الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد السياسي بالمغرب واليات تفعيل الخيار الديمقراطي

الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي

2015 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الفساد السياسي بالمغرب واليات تفعيل الخيار الديمقراطي
واقع وتمظهرات الفساد السياسي في المغرب يتجلى في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والادارية وهيئات المجتمع المدني المنخرط في اللعبة لاسباب متعددة، فالفساد في مفهومه الواسع والشامل فيروس ينخر المجتمع ولم يستثن اي قطاع بالنظر الى الفضائح المالية والافلاس الذي تتعرض له مؤسسات عمومية شعبية واغراق اخرى في الديون، ورغم الادلة المادية التي تدين مسؤولين اسندت لهم مهام الاشراف على المال العام الا ان تفعيل مبدا المحاسبة غير فعال، مما زاد من عمليات التربح غير الشرعي وانتشار الرشوة والزبونية والمحسوبية بشكل واسع في الادارات مما يهدد مستقبل قطاعات منتجة تعد بنية استقبال لليد العالمة.
ان الحديث عن الفساد والبحث عن السبل الكفيلة بمحاربته تحصيل حاصل فاغلب النخب السياسية مصابة بالوباء بشكل متفاوت خصوصا ما تبقى من احزاب الصف الوطني الديمقراطي التي يتعايش كوادرها ومثقفوها واطرها مع الفساد بدرجات متفاوتة عبر تكريس مفاهيم التبعية و الاولاء للزعيم والاقصاء وتغييب الديمقراطية الداخلية ومحاربة الافكار الخلاقة وكذا النقد الهادف الذي يسعى الى تطوير اليات الاشتغال الجماعي، وتحاول تنظيمات اخرى استثمار الفساد بشكل او باخر بحثا عن رضا الطبقة الحاكمة لتسلم السلطة بعيدا عن الخيارات الديمقراطية، معتبرة ان الاصلاح الجذري والشمولي لا يمكن ان يكون من الخارج بل لابد من المشاركة في اللعبة السلطوية لطرح حلول وبدائل لما هو كائن وموجود وهذا التصور معيب وتبرير غير مقبول لان القاعدة الجماهيرية اصيبت بالتفكك والذوبان ولم يعد الحديث عن القوة الاقتراحية بين اقطاب الصراع السياسي التاريخي والمعارضة الفاعلة والمؤثرة في المشهد السياسي وقيادو الصراع الطبقي دفاعا عن المصالح الجماعية المشتركة.
 فالمشاركة في السلطلة في ظل الاوضاع الفاسدة لا يمكن ان يحقق التطلعات الجماعية التي تصبو الى تغيير حقيقي لان الفساد السياسي يؤدي بشكل فاضح الى خلق طبقات اجتماعية فقيرة واخرى تعيش الثراء الفاحش من خلال نهب المال العام واختلاس المؤسسات العمومية. وافلاسها امام غيا ب المحاسبة والمراقبة والتتبع,
الخطير في  الصورة العامة ان الفساد لم يعد مقتصرا على قطاع معين بشمل بعض قاده الاحزاب والاجهزة الحاكمة التي تعمل على استغلال النفوذ السياسي لتوجيه القرارات والتشريعات و تصريف السياسة العامة في جميع المجالات وفق اجندات متفق علهيا سلفا؛ للدفاع عن المصالح الخاصه لطبقه معينة تحقيقا ، للاثراء اللامشروع من السلطه، وزياده النفوذ المالي والاجتماعي لتوجيه الطبقات الاجتماعية، وتسخيرها بناء على خطط وبرامج معدة سلفا لاحكام السيطرة عليها بحثا عن تمثيلية دائمة في المؤسسات الدستورية للدفاع عن توجه معين للنظام الذي يعمل بدوره على مكافئة خدامه الاوفياء بالضمانات والامتيازات حافظا على الاستمرارية,

ان التحكم في القرارات السياسية و الاقتصادية والاجتماعية شكل من اشكال الاستلاب الذي يعاني منه المواطن المغربي الذي ينادي بدمقرطة المؤسسات ومحاربة كل اشكال الفساد لتوزيع الثروة الوطنية بشكل عادل ومسؤول، ان استمرار نفس الاليات التي عطلت المشروع الديمقراطي الوطني وانتجت الازمات والتطاحن السياسي على السلطة في ظل توجهات وايديولوجية متنافرة ومتباعدة في المطالب والتصورات والمنهجية المتبعة في تقويم الاعوجاج والاخطاء السياسية التي ادت الى ازمة بنيوية في التعاطي مع الاستحقاقات من قبل قاعدة جماهيرية عريضة فضلت العزوف عن المشاركة في الشان السياسي لاستحالة تحقيق تغيير جوهري على مستوى الاداء الحزبي الذي ظل حبيس صراعات هامشية لاقطاب وفصائل الى البحث المضني عن لقمة العيش الذي يعد بدوره احد العوامل الاساسية في مخاصمة العمل السياسي المصاب بالتحريفية والمصلحية وازدواجية الخطاب .
فالفساد في المغرب لا يرتبط بشخص في ادارة معينة وانما يتعلق الامر بفساد تنظيمات سياسية ونقابيةوحقوقية وجمعوية ومنها العائلة، وهذا المعطى مرده حسب فهمنا الى ضعف المراقبة والمحاسبة، وايضا الى ضعف السلطات التشريعية والقضائية وتهلهل دور المجتمع المدني الذي تم الهاؤه بحفنة من الاعانات المادية وانخراطه في مشاريع هشة ولدت صراعات على الحصص المستحقة من المال العام بين اعضاء الاطار الواحد، كما ان انتشار الفساد يمكن ارجاعه ايضا الى انعدام الثقة بين المواطن ومكونات المجتمع المدني خاصة احزاب الصف الوطني والديقمراطي التي راهن عليها المواطن طيلة سنوات لتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الفردية والجماعية في اطار دولة الحق والقانون، فالاحزاب التقدمية تنكرت لماضيها وتاريخها النضالي ولصف طويل من التضحيات الجسام واستبدلته بمناصب سياسية مما اشر على نهاية مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب السياسي الذي انتج الافكار والمعرفة والممانعة  لقد استبدل النضال الثوري والنضال المجتمعي المبني على تجسير الطبقية والفوراق الاجتماعي بتسويات باهتة نتيجة خيارات عامة بالانخراط في مشروع المهادنة في تعارض فح وعميق مع الايديولوجية الحزبية بعيدا عن السعي الى بلورة عقد اجتماعي يحقق للطبقات المسحوقة اجتماعيا ولعموم المواطنين الطموحات المشروعة في الديمقراطية والعيش الكريم وهذه الامال العراض لا يمكن تحقيقها دون محاربة الفساد في اجهزة الدولة الذي يعد من مبطلات التقدم والتنمية.
ان شروط بناء مؤسسات دستورية قوية لا يمكن ان يمر دون اجتثات واقتلاع الفساد بجميع تصوراته وتمظهراته في بنية المجتمع لان مخاض الوصول الى الدولة الدميقراطية وبناء عقد اجتماعي ما يزال مستمرا ويتوخى في المقام الاول تعزيز مفهوم فصل السلطات تمهيدا لمؤسسة الدولة المدنية المعاصرة التي تحتكم الى القيم الكونية القائمة على اساس نظام قوي للنزاهة يقف حائلا في وجه انعاش الفساد والافلات من المعاقبة تفعيلا لمبدا ربط المسؤولية بلمحاسبة الى جانب نظام اقتصادي يقوم على وقف اقتصاد الريع الذي ينتج الاستبداد والفساد الذي يؤدي على انتاج القلاقل الاجتماعية.
الحسان عشاق- المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا