الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كامب ديفيد منتجع التسكع السياسي للخليجيين

عبدالقادربشيربيرداود

2015 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


توفير الحماية، هو المطلب الخليجي الأوحد في قمة كامب ديفيد، ولكن ممن؟ الجواب من رأس الكفر، وراعي الإرهاب الدولي أمريكا، مخافة إيران؛ حينما استشعرت أن إيران نجحت لا محال في توقيع اتفاقية طهران حول الملف النووي، وهذا من شأنه (خليجيا) أن يؤدي إلى بسط نفوذ طهران في المنطقة، ولعب دور أكبر في منطقة الشرق الأوسط الجديد، التي تموج بقوة في صراعات طائفية، وكونها منخرطة في تصرفات خطيرة تزعزع أمن واستقرار دول مختلفة في المنطقة، وتدعم جماعات إرهابية هنا وهناك؛ متناسين ما ذكر به الله العزيز الجبار في قوله المبارك: (وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَٰ-;-لِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ) آل عمران/ 13.
برغم ذلك، وبعلمها أن أسباب النصر من عند الله، سعت دول الخليج العربي بطلب الحماية الأمريكية؛ لكبح طموحات إيران، ودمجها في المجتمع الدولي ، نجحت أمريكا وبمكر شيطاني خبيث بالتلويح باستخدام القوة العسكرية على الأرض؛ للدفاع عن شركائها من الخليجيين، لتحوي غضبهم. وهو أقوى الخيارات المتاحة للخليجيين، لمواجهة النفوذ الإيراني، وهذا الالتزام، وإن كان شفاهياً، فهو يمثل صورة لانعكاسات كامب ديفيد على مستقبل إيران في المنطقة، باتجاه قطع الطريق أمامها إقتصادياً؛ لأنها تسعى وبكل السبل إلى بناء قاعدة إقتصادية لضمان استقرارها الداخلي، وسياسياً؛ لضمان حرية الحركة بشكل أكبر لتكون بدون منازع شرطي المنطقة، ودينياً؛ لتحقيق هدفها الأسمى وهو قيادة العالم الإسلامي، لأنها لجأت بالمكشوف إلى توظيف تحالفاتها التكتيكية في مناطق نفوذها الأربع عربياً (العراق - لبنان - سوريا - اليمن) في سياق حرب باردة في الشرق الأوسط، ولكن هذا التوظيف أدخلها في فخ إغراء القوة، فانقلب السحر على الساحر. لذلك تعد قمة كامب ديفيد سابقة في تاريخ قمم دول الخليج العربي، لمجابهة التحديات الأقوى أمنياً، انطلاقا من تفهم هواجس المنطقة، وحساباتها وحاجاتها في هذه المرحلة الصعبة، كي لا تتحول برامج طهران النووية إلى برامج رعب، إلى برامج من أجل الهيمنة والتوسع والاستعلاء، وتحقيق طموحاتها في التمدد وبسط النفوذ؛ لأن العالم يعيش زماناً لا يسمح بتوازن الرعب واستدامته في أية بقعة من العالم؛ ما إن يتحقق السلام.
من الطريف في هذه القمة، والذي لم يعلن عنه، هو تسخير الاتفاق النووي الإيراني لحماية أمن اسرائيل وتعزيز دفاعاتها وقوتها العسكرية؛ ليكون الكيان الأوفر حظاً عسكرياً في المنطقة، والدليل أن المتتبع للبيان الختامي لقمة كامب ديفيد، يرى أن التزام أمريكا لحماية حلفائها الخليجيين جملة فضفاضة، وغير دقيقة، فصارت هذه القمة بكل وقائعها، وفي حقيقتها لا معاهدة دفاعية فيها، ولا اتفاقات أمنية مكتوبة، وأن واشطن ماضية وبكل ثبات، وهمة سياسية، في مفاوضاتها مع إيران، لتنفيذ الاتفاق النووي، شاء الخليجيون أم أبوا. وهنا يتبين للعالم أن (أوباما) وبكل وضوح، رجل متردد ومفتقر إلى حس الزعامة العالمية.
قال تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) هود/ 113، وهذا مصير كل من رَكن إلى ظالم، وإلى مبادئه وقيمه، وإلى طريقة تعامله مع الأشياء، فهو لا يحقق النصر قط، وتمسه نار الخزي في الدنيا قبل الآخرة.
يبقى الغموض مهيمناً، علام يمكن أن تقدم أمريكا بشكل عملي وواقعي؟ وما هي المخرجات المحتملة للقمة الأمريكية - الخليجية في منتجع كامب ديفيد؟ وما هي الرسائل التي تريد أمريكا إيصالها إلى حلفائها الخليجيين؟ وما المقصود بالخطر الخارجي خليجياً، إن لم يكن ضمناً إيران؟ وكيف تتماشى تلك السياسات في منطقة ذات اهتمام مشترك ما بين أمريكا والخليجيين، عندما تطلب دول الخليج العربي مؤازرة سياسية وعسكرية أمريكية، في حال تصاعد وتيرة المواجهه مع إيران؟
قال تعالى: (...فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) هود/ 63، نعم فمن ينصركم يا خليجيين إن عصيتم الله، وركنتم إلى أعداء الله والإسلام تبتبغون عندهم العزة والنصر والمؤازرة؟ وما أروعها من وصية لسيدنا الفاروق (رضي الله عنه) يوصي بها سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) كي يحقق النصر على أعداء الله من المشركين والكفار حين قال: "إني آمرك ومن معك بتقوى الله، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب".
في حين نجحتم في بناء منظومة أمن عربي، من خلال الاعتماد على الذات عسكرياً في معركة (عاصفة الحزم) في اليمن، فأفيؤوا إلى أمر الله، وليكن منكم راشدون أشداء على الكفار، كما كان أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (رضي الله عنه) يوم (الإحزاب)، حينما قيل فيه "لقد برز الإيمان كله إلى الشرك كله" المتمثل بـ(عمرو بن ود العامري)، فآتاه الله كما يأتيكم لا محال؛ نصر من الله، وفتح قريب، بكل مفهوماته الضيقة والواسعة. ولِنصر الله ثمن، وهو الإيمان والطاعة والأخذ بالأسباب، فإذا كان الله معكم، فمن عليكم يا دول الخليج العربي؟ ويا راعي الحرمين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة