الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسباب فشل الاتحاد الاشتراكي في تحقيق فوز صغير باقليم الخميسات

الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي

2015 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لا يختلف اثنان على كون المواطن الزموري عانى طيلة سنوات وما يزال يعاني من ضعف في الاختيارات السياسية والعجز الفكري في طرح تصورات ترضي الطموحات الجماعية نتيجة الضبابية والتكلس في النظرة المستقبلية ، وحسب فهمنا البسيط نرجع هذه العملية أننا أمام مواطن مثخن بالانكسارات والهزائم ويتعايش مع الإحباط ويستأنس للإخفاقات ولم يعد قادرا على المغامرة والبحث عن البدائل المشروعة للتنمية والتقدم والازدهار في ظل المشروعية، لقد امن إيمانا مطلقا أو توهم أو تم إيهامه انه عاجز عن تحمل مسؤولية تدبير وتسيير المؤسسات الدستورية التي تحبل بالفوضى والتناقض الذي عرقل على مدار أربعة عقود مستقبل الإقليم مقارنة مع أقاليم استطاعت أن تحقق تنمية مستدامة عن طريق تشجيع الاستثمار وخلق مناطق صناعية كفيلة بامتصاص البطالة المتنامية وبنيات تحتية ومرافق عمومية تقيس عليها درجة المواطنة والإصلاح لإداري .
فالنخبة المثقفة والواعية تفضل التفرج والتقوقع على الذات والخوف من دخول التجربة والفشل،وهذا طبعا يعزى إلى العجز الكلي عن الخروج من الحلقات المفرغة التي يؤطرها ويؤدلجها نقاش معاد ومتكرر والذي يعد في واقع الأمر حجة وتبرير واه للاختباء والانزواء وترك الأمور على حالها .
أسباب تعثر الاتحاد الاشتراكي بالمنطقة
إن قراءة تحركات مكونات المجتمع المدني على ضوء المعطيات والتراكمات المسجلة على ارض الواقع يمكن وصفها بأنها تحركات لا تخرج عن دائرة الطروحات الرومانسية أي أنها بشكل أو بآخر بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي المعاش كونها تنهل من ثقافة تنظيرية تعتمد على المخيال والمتمنيات ،إن فشل أحزاب الصف الوطني والديمقراطي ومنها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تحقيق انتصارات سياسية على مستوى مدينة الخميسات يرجع بالأساس إلى غياب قيادات محلية فاعلة متجانسة ومؤثرة لديها المقدرة على التواصل والإقناع والاستماع، ناهيك عن انعدام برنامج سياسي طموح يعتمد في مقاربته وأبعاده على رصد اختلالات وتآليل تدبير الشأن المحلي الذي ظل معتقلا وما يزال في أيدي شرذمة من الوصوليين والانتهازيين وتقديم حلول عملية تتجاوز القائم والثابت، فعدم مقدرة التنظيمات اليسارية المبلقنة المشاركة في اللعبة السياسية على الظفر بمقاعد في المجلس البلدي يرجع بالدرجة الأولى إلى تهرب مسؤوليه من تشخيص أخطائها التكتيكية وتحمل المسؤولية باعتبار الخلل في تصريف المواقف أي دراسة أسباب عدم تجدرها في الأوساط الشعبية مرتبط بتوجهاتها الإيديولوجية العصية على التطبيق خصوصا في مجتمع يعرف أعلى معدلات الأمية .إن الأهلية السياسية في تصريف الأفكار والدفاع عن مطالب الشعب وفهم طبيعة متطلبات شرائح متعددة يعني الانفتاح على الآخر وهذه الوسيلة تمكن على المستوى القريب من الفهم السياسي والتنظيمي لأدبيات الحزب الذي يبقى غير محدد الملامح بالنسبة للأخر ويساهم في تعطيل انتشاره.
ومن خلال تتبع ورصد أنشطة الاتحاد الاشتراكي محليا -أي عمل النخبة الفاعلة- مند انتقاله من المعارضة إلى الانخراط في حكومة التناوب التوافقي يلاحظ أنه يمارس السياسة بمنطق الترف الفكري أي أن العمل السياسي في فهمه العميق وسيلة لقتل الوقت وملئ الفراغ وهذا ما نعتبره في رأينا بمثابة التسطيح السياسي الذي يتغذى على الجاهز والمقاربات البعيدة كل البعد عن المعيش اليومي وهذه معضلة أخرى تنضاف إلى المشاكل التنظيمية الداخلية المستفحلة التي تغذيها الحسابات الشخصية مما يجعل من عملية انفتاح اطر الحزب ومناضليه( ما بقي منهم) على الواقع المعاش للطبقات الاجتماعية المتنوعة بتنوع الاحتياجات الأساسية عملية مناسباتية مما ترك أثرا واضحا نتج عنه عدم استيعاب جوهر المشكلات وتم عزل الحزب ومحاصرته فكريا وتنظيميا بعد المساندة الشعبية طيلة مرحلة الصراع التاريخي لعدم استيعابه ماهية الانتقال من طريقة انتقاد الوضع العام إلى طريقة المشاركة في صنع وتشكيل الوضع العام، هذا الانتقال بعثر أوراق الحزب وفرمل عملية التغلغل والاستقطاب وبدل أن تشكل المشاركة في الحكومة قيمة مضافة تبين هذه القيمة أصبحت وبالا على الحزب وقواعده لأنه لم يتم استغلال المشاركة في الحكومة بالشكل الأمثل تنظيميا للتغلغل أكثر في المجتمع وكسب رهانان محلية ، فالمعطيات الوطنية لم يتم استثمارها وفهمها بشكل عقلاني وصحيح مما أسهم في تقزيم دور الحزب وتعطيل مشروعه في ممارسة الشأن المحلي على مستوى المجالس البلدية والقروية.
إن الأحزاب اليسارية بإقليم الخميسات( ما تبقى منها) ظاهرة صوتية و كلامية لم تستطع بلورة هوية سياسية تستمد مرجعيتها من الخصوصيات المحلية عبر عقد تحالفات فيما بينها لتقوية حظوظها ،فجلها إن لم نقل كلها لم تعد لها قاعدة جماهيرية ولم تعد لديها أية ضوابط فكرية وتنظيمية وأصبحت بدورها تستقبل وتفتح الأبواب على مصراعيها للجميع رغبة في تحريك عجلة الوعاء التنظيمي الذي بذأ ينضب لكن رغم إغراقها للمقار بالوافدين من الأحزاب الإدارية لم تستطع تحقيق أي انتصار اللهم فقدانها لما تبقى من الاحترام الشعبي والالتحاق تدريجيا بركب الأحزاب الإدارية ، وهناك من هذه الأحزاب من لا يعترف بحقيقة أن زمن صراع الإيديولوجيات السياسية لم تعد له أية قيمة في المشهد الحزبي وهذه الصراعات المبنية على تراكمات تاريخية لا تقدم حلولا لممارسة الشأن المحلي وحتى التقسيمات لم تعد تستهوي المواطن لان الذي يعني الطبقات الكادحة وعموم الشعب بالدرجة الاولى تحقيق التنمية المستدامة لا يهمه التيار السياسي الذي قام بذلك ولا مواقفه تجاه القضايا العامة.
فأحزاب اليسار التقليدي بالخميسات تعيش على أنقاض الماضي ولم تخرج بعد إشكالية السطحية في التفكير و ظلت سجينة مخاوف عميقة ولا يعرف لمن يسند المسؤولية، وان الخوف الجماعي جعل الجماهير (خاصة المنخرطة في العمل السياسي) عاجزة عن التحرك وتحقيق حراك فكري وتطوير وعيها وفهمها الذاتي وتفرض نسق ومنهج خاص يحررها من خوائها و فقرها السياسي الذي لا يتعدى في الواقع اجتماعات مراطونية لا تبرح إصدار بيانات التنديد والشجب والإدانة وإقامة بعض اللقاءات الشحيحة التي تناقش متمنيات واحلام لا تفيد في شيء اللهم تكريس صورة بائسة عن العمل السياسي المغلق والمغلف باكراهات الانحباس التنظيمي الذي تجاوزته المرحلة بعد انهيار الأنظمة التي كانت تغذيه وتقويه.
ومن الملاحظات الأساسية التي يمكن استخلاصها من الممارسة السياسية للأحزاب اليسارية بإقليم الخميسات أنها تعمل بمعزل عن فكر سياسي معين وهذا طبعا يعني في الأدبيات السياسية أنها تعمل بدون دماغ أي أنها بدون خلفية فكرية رغم وجود مرجعية فجل ما تقوم به مجرد حركات فضفاضة لا تستقيم إطلاقا مع الخصوصيات المحلية والأوضاع العامة التي تحتاج إلى فهم حقيقي ودراسة متأنية لاستخلاص العبر.
إن نقد الحالة السياسية لأحزاب اليسار الحكومي وغير الحكومي يستدعي الارتكاز على زاوية فكرية محايدة لتشخيص الظواهر المسببة في إخفاق أحزاب الصف الوطني الديمقراطي في الوصول إلى تدبير وتسيير شؤون المدينة يعتبر محصلة التقوقع الداخلي وسيطرة بعض العقليات المتجاوزة على الانوية الداخلية للتنظيمات السياسية وفرملة حركاتها  ومحاربة ومحاصرة جميع الأصوات المنادية بتفعيل الديمقراطية الداخلية وفتح الباب أمام الطاقات الواعدة لتحمل المسؤولية كشكل من أشكال التفكير المستقلبي في استمرارية الحزب، ونظرا لابتعاد التنظيمات السياسية عن الأهداف العامة لأسباب وجودها هذه المعادلة خلقت لديها أزمة وفشل في الامتداد الجماهيري وفشل أيضا في المعرفة النقدية ونرى انه لكي ينتعش الحزب لابد من انقلاب تنظيمي قوي على أسباب اندحاره وانكساره ولابد انرافقه انقلاب عقلي على الجاهز والتقليدي والتحرر طبعا من عملية انفراد مجموعة معنية بالقرار وتسييده بقوة المناورات والمكائد والدسائس. إن الرغبة في الخروج من الأزمة وتحقيق نقلات نوعية لا بد من توطين المعرفة السياسية وفتح الباب للنقد لتصحيح المسارات الخاطئة والابتعاد عن التهليل لتسييد المواقف ووضع الوعاء التنظيمي في جهة واحدة ، أي وضع الحزب في يد (الكاتب الوطني أو الأمين العام) ومن معه لأنه في هذه الحالة يصبح الحزب مصبوغا بصبغة بضعة أنفار ويتم الحكم على أدائهم وتحركهم بطريقة تشم فيها رائحة العلاقة الأبوية وهذه العملية المكرسة تستبعد فيها في الغالب الأعم المسائلة والمحاسبة وهذه الصور المتجدرة بقوة التيارات الموالية للشخص والتي تمزج في وعيها الباطني بين السياسية والأخلاق تحارب حرية التعبير وتستبخس النقد الذي يقوي التنظيم الحزبي ويبلور أفكاره، وهذه الاكراهات تعد القاعدة العامة لأغلب الأحزاب اليسارية وهي المساهمة في خنق الأفكار.
الحسان عشاق- المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع