الجامع :
حي على الصلاة ، لامتلأت مساجد الفلوجة بالمصلين









11-
نقطة تفتيش وقتية ، تقف الهمر الأمريكية وأخواتها على الشارع العام ، بحر من الناس يتموج في الحر اللاهب ، تتحرك السيارات والناس صغار .. كبار يترقبون اشكال من التفتيش وغيره ، تقدمت سيارة عائلته بهدوء نحو التفتيش ، من شدة الخوف تجمد دمه وجف .. وحين أفاق ... صوب الجندي الامريكي رشاشه وقتل من في السيارة ,, الزوجة .. البنت ، الابن ، الطفل ، الطفلة ، لم يقدم الجندي الأمريكي لائحة الاتهام بعد
أنت تعرفهم
كلا
يسألونك فجأة
ماذا تقول عن ذلك ؟
ذلك لا يهم
سجلت الحادثة على الجندي بسبب انهيار عصبي








12-
كان يقود سيارته على الطريق السريع ، باتجاه سوريا في رحلة مرض مزمن ، في المعبر الحدودي ، أوقفته نقطة تفتيش أمريكية، في مدخل المعبر عربتا همر وعربتا همفي .. سأله احد الجنود من خلال المترجم بمنتهى الأدب :
ماذا تفعل هنا ..؟
رد بتعجب ..
لا افهم ماذا تقصد
قلت لك ماذا تفعل هنا ..؟
قال له .. ياللعجب .. ماذا تفعل .. أنت هنا ؟













13-
في ذلك اليوم ، وفي تلك اللحظة ، دار حول نفسه ، واجتاز المسافة الباقية بقفزة ، سقط أثرها على الأرض ، توقف هنيهة ، تنفس الصعداء ، ليس مطاردا ، ولا مجرما ، ولكن رمي الهمر المتواصل والعشوائي على البيوت السكنية ، ألصقت به كل الصفات ، كانت كفاه مبللتين بالدم ، ثمة قطرات من دم احمر تبلل أطراف شفتيه ، اخذ نفسا عميقا ، الم صغير يدغدغ أصابع قدميه ، دفع باب الدار ورأسه خال ن كل شيء ، وفي صدره رغبة حارة لبكاء بلا دموع ، ولوهلة واحدة صافح الموت بعد نهار كامل من الكر والفر .












14-
دار هذا الحوار بين جنود الهمر ورجل اعتقلوه عند أطراف القرية عند عودته من المزرعة أثناء منع التجوال .. ومنع التجوال هذا اقل شيء يمكن ان يفعلوه ،
الجندي : لقد جئنا بسلاح كبير وكثير لا حمل لكم به
الرجل : انم لا تسمحون لنا بإطلاق النار اذا أطلقت علينا رصاصة
الجندي : نحن مسلحون وانتم بلا سلاح
الرجل : لا ندافع عن أنفسنا
الجندي نحن ندافع عنكم
الرجل : ان كنت لا تستطيع ان تصبح مقاتلا فلا تقاتل
الجندي : كأنك تسال رجلا غير مدرب
الرجل : التدريب لا يصنع مقاتل : القضية هي التي تصنع المقاتل
الجندي : اركض هيا ... هيا قبل ن أصبها في راسك
ــــــــــــــــــــ









15-
قال اكثر من شخص بهمس وحذر ، وفي نفس واحد ، حين جاءت الهمر ترصد وتعتقل :
اخوك
مابه ..؟
خائن انه يعمل مع الهمر وجنودها
كنت تنوي ان تقول كلاما آخر
يريد ان يعيش
لا يجد طريقا للعيش غير هذا
- هو حر
- كلا هذه خيانه
- ماذا افعل ؟
- قبل ايام قدم وشاية الى الهمر عن مكان ...
- انهم يقومون ببعض الاعمال الصغيرة
- صغيرة
- جاءت الهمر في تلك اللحظة وأخذته
- قررنا أن تقتله .. خيانة الفرح قاسية ... الا تعرف ذلك
- _________________________




16-
الهمر بلونها الصحراوي ، تشق طريقها بسعة جنونية ، في جو جنائزي ، وفي عينيها ينثال بريق الأحلام ، وسط سحابات الدخان والغبار ، لا احد يدري إلى أين مكان يقصدون .. ليرموا تهمهم عليه ، يطمعن في جنات تجري هنا ، أيامهم كثيرة وموتهم واحد ، ودائما منشغلون بالحديث
لاتمت منتحرا
إنني أقوم بخزن حبوب الفاليوم
أعصابي أصبحت أسلاك رفيعة من الزجاج .. تنقطع بمجرد اللمس
لقد وصلت الى حالة الانهيار
سأبحث عن في ورق اللعب
انظر يوم غد لا عود إلى وطني
كانوا متعبين والغروب يصغر في الأفق سقطوا في سهولة
.........................






17-
مامن احد يستطيع يؤكد كيف وقع الحادث ...؟ الجنود يقولون : ان الحادث وقع عمدا وقصدا ، اهله يقولون ان الحادث وقع قضاء وقدر ، وقد اكد كل طرف مع مرور الايام وجهة نظره ، دون ان يكون للجندي الأمريكي نفسه أي رأي بالموضوع ، حتى ان عداء عجيبا نما بين أصدقائه الجنود ، أدى إلى جعل الموضوع ... قضية لا يتنازل أي طرف عن اعتقاده في كيفية حدوثها .
صحيح أن زملائه قالوا ان القضية بدت كنكتة طريفة , ألا ان الموضوع تطور بشكل كبير . لنعود الى الحادث منذ بدايته
يروي جنود الهمر ان الجندي المدعو .. جيمي .. كان جالسا في الهمر ذات اليوم الذي أصيب .. فحين نزل من الهمر ليرى ويتفحص المكان ... في الشارع العام .. مرقت همر اخرى مسرعة فجاة ودهسته ، وسط تعجب وذهول غير مفهوم من زملاءه .. لماذا . ؟ الم يره سائق الهمر ..؟
أما الصحافة : فقالت : ان الحادث ناتج عن تربص الهمر لدهسه وهي تعلم أن هذا جندي امريكي ,, بسبب وجود تراب كثيف في الجو ، لم يهمه امره ، هكذا روت الصحافة الأمريكية الحادث .
الكثير من اهل البلد : قالوا ان الجنود الذين كانوا في الهمر دفعوا الجندي بالقوة عند مرور دبابة أمريكية في الشارع لم يستطع سائق الدبابة أن يراه .. وهذا ما تسبب في سور وتهشم في جسمه ، هكذا روت المارة الحادث
إلا أن حديث الجندي نفسه وتقرير المستشفى الذي ادخل فيه : قال
ان الجندي كان تحت تاثير المخدرات وان الصحفي يكذب والمارة تكذب والمفكر يكذب ، وذات يوم سينفجر التناقض


18-
تتجول الهمر في مدينة بغداد ليل نهار .. في مناطق الكرخ على رؤؤس أصابعها .. ليل يجر ليل ونهار يجر نهار ، حتى ضاقت بالتجوال والاتهام , تململت في مقعدها ، شعرت بضيق لم تعرف مصدره ، لا تعرف اين تتجه .. ؟ من غير ان تختار وجدت نفسها في مدينة بعقوبة ، مكان هادى بعيد عن صخب العاصمة بغداد ، تريد ان تستمتع بالهواء النقي تجرجر عجلاتها بفضاء اكبر ، رات أمامها عربة يجرا حمار ، يلتحف بعتمة الليل ، يركض الى السكون والهدوء .. تبي بعد حين انه طفل صغير أوقف العربة ليطعم الحمار خوف وذعر من كل شيء ..
انت ياولد : قف لا تتحرك
لم يكسروا عربته صادروا حماره بفزع .. تراجع الصبي .. قصوا له شعره انتزعوا سرواله
قال لهم :
لم انتبه لقرار منع التجوال تسلح الصبي بالشجاعة مما دفع نفسه الى حب الاستطلاع .. اقترب بحذر اتضحت الرؤية امتدت ايدي الجنود الى الحمار وقادوه إلى الهمر وسط ذهول الصبي ولم يستطع سوى ان يتمتم بينه وبين نفسه
حتى الحمار لم يسلم منهم

19-
من باب معسكرها طلت الهمر ، في يوم عدته جميلا ، وهي تدندن باغنية ترددها كلما أحست هذا الشعور ، وزال الخوف والحزن .. تسمرت في مكانها وفقت السيطرة على السير ,, لهول المنظر الذي أمامها . وهي لا تكد تستوعب ما حدث
لقد قتلت اثنين !
من .؟
أنت حينما أطلقت رصاصك
واين المشكلة حينما يطلق المرء رصاصا فانه يطلقه على الأطفال ،
كيف تتعمد ذلك ؟
أنا أنت منهار ..!
وما الفرق
الفرق ان المصاب بانهيار عصبي لا يحاسب على جريمته .
.....................








20-
جاءت الهمر الى قريتنا في اول أيام رمضان ، تتخطى بطرف عجلاتها ، ثم أشاخت بوجهها وفي غمرة الفرح قال ضابط الهمر لنفسه :
كل ما يحكى عن القمع الذي نمارسه هرا
رد ضابط زميل له :
نحن لا نقمع ,, ولا نصغي لشكاوي الناس .. نحن نعمل بالقانون
هز الضابط الاول رأسه وقال :
أربعة سنوات .. قمع قمع ..!
رفع وجهه فتبين دموعه لامعة تتسلل ببطء في وجهه الأبيض الصغير ،
هذا محض افتراء .. نحن لا نقمع
رد الضابط الأول :
ولكنك كنت تقتل طوال عشرين عاما في فيتنام وفي أفغانستان
نعم هذا صحيح ولكن كله بالقانون فأمريكا هي راعية القانون في العالم
رد الضابط الأول :
تفكر بالقانون: القانون هنا رغبة الحاكم نفصله على قياسنا متى شأنا ,, تحصل الهمر على جواز مرور بالقانون . ولكن من أين تمر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته


.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202