الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فاطمة النمر .. حين يصبح الفن اكثر صدقا من التاريخ
اسامة كامل كيوركيس
2015 / 5 / 12الادب والفن
من أصعب المشكلات التي تواجه الفنان في معترك بحثه عن ذاته المبدعة هي تلك التي تتعلق بقدرة معرفته عما يميزه عن غيره و بطريقة تعبيره التي تحمل خصوصية كل فنان يصوغها [بلغة الشكل] التي [يقرؤها البصر] و من ثم [تفهمها] جميع الشعوب بكافة فئاتها الثقافية. تنفرد تجربة الفنانة الشابة التشكيلية السعودية (فاطمة النمر) بسمات مميزة و مكانة خاصة تجعلها متفردة الخواص قوية و عميقة بما تشغله من مساحة جذابة و تأثير حاد في وجدان الجمهور و من كونها ترى إن الفن التشكيلي هو الأداة التعبيرية الأكثر شمولية في التواصل مع الآخر و الأكثر قدرة على إستبصار الواقع ، و تعتبر التشكيلية فاطمة النمر إحدى الفنانات التشكيليات اللائي إستطعن أن ينلن ريادتهن في المشهد التشكيلي السعودي و العربي عبر صدق موهبتها و مؤهلاتها الإبداعية المتميزة ، و هي التي أحبت الرسم و مزج الألوان منذ طفولتها التي تميزت بحس مرهف و حساسية مفرطة و نظرة ثاقبة و منقبة فوجدت فيه الملاذ الوحيد للتعبير عن فرادة نمط تفكيرها و عما يخالج وجدانها من مشاعر و أفكار تجاه كل ما يحيط بها ، لتتخذ خطواتها في مراحل مشوارها المتتالية مسارا واثقا عنوانه التجديد و التنوع و البحث المستمر سعيا للخروج من نفس النمط المتكرر ، كتب الكثير من النقاد في سجل منجزها الإبداعي ما يشيد و يثني بجهدها و ملكاتها و صدقها و إنتمائها النوعي لقيمة و قداسة الفن في صنع الحياة. و المتأمل في أعمال التشكيلية فاطمة النمر يلاحظ و يدرك على الفور إنها تحتوي لغة إبداعية واعية و طاقة خلاقة بتنوعاتها إستطاعت أن تجذب المتلقي للتأمل و التفحص إلى إبداعاتها و تمكنت من ان تجسد تجربة خاصة جادة تمتلك مصداقية معرفية و ثقافة عميقة و جرأة فادحة و صادمة ، فالصورة بين يديها تتحول إلى نبع لا ينضب من المشاعر و الأحاسيس معبأة بالضوء و الإصرار و الوعي و الرغبة الحارة في معانقة الحياة ، لأن اللوحة عندها لحظة من لحظات التواصل المطلق مع الوجود بوصفه إمكانية سعادة و دفقة من دفقات الإحتجاج .
تبدت صورة المرأة في في إبداع فاطمة النمر المتعدد التقانات و الصيغ و أساليب التفاعل مع السطح التصويري برقة العاطفة و عمق الشعور مع ترفع و إعتداد و كبرياء ، فمنذ معرضها الأول (الحب الأزلي) إشتغلت على موضوعة الرسم التجريدي المشبع بأبعاد تعبيرية و رمزية أخذت تعيد تركيباته و ثيماته داخل إطار الشكل و الموضوع بغية الوصول إلى معنى جديد تنفرد به فجسدت من خلال أعمالها معاني الحب الإنساني كون الإنسان هو العنصر الأساسي في هذا الوجود ، لتكشف لنا عن علاقة الإنسان بذاته و لذاته في قطبين يعملان على تحقيق غاية ، و يعرف بالغاية بأنها تحقيق للوجود ، مؤكدة إن الإنسان ثنائي في واقعه و هذا يعني إنه رجل -و- إمرأة .
و في معرض (كيان) وجهت نقدا لسباق الموت و الدمار و التحجر الفكري و كانت دعوتها الى التغيير و كسر الجدار المشيد داخل النفس البشرية من منظور الحب و السلام حملت أحلام السلام على الأرض بين جميع البشر ، بعيدا عن لغة الحروب العقيمة سعيا لتحرير الإنسان من سجن الأهداف و الغايات وحضارة الإستهلاك و التفكير المنفعي ،
و في معرض (الخطيئة و الغفران) الذي ضم 85 لوحة وجهت نقدا لمفاهيمنا الأخلاقية و على رأسها مفهوم الخطيئة فاستطاعت ان تنطلق من أعماق ذاتها الى الأفق العام لتعلن حقيقة الصراع المتراكم الذي تعانيه المرأة لتعبر عما يحيط بها من واقع مملوء بالأحداث التراجيدية المؤلمة ، حيث جمعت في أعمالها بين التفكير و الرؤية الفنية و بين ما هو ذاتي و موضوعي ، تصلح كمفتاح لفهم ما يحيط بعالم الأنثى من ظلم و قهر و طابع ذكوري يختزل الأنثى في قيمة إستعمالية هي وظيفتها الفسيولوجية التي تساوي الجنس كمصدر لمتعة النوع الذكري و الإنجاب فالخطيئة تشمل الجنسين و لكن العصبيات و الأعراف ساهمت في إيذاء المرأة بالتمييز السلبي ضدها و الإقصاء الإجتماعي لنصيبها في التعبير عن ذاتها و حيازتها كملكية إجتماعية للرجل ،
في معرض (شفرة) الذي شاركت فيه بإثني عشر عملا تحت عنوان (مجموعة شفرة) وظفت من خلاله خاصية شفرة الرموز الشريطية (الباركود) لتطرح علينا سؤالا مهما ، هل نستطيع فك الشفرة ؟ تناولت موضوعات لوحاتها تعقد مظاهر الحياة في الواقع اليوم و تشابك المصالح و تعدد المراكز و الجهات التي أصبحت تمتلك سلطة القرار بشكل أو بآخر و وجهت من خلالها نقدا لاذعا للإستخدام الإيديولوجي النفعي للدين و الناجم عن الجهل لكونه سيتحول الى إيديولوجيا ناجزة و جاهزة و ضاغطة على الفرد و أداة يتم إختزالها في وظائف و غايات ذات طبيعة دنيوية متدنية ، محاولة المضي بنا للوصول لإجابة على هذا السؤال أو الأسئلة الأخرى ،
رحلتنا مع فاطمة النمر كانت إبحارا شجاعا و جريئا فلسفيا في أكثر مناطق النفس الإنسانية غموضا ، تجعل من مشاهدة أعمالها متعة بصرية و ذهنية تهز أسس الإدراك للمفاهيم السائدة المجردة عن الحياة و الحقيقة و الحرية.
الفنانة التشكيلية السعودية فاطمة باقر النمر هي من مواليد 1986 السعودية - القطيف - في المنطقة الشرقية ، حصلت على شهادة البكالوريوس - قسم الديكور من جامعة عمان - الأردن
تنبض بإبداعات فنية عبر مسيرتها ، اذ كان أول معرض شخصي لها أطلقت عليه (الحب الأزلي) وقد أقيم في الأردن عام 2009 م ، ومشاركتها في العديد من المهرجانات والمعارض الفنية منها معرض الفن المعاصر المقام في متحف الفن الحديث في السويد ، ومتحف الامير لويز في ، مومباي ،وغيرها من المشاركات العربية والعالمية ، كما نالت عدة جوائز منها الجائزة الأولى في معرض الفن السعودي المعاصر 2010، و"جائزتي مسابقة الشباب الثانية 2010، تشكيل الخط 2011،" .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح