الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرش القصة بين ...سلطة النص المقروء والنص المسموع

سمير عبد الرحيم اغا

2015 / 4 / 24
الادب والفن


عرش القصة بين ....سلطة النص المقروء والنص المسموع

سمير عبد الرحيم اغا

تتظاهر القصة القصيرة اليوم بالتربع على عرش الشعر ، ان لم يكن التزاحم على هذا العرش بعد ما حققته من تقدم في السنوات الاخيرة في حين كانت تعاني من اهمال واضح يسهم فيه القارىء والناقد والمؤلف على حد سواء / وعلى من يريد ان يكتب نثرا جيدا فعليه ان يتجاوز القصة ، فالكاتب المتخصص في القصة وحدها اصبح ظاهرة نادرة ، ومعظم كبار كتاب القصة القصيرة تقوم شهرتهم على مؤلفات اخرى بالاضافة الى القصة القصيرة ، وهذا ما يشير الى انها لم تعد تتسع لما يريدون قوله .
ان شكل القصة القصيرة يستطيع ان يحقق اكثر من اي شكل ادبي آخر ، لانه شكل ادبي رقيق وحساس من السهل السيطرة عليه كما انه يحقق نتائج سريعة ، كما ان القصة هي اقرب الاشكال او الفنون الادبية للصحافة , وهذا ما يصدق اكثر على القصة اليوم . اذ ان القصة تفقد خصائصها المميزة لتتداخل مع اشكال ادبية اخرى ، من الصعب تقديم افكار جديدة ومشكلات هامة في قصة توجه اهتمامها الرئيس للاستجابات العاطفية للشخصيات ولا يمكن ان تكون اصيلة حقا الا حينما تعالج المشكلات الاساسية للوجود الانساني ، وان ثمة اهتماما متزايدا من جانب القراء بالشكل التسجيلي ، ولكنه فسر ذلك بانحطاط القيمة الفنية للكثير من القصص ، فالنشر الجيد هو الذي يقدم للقارى ما لايمكن ان يجده في السجل التاريخي ، وحتى ظهور المطبعة وما نجم عن ذلك من توسيع قاعدة المتلقين للاثارالادبية اتساعا متزايدا لا يزال الى اليوم ، وما ظهر من انتشار الوسائل السمعية والبصرية الناقلة للمادة الادبية فالفلم والراديو والتلفاز والانترنيت ، احدثت في الفن الادبي تاثيرات اكثر من مهمة جديرة بالدراسة والوقوف عندها ، وتلك كانت ابرز ثوتين في عالم النص المكتوب ، وكثيرا ما تعرض دارسوا الادب الى اثر الصحافة في فن الكلمة شكلا ومضمونا ، ولكن الذين تعرضوا لدراسة اثر الاذاعة والتلفزيون قلة قليلة وما زالت دراستهم نادرة وقليلة .
ان شكل القصة القصيرة قد تاثر تاثيرا واضحا بالثورة الاولى وهي اختراع المطبعة ، والكثير من الدارسين يعزون وجوده الاصلي الى ظهور الصحافة الورقية حينما بدات بنشرالمسللات المتتابعة لاجزاء من رواية طويلة ، وكانت وسيلة من ومن وسائل ترغيب القراء مثل نشر مقتطفات من قصص الف ليلة وليلة ، فنشات القصة القصيرة فنا قصصيا له مساحة في صحيفة سيارة ودرس بعض الدارسين فن الاذاعة خصائصه ..و طاقاته ، ولكنهم درسوا ذلك بعيدا عن الاشكال الادبية بعيدا عن تلمس الاثار المباشرة لهذه الوسيلة من اذاعة الفن الادبي فن الكلمة على الناس ، وحتى الفلم التسجيلي كشف عن طاقات جديدة للكاميرا ، لتتابع الصورة تتابعا منطقبا ، وسبب ذلك في ابتعاد الفلم عن الرواية بمعناها الادبي والاذاعة تعتمد على فنون القول وهذا ما يميز الكلمة المسموعة عن الكلمة المكتوبة اننا امام وسيلة نشر جديدة تفوق المطبعة في طاقاتها من حيث مخاطبة جمهر عريض غير متجانس , كما انها تقع دون المطبعة في كثير من الطاقات الاخرى وبألامكان رصد اثر هذا الوضع الجديد بدخول الاذاعة ميدان فن الكلمة ولا بد من مقفة امام خصائص الكلمة المقروءة وخصائص الكلمة المسموعة ، وتاثير ذلك في مضمون الفن القولي وشكله وخاصة في مجال القصة .
ان الادب نشا اولا كلمة مسموعة قبل عصر التدوين ثم استمر بعده ، وظل في بعض انواعه الى اليوم يعتمد عليها في التاثير والكلمة المكتوبة ما هي الا رمز للمسموعة يتردد صداها في النفس يشكل مكتوم خافت ، فنحن نقرأ الكلمة المكتوبة في مكامن المخ يتردد صداها مسموعا وقد تقف لتقرئها بصوت عال وخاصة عندما تريد ان تحس بالشعر احساسا اقرب ولكن هذا لا ينفي للكلمة المسموعة طاقات اخرى .، ان الصوت الادمي بحنجرته وهي اعقد آلة موسيقية واحلاها نغما واغناها طاقة وقدرة لتضيف كل امكاناتها الى صوت الحزن الصامت المكتوم فاذا هو شيء آخر ، فمثلا قارن بين قصيدة تقرا في خلوة وتردد مقاطعها وبين سماع هذه القصيدة ممن يلقيها عليك وقد برع في فن القاء الشعر بالذات او من الشاعر نفسه يقرؤها في حفل عام او تسمع عن طريق المذياع .........وحدث ان سال الشاعر نزار قباني عن سسبب شهرته الكبيرة بين الجمهور فقال ان الامسيات الشعرية وهو يلقي قصائده المعروفة امام المستمعين بصوته الجميل .
وقد نقول ان القصة تختلف عن القصيدة .. انك تحتاج فيها الى التركيز .. الى اختيار القصة والى المكان والزمان بشكل ربما اقل ولكن من جهة اخرى فان طاقة الصوت الملغي لا تحتاج اليها كثيرا مثلما تحتاج اليها في القصيدة ، ولما كانت الاذاعة تحس بطاقتها الاكثر وامكاناتها الاقل في الوقت نفسه بالنسبة للمسرح لفقدان عنصر الصورة المرئية الضرورية في المسرحية وفقدان المعينة المكانية والزمانية ، فالنص المقروء للقصة القصيرة يمكن استعادته الى جانب اختياره واختيار الزمان والمكان الذي يقي فيها الملقي انهما موافقان لاستعداده في التلقي ولكن الكلمة المسموعة حتى في القصة وان تكن اقل من الشعر لها طاقة كبرى لم تدرس بعض تفصيلاتها دراسة فنية مستوعبة والاذاعة لا تستطيع ان تستقبل اية قصة قصيرة . انما لا بد ان تختار ما يلائم امكانيات قصة بستطيع الصوت فيه ان يجيب كل المزايا الاخرى تركيزا واختيارا واستعداا للمتلقي ، واكثر القصص نجاحا في الالقاء الاذاعي هي قصص الاعترافات والقصص القريبة الى الغنائية والرومانسية .
ان الكلمة المسموعة له ثقل تفتقده الكلمة المقرؤة . هذا الثقل الذي يفرض الان احتراما اكثر للمسموع على المقروء ( لقد اذاعت الاذاعة هذا الخبر ) فالتصديق له اقرب لو قلنا ( نقلت الصحف هذا الخبر ) ولكن الاذاعة تتعلق في اذهاننا بالدولة او ما يشبه الدولة في السلطة والقوة ومن السهل ان تقبل سيطرة الدولة على الاذاعة وليس من السهل ان تقبل سيطرته على الصحافة ،لان المؤلف نفسه اذا قرا قصته قد لا يشد اهتماما يجذب للاذاعة ، ولكنه اذا حدثنا عن نفسه بنفسه
فان هذا اوقع كثيرا ، لذلك تكثر الاعترفات وما في حكمها ، ان ما يذاع يخاطب الجاهل والامي ، تخاطب البدوي في صحرائه ، الفلاح في حقله ، المثقف في مكتبه ، الفيلسف في محرابه ، .... كيف يمكن اذن للمادة المذاعة ان تلبي متطلبات هذا الجمهور غير المتجانس ، من ملايين البشر مثل القصة القصيرة ، بشر من اوطان تختلف ظروف وربما عقائد وعادات لا شيىء يجمع بينهم الا القدرة والفهم من هذه اللغة ،
ان اتجاه الاذاعة الى الجماهير العريضة اتجاه الى التبيسيط والى السهولة ، واثر ذلك يظهر ي القصة المذاعة ... فتجدها للسهولة تعتمد ربما على اداب شعبية كركيزة سهلة تلتقي باكبر عدد ممكن ، وهنا يتطور مضمون القصة في منحاه شكلا ومضمونا ليلبي راي الجمهور مثل الامي الذي لا يقرأ والامي الذي لا يعرف ان كان يقرأ ، ولكن التوازن الحق لا يتي الا عن طريق الكتاب المطبوع فهو وحده القادر على ذلك بالكلمة المقروة وما تحتاجه من خيال متجاوب ....................
ان الادب لم يستعن في يوم من الايام عن الكلمة المسموعة فقد هذا الفن عكس آثاره في القصة فنفاها لمدة طويلة في رحاب الفن الرفيع حين فرضت القصة نفسها على طبقة المثقفين ، وهاهي تعود مرة أخرى للجمهور ولكن دون ان تستغني عن النثقفين الذين كسبتهم بعد معارك طويلة .. معارك من نوع المفاضلة ... نعم ان القصة القصيرة وليدة الحصافة واحدث الاشكال الادبية وهي وحدها تقف مارة بتاريخ يجعلها في حالة مخاض لا يدري احد ماذا تلد ؟؟؟
هل تكون هناك قصة مقرؤة غير مسموعة ..؟
هل توحد المسموعة والمقرؤة باختلاف محمدود ..؟
هذا هو موقف القصة القصيرة حائر بين صورة جديدة لا يدري كيف ستتبلور في الاذاعة ... بينما تشق طريقها بسرعة وتحد عجيبن في عالم الكتابة وبأمكان الاستفادة من مشروع الاذاعة حتى تصبح الاذاعة فنا جماهيريا و من الممكن ان تصبح ....................................
لا شك ان هناك عوامل كثيرة ستدخل في انواع التفاعلات التي سينتج عنها الشكل الاخير او النهائي ، القصة تخوض اليوم تحدي بين بين .. وحتى تنزل بالفن الى مستوى الجمهور لا بد ان تتسامى بالجمهور ( فالجمهور يستجيب للفن ما دام يصور له الحياة ويكشف له عن المشاعر )
....................................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل


.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج




.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما