الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد حين يكون توافقياً !!...

سلام ناصر الخدادي

2015 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الفساد حين يكون توافقياً !!...

تقديم ..
ما أن أطاحت القوات الاميركية ومن تحالف معها بالدولة العراقية في 9 نيسان 2003 ، وتفكيك مؤسساتها وأهمها العسكرية والأمنية ، وما رافقها من انهيارٍ سريعٍ ومتلاحق لكل البنى التحتية والمؤسساتية للعراق ، من نهب وسرقة وتخريب متعمد ونسف كل ما تم بناؤه سابقا ..
حتى قفزت لواجهة المشهد السياسي العراقي ، أحزاباً وقوى وتيارات دينية عديدة ( لكلا المذهبين ) ورفعت من الإسلام شعاراً لها ونهجا وطريقاً لاستقطاب أوسع الشرائح في المجتمع ، وايضا لإبعاد القوى الوطنية والتقدمية من خلال الهجمة الشرسة والمنظمة لإسكاتهم وتكفيرهم وان التمسك بالدين هو الحل ..
وانتشرت هذه القوى بعملية ( تفريخ ) أميبي لتنتج كتلاً وتيارات واحزاب رديفة وبديلة وعناوين ومسميات شتى استطاعت الاستحواذ على مقدرات العراق سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ..
النهب المنظم لثروة البلاد
منح الدستور العراقي ، الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة .. لكن الواقع أفرز حالة مغايرة تماماً ، فجرى تحييد الدستور والإتيان بمبدأ كان الأساس الاول والمهم لتدمير العراق اقتصاديا وأمنياً وسياسياً واجتماعياً ، الا وهو : مبدأ (التوافق ) سيء الصيت ...
وباختصارٍ شديد فإن توافق السياسيين يعني لهم : (أعطني مثلما تأخذ لترضيني ).. وبالتأكيد سيكون الأخذ والعطاء ليس مادياً فحسب وانما يشمل التعيينات الوزارية والادارية والاستثمارات والمناقصات وكل المشاريع الاخرى ..
من هنا بدأت شرعنة الفساد المالي والاداري بوجهها العلني القبيح ولا رادع يردعها او من يستطيع كبح جماحها ونهمها وبطونها التي لن ولا تمتلئ ..
ومنذ تشكيل الحكومة العراقية الاولى بعد الانتخابات ، والتي تفاخروا بها لكونها جاءت ( توافقية ) وضمت أطياف العملية السياسية ، ونرى الحال متردياً من سيءٍ الى اسوء ...
لأن الوطن كان بعيداً ولم يدخل في حسابات أو اجندة المتوافقين .. والمواطن كان الضحية ، والمغلوب على أمره ، فهو المنتج والمعطاء وهو المضحي بسخاء لإدامة بقاء المتوافقين على كراسي الحكم !!..
ولأن (عين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٍ ) .. فقد اخفيت كل عيوب شركاء الفساد بالعملية السياسية ، وجرى التستر على كل الجرائم بحق الوطن والمواطن .. وانتشرت ظاهرة (الصفقات السياسية ) ما أن تظهر شائبة ما على طرف من الشركاء المتوافقين ..
وتم اسكات الاصوات التي نادت بكشف الحقائق وتكميم الافواه المطالبة بالكف عما يجري من خراب منظم وتدمير ممنهج للعراق ..
ماراثون العملية السياسية ..
لقد عملت الاحزاب والكيانات الشريكة بالعملية السياسية كل على هواه ومصالحه الفئوية الضيقة ..
واصبح السباق واضحاً بشكل جلي للاستفادة قدر الامكان من فرصة نهب المال العام وجني ثروات طائلة دون مسائلة من أحد او خوف او عقاب ..
وطيلة عقدٍ ونيف من استلام هذه الاحزاب الاسلامية لإدارة البلاد لم نرَ مشروعاً استراتيجياً واحداً كبيراً ولم نرَ تقدماً ملحوظا يذكر وعلى مختلف الأصعدة ، في البناء او الاعمار او الاسكان .. بل كان العكس هو الواضح تماماً ..
واشتركت اطراف التوافق بسباق ماراثوني بدأ ولن ينتهي لنهب وسرقة ثروة العراق بشكل منظم وتضييع موارد مالية ضخمة جداً من الميزانية طيلة السنين المنصرمة دون معرفة وجهتها او اين صرفت ..
الابداع خطيئة في العراق ..
ولقد دأبت الأحزاب والتيارات الدينية التي أمسكت بزمام القيادة في العراق ، على أسلمة المجتمع والسير بالبلاد نحو المسار الديني ، وفرض كل ما ترتب على ذلك من حجب الحريات وتضييق الخناق على المساحة الواردة من بعض مواد الدستور المعطل اساساً ، فأغلقت دور السينما والاندية الاجتماعية والترفيهية وفرض الحجاب على المرأة بالإكراه وابعاد وتغييب الفنون بأنواعها وكافة المهارات والابداعات الاخرى ..
لذا ، وجد المبدع العراقي ( رساما ، طبيبا ، موسيقياً ، مهندساً ، مطرباً ، معمارياً ..الخ) نفسه محاطاً بأناسٍ لا يفقهون شيئاً سوى لغة التحريم والتكفير وصولاً الى التهديد أو القتل ..
ورغم بعض المحاولات الشخصية والجهود الذاتية لهؤلاء المبدعين ، بإبراز مواهبهم وطاقاتهم ، الا اننا نتحدث عن دعم الدولة والتوجه العام للقيادة العراقية وتبنيها واحتضانها هذه الطاقات الخلاقة المبدعة ، التي لم تنصف واصابها الحيف واضطرارها لهجرة الوطن أمام توجه الدولة الديني المغلق واغداق الاموال بغير حساب لإحياء المناسبات الدينية فقط .
فلم نرَ مسرحا كبيرا يليق بالتاريخ العريق المتميز لهذا الفن العريق أو دار اوبرا أو تبني مشروعاً معمارياً او مهرجانا هندسياً أو علمياً ...
والأنكى من ذلك ، نرى النهب المستمر والسرقة لأهم كنز رافديني على مر التاريخ ، الاثار العراقية التي نهبت ودمرت ، ومئات المواقع التي تركت دون حماية او مراقبة او وضع اليد عليها ..
ان الآثار العراقية التي تفتخر وتتباهى أكبر متاحف العالم باقتناءِ قطعٍ منها ، نرى الاهمال الواضح حتى من قبل الوزارة المعنية بها ، لأنها وزارة توافقية وحسب المحاصصة الطائفية ..
لقد بات الابداع خطيئة في العراق ذو التوجه الديني وتسيد الاحزاب والمليشيات الدينية الإسلامية على مقاليد اموره ..
حتى بات كسفينةٍ تائهةٍ في خضم أمواج بحر هائج ، وتعدد الربابنة وكل يقود ويؤشر باتجاه ، غير آبهين للمصير المظلم الذي ينتظر الجميع ، الجميع دون استثناء ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل صائب
عبدالله الداخل ( 2015 / 5 / 4 - 00:16 )
تحليل صائب ووجهة نظر تقدمية
شكراً

اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي




.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض


.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا




.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24