الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اوقد جمرات الراكض ومن ركض على جراحه ؟ قراءة في جمرات الشاعر ناجح ناجي

احسان العسكري

2015 / 5 / 22
الادب والفن


*احسان العسكري
اسقطها الرماد،
وراح يتسلق عين الرائي
الذي مازال يبصر العراء
وهو يخطف الراكضين
على الجمرات."
*على الجمرات كانت عين الشاعر ولم يك يأبه بالرماد الذي اسقطها وكأنه يدري انها تسللت عبر كثافته مستغلة اغماضة العين التي ترقب الحدث , الا عين الشاعر ناجح ناجي التي لما تزل تزاول الابصار بحرقة قلب الأم ربما لأن اختطاف الراكضين على الجمرات فيه شيء من اللاعدالة بافراط لأن الخاطف هنا اجرم بحق ضحايا من نوع خاص . ولا غرابة في ان يرى الشاعر ناجح ناجي هذه اللوحة الرمادية الملامح المشتعلة بالألم وكَان الوان الحريق اجبرت على الانصياع لكثافة الرماد سيما وإن العقول تقبلت ذلك برحابة فكر وانعدام تفكر وفقدان تدبر "
بقلب نورسي وبلا هجرة
كظلال على نهر القصيدة
يرقب الحياة،
يتأمل هروبها "
*هذا الهروب الذي يبدو للناظر اقبالاً ما هو الاهروب من وجع اوجدته سني العزلة لفئة من الناس كانت ترى نفسها مشروعاً للرحيل وآلة تنقل الدماء من الحياة الى باطن الارض متخذةً من شراكة مع خشاش الارض سبيلا للأسراعي في ترويج هذه البضاعة .
" كظلال على نهر،
وبلا هجرة،يرقب حياته
التي تتأمل هروبها،
الى نجمة أقلقها الليل بسيوف
تقلب الجمرة
إثر
الجمرة "
*التأمل عن كثب لحالة هروب على جمر ربما يراه الشاعر جمر الخديعه ويراه المتلقي جمر الغضب ويراه الراكضون جمر الولاء اياً كان سبب (التجّمر) لايمكن الا ان يكون مؤلماً فلا أحد يمكنه ان يتلافى الاحتراق لأن الغالبية من الببشر يقتلهم حتى احتراقهم الداخلي فأجسادهم خُلقت ناعمة يؤثر فيها كل شيء وعقولهم انعم وان كانت تحتمل تأويل الصلابة على عجالة من قاريء الحدث الذي اراد ان يزين واجهة بناءه بشيء منها بتصرف , ان انتضار النجوم لنتيجة هذا الماراثون امضت سهرتها متقلبةً بالسيف جمرة جمرة و كان ظله عديم الحياة الا من بقايا انتظارٍ وكل ما يمت للهجرة بصلةٍ كان حاضراً في هذا الحدث .
" الراكض تحت سيوف
ينفلت من.....
جسد الجمرة،من عين الرائي،
من القصيدة
فانفلتت وراءه النوارس
من دسائس الليل
سابحة تحت قبضة الليل "
*مشهدٌ يتكرر كل في المواسم الروحانية والغريب فيه انه يتنامى مما يثير دهشة الواعي وغضب المثقف هذه المشاهد وهذا الماراثون الذي يسعون فيه هؤلاء وينفلتون من تحس السيف وفوق الجمر لا علاقة له بانفلات ( ـيدي بيديس¹) لأن الاخير كان ينفلتُ من تحت سهام الاعداء ومن فوق نبات الصبّار مجبراً وكانت دوافعه دنيوية بحته اذا لم يكن مدركاً لماهية التأريخ وما سيحصل بعد موته . الا ان هؤلاءِ النافذين عبر هذه الدوامة وكأن جسد الجمرة وعين الرائي شكلا دهليزاً من صدرٍ وعجز مكونةً قصيدةً من بقايا الرماد سهر على كتابتها شاعرنا بألم وما ان الاحت بودر الصباح اغمد الليل هيامه واتجه حلُم الشاعر سابحاً في فضاءٍ بحمرةٍ شرقية يرقب رفيف النوارس من بعيد فالبحر عند ناجح ناجي حلمٌ سومري كان الفرات مذهبه (والهور ) القديم رائحته ومن ملحه المعتق ظل يستاف انين المنافي بـ (نواعي) الجنوب الحزينة (( ربيت حزني وناطريته .. ومثل ام ولد غايب لــيته .. ويلاه يالماشي بحزن ليل .. موحش يدور الفرح بيته))
" الليل
الذي زلت قدمه
عن حافة نهرالقصيدة
وهي تنحني
بحب الواقف على الضفاف
يحمل جرحا
يصرخ في الوراء
كمطرقة
على راس بلا صرخة
الرأس الهارب
الى وطن من الصرخات
كل مطارق العالم
غيوم ممطرة
كوقع الزمن
--
تك
--
تك تك تك تك تك تك تك -- تسلق الرائي "
*ان المتابعُ والقاريء لملاحم الشاعر ناجح ناجي يقف متحيراً غالباً فقصائده غالباً تقبل أكثر من تأويل فنجد الناقد الاكاديمي لايملك ال ان يقول (استطاع الشاعر ان يبحر بنا عبر افق من الواقع المتكيء على خيالٍ من روايات وارهاصات مجتمعية دينية انسانية ) .....الخ , أما انا فأقول التأويل هنا حسب ما نشعر به داخل نفوسنا المتلهفة لشيء من الطين وقليل من سيل الدماء الممتزج بكثيرٍ من الايام بنشوة ولا يستغرب القاريء ان الايلام هنا بنشوة لأني والشاعر ناجح ناجي متفقان على شيء لايُصرحُ به دونما كارثة . تسلق الرائي باتزان في هذه القصيدة وهذا الالتزام المتناغم مع الحدث كتسلسل الوقائق الزمانية التي لم تحتج لمكان محدد غير مخيلة الشارع وشارع الخيال فكل المطارق غيومٌ ممطرة ..! الله ...! ما اشعر به الآن وأنا اقرأ هذا السطر مخيف ومرعب . الليل الذي زل ظلامه عن حافة نهر القصيدة اعاد الشاعر الى ليلٍ جديد ..! كيف ؟ وبل زمنٍ ليس بالكثير كان الشفقُ المحمر آخر مطافه ؟ هنا تتجلى للقاريء صحة نظرية ما اسلفت في ان ناجح ناجي بقصائده يقبل التأويل الا مع ذاته انحنت الدنيا عند ضفاف القصيد لتلتقط جرحها من هول ما يجري فالمطرقة الخلفية المتناغمة مع الاشتعال التحتي بلا تألم ولا صوت فقد امطارٌ من دماء الهامات تقطر .. تقطر .. تقطر .. من الراس الهارب على : "
خيط الجمر
الراقد على ضلع إنثاه
هش نورسا
إثر نورس
حتى عطس الزمن
بتمثاله،
وهويقلب جمرات الراكض
امام الراكضين
ليحط عليها...........
الفجر ملوحا بمجدافه الذهبي
ومتموسقا
كلسان أفعى
يدوزن الجوع
على صباح أغر
الصباح الذي عشقناه
كقبلة على نافذة."
*لي ان اتخيل مايشعر به شاعرنا الاستاذ ناجح ناجي وهو يقترب من تلك النافذة مصارعاً الاكتاف والرؤوس ليحضة بجزء قُبلة والنوارس تتطاير وتحط هنا وتطير من هناك حتى الانثلا الرابضة على فراخها وصلها ازيز السيوف ونفرت من راحة الأقدام المحترقة بذات الجمر ..
ماراثون عظيم هذا الذي استفز في شاعرنا بقايا الصمت فأزال عنه الرعب الملائكي بعطسة زمنيةٍ اقضت مضجع السكوت .
مهما سبرنا اغوار هذه القصيدة نجد انها تقبل الكلام المتصل حتى تكاد تدوزن مخليتنا وترتقب منا العزف على جرح الضياع الذي نعشقه جميعاً بتصرف واصرار وسابق محبة وقليل من ايمان بكثير من مغالاة ربما يجده الراكضون تحت ظلال السيوف وفوق الجمرات واجباً ما .
-------------------
(1) فيدي بيديس هو الجندي الذي ركض من ماراثون الى اثينا مخبراً بهجوم الاعداء وسقوط اسوارها بأيديهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى


.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا




.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني